Featured Video

أساسيات التدريب العسكري




 غاية كل ضابط وجندي كسب المعركة التي يخوضها بأقل خسائر في الأرواح والمعدات، ومنتهى أمل محترف العمل العسكري أن يضمن لاسمه تألقاً بما يحقق لوحدته من انتصارات؛ لذلك يظل التدريب عملية مستمرة كخطوة أساسية للنجاح في القتال. وعلى مدى الحروب التي خاضها الإنسان، تتعزّز - بالصدق - مقوله:" إن قطرة عرق أثناء التدريب توفر نهراً من الدم خلال المعركة"، وفي الوقت نفسه تسقط مقولة:" تعلَّم من الميدان إذا كتب لك البقاء"؛ فالتدريب هو العامل الحاسم المقرّر لنتيجة المعركة، وهو العامل المساعد في ترجمة قررات القادة إلى نتائج مثمرة على طريق التنفيذ السليم.
يشمل التدريب العسكري مختلف جوانب النشاط العسكري، وكلما ارتفعت مستويات إتقانه كلما تحسَّن الأداء خلال القتال. وحتى يصل الاتقان إلى أعلى مستوياته يظل التدريب حالة مستمرة لاتعرف التوقف، ويشمل مختلف المستويات بهدف كشف الاخطاء وتصحيحها؛ وإذا كان التعليم العسكري يشكِّل قاعدة البناء العسكري، فإن التدريب هو الذي يعطي هذا البناء مادة العمل من خلال تحويل المعرفة النظرية إلى إتقان عملي.
من هذا المنطلق بأهمية التدريب، يقع على عاتق القيادات - على اختلاف مهامها وتعدد مستوياتها - وضع خطط تدريبية ذات أهداف محدده تحقق توجيهات القيادة الأعلى وتراعي المباديء الأساسية التى خلصت إليها الخبرات العسكرية على مر السنين، ومن ثم تضع برنامجها الزمني لإنجاز مهمة التدريب، مع الأخذ في الاعتبار أهمية التنسيق والإشراف في هذا المجال، وأن يكون التدريب شاملاً لمختلف الموضوعات التي تثري الثقافة العسكرية وتعلي من تخصص الفرد وتزيد من درجة إنجازاته، إضافة إلى الموضوعات التي تعلِّم وتدرِّب فنون التكتيك وعلومه، ومن ثم تخضع الخطة التدريبية في نهاية المطاف إلى عملية تقويم لزيادة مستوى ما أظهره من إيجابيات والعمل على تلافي ما بدا فيه من سلبيات. وهذه المقالة محاولة فى مجال الكشف عن الجوانب المختلفة للتدريب العسكري.

مباديء التدريب

تعدُّ مباديء التدريب وسيلة رئيسة لتوحيد مفهوم التدريب، باعتبارها دليلاً للقادة والمدربين، وأسلوباً يوحّد الجهود ويحث على التدريب الموجَّه، وهذه المباديء تعكس أكثر أساليب التدريب الفعالة والمعروفة، وهي خلاصة سنين من خبرة التدريب العسكري الناجح. ويجب على القادة معرفة مباديء التدريب واعتمادها لكي يدربوا وحداتهم طبقاً للمستويات المقررة واستناداً للمباديء التالية:
1- درِّب كأنك تقاتل. 2- استخدام المذهب العسكري الملائم.
3- درِّب للقتال والإسناد لفريق أسلحة مشتركة.
4- استخدم تدريب الأداء الموجّه.
5- درِّب لتحدي (القوة - الواقعية - التميز).
6- درِّب على إدامة المهارات الاحترافية.
7- درِّب لعدة مستويات في آن واحد. 8- درِّب لإدامة الصيانة.
9- اجعل القادة - في مختلف مستوياتهم - المدربين الأساسيين.
10- التدريب التعزيزي.

توجيه التدريب

تعدُّ توجيهات التدريب الصادرة من القيادة الأعلى ومتطلبات القيادة، الأسس التي توضح السياسة العامة والخطوط العريضة التي ينبغي على القادة اتباعها، وطريقة إدارة التدريب المتضمن برنامج التدريب والمراحل الأربع (التخطيط، والتحضر، والتنفيذ، والتقويم) من أجل تدريب الوحدات ورفع كفاءتها القتالية، وتطوير أدائها العملياتي من كافة النواحي لتنفيذ المهام المناطة بها بكل كفاءة واقتدار. وعادة ما توضع هذه التوجيهات بشكل يعكس وضع التدريب، وتفي بمتطلبات الوحدة المرؤوسة؛ كما أن هذه التوجيهات مرنة وموضوعة بشكل يجعلها قادرة على تحقيق الكفاءة القتالية اللازمة.
ويتم تحقيق الهدف من التدريب من خلال سلسلة من البرامج المتواصلة المبنية على متطلبات الوحدة المتعلقة بالتدريب. كما يتم تنسيق برامج التدريب تنسيقاً كاملاً للتأكُّد من استجابتها لجميع التغيرات الطارئة على وضع التدريب أو لإدخال المعدات الجديدة أو استعمال تكتيك أو فنون جديدة في إدارة العمليات.

التنسيق والإشراف على التدريب

يعدُّ تنسيق الأركان لإعداد جداول تدريب معينة من الأسس التي تسهم في نجاح خطط التدريب، بحيث لايتم التعارض في المحتوى والوقت وموقع التدريب. ويعدُّ الإشراف على التدريب - بصفة مستمرة ورئيسة - أداة للتأكُّد من أن طبيعة التدريب ملائمة للحاجة، وأن تقديم المواضيع يتم بطريقة صحيحة، حيث إن ذلك من الأمور ذات الأهمية القصوى فى مجال التدريب. كما لا يقلُّ مجال الإشراف عن سابقه باعتباره وظيفة من وظائف الأركان المشتركة، فضباط أركان التنسيق يشرفون على ميادين واسعة، مثل: تدريب الاستخبارات، وتدريب الصيانة، والتدريب للعمليات، بينما يشرف ضابط الأركان الخاصة على ميدان أقل اتساعاً، مثل: شؤون الاتصالات، والنواحي الكيميائية والهندسية ... وغيرها، وبذلك يتم تحقيق الهدف المنشود.
الاعتبارات الأساسية فى إعداد البرنامج الزمني للتدريب
حتى يعطي التدريب ثمارة المرجوه وفق الخطة الموضوعة له، فإنه يخضع لبرنامج زمني يجب أن يراعي عديد من الاعتبارات، من أهمها: الملاك الحالي للوحده، والوضع الحالي لها من حيث نقاط القوة ونقاط الضعف، والتوجيهات القيادية وسياسات التدريب المتخذه من القيادات العليا، وتعليمات قائد التشكيل، والوقت المخصص للتدريب، ومواعيد إجراءاته، وما يتوفر له من مرافق، ومساعدات ومتطلبات مادية وبشرية، على أن يتوفر الوقت اللازم للوحدات لإنجاز خطة التدريب الموضوعة.
وبناءً على الاعتبارات المذكورة آنفا، فإن ركن العمليات يقدّر الموقف التدريبي ثم يقدم التوصية للقيادة بأفضل طريقة لإنجاز المهمة الشاملة، ومن ثم يصبح قرار القائد المبني على توصية ركن العمليات هو الأساس الذى يعتمد عليه برنامج التدريب المقترح. وفي حالة موافقة القائد على برنامج تقويم التدريب، يقوم ركن العمليات بإعداد التوجيهات والأوامر الضرورية بعد التنسيق مع الأركان الآخرين، ومن ثم يقوم بإصدارها وعمل الترتيبات والإجراءات للحصول على متطلبات التدريب من المعدات والذخيرة وميادين الرماية وتخصيصها للوحدات بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
موضوعات التدريب العسكرى
يشتمل التدريب العسكري على عدد من الموضوعات تتضافر جميعاً لتحقيق الأهداف المتوخاة من التدريب، والتي تصب في أن تمتلك القوات الجاهزية والفعالية لتأدية المهام التي توكل إليها بحسب تخصصها العسكري، وتتوزع هذه الموضوعات على الموضوعات الأساسية، والموضوعات الفنية، وموضوعات التدريب التكتيكي.
- الموضوعات الأساسية: وهي توفّر للمتدرب القاعدة الأساسية من العلوم والمعارف ذات الصلة الوثيقة بالتعليم والتدريب العسكريين، حيث موضوعات الثقافة الإسلامية، وتدريب المشاة، واللياقة البدنية، والأسلحة الشخصية، والتربية العسكرية، والتوجيه الأمني، والاسعافات الأولية، ومهارات الميدان، والوقاية من أسلحة التدمير الشامل.
- موضوعات التدريب الفني: وهي تلك التي تركز على تدريب الفرد أو الوحدة على التخصصات والأعمال التي يكلفون بها، ومن بينها الموضوعات الخاصة بتدريب رماة الصواريخ وأطقم المدرعات والمدفعية، والتدريب على أجهزة الاتصالات وأعمال الصيانة، وقيادة العربات، والتدريب على تقديم الخدمات الطبية.
- موضوعات التدريب التكتيكي: وهي تلك التي تعلّم وتدرّب الفرد والوحدة على فنون التكتيك وعلومه، وتركز على التعليم والتدريب الجماعي.

مرحلة التقويم

إن زيارات القادة والأركان للتفتيش على التدريب ومتابعة مجريات الأحداث، تعطي فعالية لبرنامج التدريب، والوقوف على نقاط القوة ونقاط الضعف، وإعادة النظر في برامج التدريب المقبلة في القيادة. ويجب أن يشمل التقويم الدروس المستفادة التي يتم استخلاصها أثناء زيارة القادة والأركان.
وخلاصة القول: إن الأسس والقواعد - التي يُبنى عليها التدريب - تظل ثابتة وفي متناول الجميع، ومن ثم يجب التركيز عليها والتذكير بها أثناء إعداد الخطط والأوامر المتعلقة بمسيرة التدريب

0 التعليقات :

إرسال تعليق