Featured Video

خيارات ما قبل الثورة


خيارات ما قبل الثورة
لم تنته الثورة في كل من مصر وتونس لأن رأس النظام قد سقط. انها البداية وقد تجهض الثورة او تختطف ، وهي لن تحقق أهدافها مرة واحدة ، فالطريق طويل لان بناء نظام جديد 

يتطلب وقتا وجهدا. والديمقراطية التي ينشدها الشعب ليست حلا سحريا لتحديات الفساد والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية. انها القاعدة التي يبنى عليها النظام الجديد وهي الاطار والمرجعية ، لكنها تظل هشة ومهددة بينما يحاول المجتمع الاهلي اعادة البناء والتخلص من اثار النظام البائد وماضيه البائس.
لذلك فان التحديات التي سيواجهها المصريون والتونسيون كبيرة ، لأن اعادة البناء لن تكون سهلة ابدا ، والديمقراطية الجديدة تحتاج الى وقت لتغرس جذورها. هذا ما حدث في دول اوروبا الشرقية بعد انهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي. وحتى بعد مضي نحو عشرين سنة على ذلك الحدث الاممي الكبير فان هناك دولا في اوروبا الشرقية وآسيا الوسطى لاتزال في مرحلة الانتقال الديمقراطي ، بعضها وصل الى الضفة الاخرى والبعض الآخر تاه في الطريق.
ما فعله المصريون والتونسيون يستحق الثناء والاعجاب. فهم تحدو سلطة قمع واستبداد ودفعوا ثمنا لحريتهم ، لكن طريق الخلاص لا يزال طويلا ، وبالأمس سقط محتجون في تونس بين قتيل وجريح. ان مخاض الثورة عسير وهناك من يتربص بالشعب ومكاسبه في الداخل والخارج. والمؤمل ان يستطيع الشعب في كل من البلدين ابقاء نار الثورة مشتعلة لتنير الطريق. وعلى العكس من ليبيا الثائرة فان اعادة البناء في تونس ومصر قد تكون اقل حرجا وصعوبة لوجود مؤسسات راسخة وتقاليد وقوانين ، وهو ما تفتقده ليبيا التي عاث فيها نظام القذافي فسادا وخرابا على مدى اربعة عقود طويلة.
ان عنوان المرحلة التي يمر بها العالم العربي هو الاصلاح وما ينبني عليه من سياسات ، واندلاع الثورات لا يعني ان ذلك هو مآل كل الدول العربية. فالاصلاح يمكن له ان يتم في اجواء من الانفتاح والحوار الديمقراطي ، وهذا ما يجري في الاردن والبحرين بدرجات متفاوتة ، ولعل تجربة هاتين الدولتين تستحق المتابعة والدراسة كبديل عن الاحتقان المزمن الذي يولد شرارة الثورة في كثير من الدول.
تستحق منطقتنا الأمن والاستقرار والازدهار في اجواء من الديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية. هذا هو مطلب الشعوب الثائرة في تونس ومصر وليبيا ، وهو مطلب كل شعوب المنطقة التي عانت طويلا. معظم الانظمة العربية تملك الأخذ بخيار الاصلاح قبل فوات الأوان. فالثورات ليست دائما الطريق الأقصر الى الاصلاح ، لكنها تصبح حتمية في غيابه.

نقلا عن جريدة الدستور

0 التعليقات :

إرسال تعليق