Featured Video

 حول الطغيان 

لعل المقولة الاشهر في تراث الديكتاتورية وتاريخها الطويل تنسب الى الامبراطور الروماني كاليغيولا قبل نحو الفي عام والذي قال: دعهم يكرهوني طالما انهم يخافونني،.
تلخص مقولته هذه عقلية الديكتاتور التي طالما حاول الفلاسفة والمؤرخون والروائيون سبر اغوارها. من هو الديكتاتور وما هي الديكتاتورية وكيف للاستبداد ان يشعل الثورات؟ يقول ونستون تشرتشل ان الطغاة يركبون نمرا يروح بهم ويجيء لكنهم لا يجرؤون على النزول عنه.
يحتل الطغيان مجلدات كبيرة في التاريخ الانساني. والطاغية أو الديكتاتور او المستبد يحكم بلا هوادة وينصب نفسه حاكما اوحد على شعبه ويتخذ لنفسه القابا مثل الزعيم الخالد او الرئيس الثاقب او دليل امته ، الفوهرر ، الزعيم ، قائد الأمة أو القائد الملهم أو حتى ابو الأمة. ومن نيرو الى هتلر ومن هولاكو الى الحاكم بامره ومن ستالين الى تشاوشيسكو ومن موجابي الى زين العابدين بن علي ، عرف التاريخ آلاف الطغاة ممن قتلوا وشردوا ودمروا.
والديكتاتور يحكم بقبضة من حديد ، ويشيع الخوف بين ابناء جلدته وينفذ عدالته هو فيقتل ويعذب ويسبي ويشرد. وقلما يعتذر الطاغية عن افعاله ، وهو اذا ما نجا من العقاب في حياته فان التاريخ يحكم عليه الى الأبد. لكن وكما كتب توماس مازريك فان الطغاة ينعمون بالتبجيل حتى لحظتهم الأخيرة. فقد ظل موسوليني مزهوا بسلطته ومسحورا بعظمته كامبراطور حتى علقه الثائرون من قدميه ومثلوا بجثته.
ويقول جورج اورويل ان الديكتاتورية تقود الى الثورات تماما كما تقود الثورات الى الديكتاتورية، فالثورة الفرنسية انجبت روبسبير وعهد الرعب والمحاكم الصورية والمقصلة التي قطعت رؤوسا كثيرة كان آخرها رأسه هو، وكم من ثورة اكلت ابناءها ليصعد على جماجم ضحاياها ديكتاتور كستالين الذي طارد معارضيه من رفاق الأمس وقتلهم جميعا.
واذا كانت الديمقراطية هي نقيض الديكتاتورية فان الديمقراطيات قد تنتهي الى ديكتاتوريات كما يقول افلاطون الذي يشير الى ان اعتى اشكال العسف والعبودية تخرج من رحم اكثر الحريات تطرفا، وكم من حاكم استبد بشعبه باسم الديمقراطية التي ارتكبت باسمها ابشع الجرائم.
ونحن نشهد رياح التغيير في عالمنا ونقف مشدوهين امام انهيار ديكتاتوريات عاتية يحق لنا ان نتساءل عن المستقبل وما يحمله من احتمالات. يقولون ان زمن التكنولوجيا الذي نعيش سيحرر الشعوب ويمكنها على الرغم من ان الاستبداد ليس رجلا دائما. ويقول السياسي الاميركي هنري والاس الذي عاش في نهايات القرن التاسع عشر ان عصر التكنولوجيا يمهد ايضا للاستبداد باشكال مختلفة.
الديكتاتورية قد تبقى بعد ان يرحل الديكتاتور ، وقد تصبح مطلبا للشعوب التي تجري وراء الاوهام والاحلام ، وهناك ديكتاتورية الشارع والغوغاء ورجال الدين والفلاسفة والبروليتاريا ايضا. هل قدر الشعوب ان تثور على الديكتاتور الفرد لتستبدله بديكتاتورية النظام؟ يقول الفيلسوف ناعوم تشومسكي انه لو قيض للفاشية العقلانية ان تختار شبيها لاختارت النظام الاميركي.
 

0 التعليقات :

إرسال تعليق