Featured Video

الأحزاب الليبية تعاني من التهميش وسط تصاعد دور قادة القبائل والميليشيات


وسط تصاعد دور قادة القبائل والميليشيات المسلحة ورجال المال، تعاني الأحزاب الليبية من التهميش «لدرجة أن قانون الأحزاب لم يصدر بعد، على الرغم من صدور قانون الانتخاب» يوم أول من أمس، تحت ضغوط أدت لخفض الاعتماد على القوائم الحزبية في الترشح لانتخابات المؤتمر الوطني العام (السلطة التشريعية المؤقتة)، من 136 إلى 80 مقعدا فقط، وزيادة التمثيل الفردي من 64 مقعدا إلى 120 مقعدا.
ويقول عدد من السياسيين الليبيين في اتصالات أجرتها «الشرق الأوسط» مع عدد منهم في طرابلس وبنغازي ولندن، إن خفض التمثيل الحزبي في انتخابات المجلس التشريعي المقبل، وزيادة عدد مقاعد المرشحين على أساس فردي، سيعقد المشكلة، ويفتح الباب لتكرار تجربة القذافي في الحكم من خلال سيطرة الطبقات العليا ماليا وقبليا وتسليحيا على توجهات الدولة مستقبلا. ويقول الدكتور جمال حريشة، مؤسس حزب الحرية والعدالة الليبي، إن «قانون الأحزاب لم يصدر، وغير معلوم متى سيصدر. فكيف سيتم التعامل مع قانون الانتخاب؟»، مشيرا إلى أن عدد الأحزاب التي تأسست في العاصمة طرابلس وحدها يبلغ نحو 25 حزبا، إضافة إلى عشرات الأحزاب الأخرى التي تأسست في بنغازي وباقي المدن الليبية.
وبدأ عدد من هذه الأحزاب الغاضبة يدعو أمس لمؤتمر في طرابلس للرد على تجاهل دورها في رسم مستقبل البلاد، حيث تستعد ليبيا لأول انتخابات للمؤتمر الوطني (البرلمان) في يونيو (حزيران) المقبل.
وعما إذا كان إعطاء دور أكبر للأحزاب يمكن أن يخفف من مظاهر التسلح في ليبيا، قال الدكتور حريشة إن المشكلات في البلاد سببها أن كل المجالس (الحاكمة) الموجودة هي مجالس غير منتخبة.. «حين يشعر الناس بوجود مظاهر شرعية وانتخابات فإن المظاهر المسلحة ستتراجع.. وضع البلد الحالي معقد وخطير، وبمجرد أن يكون مؤتمر وطني منتخب ومجلس تشريعي فسيكون هناك ضبط للأمن».
لكن حريشة يقول إن خفض التمثيل الحزبي في المجلس التشريعي المقبل، وزيادة عدد مقاعد المرشحين على أساس فردي، سيعقد المشكلة أكثر، مشيرا إلى أن «النائب المرشح على أساس فردي يمكن أن يأتي اعتمادا على قبيلة أو موارد مالية، وبالتالي يصبح المؤتمر الوطني مجرد 200 عضو من الطبقات العالية وهذا لا يخدم الشعب الليبي بصفة عامة، عكس نواب الأحزاب الذين يدخلون الانتخابات وفقا لبرامج تخدم عموم البلاد وليس منطقة أو قبيلة أو جماعة أو جهة».
من جانبه يقول علي جبريل، وكيل مؤسسي حزب ليبيا المستقبل الديمقراطي، إنه أصبح من السهل ملاحظة تجاهل دور الأحزاب الصاعدة في الحراك السياسي الدائر بالبلاد في فترة ما بعد العقيد الراحل معمر القذافي.
ويوضح جبريل قائلا إن هذه الأيام تشهد الكثير من الشعارات الحزبية والسياسية تسبق دخول البلاد لعبة انتخابات المؤتمر الوطني.. «وعلى الرغم من غياب قوانين تنظيم العمل السياسي، فإنه ظهرت في كل أنحاء ليبيا عشرات الأحزاب والتجمعات والتيارات المختلفة الليبرالية والإسلامية والعلمانية والمستقلة، وذلك وفقا للإعلان الدستوري الصادر في أغسطس (آب) 2011، وينص على أن تكفل الدولة التعددية السياسية والحزبية»، لكن جبريل يعود ويؤكد أن «نجاح الأحزاب مرتبط بقدرتها على التحول إلى أحزاب برامج، وأن هذا لم يحدث حتى الآن».
ويقول عضو في المجلس الانتقالي إنه تم تعديل قانون الانتخاب لصالح المرشحين الفرديين، بسبب حداثة عهد الليبيين بالأحزاب، نافيا أن يكون المجلس الانتقالي أو الحكومة عملا على تهميش الأحزاب، قائلا إن القانون المنظم لها سيصدر قريبا. ويتحدث مؤسس جمعية النور التي تحولت إلى مشروع حزب سياسي في بنغازي، حسين العبيدي، عن أن ميليشيات مسلحة وقادة قبائل ورجال مال ينافسون الأحزاب الوليدة في استقطاب الناس. بينما يوضح الدكتور مصطفى التير، بجامعة طرابلس، في دراسة أخيرة له أنه على الرغم من أن 80 في المائة من الليبيين من سكان الحضر، فإن الغالبية ما زالت تتحدث عن الانتماء القبلي، والسبب هو أن «المناطق الحضرية الرئيسية نمت نتيجة الهجرة من الريف، وليس بسبب الزيادة الطبيعية».
ويشير جبريل إلى أن قيادات هذه الأحزاب والجماعات والحركات وجدت نفسها بعد العودة والعمل من داخل ليبيا «أمام واقع يختلف عن واقع تنظيمهم (الذي كان طيلة سنوات) في الخارج». ويقول إن الصعوبات التي تواجهها الأحزاب حاليا في ليبيا كثيرة، منها «عدم اهتمام الإعلام الليبي بهذا الحراك السياسي»، و«تأخر قانون تنظيم الأحزاب»، و«غياب التواصل بين الحكومة والأحزاب باعتبارها من المجتمع المدني»، و«عدم السماح للأحزاب بلعب دور مصالحة وطني أو دور اجتماعي أو الوساطة بين أطراف النزاع»، و«عدم إشراكهم في بلورة الحياة السياسية في هذه المرحلة، وذلك بإشراكها في صياغة بعض القوانين، مثل قانون الانتخابات وقانون تنظيم الأحزاب وقانون مباشرة الحقوق السياسية».
وعن موقف الحزب من مشكلة استمرار مظاهر التسليح، يقول جبريل: «نحن نتعامل مع هذه الحالة على أنها مشكلة مؤقتة، وذلك بزوال دوافع التسلح المتمثلة في عدم وضوح الرؤية المستقبلية لليبيا، وكذلك عدم تحقيق كامل أهداف الثورة التي خرج من أجلها الشباب لتحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية والشفافية والسيادة».
ويشير جبريل إلى خطورة المرحلة الحالية ويضيف: «لا ينبغي بأي حال تجاهل تحذيرات رئيس المجلس الانتقالي الحاكم بشأن إمكانية انزلاق الوضع في البلاد إلى حرب أهلية؛ فالاشتباكات المسلحة بين مجموعات ثورية في العاصمة طرابلس وفي خارجها، التي تكررت عدة مرات، تشير إلى وجود أزمات حقيقية تعيشها ليبيا بعد زوال حكم معمر القذافي وحاشيته.. كما أن الثوار ليسوا جماعة واحدة تدين بالولاء لقائد واحد، ولكنها مجموعات شتى ولكل مجموعة قائد ولكل قائد طموحات لنفسه ولجماعته ولقبيلته ولمنطقته .
--------------------------
 « الشرق الأوسط »

0 التعليقات :

إرسال تعليق