لماذا ينخفض سعر الغاز الطبيعي فيما يسجل النفط ارتفاعات قياسية؟
النفط زاد بـ175% منذ 2008 بينما تراجع الغاز بنسبة تزيد
على 25%
نيويورك: فلويد نوريس* لندن: بيث غاردينر*
ارتفعت أسعار النفط الخام هذا العام حتى وصلت إلى 100 دولار للبرميل خلال الأسبوع الحالي لأول مرة منذ عام 2008. لكن لم يعانِ الجميع من آثار هذا الارتفاع. ففي الوقت الذي كانت ترتفع فيه أسعار البنزين في الولايات المتحدة، كانت تنخفض تكلفة التدفئة في المنازل. وتشهد أسعار الغاز الطبيعي مستوى أقل من مستوياتها خلال نهاية عام 2010. وقد انخفضت أسعار الغاز الطبيعي انخفاضا تاريخيا مقارنة بالنفط خلال الأسبوع الحالي، حيث أصبح سعر الغاز الطبيعي الآن أقل من ربع سعر النفط على أساس أن الاثنين مصدران للطاقة. يوضح هذا التغير الكبير أن الغاز الطبيعي يمكن أن يحل محل النفط رغم اختلاف سوقيهما، فأحدهما سوقه عالمي والأخر قاري. ويمكن لهذا أن يحدث فرقا كبيرا.
وكما توضح الرسوم البيانية، قد تتباين كل من أسعار النفط والغاز الطبيعي كثيرا. ففي بداية التسعينات، كان الغاز الطبيعي رخيصا نسبيا نتيجة ما كان يسمى بـ«فقاعة الغاز» في الولايات المتحدة. ثم ساعدت زيادة العرض على استقرار سعره. ومع تقدم الاقتصاد الأميركي، اختفى الفرق في السعر في بداية عام 1994.
وفي بداية عام 2000، اتخذت هذه الميزة في السعر المنحى المقابل، حيث عانت كاليفورنيا من نقص في الكهرباء وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في تشغيل محطات توليد الكهرباء بشكل كبير. لكن لم تستمر هذه الميزة كثيرا، حيث تراجع سعر الغاز سريعا نتيجة حالة الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة عام 2001.
وحدث شيء مشابه في الماضي القريب، حيث اقتربت أسعار النفط والغاز الطبيعي في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2008 مع تراجع حركة التجارة العالمية وتعثر اقتصاد كافة الدول. لكن منذ ذلك الحين ارتفعت أسعار النفط بنسبة 175 في المائة تماشيا مع التضخم، بينما انخفضت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة تزيد على 25 في المائة.
وفي الوقت الذي لعبت فيه زيادة الطلب دورا في الحفاظ على انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في أميركا الشمالية، لعبت زيادة العرض نتيجة استغلال السجيل النفطي دورا هو الآخر. ويتوقع جوزيف أوار، محلل في المصرف الألماني، الأسبوع الحالي القيام بمحاولات لإنشاء بنية تحتية تسمح للولايات المتحدة بتصدير الغاز الطبيعي المسال عن طريق السفن. لكن لن يحدث ذلك أي تأثير قبل سنوات.
منذ جيل مضى، ساهمت الدول المتقدمة، خاصة الولايات المتحدة، في تحديد الطلب على النفط على أساس السعر، مما منح الولايات المتحدة نوعا من آلية تصحيح المسار. ولما كان ارتفاع أسعار النفط يضر بالاقتصاد الأميركي، فربما ساعد على خفض الطلب وعودة أسعار النفط إلى سابق عهدها.
لكن من المرجح الآن أن تحدد الصين الطلب على أساس السعر. فطبقا لآخر إحصاءات وهي تعود إلى عام 2009، زاد حجم استهلاك العالم من النفط بنسبة 11 في المائة مقارنة بعشر سنوات مضت. وقد تغير النمط السائد في المنطقة بشكل كبير ذلك الوقت. وانخفض استهلاك الولايات المتحدة واليابان والدول النامية وأوروبا من النفط، بينما ازداد استهلاك باقي دول العالم من النفط بمقدار الثلث تقريبا.
نتيجة لذلك، ساعد الانتعاش القوي في الدول النامية على رفع أسعار النفط خلال الـ15 شهرا الأخيرة رغم تعثر اقتصاد الدول الغربية. يمكن شحن النفط إلى أي مكان ويمكن تغيير وجهة ناقلات النفط من دولة إلى أخرى إذا تغيرت أنماط الطلب. ويمكن للغاز الطبيعي في أميركا الشمالية حاليا أن ينقل عن طريق خطوط الأنابيب فقط.
خلال الأسابيع الماضية، زاد القلق من انخفاض العرض الذي صاحب انتشار الثورات في منطقة الشرق الأوسط من الضغط الذي يمثله ارتفاع الأسعار على الصين التي يتمتع اقتصادها بالازدهار. فقد وصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار مع انخفاض إنتاج ليبيا من النفط. لكن العسر انخفض قليلا عندما وعدت المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاجها من النفط في حال توقف صادرات ليبيا من النفط.
مما لا شك فيه أن مؤشرات الاستقرار في الشرق الأوسط سوف تخفض الضغط المتزايد على أسعار النفط. لكن ربما لا تنخفض الأسعار إلا إذا تعثر اقتصاد الدول الآسيوية وتراجع طلبها على النفط.
يعد الغاز الطبيعي، بحسب وصف مؤيديه ومنهم الرئيس باراك أوباما، وقودا نظيفا يمكنه المساهمة بشكل كبير في انخفاض نسبة الكربون في المستقبل. لكن يشكك آخرون في الفائدة البيئية الحقيقية لمصدر الطاقة الذي يعد وقودا حفريا يسبب انبعاثات كبيرة لغازات الاحتباس الحراري، رغم أنه أقل ضررا على البيئة من الفحم والنفط.
ويقول مؤيدو الغاز الطبيعي إن الانبعاثات الناتجة عن استخدامه أقل من الكربون والفحم عند حرقهما بمقدار النصف. ويتفق بعض علماء البيئة على قدرته على جسر الهوة إلى أن يتم استخدام مصادر طاقة أكثر أمانا. لكن يرى المعارضون لاستخدامه أن تأييده يشتت الانتباه عن أولويات ملحة مثل تحسين الفاعلية وتوليد مصادر الطاقة المتجددة.
يقول كيفن أندرسون، الأستاذ بمركز «تيندال» لأبحاث التغير المناخي بجامعة مانشستر في إنجلترا: «يجب علينا توخي الحذر في اختيار المصطلحات التي تحدد الأطر التي توضع بداخلها الأمور. إذا وصفنا شيئا ما بأنه أخضر، نشعر تجاهه بشعور جيد. لكنه ليس شيئا جيدا بل أقل سلبية». في الواقع لقد أطلق عليه اسم «وقود سيئ للغاية ينتج عنه انبعاثات كثيرة». وأضاف قائلا «إن حجم هذه الانبعاثات ليس بحجم الأنواع الأخرى من الوقود الحفري، لكن بالنظر إلى هدفنا، من الخطير مقارنته بالأسوأ».
على الجانب الآخر، لا يتخذ البعض موقف مناهض تماما للغاز الطبيعي، حيث يرغب مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، وهي إحدى الجماعات البيئية النافذة ومقرها في نيويورك، في رؤية المصانع التي تعمل بالفحم في الولايات المتحدة تتجه نحو العمل بالغاز الطبيعي على حد قول كيت سيندينغ، كبيرة المحامين في المجلس. وتقول كيت إن الأولوية للحد من الطلب على الطاقة وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة. وأضافت: «لكننا نرى أن الغاز الطبيعي سيكون له دور». إضافة إلى توفير ثاني أكسيد الكربون، يعد مستوى الملوثات التي تنتج عن الغاز الطبيعي مثل النيتروجين وأكسيد الكبريت والزئبق والمواد الصلبة العالقة أقل بكثير. وأخيرا أوضحت كيت أن المصانع التي تعمل بالغاز الطبيعي يمكنها أن تستخدم معه السولار وطواحين الهواء التي توفر طلبا متقطعا وتحتاج إلى دعم.
وتقول كيت إنه حتى وإن كان الغاز الطبيعي أكثر نظافة من الفحم والنفط، كثيرا ما تكون عملية إنتاجه غير نظيفة مما يجعل فوائده تذهب أدراج الرياح. ويجب على المشرعين الأميركيين والمشرعين الآخرين تشديد القوانين التي فشلت في الحد من خطورة مشكلة تسرب غاز الميثان وحماية جودة الهواء ومياه الشرب على حد قول كيت.
يتكون الغاز الطبيعي أساسا من الميثان الذي يصبح من غازات الدفيئة القوية إذا تسرب دون أن يحرق. كذلك يمكن أن تلوث آبار الغاز الطبيعي التي لم تبن جيدا أن تلوث المنابع الجوفية القريبة.
وتقول كيت: «يمكن أن يكون معقولا من الناحية النظرية، لكننا نبعد كثيرا عما ينبغي أن نقوم به من أجل تحقيق ما يتضمنه من مزايا واعدة». ينبع تحمس الولايات المتحدة وأوروبا للغاز الطبيعي إلى حد كبير من وفرته النسبية وتوافره في دول صديقة للغرب. وتتمتع الولايات المتحدة على وجه الخصوص بوفرة في الغاز الطبيعي مع ازدهار استخراجه من السجيل النفطي بحيث تحول إلى صناعة ضخمة.
ويقول مايكل ويبر، المدير المشارك للمركز الدولي للطاقة والسياسات البيئية بجامعة تكساس في أوستن: «توزيع الغاز في أنحاء العالم أفضل كثيرا من النفط. فهو يوجد بكثرة». لكن لا يقتنع الكثير من علماء البيئة بذلك مشيرين إلى أن الكثير من الأماكن التي تم اكتشاف غاز طبيعي بها صعب الوصول إليها أو يتطلب استخراجه منها أشكالا غير تقليدية مما يزيد من المخاطر أثناء عملية الاستخراج فضلا عن زيادة التكلفة واستهلاك الطاقة. لكن يضيف ويبر قائلا «إذا كنا نستطيع بالفعل إنتاج غاز طبيعي بطريقة نظيفة وآمنة وإذا كان متوفرا بكثرة كما يقولون، لن يؤدي إلى مستقبل خال من الكربون تماما، لكنه يعد خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح».
وقالت بيت رابي، مديرة شؤون الاتحاد الأوروبي في الاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز الطبيعي، وهي جماعة مصالح تجارية مقرها في بروكسل، إن مميزات الغاز الطبيعي ومنها عدم الحاجة إلى رأسمال ضخم وقصر مدة إنشاء مصانع جديدة تجعله ضروريا للحد من انبعاثات الكربون سريعا. وأوضحت أن على المدى الطويل يمكن لتكنولوجيا السيطرة على الكربون أن تجعل المصانع التي تعمل بالغاز الطبيعي جزءا من المستقبل الأخضر.
بدا أن الرئيس أوباما متفائل عندما أشار إلى الغاز الطبيعي في خطاب حالة الاتحاد الشهر الماضي حيث دهش علماء البيئة من إدراجه للغاز الطبيعي ضمن السولار والرياح والوقود النووي والفحم النظيف كجزء أساسي من استراتيجية الطاقة النظيفة. لكن يظل البعض متشككا من فكرة أن يكون الغاز الطبيعي جسرا يؤدي إلى مستقبل أنظف للطاقة المتجددة. وتساءلت كيت: «ما طول وعرض هذا الجسر؟ كلما انخرطنا في استخدام الغاز الطبيعي، زاد القلق من حصر أنفسنا في حرقه لا العثور على بديل له».
* خدمة «نيويورك تايمز»
ارتفعت أسعار النفط الخام هذا العام حتى وصلت إلى 100 دولار للبرميل خلال الأسبوع الحالي لأول مرة منذ عام 2008. لكن لم يعانِ الجميع من آثار هذا الارتفاع. ففي الوقت الذي كانت ترتفع فيه أسعار البنزين في الولايات المتحدة، كانت تنخفض تكلفة التدفئة في المنازل. وتشهد أسعار الغاز الطبيعي مستوى أقل من مستوياتها خلال نهاية عام 2010. وقد انخفضت أسعار الغاز الطبيعي انخفاضا تاريخيا مقارنة بالنفط خلال الأسبوع الحالي، حيث أصبح سعر الغاز الطبيعي الآن أقل من ربع سعر النفط على أساس أن الاثنين مصدران للطاقة. يوضح هذا التغير الكبير أن الغاز الطبيعي يمكن أن يحل محل النفط رغم اختلاف سوقيهما، فأحدهما سوقه عالمي والأخر قاري. ويمكن لهذا أن يحدث فرقا كبيرا.
وكما توضح الرسوم البيانية، قد تتباين كل من أسعار النفط والغاز الطبيعي كثيرا. ففي بداية التسعينات، كان الغاز الطبيعي رخيصا نسبيا نتيجة ما كان يسمى بـ«فقاعة الغاز» في الولايات المتحدة. ثم ساعدت زيادة العرض على استقرار سعره. ومع تقدم الاقتصاد الأميركي، اختفى الفرق في السعر في بداية عام 1994.
وفي بداية عام 2000، اتخذت هذه الميزة في السعر المنحى المقابل، حيث عانت كاليفورنيا من نقص في الكهرباء وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في تشغيل محطات توليد الكهرباء بشكل كبير. لكن لم تستمر هذه الميزة كثيرا، حيث تراجع سعر الغاز سريعا نتيجة حالة الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة عام 2001.
وحدث شيء مشابه في الماضي القريب، حيث اقتربت أسعار النفط والغاز الطبيعي في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2008 مع تراجع حركة التجارة العالمية وتعثر اقتصاد كافة الدول. لكن منذ ذلك الحين ارتفعت أسعار النفط بنسبة 175 في المائة تماشيا مع التضخم، بينما انخفضت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة تزيد على 25 في المائة.
وفي الوقت الذي لعبت فيه زيادة الطلب دورا في الحفاظ على انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في أميركا الشمالية، لعبت زيادة العرض نتيجة استغلال السجيل النفطي دورا هو الآخر. ويتوقع جوزيف أوار، محلل في المصرف الألماني، الأسبوع الحالي القيام بمحاولات لإنشاء بنية تحتية تسمح للولايات المتحدة بتصدير الغاز الطبيعي المسال عن طريق السفن. لكن لن يحدث ذلك أي تأثير قبل سنوات.
منذ جيل مضى، ساهمت الدول المتقدمة، خاصة الولايات المتحدة، في تحديد الطلب على النفط على أساس السعر، مما منح الولايات المتحدة نوعا من آلية تصحيح المسار. ولما كان ارتفاع أسعار النفط يضر بالاقتصاد الأميركي، فربما ساعد على خفض الطلب وعودة أسعار النفط إلى سابق عهدها.
لكن من المرجح الآن أن تحدد الصين الطلب على أساس السعر. فطبقا لآخر إحصاءات وهي تعود إلى عام 2009، زاد حجم استهلاك العالم من النفط بنسبة 11 في المائة مقارنة بعشر سنوات مضت. وقد تغير النمط السائد في المنطقة بشكل كبير ذلك الوقت. وانخفض استهلاك الولايات المتحدة واليابان والدول النامية وأوروبا من النفط، بينما ازداد استهلاك باقي دول العالم من النفط بمقدار الثلث تقريبا.
نتيجة لذلك، ساعد الانتعاش القوي في الدول النامية على رفع أسعار النفط خلال الـ15 شهرا الأخيرة رغم تعثر اقتصاد الدول الغربية. يمكن شحن النفط إلى أي مكان ويمكن تغيير وجهة ناقلات النفط من دولة إلى أخرى إذا تغيرت أنماط الطلب. ويمكن للغاز الطبيعي في أميركا الشمالية حاليا أن ينقل عن طريق خطوط الأنابيب فقط.
خلال الأسابيع الماضية، زاد القلق من انخفاض العرض الذي صاحب انتشار الثورات في منطقة الشرق الأوسط من الضغط الذي يمثله ارتفاع الأسعار على الصين التي يتمتع اقتصادها بالازدهار. فقد وصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار مع انخفاض إنتاج ليبيا من النفط. لكن العسر انخفض قليلا عندما وعدت المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاجها من النفط في حال توقف صادرات ليبيا من النفط.
مما لا شك فيه أن مؤشرات الاستقرار في الشرق الأوسط سوف تخفض الضغط المتزايد على أسعار النفط. لكن ربما لا تنخفض الأسعار إلا إذا تعثر اقتصاد الدول الآسيوية وتراجع طلبها على النفط.
يعد الغاز الطبيعي، بحسب وصف مؤيديه ومنهم الرئيس باراك أوباما، وقودا نظيفا يمكنه المساهمة بشكل كبير في انخفاض نسبة الكربون في المستقبل. لكن يشكك آخرون في الفائدة البيئية الحقيقية لمصدر الطاقة الذي يعد وقودا حفريا يسبب انبعاثات كبيرة لغازات الاحتباس الحراري، رغم أنه أقل ضررا على البيئة من الفحم والنفط.
ويقول مؤيدو الغاز الطبيعي إن الانبعاثات الناتجة عن استخدامه أقل من الكربون والفحم عند حرقهما بمقدار النصف. ويتفق بعض علماء البيئة على قدرته على جسر الهوة إلى أن يتم استخدام مصادر طاقة أكثر أمانا. لكن يرى المعارضون لاستخدامه أن تأييده يشتت الانتباه عن أولويات ملحة مثل تحسين الفاعلية وتوليد مصادر الطاقة المتجددة.
يقول كيفن أندرسون، الأستاذ بمركز «تيندال» لأبحاث التغير المناخي بجامعة مانشستر في إنجلترا: «يجب علينا توخي الحذر في اختيار المصطلحات التي تحدد الأطر التي توضع بداخلها الأمور. إذا وصفنا شيئا ما بأنه أخضر، نشعر تجاهه بشعور جيد. لكنه ليس شيئا جيدا بل أقل سلبية». في الواقع لقد أطلق عليه اسم «وقود سيئ للغاية ينتج عنه انبعاثات كثيرة». وأضاف قائلا «إن حجم هذه الانبعاثات ليس بحجم الأنواع الأخرى من الوقود الحفري، لكن بالنظر إلى هدفنا، من الخطير مقارنته بالأسوأ».
على الجانب الآخر، لا يتخذ البعض موقف مناهض تماما للغاز الطبيعي، حيث يرغب مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، وهي إحدى الجماعات البيئية النافذة ومقرها في نيويورك، في رؤية المصانع التي تعمل بالفحم في الولايات المتحدة تتجه نحو العمل بالغاز الطبيعي على حد قول كيت سيندينغ، كبيرة المحامين في المجلس. وتقول كيت إن الأولوية للحد من الطلب على الطاقة وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة. وأضافت: «لكننا نرى أن الغاز الطبيعي سيكون له دور». إضافة إلى توفير ثاني أكسيد الكربون، يعد مستوى الملوثات التي تنتج عن الغاز الطبيعي مثل النيتروجين وأكسيد الكبريت والزئبق والمواد الصلبة العالقة أقل بكثير. وأخيرا أوضحت كيت أن المصانع التي تعمل بالغاز الطبيعي يمكنها أن تستخدم معه السولار وطواحين الهواء التي توفر طلبا متقطعا وتحتاج إلى دعم.
وتقول كيت إنه حتى وإن كان الغاز الطبيعي أكثر نظافة من الفحم والنفط، كثيرا ما تكون عملية إنتاجه غير نظيفة مما يجعل فوائده تذهب أدراج الرياح. ويجب على المشرعين الأميركيين والمشرعين الآخرين تشديد القوانين التي فشلت في الحد من خطورة مشكلة تسرب غاز الميثان وحماية جودة الهواء ومياه الشرب على حد قول كيت.
يتكون الغاز الطبيعي أساسا من الميثان الذي يصبح من غازات الدفيئة القوية إذا تسرب دون أن يحرق. كذلك يمكن أن تلوث آبار الغاز الطبيعي التي لم تبن جيدا أن تلوث المنابع الجوفية القريبة.
وتقول كيت: «يمكن أن يكون معقولا من الناحية النظرية، لكننا نبعد كثيرا عما ينبغي أن نقوم به من أجل تحقيق ما يتضمنه من مزايا واعدة». ينبع تحمس الولايات المتحدة وأوروبا للغاز الطبيعي إلى حد كبير من وفرته النسبية وتوافره في دول صديقة للغرب. وتتمتع الولايات المتحدة على وجه الخصوص بوفرة في الغاز الطبيعي مع ازدهار استخراجه من السجيل النفطي بحيث تحول إلى صناعة ضخمة.
ويقول مايكل ويبر، المدير المشارك للمركز الدولي للطاقة والسياسات البيئية بجامعة تكساس في أوستن: «توزيع الغاز في أنحاء العالم أفضل كثيرا من النفط. فهو يوجد بكثرة». لكن لا يقتنع الكثير من علماء البيئة بذلك مشيرين إلى أن الكثير من الأماكن التي تم اكتشاف غاز طبيعي بها صعب الوصول إليها أو يتطلب استخراجه منها أشكالا غير تقليدية مما يزيد من المخاطر أثناء عملية الاستخراج فضلا عن زيادة التكلفة واستهلاك الطاقة. لكن يضيف ويبر قائلا «إذا كنا نستطيع بالفعل إنتاج غاز طبيعي بطريقة نظيفة وآمنة وإذا كان متوفرا بكثرة كما يقولون، لن يؤدي إلى مستقبل خال من الكربون تماما، لكنه يعد خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح».
وقالت بيت رابي، مديرة شؤون الاتحاد الأوروبي في الاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز الطبيعي، وهي جماعة مصالح تجارية مقرها في بروكسل، إن مميزات الغاز الطبيعي ومنها عدم الحاجة إلى رأسمال ضخم وقصر مدة إنشاء مصانع جديدة تجعله ضروريا للحد من انبعاثات الكربون سريعا. وأوضحت أن على المدى الطويل يمكن لتكنولوجيا السيطرة على الكربون أن تجعل المصانع التي تعمل بالغاز الطبيعي جزءا من المستقبل الأخضر.
بدا أن الرئيس أوباما متفائل عندما أشار إلى الغاز الطبيعي في خطاب حالة الاتحاد الشهر الماضي حيث دهش علماء البيئة من إدراجه للغاز الطبيعي ضمن السولار والرياح والوقود النووي والفحم النظيف كجزء أساسي من استراتيجية الطاقة النظيفة. لكن يظل البعض متشككا من فكرة أن يكون الغاز الطبيعي جسرا يؤدي إلى مستقبل أنظف للطاقة المتجددة. وتساءلت كيت: «ما طول وعرض هذا الجسر؟ كلما انخرطنا في استخدام الغاز الطبيعي، زاد القلق من حصر أنفسنا في حرقه لا العثور على بديل له».
* خدمة «نيويورك تايمز»
0 التعليقات :
إرسال تعليق