Featured Video

رئيس إتحاد فناني جنوب كردفان :أصبحنا كلاجئين داخل دولتنا، ولن نتواطأ مع هوية لاتعبر عنا

وصفوا إتحادنا بالجهوي، ووزارة الثقافة الإتحادية تكرس للثقافة العربية

إتحاد المهن الموسيقية مُسيس، وعبد القادر سالم لايمثلنا

  لدينا في الخرطوم (198) فرقة، ولكنها مغيبة عن ذاكرة الدولة

إنشأنا إتحادنا للحفاظ على هويتنا ولتنمية المؤسسات التي دمرتها الحرب


السمؤال خلف الله يتحدث عن القومية ووزارته تكرس للجهوية


الحياة يقودها السمؤال خلف الله وليست الثقافة

 
لولاية جنوب كردفان خصوصيتها من حيث التركيبة السكانية، والثقافات المتنوعة وما تحتويه من حكايات وأساطير شعبية ما زالت تُحكى وتتناقلها الأجيال، ومعتقدات ظلت تدعم تلك الأساطير والملاحم، وما يتبع تلك المعتقدات من ممارسات مثل الرقص والصراع والأسبار، وما يصاحب كل هذه الأشكال التعبيرية الجمالية من عرض للفلكور والأزياء والأغاني، كل هذا يشكل طقساً خاصاً تتميز به ولاية جنوب كردفان، ولهذه الخصوصية جاءت الضرورة لتكوين إتحاد لفناني جنوب كردفان بالعاصمة القومية، وتلك الخصوصية قادتنا لأن نلتقي برئيس إتحاد فناني جنوب كردفان (عوض تلودي)، والذي تحدث في الملف السابق عن تلك الخصوصية الثقافية للمنطقة، وفي مواصلة لحديثه سنتطرق لعدد من القضايا حول الإتحاد وأهدافة وخاصة أنه توقف منذ العام (2009م)، فإلي مضابط الحوار:


   تحدثت سابقاً عن قضايا ذات صلة بالهوية وبفولكلور جنوب كردفان، ماذا عن إتحاد فناني جنوب كردفان ومهامه في التعريف بقضاياكم وبمجمولاتكم الثقافية؟     
قبل تسجيل الإتحاد في العام 2008م، جلست مجموعة من فناني جنوب كردفان، ودار بينها حديث حول ضرورة قيام جسم يعبر عن المنطقة ويهتم بتراثها، ويسمى بإتحاد فناني ولاية جنوب كردفان بولاية الخرطوم، وخاصة أن لدينا في الخرطوم ما لا يقل عن (198) فرقة موجودة منذ السبعينيات، وهي غير معروفة وظلت مغيبة عن ذاكرة المؤسسات الرسمية وإعلامها، وكنا نريد من الإتحاد التعريف بإيقاعات النوبة المختلفة، ولو نظرنا إلى الساحة الآن لانرى سوى الكمبلا والتي لم تنجو بدورها من التشويه لأنها تؤدى من أشخاص لاعلاقة لهم بالتراث، وكانت لدينا رؤية لإستثمار هذا الفن لنساهم عبره في تنمية المؤسسات التي دمرتها الحرب في جنوب كردفان، وغير ذلك كنا نهدف بالإتحاد الحفاظ على هويتنا الثقافية، وخاصة اننا في بلد تتسم بالصراع الثقافي العرقي وهو ذو صلة بالهوية.. كنا نفكر في تأسيس متحف داخل دار إتحاد فناني جنوب كردفان بالخرطوم، كما نريد أن نعرض ونوثق لثقافتنا التي تستخدم بطريقة غير مشروعة مما جعلها عرضة للنهب والتشويه، وهنا اؤكد إن استهداف ثقافة جنوب كردفان ليس حكرا على وزارة الثقافة الإتحادية الحاليه لوحدها، ولكن كل الوزارات التي تعاقبت علينا كانت تمرر ذات الأجندة، وهي أن تأتي بأحدهم ويتحدث بأسمنا ـ على الأقل في المناسبات التي تتطلب وجودنا، بل كرست للجهوية والإقصاء بصورة واضحة حينما كرست كل مؤسساتها وخطابها ليعبر عن الثقافة العربية الإسلامية وذهبوا لابعد من ذلك حينما أرادوا تصويرها بأنها هي الثقافة السودانية وذلك ملاحظ بأن المؤسسات ظلت حكرا لآدابهم وفنونهم ولغتهم وغيرها، غير أن قيام الإتحاد وفق رؤيتنا يهدف لوقف تلك المهازل.

أين الإتحاد الآن من تلك القضايا أو الأهداف.. وخاصة أنك تتحدث عن جنوب كردفان كمجموعات ثقافية.. وعن مهمة تبدو صعبة وتتطلب دعماً من وزارة الثقافة الإتحادية ووزارة الثقافة بجنوب كردفان؟
    الإتحاد أقام عدداً من الفعاليات واحتوى بداخله عدداً من الفنانين والفرق الشعبية بالخرطوم، غير أن ذات الإتحاد واجهته العديد من المشاكل، أولها بدأ مع تأسيسه حينما إجتمعت تسع فرق شعبية وكونت الإتحاد ومكاتبه، بدأت حين وصفنا البعض بالجهويين، متغافلين بذلك كل الكيانات المسجلة والتي تنتمي لمجموعة ثقافية أو جغرافية، كإتحاد طمبور الشمال وغيرها، وكان دفاعنا بأننا نريد اتحاداً يخدم قضايانا، ويعرف بمورثاتنا وفولكلورنا، ولاحقا واجهتنا مشاكل ذات طابع إقتصادي وسياسي، فوزارة الثقافة الإتحادية تعمل على تكريس الثقافة العربية عبر نشر آدابها وفنونها، ووزارة الثقافة بولاية جنوب كردفان لديها مهام أخرى ذات طابع سياسي، بالنسبة لنا هي غير مؤهلة، كما أنها تمثل تهديداً للفن ولعادات وتقاليد انسان تلك المنطقة، وهي وزارة سياسية أكثر من كونها ثقافية، ولم نعرف أو نشهد لها نشاطاً ثقافياً على مستوى الولاية، إلا في حال المناسبات الرسمية التي تستدعي ذلك، كما أنها لا تقدم أية إنتقادات لوزارة الإتحادية التي تعمدت إقصاءنا عبر تغيبنا من الفعاليات التي تقام بالخرطوم مثل ميلاد الأغنية وآماسي الخرطوم وأمدر، وماقيل لا يعني أننا إستكنا لتلك الضغوط، فنحن مازلنا كمجموعة ثقافية نشارك في عدد من الفعاليات الثقافية غير الرسمية، وهنالك محاولات لتسجيل الإتحاد ومزاولة نشاطه بصورة رسمية، ويصاحب ذلك محاولات أخرى لإنتزاع الحقوق.     
ماذا عن إتحاد المهن الموسيقية كجسم يفترض أن يضم ويمثل كل السودان.. وبالتالي يمكن أن يحتويكم أو حتى يتضامن معكم؟
      إتحاد المهن الموسيقية هو إتحاد مُسيس ويعمل بإزدواجية، لأنه لايمكن أن يكون هنالك إتحاد للمهن الموسيقية ويتعامل ويتكون من المراكز التي توجد في الخرطوم، وإتحاد المهن الموسيقية الذي يزعم البعض أنه يعبر ويمثل السودان يفترض ان تكونه الولايات عبر إتحاداتها وذلك بعد أن تنتخب عضوية لتأتي بدورها للخرطوم وتشرع في إقامة إتحاد عام السودان ولكن هذا لم يحدث، وذات الإتحاد الذي يقوده حمد الريح وعبد القادر سالم لا علاقة له بالفن والفنانين وذلك ملاحظ حتى في تسميته حينما صّب الفن في قالب المهنة وسموه إتحاد "المهن" الموسيقية وليس إتحاد فناني السودان، كما لايمكن أن يكون هنالك إتحاد يقال أنه يمثل السودان ولايقوم بمهرجانات دورية على مستوى الولايات، كما أستطيع أن أجزم بأنه لايعرف حتى بالمناشط الموجودة في الولايات، وفي ظل هكذا أجسام فشلنا تماماً في رسم لوحة إبداعية تعبر عنا كسودانيين كما فشلنا في أن ننافس على مستوى العالم، فالإتحاد قطع التواصل بينه والولايات، واحتضن المراكز، وهذا أدى بدوره لهضم الحقوق ونحن كنوبة لم نجد حقنا داخل إتحاد المهن الموسيقية، وأنا لست عضوا فيه لأنهم وضعوا لي شروط تعجيزية لدخوله، وبالتالي لا أعرف في ماذا أو لماذا يعمل الإتحاد، أو كيف انتخب هؤلاء أو بأي معيار، وكإتحاد لفناني جنوب كردفان ظللنا نطالب بحل إتحاد المهن الموسيقية، وأن يكون كياناً آخر تحت مسمى إتحاد عام فناني السودان وفق لائحة يتفق على أهدافها ومضامينها جميع وزراء الثقافة بالولايات بعد أن يجلس كل منهم مع مراكزه أو إتحاداته وغيرها من الجهات ذات الصلة ليتم بعدها إختيار عضوية لتكوينه، وأن يصبح شأنه شاناً ولائياً وليس شان الخرطوم، ولكن إتحاد المهن الموسيقية بوضعه الحالي لا يخدمنا كفنانين أو مجموعة ثقافية، وعضويته الحالية اختيرت لتخدم قضاياهم؛ وبالضرورة برنامج المؤتمر الوطني الذي يهدف لطمس الهوية السودانية وتشويه وإقصاء مجموعة الثقافات غير العربية.
ماذا عن المشاركات الخارجية.. وهنالك فعاليات تتطلب وجود مغنيين وفرق ينتمون مثلاً لدارفور أو جنوب كردفان أو الجنوب سابقاً.. هل قدمت لكم سابقاً هكذا دعوة للمشاركة؟

لا.. لم تقدم لنا أية دعوة، وفي المشاركات الخارجية نجد عبد القادر سالم يقلد الكمبلا الخاصة بجنوب كردفان، وفي مرة جاء بحرم النور وفرض عليها ثقافة الليمونة ولكنه لم يجيء بالنوبة أصحاب الثقافة ليقدموا مايعبر عنهم أو ماهو جزء أصيل منهم، ويبدو أنه آثر أن يتحدث بأسمنا ويسافر بقرون الكمبلا وياخذ معه أخرين على الرغم من أنه لايمثلنا، والسؤال ألا يحق لنا أن نعبر عن أنفسنا بدون وسيط، ألا يحق لنا أن نظهر في الشاشة حتى يأتي عبد القادر سالم لينوب عنا، وحتى فرقة البالمبو تاتي بافراد يقلدون التراث والاداب والفنون، وهذا إنتهاك واضح للحقوق.
  وأنا أرى أن المقلد ليس لديه تراث يفتخر به، ولكنه يقلد ليخدم مصالحه ومصالح أخرين، غير أنني كنوباوي لايمكن ان أقدم نفسي كعربي مثلاً، ولايمكن بأي حال أتحدث يوماً بإسمهم، لا لشيء سوى أنني لا أنتمي لهم عرقيا أو ثقافيا، وكل ما يربطني بهم هو أننا ننتمي لدولة واحدة ونتبادل الإحترام فيما بيننا كإنسان.
هل نفهم من حديثك أن الإتحاد المهن الموسيقية هو جزء من خطة المركز بهدف قمع أو إقصاء الثقافات السودانية.. وفي حال آخر تشويهها وتذويبها داخل الثقافة العربية؟
نعم هذا الهدف، ولكن اللغة العربية لو عملت طوال عمرها لهذا الهدف فلن تصل إليه، وقد تغير بعضاً من ملامحه الثقافية، ولكنك لن تلغيني بالكامل كما يصعب أن تلغي لغتي الام، ويجب على المركز الإسلامو عروبي ومن تمت إعادة إنتاجهم داخله أن يعوا أنهم لايستطيعون ابادتنا، والحل يكمن في إحترام وتوفير الحقوق الثقافية، وأن لايكون هنالك تمييز على أساس اللغة أو الدين أو العرق، لأن لنا حقوق، وهوية.
وما نتعرض إليه هو إستهداف مدروس لثقافتنا، وأنا كما بقية المجموعات الثقافية لي كامل الحق في أن اجد نفسي في خطاب الدولة الرسمي وفي مؤسساتها، وطالما نحن نتحدث عن دولة تعمل على أقصاء الأخرين كما تهدف لتذويب حقوقهمن فمن الطبيعي أن أبحث عن حقوقي، ولست مطالبا لاتوطأ مع هوية لاتعبر عني.
ماذا عن حقوقكم كفنانين وكمجموعة ثقافية في بقية المؤسسات الرسمية مثل وزارة الثقافة وتلفزيون السودان "القومي".. وخاصة أنهما يرددان مقولات على شاكلة الهوية والقومية والوحدة؟
    السودان كله يتحدث عن القومية، وكذلك ترددها الحكومة والتلفزيون، وحتى القومية لم تنجوا من ترديد السمؤال خلف الله لها، وأحيانا السمؤال يقول أن الثقافة هي الروح القاتلة للجهوية، ولكن مايقال هو منافٍ للواقع، وما تقوم به وزارة السمؤال هو تكريس للجهوية، بإعتبار أنه تهميش للمجموعات غير العربية، فضلاً عن حرب المصنفات التي يقهروننا بها عبر لغتهم العربية هذه، وبدوره التلفزيون يمارس ذات الإقصاء وطوال تاريخهم حرضوا على ألا ندخله.
والسمؤال إذا كان يريد ثقافة السودان بشكلها الحقيقي فليذهب للولايات ليعرف مافيها، وليأتي بما لم يفعله السابقون مثل تعريف السودانيين بالثقافات السودانية، لكن مايحدث هو أننا نستمع ونشاهد لإيقاع واحد ولعدد معين من الفنانين ظلوا يرافقونه حتى قبل إن يعينوه وزيرا للثقافة. وكرئيس لاتحاد فناني جنوب كردفان قابلت السمؤال مع مجيئه للوزارة، وكان ذلك في أحد المنتديات وأخبرته عن الإتحاد، واتفق معي على موعد وعندما ذهبت إليه بداخل وزارته، قابلتني مديرة مكتبه على مايبدو وطالبتني بالرحيل لأنهم سيتصلون بي في وقت لاحق!، وخرجت حينها ولم اكن أعرف ماذا ساقول، لكني أدركت انهم لن يتصلوا وفعلا لم يتصلوا إلى الآن، وبدوري أسأل السمؤال لماذا يستخف بالفنانين، لأننا لم نجي (لنشحت) فهذا حقنا الشرعي، وإذا كان يرى أننا غير لائقين فليخبرنا بذلك.
 وزارة الثقافة ترفع شعار (الثقافة تقود الحياة) فاين أنتم كمجموعة ثقافية من الحياة.. وهل تتفق مع الطرح الذي يقول يجب أن يجيء وزير الثقافة عبر الإنتخاب؟
   أنا افتكر أن السمؤال خلف الله هو من يقود الحياة وليست الثقافة، فالثقافة بعيدة كل البعد عن عمل وزارة الثقافة، والسمؤال جاء لينفذ برنامج وإرادة مسئولين في الدولة وليس من ضمن برنامجه أن يخدم الثقافة السودانية، بل كرس لدونية الآخرين، ونحن كفنانين ومجموعة تنتمي لجنوب كردفان ما الذنب الذي اقترفنا حتى يقحموا ثقافاتهم في كل شيء، ونحن لسنا أعداء للثقافة العربية، ولكن يجب أن يدركوا أنهم جزء من السودان وليس كله، وبذلك يجب أن ينالوا حقهم كمجموعة ثقافية وبدورنا ننال حقوقنا وينطبق ذلك على الثقافات السودانية، وكإتحاد لفناني جنوب كردفان لدينا آدابنا وفنوننا نريد أن نبرزها للجميع سواء في السودان أو خارجه، فأين المشكلة في ذلك، ولماذا لا يسمحون لنا أو لماذا يحدون من قدراتنا، وللشعب الحق في أن يقرر من يريد أن يسمع له أو يشاهده.
  وأقول أن شأن وزارة الثقافة هو شان فنانين ومثقفين، وهم من يفترض أن ينتخبوا وزير الثقافة الذي سيحترم التنوع، ولو حدث هذا سيرسم جميعهم لوحة تعبر عن السودان ولاتقصي أحداً، وتقنع العالم بشكل السودان.
 هنالك مقولات تشير إلى الحرب في الجنوب والغرب وجبال النوبة بأنها ذات صلة بالهوية أو بالصراع الثقافي.. وفي حال وجود وزارات تهتم بقضايا التنوع لما حدث إنفصال الجنوب.. وفي تقرير لـ(تعارف) هنالك مؤشرات لإحتمال إنفصال جبال النوبة في حال إستمرار القهر الثقافي.. مارأيك في ما قيل؟
  أرى أن تتم إدارة التنوع عبر وزارة تليق بالتنوع، ومن السخرية أن يشعر السوداني داخل دولته بأنه لاجي، ولايمكن أن نبحث عن دولة أخرى لن تكون لنا بمثابة البديل، لكننا مازلنا في مرحلة المطالبة بالحقوق الثقافية، وهذا خطا معيب على وزارة الثقافة، وإلى متى تريد أن تخبي أشكالنا التي لاتعجبها، وبأي لون تريد تمثيلنا، ولماذا تأتي بأخرين ليتحدثوا نيابة عنا ونحن موجودون.
نحن نفتقر لإحترام التنوع وإحترام الإنسان، وهنالك دائماً من يفترض أن وصي على الآخر، ويمكن أن يأتي به أو (يركله) جانباً متى ما أراد ذلك، واتفق مع المقولات التي ذهبت بأن الحرب نشبت بسبب الصراع الثقافي، وبدورنا إذا إستمر التكريس لدونيتنا، فالدواعي والطرق التي ذهبت بالجنوب ستقودنا أيضاً.

0 التعليقات :

إرسال تعليق