Featured Video

شرعية الأزهر على المحك


في ظل الأحداث المتلاحقة من ثورات في بعض أقطار أمتنا واضطرابات لم ترق بعد لمستوى ثورات في بعضها الآخر، 

وفي ظل التوتر والقلق والهموم والقهر الذي يعاني منه المواطن العربي من المحيط إلى الخليج، وفي ظل التساؤل المشروع الذي يطرحه كل منا؛ متى يمر قطار الثورة على بلدي ونتحرر من حثالة قومٍ أسموا أنفسهم حكاماً؟ لم يعد المرء يعرف عن ماذا يكتب أولاً أو عن ماذا يتحدث أولاً فلا قطر عربياً أهم من آخر ولا قضيةً أهم من أخرى.
ثوراتنا كشفت عوراتنا، وضعتنا جميعاً في الميزان وفرقت بين الصالح والطالح وفصلت بين الحق والباطل. عندما كانت ثورة مصر العروبة في أوجها وكانت دماء طاهرة بريئة تروي أرض مصر خرج شيخ الأزهر علينا بفتوى يحث فيها الناس على العودة إلى بيوتهم والإصغاء لحاكم جائر أراد أن يلعب بورقة الحوار على شعبه، ولم يعر الأزهر أي أهمية للدماء التي سفكت والجرائم التي ارتكبت من قبل رئيس مصر سابقاً ورئيس شرم الشيخ حالياً. صحيح أن بعض رجالات الأزهر التحقوا بالثورة في أيامها الأخيرة إلاّ أنهم لم يفعلوا إلاّ بعد أن قدموا استقالاتهم من تلك المؤسسة الدينية حتى لا يسببوا لها الإحراج أمام السلطات وشاركوا في الثورة بصفاتهم الشخصية فقط. أما الأزهر كمؤسسة وكإدارة رسمية فحقاً تنطبق عليها تسمية وعّاظ السلاطين.
بعد اندلاع ثورة ليبيا المباركة وتقديم الشعب الليبي التضحيات الجسام، نرى شيخ الأزهر يصرح بأن النظام الليبي فقد شرعيته ويفتي بعدم إطاعة أوامر العقيد، وقد صدق في هذه. وهنا حقّ التساؤل؛ ما الفرق بين الجرائم التي ارتكبها مبارك ونظامه بحق شعبه لأكثر من ثلاثة عقود وبين الجرائم التي ارتكبها العقيد ونظامه بحق شعبه لأكثر من أربعة عقود؟ وما الفرق بين الدماء المصرية والدماء الليبية؟ أم هي محاباة السلطان في الحالة الأولى؟ ولماذا لم يفتي الأزهر بشئ عن الثورة اليمنية والجرائم التي ترتكب بحق الشعب اليمني؟ ألم يدرك الأزهر بعد أن الدم العربي له نفس اللون ونفس الرائحة ونفس القيمة؟ ألم يدرك الأزهر بعد أن الأمة العربية أمة واحدة وشعبها واحد من المحيط إلى الخليج رغم أنوف الحكام ورثة الاستعمار وبقاياه الذين كرّسوا التقسيم، بدليل أن قلوب العرب جميعاً تنبض على إيقاع الثورات العربية أينما كان مكانها وألسنتهم تلهج بالدعاء إلى الله أن ينصر الشعوب الثائرة على حكوماتها الجائرة.
إن لم يدرك الأزهر هذا بعد ـ بل وأجزم أنه لن يدرك ذلك أبداً- فقد فقد شرعيته. وقد فقد الشرعية كلّ رجل دين يحرِّم ثورات الشعوب المضطهدة على حكام جائرين فاسدين فاسقين سارقي ثروات شعوبهم.
وأقولها نصيحة من مواطن عربي لحاكم عربي أن أرزم حقائبك واحقن دم شعبك فإن تخرج منها بيسر سيذكرها لك التاريخ وستحفظ كرامتك ويجعلها لك الله في ميزان حسناتك، هذا إن كانت لك حسنات أصلاً. أما إذا خرجت حتف أنفك بعد أن سفكت دم شعبك فستخرج ذليلاً مهاناً صاغراً وسترمى في مزابل التاريخ أنت ومن يفتي لك. واعلم أن الشعب العربي اتخذ قرارا لا رجعة فيه بجعل العام الحالي (2011) عام الكنس، فإن لم يأت دورك اليوم فغداً، وإن غداً لناظره لقريب.
عدنان الياسين

0 التعليقات :

إرسال تعليق