Featured Video

الحُمّي النزفية ( الصفراء ) والوقاية من أخطارها

  






الحمى الصفراء هي حمى نزفيه فيروسية وقد تم حاليا عزل ثلاثة أنماط جينية genotypes من الفيروس المسبب لها في إفريقيا ، ونمطين من الفيروس المسبب لها في أمريكا الجنوبية ، ويتراوح المرض في شدته بين العدوى دون ظهور أعراض وبين ظهور أعراض وعلامات شديدة وحدوث وفيات  والدول التي  بها مخاطر التعرض للعدوى هي 33 دولة بإفريقيا و 9 دول بأمريكا الجنوبية والعديد من جزر البحر الكاريبي.


والقرود يحدث لها عدوى بالحمى الصفراء ، وهى تعتبر مصدر للعدوى كما ينقل المرض أنواع عديدة من البعوض وتعتبر البعوضة المسماة بالإيدز إيجبتي أو ما يسمى (الباعوضة المزعجة المصرية) Aedes aegypti ناقل مؤثر في مناطق الحضر.كما أن هنالك سلالات أخرى من بعوضة الإيدز والهيماجوجيص Haemagogوتحدث العدوى أثناء ممارسة أنشطة مثل قطع الأشجار، أو الأنشطة الزراعية في المناطق التي يوجد بها بعوض وقرود، كما تحدث في المناطق الريفية المجاورة للغابات والتي يتكاثر فيها البعوض، كما  يتعرض أهل المدن  الغير مطعمين ضد المرض للإصابة بالبعوض الناقل وحدوث العدوى، و بعوضة الإيدز إيجبتي تتكاثر في المياه الراكدة فى الريف وتنقل المرض من شخص إلى آخر، و خلال فصول الجفاف يعيش الفيروس في بويضات البعوض، ومن ثّم يفقس من البيض السلالات الجديدة أثناء فصل المطر اللاحق.

 

و تنتشر العدوى بسرعة إلى الكلى، و الغدد الليمفاوية و الطحال و نخاع العظام ، و يحدث الفشل الكلوي عند حدوث تحول دهني بالأنابيب البولية و تحلل للخلايا eosinophilic degeneration, كما يحدث هبوط لضغط الدم hypotension، و شمول الكبد نتيجة التأثير المباشر للفيروس. و شمول الكبد يكون أحد المراحل الأخيرة التي تحدث حيث يحدث موت مبرمج للخلايا الكبدية بمناطق معينة كنتيجة للتأثير المباشر للفيروس، وفي الحالات القاتلة تتأثر 80% من الخلايا الكبدية، و مع زيادة التلف بالكبد تنشأ اعتلالات بتجلط الدم وذلك بسبب نقص تخليق العوامل المحدثة للتجلط و المعتمدة على فيتامين (ك) ، كما قد يحدث التجلط المنتشر داخل الأوعية الدموية

و كان أول ذكر للحمى الصفراء سنة 1648، كما يعتقد العلماء أن الفيروس نشأ بإفريقيا منذ 3000 سنة، وقد حدثت عدة موجات من الوباء بالولايات المتحدة، منها وباء فيلادلفيا الشهير سنة 1793، وكان سكانها في ذلك الوقت حوالي 50000 شخص وأصيب منهم 11000 بالمرض، و مات 5000 شخص، وقد تم تحضير الطعم المضاد من فيروسات حيّة مُضعّفة سنة 1937، و لا زال يستخدم حتى الآن ، وقد كانت لحملات التطعيم الأثر الإيجابي في التقليل من حالات المرض التي حدثت في غرب إفريقيا و بيرو ، في الفترة من سنة 1994-1995، و حسب تقرير منظمة الصحة العالمية لسنة 1996 فقد تم تغطية 5 دول إفريقية بالتطعيم ضد الحمى الصفراء من مجموع 34 دولة. و الجدير بالذكر أن الخطأ في تشخيص حالات من الحمى الصفراء  والتي يكون من الممكن علاجها ، قد يكون سببا في حدوث الوفاة لهذه الحالات ، و أيضا عدم التوصية بتطعيم المسافرين لمناطق الوباء ، قد يكون سببا للمسئولية القانونية

  تولد المرض

بعد دخول الفيروس الخلية أثناء عض البعوض المصاب و الناقل للعدوى, يتم تخليق العديد من الفيروسات داخل الخلية, ثم تنطلق هذه الفيروسات عبر الجدار الخلوي و يكون للفيروس غلاف من طبقتين دهنيتين والذي يستمده الفيروس من الخلايا التي أصابها, ويكون له تركيب يساعد في زيادة الرعونة أو الضراوة virulence و الزيادة في العدد, و يبدأ تكاثر الفيروس في موضع حقن البعوضة له أثناء اللدغ حيث يدخل الفيروس خلايا البشرة المتشجرة بالجلد epidermal dendritic cells وبعد ذلك ينتشر الفيروس عن طريق هذه الخلايا, كما ينتشر أيضا عن طريق الأوعية الليمفاوية, و بعد غزو الفيروس للجسم تحدث عدوى للخلايا المناعية البالعة بالكبد Kupffer cells (fixed liver macrophages) خلال 24 ساعة

و يوجد الفيروس منتشرا بالكلى, و عضلة القلب, و خلايا الكبد وإذا عاش المريض فإن الشفاء يكون كاملا دون حدوث أي تليف, ومن الممكن حدوث صدمة, و هبوط بضغط الدم وذلك نتيجة لما يطلق عليه عاصفة السيتوكين cytokine storm, و يوجد دليل على زيادة وسائط كيماوية أثناء ذلك مثل tumor necrosis factor - TNF وغيرها من الوسائط الكيماوية.


معدلات حدوث المرض
في الولايات المتحدة: كان أكبر انتشار وبائي بالولايات المتحدة سنة 1905 في مدينة نيوأورليانز, أما التقارير الحالية فهي تتعلق بالمسافرين العائدين من مناطق وجود الوباء

 

على المستوى الدولي: تفيد التقارير إصابة 5000 شخص بإفريقيا كل عام, و 300 شخص بأمريكا الجنوبية, ولكن بسبب وجود عدم تسجيل لكل الحالات فإن العدد الحقيقي هو أكثر من ذلك بكثير, و تفيد تقديرات منظمة الصحة العالمية بأن عدد الإصابات بالحمى الصفراء تصل إلى 200000 شخص سنويا, و تشير أيضا إلى أن أكبر نسبة تكون في أفريقيا بالمنطقة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى
الاعتلالات والوفيات
تم تقدير الوفيات بسبب الحمى الصفراء بنسبة تتراوح بين 5-70% , وفى الأوبئة الحديثة التي كان يصاحبها الإصابة باليرقان كانت معدلات الوفاة 20% تقريبا , كما تصل نسبة الوفيات إلى حوالي 50% بين المرضى الذين يصل بهم المرض لمرحلة التسمم


أعراض الحمى الصفراء

      

 تكون فترة حضانة المرض من 3-6 أيام من حدوث العدوى أثناء لدغ البعوض الناقل للفيروس, و يعقب هذه المدة ظهور أعراض المرض, والتي تتراوح بين الأعراض المرضية البسيطة إلى الأعراض الشديدة من حمى نزفيه, و وصولا إلى الوفاة, و أغلب المرضى تظهر عليهم أعراض بسيطة مثل الحمى و الشعور بالتوعك.

يحدث مرض أشد عند 15% من الحالات, ويظهر عليهم فجأة توعك عام و حمى و قشعريرة و صداع, و ألم أسفل الظهر, و شعور بالغثيان و الدوار ويكون النبض بطيء رغم ارتفاع الحرارة وهو ما يسمى بعلامة فاجت Faget sign, و احتقان ملتحمة العين و احمرار الوجه و تستمر الحمى من 3-4 أيام ويكون عدد كرات الدم البيضاء قليل مع نقص نسبى في الخلايا المتعادلة لكرات الدم البيضاء relativeneutropenia , كما يمكن أن تحدث زيادة في إنزيم الترانس أمينيز Transaminase levels خلال 8-72 ساعة من بداية ظهور الأعراض, ويعقب ذلك فترة سماح period of remission تكون فيها الحرارة طبيعية مع اختفاء الأعراض, وقد تمتد هذه الفترة إلى 24 ساعة, بعدها قد يتحسن المريض, أو يزداد المرض إلى مدى قد يتسبب في الوفاة, ويحدث ذلك عند ما قد يقرب من نصف عدد المرضى.

 فترة عودة الأعراض تسمى فترة التسمم intoxication وتتميز هذه الفترة بوجود حمى, و قيئ, و ألم بالبطن, و فشل كلوي, و نزف, وقد يظهر على المريض تجمعات للدم تحت الجلد, و كدمات و نزيف من الأنف -رعاف epistaxisكما قد يحدث نز للدم من اللثة ومن أماكن سحب عينات الدم الوريدي, وقد يزداد النزف سوءا ليشمل وجود دم بالبراز, و قيئ دموي, وزيادة دم الطمث, كما يحدث زيادة باليرقان, و زيادة بإنزيم الترانس أمينيز وكذلك إنزيم الترانس فيريز, كما يحدث تغيرات بالرسم الكهربي للقلب, و نتيجة لشمول المرض الكبد تحدث اعتلالات بتجلط الدم فيزداد وقت تجلط الدم, و وقت البروثرومبين, ويحدث نقص مولد الليفين fibrinogen, وعوامل تجلط الدم الثاني و الخامس والسابع و الثامن و التاسع و العاشرclotting factors II, V, VII, VIII, IX, X  أما شمول الكلى والكبد فيسبب معدل وفيات من 20-50%, ومن الممكن أن يحدث تأثر الكلى والكبد بعد 7-10 أيام من بداية المرض, والمرحلة المميتة من المرض تشمل حدوث خلط عقلي deliriumوالذهول stuporوغيبوبة كما يحدث للمريض انخفاض لضغط الدم, و انخفاض لمستوى السكر بالدم, و انخفاض لحرارة الجسم وارتفاع مستوى الحموضة في الدم metabolic acidosisكما يحدث للمريض ودمه مخية cerebral edemaوإدماء حول الأوعية الدموية, وهؤلاء الذين يعيشون يمرون بفترة نقاهة يكونوا فيها ضعفاء ومتعبين لمدة أسابيع.

 يكون نمط الحمى ذو ارتفاعين biphasic ويسمى نمط الجمل العربي dromedary patternويعكس الثلاث مراحل المرضية المذكورة أعلاه, ففي المرحلة الحادة ترتفع الحرارة مع انخفاض نسبى في سرعة ضربات القلب، ثم تعود الحرارة للمعدل الطبيعي في فترة السماح, ثم تعود الحرارة للارتفاع في فترة التسمم.

العلامات

         في المرحلة الحادة للمرض تكون العلامات المرضية غير محددة, وقد تكون العلامات الوحيدة هي الحمى, و التقيؤ الصفراوي, و الانخفاض النسبي لسرعة ضربات القلب, و احتقان ملتحمة العين

         في مرحلة التسمم تكون علامات أخرى موجودة تشمل اليرقان, وقد يلاحظ الطبيب وجود تضخم بالطحال و ألم عند الضغط على الجزء الأيمن العلوي من البطن كما قد توجد علامات الاعتلال بتجلط الدم, مثل تجمعات الدم تحت الجلد , و الكدمات و نزيف الأنف, و حدوث نز للدم من اللثة وأماكن سحب عينات من الدم الوريدي أيضا, و عدم انتظام ضربات القلب يكون شائعا, وكذلك هبوط ضغط الدم, و الصدمة shock التي لا تستجيب للعلاج بإعطاء محاليل, و تشمل العلامات المتأخرة الخلط العقلي delirium, و الذهول stupor, و الغيبوبة, ومن الممكن أن يحدث للمريض انخفاض بالحرارة أقل من 35 درجة مئوية 

الأسباب
السفر إلى مناطق الوباء دون تطعيم مسبق, ثم عضة لاحقة ببعوضة مصابة هو سبب الحمى الصفراء

 

الفحوص المعملية

•صورة الدم الكاملة: يحدث نقص كرات الدم البيضاء, و نقص نسبى لكرات الدم البيضاء المتعادلة, وكذلك نقص في عدد الصفائح الدموية كما يحدث في البداية زيادة في تركيز الدم تصاحبه زيادة في نسبة الهيموجلوبين, و يعقب ذلك نقص في تركيز الدم بسبب النزف.

•يحدث نقص في مولد الليفين, و عوامل التجلط الثاني و الخامس و السابع و الثامن و التاسع و العاشر, و وجود أجزاء بروتين ناشئة من ذوبان جلطات يكون دليل على وجود تجلط منتشر بالأوعية الدموية, كما تحدث زيادة في وقت البروثرومبين و وقت التجلط.

•تحدث زيادة باليوريا و الكرياتنين نتيجة الفشل الكلوي, و نقص شديد بمستوى السكر بالدم نتيجة حدوث تلف شديد بالكبد.

•وجود بروتين بالبول بسبب تلف الكلى.

•تحدث زيادة بإنزيم الترانس أمينيز, و إنزيم الترانسفريز كما تحدث زيادة بمادة البليروبين نتيجة حدوث تلف بالكبد.

•يحدث نقص للألبومين بسبب فقدان البروتينات بالبول, و نقص تخليقها بالكبد, و مرور الألبومين عبر الأوعية الدموية إلى الأنسجة.

•يمكن الكشف عن الفيروس من خلال عمل اختبار البي سي آر.

•يمكن عزل الفيروس بعمل مزارع فيروسية

•يمكن الكشف عن الأجسام المضادة للفيروس والتي تكون من النوع ( إم ) والتي تكون موجودة بالدم من 7-10 أيام بعد حدوث العدوى

        

 

 

فحوص الأشعة

         أشعة إكس على الصدر تبين مدى الارتشاح بأنسجة الرئتين, و العدوى الميكروبية, كما تساعد الترتيبات لوضع المريض على جهاز التنفس الصناعي عند الضرورة

        تساعد الأشعة المقطعية على المخ - عند حدوث تغيرات بالمخ في المراحل المتأخرة للمرض - في تحديد ما إذا كان السبب هو حدوث نزيف بالمخ

فحوص أخرى
يمكن عمل تخطيط للنشاط الكهربي للقلب والذي تحدث به تغيرات نتيجة التهاب عضلة القلب, و عدم انتظام ضربات القلب, و نتيجة تغير توازن الأملاح ونقص الأكسوجين

 

 

العلاج

         لا يوجد علاج معين خاص بالحمى الصفراء

         الحالات الشديدة يجب علاجها بوحدة العناية المكثفة, و يشمل العلاج إعطاء محاليل, و وضع المريض على جهاز التنفس الصناعي, و علاج الجلطات المنتشرة داخل الأوعية الدموية, و علاج النزف, و العدوى الميكروبية, و الخلل بالكلى و الكبد

         قد تحتاج بعض الحالات إلى وضع أنبوب قصبة هوائية كما هو في بعض حالات النزف, و ارتشاح الرئتين, و العدوى الميكروبية الثانوية, و الصدمة

        قد تحتاج الحالات التي تدخل في مرحلة التسمم إلى وضع قسطرة وريدية بالأوردة الكبيرة المؤدية إلى القلب

        لعلاج اعتلالات تجلط الدم تعطى بلازما طازجة مجمدة وذلك للاحتفاظ بوقت البروثرومبين عند 25-30 ثانية

        بالنسبة لمرضى تجلط الدم المنتشر بالأوعية الدموية يعطى هيبارين

         لدعم تغذية المريض يمكن وضع أنبوبة معدية عن طريق الأنف أو الفم
قد يحتاج مريض الفشل الكلوي وحموضة الدم - الغير مستجيبة للعلاج - إلى عمل غسيل كلوي

        يجب تجنب إعطاء ملح حامض الأسبرين لتفادى خطر حدوث نزف بسبب تعطيل وظيفة الصفائح الدموية

       يجب عزل المريض داخل ناموسية لمنع انتقال الفيروس من المريض إلى السليم في المناطق التي يوجد بها عض بعوض ناقل للعدوى

 
الطعم المضاد للحمى الصفراء
هو عبارة عن فيروس حي مضعف, و يجب إعطاء الطعم للمسافرين إلى مناطق الوباء و المقيمين بها, و يتم تكوين الأجسام المضادة بدم المطعمين خلال 7-10 أيام من التطعيم, و تستمر الحماية من الحمى الصفراء بعد التطعيم لمدة 10 سنوات
الوقاية

        يجب تطعم الأشخاص المقيمين بمناطق الوباء و المسافرين إليها, و معظم الدول يطلب إثبات يفيد تطعم الأشخاص المسافرين إلى مناطق الوباء قبل السماح لهم بالسفر

        يجب القضاء على أماكن تكاثر و توالد البعوض الناقل للعدوى

         يجب استخدام ملابس واقية و مواد طاردة للبعوض, و الناموسيات في مناطق الوباء

المضاعفات

         الفشل الكلوي.

         الفشل الكبدي.

       الوذمة الرئوية ( تجمع سوائل بنسيج الرئتين).

        التهاب عضلة القلب.

        العدوى الميكروبية الثانوية.

        النزف أو التجلط المنتشر بالأوعية الدموية.

        الصدمة أو الوفاة.

مصير المرضى
حوالي 50% من المرضى الذين تحدث لهم مرحلة التسمم تحدث لهم وفاة

 

 


 

0 التعليقات :

إرسال تعليق