مكافحة الفساد ... المفوضية وحدها لاتكفي ..!!ا
|
|
كافحة الفساد ...
|
إليكم ..................... الطاهر ساتي
مكافحة الفساد ... المفوضية وحدها لاتكفي ..!!
** قبل ثلاث سنوات، كتبت مناشدا رئيس الجمهورية وبرلمان البلد بمايلي نصا : ( ليس مدهشا - في الدول ذات النهج السياسي الرشيد - أن يطرق شرطي برتبة وكيل عريف باب مكتب رئيس الوزراء بغرض التحرى والتحقيقة حول قضية فساد.. وكذلك ليس مدهشا - في الدول ذات النهج السياسي الراشد - أن يستدعي ضابط برتبة ملازم وزيرا كان أو وكيلا إلي مكتبه فى أية لحظة بغرض التحقيق والتحري حول ملف فساد..هكذا آليات المساءلة والمحاسبة فى تلك الدول التي يحكمها ( الأقوياء الأمناء ) بغض النظر عن عقائهم وأعراقهم وأفكارهم..وتلك آليات مركزية وتابعة لأعلى سلطة سيادية فى بلادها، ولذلك يقدل الشرطي ملكا في دك دهاليز الفساد ومبعثرا أوكاره بلاتوجس أو قيود، بحيث يضرب كل فاسد و مفسد بيد من القانون الذي يستمد سلطته من أعلى سلطة سيادية في بلده.. ولكن هنا - في السودان العجيب - مجرد مساءلة مدير شركة حكومية عن تلكؤه فى تقديم حسابات شركته للمراجعة تستدعي تدخل البرلمان وعقد اجتماعات ومؤتمرات وإنبثاق لجان وإطلاق الوعيد في الصحف.. كل ( قومة النفس ) هذه فقط لمساءلة مدير شركة حكومية عن عدم تقديم حسابات شركته للمراجع العام ، ولاندري ماذا كان سيحدث لو كان المطلوب مساءلته رئيسا أونائبا أومستشارا أو وزيرا أو حتى وكيلا بوزارة غير نفع..؟..ربما استدعى الأمر إعلان حالة الطوارئ وتجميد نيفاشا وإغلاق الكباري ورفع درجة الاستعداد فى الجيش وإستنفار الدفاع الشعبي..وعليه يا سادة ياكرام : يجب تطوير دائرة مكافحة الفساد التابعة للمباحث المركزية بحيث تصبح جهازا مركزيا تابعا لرئاسة الجمهورية أومجلس الوزراء أوالبرلمان، لأن وضعا كهذا يمنح جهازا كهذا سلطة واسعة فى المساءلة والمحاسبة )..هكذا ناشدتهم وتوسلت إليهم ونصحتهم قبل ثلاث سنوات ..!!
** فالحمد لله، أخيرا - أي بعد ثلاث سنوات - إستبانوا النصح ، ولكن بعد أن تحول الفساد من سلوك أفراد إلى نهج مؤسسات..والمفوضية العليا لمكافحة الفساد - المرتقب تأسيسها حسب الوعد الرئاسي - هي آلية معمول بها في كل الدول ذات السمعة الطيبة والوضع الطيب في قوائم منظمة الشفافية الدولية.. للأسف، سمعة السودان غير طيبة في تلك القوائم، وكذلك وضع بلدنا دائما يتذيل القوائم مع العراق والصومال..ولو كنا نعيش في كوكب آخر، لكذبنا معايير تلك المنظمة ولإتهمناها بإستهداف السودان ومشروعه الحضاري، أوهكذا يجتهد البعض في المزايدة والمكابرة ثم تغطية كبائرهم بمناديل الورق المثقوبة،عندما تظهرها مرآة الرصد العالمي.. فالعالم أضحى غرفة صغيرة يا من لاتبصرون إلى أبعد من أرنبة أنوفكم،فدعوا المكابرة والمزايدة وخداع العقول..وأد طفل لقيط تحت جنح الدجى بات أمرا مستحيلا في عصر هذا، وكذلك إختلاس دينار من مال الناس والناس نيام لم يعد بالأمر اليسير، ثم المهم جدا : المعايير التي تصنف بها الشفافية الدولية دول العالم تقع وقع حافرها على حافر بلدنا، أي متطابقة تماما لواقع حال بلدنا وما به من سوء الإدارة والإهمال و(النهب المصلح)..ولذلك، فليدع ولاة الأمر كل أنواع التخدير و المكابرة وليعترفوا بأن أجهزة الدولة تضج ببرك الفساد الآسنة، وأن كل عام مالي - في العقد الأخير- أسوأ من العام السابق، كما تقول تقارير ديوان المراجع العام،وبالتأكيد ( ما خفي أعظم )..وبالمناسبة : خلال هذا الأسبوع - إن شاء الله - سوف أعرض بالوثائق حقائق محزنة تعكس بأن معدل نمو الفساد في أجهزة الدولة يرتفع عاما تلو الآخر.. دفن الرؤوس في الرمال لايجدي في مكافحة الفساد، ولا التخدير الذي من شاكلة ( الفساد ما كتيرونحن بنحاربو)،أوكما قال الفريق أول صلاح قوش للصحفيين أول البارحة..محاربة الفساد تبدأ بالإعتراف به ثم بالعمل على محاربته، نعم بالعمل وليس بتكرار الوعيد..القوانين واللوائح محض أدوات لتجميل الدولة،وكذلك البرلمان والمجالس التشريعية، أما الصحف فالمستقلة منها مقهورة وما سواها مأجورة، هكذا حال السلطات الرقابية والمحاسبية، فكيف ستحارب الفساد يا مستشار رئيس الجمهورية ..؟
** ثم..فليسأل كل ولي أمر نفسه : كيف ولماذا صارت أثيوبيا هى النموذج الأفضل - أفريقيا - في مكافحة الفساد؟.. دولة فقيرة وذات موارد محدودة وكثافة سكانية تساوي أكثر من ضعف كثافتنا السكانية، وغير محكومة بشعار المشروع الحضاري وغيره من الضجيج الذي لايخفض نسب الإعتداء على المال العام في تقارير المراجع العام ، ومع ذلك وضعت حكومتها خطة لمكافحة فساد أجهزتها وسادتها - بلا خطب وبلا وعيد أجوف - ثم نفذتها بإرادة سياسية قوية، فأصبحت خطتها تلك بمثابة تجربة يشيد بها العالم..ثم دع عنكم أثيوبيا.. بماليزيا التي تعرفون خبايا أسواقها وردهات فنادقها وإليها تشدون الرحيل في إجازاتكم أو حين يغضب بعضكم من البعض الأخر، بها تجربة فريدة في مكافحة الفساد، وتحولت تلك التجربة إلى علم يدرس في ( الأكاديمية الماليزية لمحاربة الفساد )..هكذا الدول ذات النهج السياسي الراشد، تحول تجاربها إلى علوم تستفيد منها البشرية.. فالمفوضية وحدها لاتكفي يارئاسة الجمهورية ، إذ لا بد من الإرادة..نعم ، بالإرادة ومواجهة الحقائق - وليست بالخطب ولي أعناق الحقائق وأغاني الحماس - تنهض الشعوب ..!!
............
نقلا عن السوداني نشر بتاريخ 19-02-2011 |
|
|
|
|
|
Posted in:
0 التعليقات :
إرسال تعليق