باريس لموسكو: إلى متى تبقى الأسرة الدولية عمياء وخرساء إزاء قمع النظام في دمشق؟ * ناشطون سوريون يدعون إلى «ثلاثاء الغضب من روسيا» * 20 قتيلا خلال عمليات عسكرية أغلبهم سقطوا في حماه
|
بينما تراوح المناقشات الجارية في مجلس الأمن بخصوص الوضع القائم في سوريا مكانها منذ أسابيع، بسبب رفض موسكو ومعها بكين وأعضاء آخرون غير دائمين في مجلس الأمن الدولي، عينت الأمم المتحدة أمس لجنة من 3 خبراء دوليين للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في سوريا منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مارس (آذار). وجاء ذلك فيما ردت باريس بشدة على تصريحات الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف التي أطلقها في مؤتمر صحافي عقب اجتماعه برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في موسكو أمس.
وسيرأس البرازيلي سيرجيو بينهيرو لجنة التحقيق التي وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على تشكيلها الشهر الماضي للتحقيق في حالات الإعدام التعسفي والاستخدام المفرط للقوة والقتل وإعداد تقرير بحلول نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). وقال بيان إن لورا دوبوي لاسير سفيرة أوروجواي التي ترأس حاليا المجلس المؤلف من 47 دولة ومقره جنيف «شددت على أهمية تعاون السلطات السورية الكامل مع اللجنة»، حسبما أوردته وكالة رويترز.
من جانبها، وصفت الخارجية الفرنسية أمس، في مؤتمرها الصحافي الإلكتروني، ما سمته «منع مجلس الأمن الدولي من اتخاذ موقف» بأنه بمثابة «فضيحة»، في إشارة واضحة إلى روسيا التي قال رئيسها إنه «ليست هناك أبدا ضرورة لممارسة ضغوط إضافية على دمشق». وترفض روسيا، وفق ما ذكر ميدفيديف، فرض عقوبات اقتصادية على دمشق بحجة أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية فرضا عقوبات متلاحقة من هذا النوع، بينما يسعى الأوروبيون إلى التوافق على سلة عقوبات إضافية تشمل حظر الاستثمار في قطاع النفط والغاز السوري.
ومنذ أسابيع، تسعى باريس لزحزحة روسيا عن موقفها المعارض لأي إدانة أو عقوبات في مجلس الأمن ضد سوريا، أحيانا بحجة الامتناع عن «تأجيج» الوضع الداخلي و«إجهاض» الحوار، وأحيانا بحجة الرغبة في تفادي سيناريو على الطريقة الليبية. غير أن باريس فشلت حتى الآن في الحصول على نتيجة إيجابية وعاد وزير الخارجية آلان جوبيه من زيارته إلى موسكو الأسبوع الماضي خاوي الوفاض، بسبب «الهوة» الكبيرة الفاصلة بين مواقف موسكو ومواقف العواصم الغربية.
وإزاء الحاجز المنيع الذي أقامته موسكو في وجه تحرك مجلس الأمن ضد سوريا، تلجأ باريس ومعها الغربيون إلى الالتفاف عليه عبر تنسيق الإجراءات الأوروبية والأميركية التي تستهدف غرضين اثنين: فرض العزلة السياسية والدبلوماسية على النظام السوري وزيادة الضغوط عليه من جانب، وتجفيف موارده المالية من جانب آخر وأهمها ما يأتيه من مبيعات النفط، وذلك لحمله على وقف القمع.
وفي سياق تصعيد حملتها على النظام السوري، نددت باريس بقوة أمس بمقتل المناضل من أجل حقوق الإنسان غياث مطر الذي أوقفته الأجهزة الأمنية السورية في السادس من الشهر الحالي. ونسبت باريس موته إلى التعذيب الذي تعرض له. وكان مطر ناشطا في إطار لجان التنسيق في داريا القريبة من دمشق.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية أن السوريين المطالبين بالحرية والكرامة «يتعرضون يوما بعد يوم لعمليات قمع دموية تعكس رفض النظام الالتزام بالانتقال الديمقراطي». وأكدت الخارجية أن باريس «تقف أكثر من أي وقت مضى إلى جانب الشعب السوري». وجددت باريس، التي اعتبرت منذ أسابيع أن النظام السوري فقد شرعيته وأن عليه الرحيل، دعوتها السلطات السورية لوضع حد لأعمال العنف ولإطلاق سراح السجناء السياسيين، مطالبة بالإفراج «الفوري» عن الصحافي يحيى الشربجي صديق مطر، وعن عامر مطر، والسينمائي نجاتي طياره، والمخرج شادي أبو فاكر.
وخلص بيان الخارجية الفرنسية إلى اعتبار أن «الفظاعات» التي يرتكبها النظام السوري كل يوم ضد شعبه «لا يمكن قبولها». وتساءلت باريس: «إلى متى ستبقى الأسرة الدولية عمياء خرساء إزاء هذه السلسلة غير المنقطعة من الجرائم؟ إنه السؤال الذي نطرحه اليوم». وذكرت باريس بأن المفوضة العليا لشؤون حقوق الإنسان أفادت صباح أمس، بمناسبة انعقاد الجلسة الـ18 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، بأن عدد ضحايا القمع المتواصل منذ ما يزيد على 5 أشهر وصل إلى 2600 قتيل. إلى ذلك، أعلنت وزارة الاقتصاد السويسرية أمس أن سويسرا جمدت أرصدة مرتبطة بالنظام السوري تصل قيمتها إلى 45 مليون فرنك (37.3 مليون يورو).
وقالت متحدثة باسم الوزارة لوكالة الصحافة الفرنسية «هذا مجموع الأرصدة السورية التي تعود إلى أفراد أو شركات»، وفي أغسطس (آب) جمدت بيرن أرصدة بقيمة 27 مليون فرنك (21.9 مليون يورو).
وتبنت سويسرا في مايو (أيار) عقوبات مالية بحق 23 مسؤولا سوريا، بينهم رئيس الاستخبارات علي مملوك ووزير الداخلية محمد إبراهيم الشعر، لـ«ضلوعهم في قمع المتظاهرين» داخل الأراضي السورية.
وفي أغسطس، قررت سويسرا استدعاء سفيرها في دمشق إلى بيرن للتشاور، وأضافت 12 اسما على قائمة الأشخاص الذين جمدت أرصدتهم ومنعوا من الحصول على تأشيرات. وأدرج اسما ذو الهمة شاليش ابن عم الرئيس بشار الأسد ورئيس الحرس الخاص به، وعلي حبيب محمود وزير الدفاع، على هذه القائمة التي شملت أيضا 4 شركات تمول نظام الأسد.
الى ذلك دعا ناشطون في سوريا إلى «ثلاثاء الغضب من روسيا»، احتجاجا على الدعم المستمر لموسكو لنظام الرئيس بشار الأسد الذي يحاول منذ ستة أشهر قمع الحركة الاحتجاجية الشعبية المناهضة له، فيما قتل 20 شخصا أمس في عمليات امنية وعسكرية تنفذها القوات السورية في انحاء مختلفة من سوريا، بينهم 17 في منطقة حماة، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وكتب الناشطون السوريون على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي «لا تدعموا القتلة. لا تقتلوا السوريين بمواقفكم» وأطلقوا على الثلاثاء (اليوم) 13 سبتمبر (أيلول) «ثلاثاء الغضب من روسيا».
ودعوا إلى التظاهر اليوم في كل المدن السورية. وكتبوا أيضا «فلنعبر عن غضبنا على روسيا وعلى الحكومة الروسية. النظام سيزول والشعب سيبقى».
وجاء ذلك بينما قتل 20 شخصا أمس في عمليات امنية وعسكرية تنفذها القوات السورية في انحاء مختلفة من سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان «ارتفع الى 17 عدد القتلى خلال العمليات التي تنفذها قوات عسكرية وامنية سورية في ريف حماة (وسط) منذ صباح اليوم (أمس) بحثا عن مطلوبين، واعتقل اكثر من ستين شخصا حتى الان»، حسبما اوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
واضاف المصدر نفسه ان القتلى «هم ثلاثة في قرية مورك وأربعة في قرية كفرنبوذة وعشرة اخرون في قرى كرناز وزيزون وكفر زيتي وقلعة المضيق وقرى اخرى في سهل الغاب».
واشار الى انه تخلل العمليات في هذه القرى «احراق منازل بعض النشطاء المتوارين عن الانظار اضافة الى اعتقال اكثر من ستين شخصا حتى الان»، وكانت حصيلة سابقة تحدثت عن مقتل ثلاثة اشخاص في ريف حماة.
وفي وقت سابق أمس، قتل فتى في الثانية عشرة من عمره في دوما بريف دمشق برصاص قوات الامن خلال تشييع قتيل توفي الاحد متاثرا بجروحه، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
كذلك، قتل رجل وابنه في منطقة حمص (وسط) خلال عمليات امنية في مدينة الرستن، وفق المصدر نفسه.
0 التعليقات :
إرسال تعليق