Featured Video

طرد المتظاهرين بالقوة من محيط مؤسسات حيوية بالقاهرة يخلف قتلى وجرحى


تسبب طرد السلطات المصرية بالقوة للمتظاهرين أمس من محيط مؤسسات حيوية بالقاهرة في سقوط قتلى وجرحى وغضب في أوساط سياسية وثقافية، لكن المجلس العسكري الذي يدير البلاد منذ سقوط حكم الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) الماضي، اتهم عناصر سماها «البلطجية» بإطلاق الرصاص على جنوده وإحراق مبانٍ تاريخية، كما وجهت الحكومة أمس اتهاما للمحتجين بمهاجمة مبنيي مجلس الوزراء (الحكومة) ومجلس الشعب (البرلمان) اللذين تحرسهما قوات الأمن.
واشتعلت الأحداث في مصر مرة أخرى بعد اقتحام عناصر من القوات المسلحة المصرية لميدان التحرير ظهر أمس، بعد أقل من 24 ساعة على الاشتباكات العنيفة التي دارت في شارع قصر العيني أمام مقر مجلس الوزراء المصري، وقالت مصادر وزارة الصحة المصرية إن عدد قتلى المواجهات منذ يوم الجمعة الماضي أسفرت عن سقوط تسعة قتلى وإصابة أكثر من 300 آخرين.
وكانت الاشتباكات الدائرة بين المتظاهرين وقوات الجيش المصري في شارع قصر العيني قد تطورت حين قامت القوات المسلحة المصرية بالاندفاع ناحية ميدان التحرير وهي تطارد مجموعة من المتظاهرين، لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قال في بيان له إن أحداث أمس وقعت بعد إطلاق الرصاص على القوات المسلحة من جانب بعض البلطجية، وإحداث الكثير من الإصابات في جانب قوات الجيش وإلقاء زجاجات المولوتوف على أفراده، مما أدى إلى اشتعال النيران في مبنى المجمع العلمي الذي يضم مقتنيات أثرية وتاريخية، ويقع في شارع قصر العيني قرب مقر البرلمان.
وتأتي هذه الاشتباكات في أعقاب اضطرابات راح ضحيتها 42 شخصا الشهر الماضي قبيل بدء المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي تجري على ثلاث مراحل والتي تتقدم فيها أحزاب إسلامية. وأكد مصدر مسؤول أن القوات المسلحة المصرية لم ولن تستهدف ثوار مصر، وأن العناصر التي استمرت في الاحتكاك بالقوات المسلحة صباح أمس لم تقابل إلا بضبط النفس، حتى تم التصعيد الأخير الذي استوجب إيقاف هؤلاء الخارجين عن القانون، وفقا لبيان القوات المسلحة.
وتمكنت قوات الجيش من إخلاء الميدان بالكامل والسيطرة على وسط الميدان حيث أجبرت المتظاهرين على الانسحاب تجاه كوبري قصر النيل والشوارع الجانبية لميدان التحرير.
وتصاعدت ألسنة اللهب من خيام المعتصمين في ميدان التحرير بعد أن قام جنود الجيش بإحراقها، كما قامت القوات المهاجمة بتدمير المستشفى الميداني في كنيسة السيدة مريم وقصر الدوبارة في شارع قصر العيني.
لكن قوات الجيش سرعان ما انسحبت لمحيط مبنى البرلمان لما يقارب الساعة، ما سمح لسيارات المطافئ بالنزول إلى ميدان التحرير لإطفاء الحرائق في مبنى المجمع العلمي. وحاول المتظاهرون العودة مرة أخرى لميدان التحرير، لكن القوات لمسلحة قامت باقتحام الميدان للمرة الثانية وإخلائه تماما من المتظاهرين.
وقامت القوات المسلحة بإنشاء جدار عازل في شارع قصر العيني للفصل بين المتظاهرين والمؤسسات الحيوية في المنطقة، لكن المتظاهرين قاموا باختراقه ما دفع القوات المسلحة لإطلاق الأعيرة النارية لتفريقهم.
وأضاف مصدر عسكري أن كافة ملابسات الأحداث تتولاها النيابة العامة بالتحقيق، وأن القضاء المصري العادل سيقول كلمته. ومن جانبه طلب المستشار عادل عبد الحميد، وزير العدل المصري، من المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة، ندب عدد من القضاة لإجراء التحقيقات القضائية في تلك الوقائع والكشف عما يكون قد ارتبط بها من وقائع أخرى.
وانتقل فريق من النيابة العامة بتكليف من المستشار عبد المجيد محمود النائب العام المصري إلى موقع الأحداث لإجراء معاينة لموقع الأحداث والاستماع إلى أقوال المصابين الذين يرقدون في عدة مستشفيات مجاورة لموقع الأحداث، كما استمعت النيابة العامة إلى أقوال عدد من المصابين حول سبب تعرضهم لتلك الإصابات وطبيعتها وسؤالهم حول من أحدثها بهم.
واتهم عدد من المصابين قوات الجيش بالتعدي عليهم بالضرب والسحل واستخدام الهراوات والعصي في الاعتداء عليهم ورشقهم بالحجارة وحطام الرخام. وأمرت النيابة بتشريح جثث 8 قتلى لقوا حتفهم جراء الأحداث وتم نقلهم إلى مشرحة زينهم، وطالبت النيابة بموافاتها بتقارير التشريح لبيان سبب الوفاة وتوقيت حدوثها.
من جانبه، أعلن الدكتور عادل عدوي، مساعد وزير الصحة للطب العلاجي، ارتفاع وفيات أحداث مجلس الوزراء، إلى 10، كما أوضح أن مواجهات السبت سجلت 44 إصابة جديدة، منهم 38 مصابا تم نقلهم إلى المستشفيات، بينما تم إسعاف 6 مصابين في مكان الحدث.
وكان 8 أعضاء من المجلس الاستشاري، وهو مجلس تم استحداثه مؤخرا لمعاونة المجلس العسكري، قد أعلنوا استقالاتهم أول من أمس الجمعة على خلفية استخدام الجيش للعنف ضد المتظاهرين.
وتعليقا على الأحداث الأخيرة، قال منصور حسن، رئيس المجلس الاستشاري، لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الاستشاري اكتفى ببيان المجلس العسكري الذي أكد وقف استخدام القوة، لكنه أوضح أنه لم تجر أي اتصالات بين المجلس الاستشاري والمجلس العسكري خلال تلك الفترة. وقال حسن إن «أربعة من الأعضاء الثمانية أصروا على استقالاتهم من المجلس، وإن أربعة آخرين تراجعوا عنها». ورفض حسن تقييم الوضع الحالي للأحداث في مصر.
وأوضح أحمد خيري، العضو المستقيل من المجلس الاستشاري لـ«الشرق الأوسط» أن «المجلس العسكري لم يغير طريقة تعامله مع الأحداث، ولا قيمة لوجود مجلس استشاري»، في إشارة إلى أحداث عنف وقعت خلال الأشهر الأخيرة في عدة مواقع بالقاهرة.
إلى ذلك، قدم الدكتور مصطفى النجار، عضو مجلس الشعب عن حزب العدل (وهو حزب وسطي التوجه)، محضرا عقب قوله إن الشرطة العسكرية حاولت اقتحام مقر حزب العدل واختطاف أحد أعضاء الحزب و7 آخرين من زملائه بعد سحلهم أمام مقر الحزب. كما طالب النجار المجلس العسكري بفتح تحقيق فوري في الواقعة التي اعتبرها إهانة لكل المصريين والأحزاب السياسية المصرية.
إلى ذلك، وقع أكثر من 170 مثقفا وسياسيا بيانا أمس يرفضون فيه حكومة كمال الجنزوري قائلين إنها لا تمثل القوى الثورية بل «تحاصرها»، وقال الموقعون على البيان إنهم يدعون إلى حملة مليونية للتوقيع على رفض حكومة الجنزوري «بوصفه أحد قادة الخصخصة وبيع القطاع العام في مصر وهي حكومة لا تحتاج من الشعب إلى مزيد من الاختبار أو الانتظار في ظل وجود 14 وزيرا اختبروا من قبل» في حكومة عصام شرف التي استقالت الشهر الماضي.
وحذر البيان مما سماه محاولات سرقة صوت ثورة «25 يناير» أو تزييف إرادتها من أحزاب وقوى كانت جزءا من النظام السابق.

--------------------------------------------
الشرق الأوسط

0 التعليقات :

إرسال تعليق