رغم العوائق الكثيرة وعلامات الاستفهام التي تحيط بمهمة المراقبين العرب في سوريا، فإن باريس ما زالت، رسميا، على دعمها لخطة الجامعة العربية ولبعثتها في دمشق التي ترى أن مهمتها الأولى يجب أن تكون وقف القتل والقمع وتنفيذ كامل بنود الخطة العربية الأربعة. غير أن ذلك لا يمنع فرنسا من أن تدعو مجددا إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد الذي ترى أن نظامه آيل إلى الزوال وإلى مزيد من العقوبات عليه.
وجاءت دعوة الأسد إلى الرحيل على لسان الرئيس نيكولا ساركوزي الذي استفاد من مناسبة تقديم التهنئة بالعام الجديد إلى القوات الفرنسية المسلحة في قاعدة بحرية شمال غربي البلاد ليحث الرئيس السوري على مغادرة السلطة وإفساح المجال أمام الشعب من أجل أن يقرر مصيره بحرية. واتهم ساركوزي النظام السوري بارتكاب المجازر التي وصفها بأنها تثير عن حق الاشمئزاز والنفور، داعيا الأسرة الدولية إلى تحمل مسؤولياتها والتنديد بـالقمع الوحشي وفرض
أشد العقوبات على دمشق وإقامة منفذ إنساني.
وفي موضوع المراقبين العرب، طالب الرئيس الفرنسي بالتحقق من امتلاكهم جميع الوسائل والحرية الكاملة للقيام بعملهم على أكمل وجه.
وما يقوله ساركوزي يتطابق تماما مع ما يشدد عليه وزير خارجيته آلان جوبيه وتدعو إليه باريس منذ وصول بعثة الجامعة إلى سوريا. وبعد أسبوع من مباشرة المراقبين مهمتهم، فإن الأسئلة كثيرة حول الظروف الفعلية التي يعملون فيها. ولذا، فإن جوبيه طالب أمس في حديث للقناة الإخبارية إي تيليه بـتوضيح الشروط التي تجري فيها اليوم مهمة المراقبين مع الإشارة إلى الشكوك التي تثيرها لدى المسؤولين الفرنسيين لجهة قدرتهم على التحرك الحر والتواصل مع من يريدون. وفيما دعا الوزير الفرنسي إلى إظهار حقيقة ما يجري في سوريا، حذر من أن يتوصل النظام في سوريا إلى خداع المراقبين الموجودين ميدانيا بمعنى أن يدفعهم إلى كتابة تقارير لا تتوافق مع طبيعة القمع وأعداد القتلى التي تستمر في التساقط رغم وجودهم.
وتريد باريس أن تحافظ على ثقتها بمبادرة الجامعة العربية وألا تسارع إلى القول إن مهمة المراقبين قد فشلت وهذا ما أشار إليه جوبيه بقوله إنه رغم تشكيكه فلا يسعه التأكيد أن مهمة المراقبين قد فقدت.
وقالت الخارجية الفرنسية أمس إنها تنتظر التقرير الذي سيصدر عن مهمة المراقبين، معتبرة أن صدوره أمر بالغ الأهمية، إذ إن الشعب السوري بحاجة لأن تطلع الأسرة الدولية على الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد. وطالبت الخارجية بأن تعطى بعثة المراقبين الوقت الكافي لتحقيق مهمتها وهو ما يطالب به أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي.
ويبدو أن الموقف الفرنسي، كما تقول مصادر واسعة الاطلاع في باريس، محكوم بجملة اعتبارات أولها أن المبادرة العربية هي الشيء الوحيد المتوافر في الوقت الحاضر والذي من شأنه تحريك الأمور. والاعتبار الثاني يتمثل في شلل مجلس الأمن ما تعكسه المناقشات الدائرة في حلقة مفرغة بشأن مشروع القرار الروسي.. أما العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحد ودول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى مثل سويسرا وكندا وأستراليا وغيرها فلن تؤتي أكلها إلا بعد أشهر. وبالمقابل، فإن القتل مستمر في شوارع المدن وقبضة قوى الأمن لم تتراخَ حتى الآن.
-------
وكالات
0 التعليقات :
إرسال تعليق