Featured Video

سلالم الإسلام لإستلام الحكم والتلاعب بمشاعر الوعود والأحلام



  الإسلاميون أو بالأحري مدعي الأسلمه لهم مفهومهم الخاص للدولة وللنظام السياسي الحاكم لها، وهو مفهوم أقرب للدولة الدينية منه إلى الدولة المدنية. الإسلاميون بفصيليهم الإخواني والسلفي يعتقدون أن نظام الخلافة التاريخي هو النظام الأمثل للدولة التي يحلمون بها، رغم أن كافة تجارب الخلافة بدءاً من العصر الأموي إلى إعلان إسقاط نظام الخلافة على يدي أتاتورك 1924 أثبتت فشلها في تطبيق مبادئ وقيم الإسلام الكبرى: المساواة، العدالة، الشورى، الحرية، فضلاً عن إخفاقها في تحقيق أي تقدم أو تنمية أو نهضة للمجتمعات الإسلامية مقارنة بتقدم المجتمعات الأخرى، مما دفع بمفكري الإسلام الرواد للتساؤل: لماذا تقدم الآخرون وتخلفنا؟ وكان الجواب بالطبع: بسبب نظام "الخلافة" الذي قمع الحريات وصادر الإبداع وجلد المعارضين ومنع التفكير النقدي على امتداد أكثر من 10 قرون مظلمة.

وتثار اليوم قضايا السلطة السياسية في الإسلام بين الحكم الديني والعلمانية، والدولة الدينية والدولة المدنية، وهل يوجد في التراث الديني أو لدى الإسلاميين حلول لمشكلات المجتمعات المعاصرة: السياسية والاقتصادية والدولية؟! وتشتد سخونة هذه القضايا في ظل وصول الإسلاميين إلى الحكم وعدم قدرتهم على حسم هذه القضايا منذ مقولة الشهرستاني في كتابه "الملل والنحل" قبل ألف عام: إن أول سيف سلّ في الإسلام، قد سُلَّ من أجل الخلافة والحكم! منذ ذلك اليوم وإلى الآن، لم يستطع الإسلاميون حسم قضية السلطة السياسية، إذ لا يزال تصورهم للدولة المدنية، تصوراً غامضاً، كما أن مفهومهم للنظام السياسي الحاكم مفهوم ملتبس، إضافة إلى أن الأحداث الأخيرة في دول التحول العربي أثبتت بجلاء أن الإسلاميين وبالرغم من ادعاءاتهم الطويلة على امتداد نصف قرن وعلى كثرة مؤلفاتهم وطروحاتهم الفكرية الجدلية والتي فاضت بها المكتبة العربية، لا توجد عندهم حلول لقضايا المجتمعات الإسلامية المعاصرة، ولا أدل من أن كبرى فصائلهم -وهي جماعة "الإخوان" التي وصلت إلى الحكم في السودان  وتونس ومصرومن على الطريق ، تقف عاجزة في مواجهة تحديات السلطة والحكم فتلجأ إلى استنساخ حلول وسياسات النظام السابق الذي كانت تعارضه وتنتقده بل وتخونه

في تصورنا أن الإسلام مع الدولة المدنية لا الدولة الدينية لأنه لا بابا ولا كهنوت في الإسلام ولا سلطة دينية على أحد في الإسلام، فالحكم مدني والسلطة مدنية، وسند شرعيتها "رضاء المحكومين" والذي يشمل أساس طاعتهم المستحقة للحاكم. ولو كان الإسلام يريد حكماً دينياً لما ترك الرسول صلى الله عليه وسلم الأمرً شورى بين المسلمين يختارون حاكمهم بإرادتهم الحرة، ولكان بإمكانه عليه الصلاة والسلام أن يختار لهم فسيستخلف خليفة من بعده، لكنه لم يفعل بالرغم من وجود الدواعي لذلك، فلم يوص لأحد ورفض ذلك رفضاً بيّناً، ولا دلالة لذلك إلا مدنية الشأن السياسي طبقاً لـ "أنتم أعلم بأمور دنياكم"

ويجب أن لا ننسى في هذا الميدان الكتيب القيم للشيخ محمد عبده "الإسلام دين العلم والمدنية"، والذي ألفه قبل قرن لتأكيد مدنية الحكم الإسلامي وبخاصة فيما أورده في الأصل الخامس من أصول الإسلام "قلب السلطة الدينية"، ونذكر منه قوله: "هدم الإسلام بناء السلطة الدينية، ولم يدعْ لأحد بعد الله ورسوله سلطاناً على عقيدة أحد، وليس لمسلم مهما علا كعبه في الإسلام على آخر مهما انحطت منزلته فيه، إلا حق النصيحة والإرشاد". وقوله: "لكل مسلم أن يفهم عن الله وعن كتاب الله وعن رسوله من كلام رسوله، بدون توسيط أحد من سلف ولا خلف... فليس في الإسلام ما يسمى عند قوم بالسلطة الدينية بوجه من الوجوه... والخليفة عند المسلمين ليس بالمعصوم ولا هو مهبط الوحي ولا من حقه الاستئثار بتفسير الكتاب والسنة... فالأمة أو نائب الأمة هو الذي ينصبه، والأمة هي صاحبة الحق في السيطرة عليه، وهي التي تخلعه متى رأت ذلك من مصلحتها. فهو حاكم مدني من جميع الوجوه"

لقد وقع خلط كبير عند كثير من الإسلاميين بين قضيتين: قضية سند شرعية السلطة أو طبيعة الحكومة الإسلامية، وقضية النظام القانوني الذي يخضع له المجتمع المسلم بحكامه ومحكوميه وهو نظام الشريعة الإسلامية، وفي هذا نبّه الدكتور أحمد كمال أبو المجد في مقالة له قبل 16 عاماً بمجلة "العربي" الكويتية إلى هذا التداخل والخلط وإلى المعارك الطويلة حولهما وإلى موقف الإسلاميين من العلمانية، وانتهى إلى أن ما يرفضه الإسلام من العلمانية هو أساساً "علمانية المجتمع" أو محاولة فرض عزلة بين الدين وتنظيم أمور المجتمع، لكن الإسلام يتقبل من العلمانية ما يتعلق بالمساواة بين اتباع الأديان المختلفة في الحقوق الشخصية والمدنية والسياسية بناءً على قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وهو ما نريد تأكيده اليوم من ضرورة التوافق الوطني العام على مبدأ "حياد الدولة" الديني والمذهبي، بمعنى أن السلطة السياسية لا تنحاز لطائفة أو لمذهب على حساب المذاهب والطوائف الأخرى، فالسلطة السياسية مطالبة بأن تنأى عن تبني خيارات مذهبية وطائفية وعليها احترام حقوق وحريات الأقليات على قدم المساواة مع الأغلبية، فلا تتدخل الدولة في خيارات الناس الدينية والمذهبية كما لا تتدخل في أنماط حياتهم وأذواقهم وملابسهم وسلوكياتهم، بل تكتفي برعاية الشأن العام وبالأخلاقيات والقيم الإسلامية الهادية لمجتمعاتنا وبخدمة المصالح الوطنية، كما لا يمتاز الفقيه أو المفتي عن غيره من أهل الاختصاص والخبرة بأي تميز مختلف أو مكانة أعلى في الدولة، فلا يُعد مرجعاً عاماً أعلى في شؤون المجتمع كما هو حاصل في جمهورية إيران الإسلامية حيث "الولي الفقيه" هو المرجع النهائي في الشأن العام. ومن هنا نعتقد أن الإسلاميين لن يضيفوا شيئاً جديداً لا إلى مدنية دولنا ولا إلى إسلامية مجتمعاتنا  والتى هى أصلآ مطبقة للإسلام أكثر منهم ولم يكونوا قبل أن يأتوا المتأسلمين  بكافرين ، كما أنهم لن يقدموا حلاً جديداً إلى قضايا ومشكلات مجتمعاتنا

 ووعود الإسلاميين وحلولهم ما هي إلا شعارات  هدفها  الوصول إلى السلطة وتحقيق رغبات النفس الدنيئة بالتملك والإستعباد( والواقع يصدق ذلك أو يُكذّبه كمثال ثلاث وعشرون عامآ من الحكم الأسلامي فى السودان )

يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ

قَوْله تَعَالَى " يُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِينَ آمَنُوا " أَيْ بِإِظْهَارِهِمْ مَا أَظْهَرُوهُ مِنْ الْإِيمَان مَعَ إِسْرَارهمْ الْكُفْر يَعْتَقِدُونَ بِجَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ يَخْدَعُونَ اللَّه بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَاكَ نَافِعهمْ عِنْده وَأَنَّهُ يَرُوج عَلَيْهِ كَمَا قَدْ يَرُوج عَلَى بَعْض الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى" يَوْم يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء أَلَا إِنَّهُمْ هُمْ الْكَاذِبُونَ وَلِهَذَا قَابَلَهُمْ عَلَى اِعْتِقَادهمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ " يَقُول وَمَا يَغُرُّونَ بِصَنِيعِهِمْ هَذَا وَلَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْفُسهمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ " وَمِنْ الْقُرَّاء مَنْ قَرَأَ" وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ " وَكِلَا الْقِرَاءَتَيْنِ تَرْجِع إِلَى مَعْنًى وَاحِد .

قَالَ اِبْن جَرِير فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْف يَكُون الْمُنَافِق لِلَّهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ مُخَادِعًا وَهُوَ لَا يَظْهَر بِلِسَانِهِ خِلَاف مَا هُوَ لَهُ مُعْتَقِد إِلَّا تَقِيَّة ؟ قِيلَ : لَا تَمْتَنِع الْعَرَب أَنْ تُسَمِّي مَنْ أَعْطَى بِلِسَانِهِ غَيْر الَّذِي فِي ضَمِيره تَقِيَّة لِيَنْجُوَ بِمَا هُوَ لَهُ خَائِف مُخَادِعًا فَكَذَلِكَ الْمُنَافِق سُمِّيَ مُخَادِعًا لِلَّهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِإِظْهَارِهِ مَا أَظْهَرَ بِلِسَانِهِ تَقِيَّة بِمَا يَخْلُص بِهِ مِنْ الْقَتْل وَالسَّبْي وَالْعَذَاب الْعَاجِل وَهُوَ لِغَيْرِ مَا أَظْهَرهُ مُسْتَبْطِن وَذَلِكَ مِنْ فِعْله وَإِنْ كَانَ خِدَاعًا لِلْمُؤْمِنِينَ فِي عَاجِل الدُّنْيَا فَهُوَ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ مِنْ فِعْله خَادِع لِأَنَّهُ يَظْهَر لَهَا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ بِهَا أَنَّهُ يُعْطِيهَا أُمْنِيَتهَا وَيَسْقِيهَا كَأْس سُرُورهَا وَهُوَ مُورِدهَا حِيَاض عَطَبهَا وَمُجَرِّعهَا بِهِ كَأْس عَذَابهَا وَمُزْبِرهَا مِنْ غَضَب اللَّه وَأَلِيم عِقَابه مَا لَا قِبَل لَهَا بِهِ فَذَلِكَ خَدِيعَته نَفْسه ظَنًّا مِنْهُ مَعَ إِسَاءَته إِلَيْهَا فِي أَمْر مَعَادهَا أَنَّهُ إِلَيْهَا مُحْسِن كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ " إِعْلَامًا مِنْهُ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ بِإِسَاءَتِهِمْ إِلَى أَنْفُسهمْ فِي إِسْخَاطهمْ عَلَيْهَا رَبّهمْ بِكُفْرِهِمْ وَشِرْكهمْ وَتَكْذِيبهمْ غَيْر شَاعِرِينَ وَلَا دَارِينَ وَلَكِنَّهُمْ عَلَى عَمًى مِنْ أَمْرهمْ مُقِيمِينَ.

وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم أَنْبَأَنَا عَلِيّ بْن الْمُبَارَك فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ حَدَّثَنَا زَيْد بْن الْمُبَارَك حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن نُور عَنْ اِبْن جُرَيْج فِي قَوْله تَعَالَى يُخَادِعُونَ اللَّه قَالَ يُظْهِرُونَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه يُرِيدُونَ أَنْ يُحْرِزُوا بِذَلِكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَفِي أَنْفُسهمْ غَيْر ذَلِكَ .

وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة " وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِر وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ " نَعْتُ الْمُنَافِق عِنْد كَثِير : خَنِع الْأَخْلَاق يُصَدِّق بِلِسَانِهِ وَيُنْكِر بِقَلْبِهِ وَيُخَالِف بِعَمَلِهِ يُصْبِح عَلَى حَال وَيُمْسِي عَلَى غَيْره وَيُمْسِي عَلَى حَال وَيُصْبِح عَلَى غَيْره وَيَتَكَفَّأ تَكَفُّأ السَّفِينَة كُلَّمَا هَبَّتْ رِيح هَبَّتْ مَعَهَا .

 

 


0 التعليقات :

إرسال تعليق