Featured Video

ليبيا: الاستقالات تعصف بالمجلس الانتقالي.. وحكومة الكيب تلتزم الصمت


بلغت أمس حدة الضغوط التي يتعرض لها المجلس الوطني الانتقالي، الذي يتولى السلطة في ليبيا بعد الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ذروتها بإعلان أعضاء بارزين في المجلس استقالاتهم منه، فيما وجه المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس، رسالة علنية للرأي العام الليبي ينبه فيها إلى خطورة الوضع، بعدما حذر أمس من أن ليبيا قد تكون في طريقها للسقوط في ما وصفه بـهوة لا قرار لها.
وفي غضون ذلك، اندلع أمس حريق لم تعرف أسبابه في جامعة طرابلس، فيما استمر اعتصام العشرات في ميدان التحرير بطرابلس؛ للمطالبة بتصحيح مسار الثورة الشعبية التي اندلعت في السابع عشر من فبراير (شباط) الماضي ضد نظام القذافي.
وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي عقده أمس في بنغازي، المقر السابق للمجلس الانتقالي ومعقل الثوار، والتي شهدت أول من أمس حالة احتقان غير معهودة، تخللتها أعمال شغب واقتحام لمقر المجلس وإلقاء قنابل يدوية عليه، إنه قبل استقالة رئيس بلدية بنغازي عقب الاقتحام، وإنه سيتم إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد لبلدية المدينة.
وأضاف: نمر بمرحلة سياسية قد تقود البلاد إلى هوة سحيقة لا قرار لها، معتبرا أنه يتعين على المحتجين الذين يتهمون الحكومة الجديدة بأنها لا تبذل جهدا كافيا، إمهالها المزيد من الوقت.
وتجاهل عبد الجليل التطرق إلى معلومات متواترة عن اعتزامه التنحي عن منصبه طواعية، بينما نفى مقربون منه اعتزامه الاستقالة من منصبه، وقال عبد الرزاق العرادي، عضو المجلس الانتقالي، إن رئيس المجلس لن يخذل الوطن في محنته، في إشارة إلى استمرار عبد الجليل في منصبه.
وقال مصدر ليبي أجرى اتصالا هاتفيا، مساء أول من أمس، مع عبد الجليل، إنه باق في عمله ولا يعتزم الاستقالة، مشيرا إلى أنه لمس من عبد الجليل إصرارا على البقاء حفاظا على ما وصفه بالمصالح العليا للبلاد.
ومع ذلك، قالت مصادر في مدينة بنغازي عبر الهاتف، إن بعض أعضاء المجلس الانتقالي توافقوا فيما بينهم، في اجتماع غير معلن، على ترشيح أحمد الزبير السنوسي رئيسا للمجلس الانتقالي، في حالة استقالة عبد الجليل في أي وقت.
ويعتبر الزبير، المولود في مرسى مطروح بمصر عام 1933، من أقدم السجناء السياسيين في العالم، بعدما اعتقله نظام القذافي بتهمة المشاركة في محاولة انقلابية عام 1970.
وفي مؤشر على عزم المجلس مواصلة عمله، أعلن المجلس قائمة ضمت أسماء 14 عضوا في المفوضية الوطنية العليا للانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة منتصف العام الجاري، برئاسة الدكتور عثمان أبو بكر القاجيجي، ونائبيه الدكتور محمد مرعي العماري والصغير مصباح الماجري.
وبدا أمس أن المجلس الوطني الانتقالي قد قرر تأجيل الإعلان عن قانون الانتخابات حتى نهاية الشهر الحالي، في ضوء الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها مسودة القانون مؤخرا من مختلف التيارات السياسية والوطنية.
وقال مصطفى المانع، أمين سر المجلس، إن المجلس باق حتى تسليم صلاحياته إلى المؤتمر الوطني الذي سيتم انتخابه في الثالث والعشرين من يونيو (حزيران) المقبل.
وحمّل المانع، وفقا لما بثه الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس على شبكة الإنترنت، الثوار مسؤولية حماية المجلس حتى يؤدي مهمته، معتبرا أن الإعلان الدستوري يكفل كل أشكال التعبير عن الرأي، طالما كان ذلك وفقا للقانون والأعرف الديمقراطية.
لكن عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس والناطق الرسمي باسمه، أعلن في المقابل استقالته من منصبه، وقال غوقة، في تصريحات بثتها قناة الجزيرة القطرية: لم أكن يوما طالبا للسلطة أو منصب ما، ومن منطلق المصلحة الوطنية أقدم استقالتي، ونحن حركة نضالية ولسنا حكام ليبيا، وهذا الشيء لم يفهمه البعض.
وأضاف قائلا: لسوء الحظ، الإجماع لم يعد قادرا على الحفاظ على المصالح الوطنية العليا. مناخ الحرمان والكراهية طغى. لا أريد لهذا المناخ أن يستمر، ومن ثم يؤثر بشكل سلبي على المجلس الوطني الانتقالي وأدائه.
ومع ذلك، فقد قال عبد الرزاق العرادي  إن استقالة غوقة كانت على الهواء ولم يستلم المجلس شيئا مكتوبا يؤكدها، مشيرا إلى أن المجلس لم يبت بعد في هذه الاستقالة سواء بالرفض أو القبول.
وتعرض غوقة، على مدى الشهور الماضية، لحملة إعلامية عنيفة، وصفته بأنه أحد من استفادوا من نظام القذافي، وتسلقوا على أكتاف الثورة الشعبية التي أطاحت بالنظام السابق. كما أعلن منصور الكيخيا، عضو المجلس الوطني، من بنغازي أيضا استقالته الشفوية من عضوية المجلس، فيما قال مصدر في المجلس  إن خمسة أعضاء آخرين تقدموا باستقالات رسمية إلى رئيس المجلس، لكنه رفض الإفصاح عن أسمائهم.
لكن وكالة أسوشييتد برس قالت إن عبد الجليل جمد عضويتهم أمس، ولم يتسن التأكد من صحة الخبر. واقتحمت مجموعة من المتظاهرين، مساء أول من أمس، مقر المجلس في بنغازي خلال اجتماع ترأسه عبد الجليل، وطالبوا بإقالة مسؤولي نظام العقيد المخلوع الذين ما زلوا في مناصبهم، وبالشفافية في طريقة إنفاق أموال الدولة.
وأظهرت صور فوتوغرافية تحطم السيارة الشخصية لعبد الجليل خلال عملية الاقتحام، بالإضافة إلى هروب عدد من أعضاء المجلس معه من الأبواب الخلفية.
كما أظهرت الصور استسلام بعض الحراس الشخصيين لعبد الجليل وقيامهم برفع أيديهم لأعلى، تأكيدا على عدم مقاومتهم للمحتجين الذين عبثوا بمحتويات مقر المجلس، وتجولوا داخل مكاتبه وقلبوها رأسا على عقب.
لكن الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور عبد الرحيم الكيب امتنعت عن التعليق على ما جرى، فيما أدى أحمد سالم الكوشلي اليمين القانونية أمام رئيس المجلس الوطني بعد اعتماده وزيرا للاقتصاد، خلفا للطاهر شركس الذي استقال من منصبه قبل نحو شهر بعد انتقادات وجهت له بأنه عمل سابقا في خدمة نظام القذافي.
وتأتي هذه التطورات، فيما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش الأميركية، في تقريرها العالمي للعام الماضي، إنه يتعين على الحكومة الانتقالية الليبية والأطراف الدولية التي تدعمها منح الأولوية، على وجه السرعة، لإنشاء نظام قضائي قادر على العمل، مع البدء في إصلاح القوانين بما يحمي حقوق الإنسان بعد رحيل القذافي.
واعتبرت المنظمة أن جهود تأمين الأسلحة وتفكيك الميليشيات وإصلاح القطاع الأمني، هي جهود هامة للغاية، مشيرة إلى أنه من المهم أيضا بدء تشغيل المحاكم بشكل فعال، حتى تتمكن من النظر في القضايا المعروضة عليها أثناء وبعد النزاع. ويشمل ذلك التحقيق في انتهاكات القوات المعارضة للقذافي لحقوق الإنسان، وبدء الملاحقة القضائية أو الإفراج عن نحو 8000 محتجز يتم احتجازهم حاليا دون مراجعة قضائية.
--------------------
وكالات- صحف

0 التعليقات :

إرسال تعليق