الخرطوم: الإفراج عن عشرات المعتقلين.. والبشير يرهن مشاركة المعارضة بقبولها برنامج حزبه
جوبا: فايز الشيخ
بدأت السلطات الأمنية السودانية في إطلاق سراح عشرات من المعتقلين على خلفية احتجاجات شبابية تطالب بإسقاط الرئيس عمر البشير في وقت ربط فيه الرئيس السوداني مشاركة القوى السياسية في الحكم بالموافقة على برنامج المؤتمر الوطني الحاكم، وشدد على رفض الحكومة القومية الانتقالية خلال لقائه مع قيادات الجيش بالخرطوم.
وواصل الرئيس السوداني عمر البشير تحركاته وسط قواته النظامية حيث سبق أن التقى بقيادات من الشرطة والأمن والمخابرات الذين بايعوه في إشارة إلى دعمه من قبل هذه القوات مع تزايد حدة التوتر وتصاعد الحديث عن ثورة على شاكلة عواصف تونس ومصر، والتقى البشير مساء الأربعاء بقيادات من الجيش، مشيرا خلال اللقاء إلى «مقترحات من الأحزاب السياسية تطالب بتشكيل حكومة قومية»، لكنه أبدى استعدادا لمشاركة القوى السياسية في حكومة قاعدة عريضة مع اشتراط الموافقة على برنامج المؤتمر الوطني الذي أعلنه خلال الانتخابات الماضية.
وغازل البشير الجيش السوداني الذي ينتمي إلى مؤسسته بإشارته إلى «الأدوار المتعاظمة» للقوات المسلحة وهي تضطلع بمسؤولياتها الوطنية في تأمين الوطن ومواطنيه، مؤكدا الرعاية والاهتمام وتطوير قدراتها لتحقق المزيد من الأمن والسلام في ربوع الوطن كافة، وتأتي تصريحات البشير في وقت كشفت فيه مصادر «الشرق الأوسط» عن أن المستشار الأمني للرئيس صلاح عبد الله قوش أجرى اتصالات مع عدد من القوى السياسية طالبها بالمشاركة في كتابة الدستور، إلا أن عددا من قادة الأحزاب تحفظوا على المشاركة في وقت بدأت فيه السلطات الأمنية عملية إطلاق سراح العشرات من الشباب المعارضين المنتمين لحزب الأمة القومي وبينهما نجلا نائب رئيس الحزب مبارك الفاضل المهدي والحزب الشيوعي السوداني والاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية وحزب البعث.
وكانت السلطات قد أوقفت أكثر من 150 شابا خلال مظاهرة اندلعت في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أطلقت السلطات أحد مساعدي الأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن الترابي الذي لا يزال معتقلا منذ أكثر من شهر.
إلى ذلك دعا رئيس الوزراء السابق رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي الحكومة إلى «التحرك الاستباقي العاجل لمواجهة استحقاقات هذه الجبهات دون مماطلة أو مناورة»، محذرا من أن القدوة السودانية ستكون طريقا آخر سيجعل السيناريو السوداني هذه المرة أشبه بالسيناريو الصومالي منه بالسيناريو المصري، وقال في منبر حزبه الشهري «السياسة والصحافة» إن ظروف السودان تتشابه مع بعض الظروف التي حركت الشارع السياسي في مصر، وإن كان شعار التأصيل في مصر يستبدل بشعار الغضبة من تشويه الإسلام في السودان.
إلى ذلك، اتهمت الحكومة السودانية حكومة الجنوب بدعم متمردي دارفور في وقت أعلن فيه المتمردون عن مقتل 80 من الجنود الحكوميين، وأشار بيان من متمردي دارفور إلى أن قوة مشتركة من فصائل حركة/جيش تحرير السودان، تصدت لقوة بالقرب من شنقل طوباي بدارفور وهزمتها هزيمة شنيعة، وحاء البيان الحكومي ردا على اتهامات من جوبا للخرطوم بدعم ميليشيات مسلحة تقوم بعمليات عسكرية بالجنوب الذي استقل حديثا عن الشمال، وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الصوارمي، خالد سعد، في البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إن الاتهام يأتي تبريرا لدعم الحركة الشعبية اللامحدود لمتمردي دارفور الذين يواصلون حتى هذه اللحظة تمردهم انطلاقا من الرئاسات التي اتخذوها بعدة مواقع جنوب حدود 1956». وأكد «التزام القوات المسلحة بعدم دعم أي تمرد لدول الجوار سواء كان الجنوب أو غيره»، مشيرا إلى «أن المنطقة التي يدير منها أطور أعماله تبعد جغرافيا بصورة كبيرة عن الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب». وفي سياق ذي صلة، أكدت الأمم المتحدة وجود مواجهات مسلحة بالإقليم المضطرب وكشفت عن تعزيز قواتها في سياق خطة جديدة لحماية المدنيين، وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) إبراهيم قمباري «إن الوضع الأمني متدهور منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي» بسبب المعارك بين الحكومة والحركات المسلحة في شنقل طوباية بولاية شمال دارفور، لكنه عاد وقال إن والوضع بدأ في التحسن. وكشف عن أن البعثة وضعت استراتيجية جديدة لحماية المدنيين عبر ما سماه التدخل السريع لحماية المدنيين بزيادة عدد دورياتها، وشدد على أن البعثة ترتكز على إشراك المجتمع المحلي بالتبليغ الفوري قبل حدوث هجمات وتنطلق من خلال التفويض الممنوح لها. واشتكى قمباري من القيود التي تفرضها الحكومة على تحركات البعثة، وقال إن قواته لن تنتظر تصاريح من الحكومة لتقييد حركتها، وطالب الحكومة برفع القيود التي قال إنها تعيق عمل البعثة ولا تمكنها من أداء واجبها، ودعا الحكومة إلى رفع قيودها بدعم متمردي البعثة. كما دعا الحكومة والحركات لعدم التعرض لقوات البعثة وتقويض الاستراتيجية، وقال إن البعثة ستستخدم القوة حال وجود أي قيود، وإن لديهم القدرة على حماية منسوبيهم. واعتبر قمباري عدم منح التأشيرات للبعثة يعيق نشرها. وأن وجود 1.8 مليون نازح بالمعسكرات أمر غير مقبول، ودعا الحكومة والحركات للإسراع في العملية السلمية لتمكين النازحين من العودة الطوعية إلى قراهم.
0 التعليقات :
إرسال تعليق