ماهو رادار مكوك الفضاء وأهمية بياناته للباحثين ؟
أكاديمي وأخصائي استشعار عن بعد
خلال الخمسة عشر عاما المنصرمة قامت خلالها وكالة ناسا NASAلأبحاث الفضاء بدراسات شاملة للفضاء ولسطح الأرض أيضا.
استطاع مكوك الفضاء خلال السنوات الثمانية الأخيرة بواسطة رادار تصويري محمول على متنه من توفير أدق صورة متاحة لتضاريس سطح الكرة الأرضية وقد نشرت وكالة ناسا فعليا أدق خريطة ثلاثية الأبعاد للعالم
حيث يستقبل هذا الرادار أشعته التي أرسلها إلى سطح الأرض وعادت مرتدة عن سطح الأرض فتتسلمها نوعين من الهوائيات الخاصة على متن المكوك ومن ثم تدمج هاتين الإشارتين في حواسيب أرضية عملاقة في مختبرات الدفع النفاث على الأرض التي تملكها ناسا لتعطينا صورة مجسمة ثلاثية الأبعاد عن تضاريس سطح الأرض.
ولكون المكوك يحلق فوق مساحات شاسعة من سطح الكرة الأرضية فان المعلومات المسحية غطت معظم أجزاء سطح الأرض ما عدا تلك المساحات حول القطبين بحيث بلغ حجم البيانات حوالي تريليون غيغا بايت لتضاريس الكرة الأرضية بحسب خبرائها.
ما أطلق عليه (مهمة رادار مكوك الفضاء SRTM ) كانت قد استغرقت احد عشر يوما فقط تغيرت فيه مسيرة الدراسات والبحوث المختصة بالبيانات المكانية لسطح الأرض وكانت المهمة وليدة شراكة علمية ما بين وكالة ناسا لأبحاث الفضاء ووكالة التصوير والخرائط الوطنية الأمريكية NIMA والتابعة لقسم الدفاع بالاشتراك مع وكالتي الفضاء الايطالية والألمانية ومكن هذا الحدث الباحثين والمحللين من تكوين مجسم لأي جزء من سطح الأرض فيما يسمى DEM وهو اختصار Digital Elevation Model .
كما سيمكنهم من إجراء التطابقية لهذه البيانات مع مصادر المعلومات الأخرى الملتقطة بوسائل الاستشعار عن بعد لنفس المساحات وفي دراسات مختلفة .
يمكن بواسطة الرادار أيضا تكوين صورة ثلاثية الأبعاد تدعى ((visualization لسطح الأرض بحيث تمكنهم من إجراء البحوث المتعلقة بالفيضانات والتنبؤ بها وعمليات التعرية والانزلاقات الأرضية والزلازل وتحديد النطاقات البيئية والأرصاد والتغير المناخي.
كما تفيد هذه البيانات الدراسات العسكرية في مجال تحديد مواقع إطلاق الصواريخ ومدياتها وتأثيراتها بحسب تضاريس البيئة المحيطة بسقوطها وتكوين نماذج التدريب على الطيران في محاكيات التضاريس الافتراضية المطابقة للعالم الحقيقي وكذلك فوائدها في تحديد أفضل مواقع التغطية لأبراج شبكات الانترنت اللاسلكي والهاتف الخلوي وتحديد مواقع الرصد البيئية الخاصة بحرائق الغابات مثلا والانهيارات الجليدية .
كيف يعمل الرادار :
بنيت تقانة الرادار على أساليب استخدمت في رحلتين سابقتين لمكوكين فضائيين أولهما كان الرادار الفضائي التصويري C/X والثاني كان الرادار الجانبي SIR/ C/X SAR .
في تلك الرحلتين اختبرت تقانة وقابلية كل رادار على انفراد ووضعت حدود لقابليته في رصد تغير تضاريس سطح الأرض وهذا ما قاد ناسا للوصول إلى إنتاج هذا الرادار الأخير من دمج كلتا التقانتين معا فيما يسمى
Interferometry Radar والذي يتم بواسطته إجراء مقارنة بين كل من الصورتين الملتقطتين بكل منهما لنفس النقطة لكن من زاويتين مختلفتين قليلا ليمكن الحصول على صورة التضاريس لكن بشكل ثلاثي الأبعاد وهذه الوسيلة فاقت بنتائجها تلك التقانات المقتصرة على حزمة رادارية أحادية المسح للنقطة مما سيعني ذلك أن أي نقطة على سطح الأرض سيتم تصويرها برادارين من زاويتين الأولى تقع قرب بوابة الحمولة على ظهر المكوك والثانية في نهاية الصاري الممتد أعلى سطح المكوك بارتفاع 60 متر مع ملاحظة أن المكوك حين يصور سطح الأرض يكون بوضع منقلب وسطحه إلى اتجاه الأرض , وحين تدمج الصورتين معا ستنتج صورة ثلاثية الأبعاد ومجسمة .
الرؤية في الظلام ومن خلال غطاء الغيوم:
عادة يمكن إنتاج الخرائط الطوبوغرافية من دمج أزواج الصور المأخوذة من طائرتين أو ساتلين لكن هذه الصور يصعب الحصول عليها بشكل مثالي تماما بسبب غطاء الغيوم المغطي لسطح الأرض . تظهر الفائدة الأساسية للرادار من خلال رؤيته لسطح الأرض من خلال غطاء الغيوم وكذلك في الظلام .
استخدمت الصور الرادارية استخدمت من قبل (ماجلان) وهي مركبة فضائية غير مأهولة تابعة لوكالة ناسا ما بيــن عام 1989 وعام 1994 لإنتاج صور رائعة لكوكب الزهرة رغم غطاء الغيوم الكثيف المحيط به .
الهدف الرئيسي لبيانات SRTM هو تكوين صورة تفصيلية مشابهة لسطح الأرض بكافة تضاريسه وفعلا أثمرت رحلة الإحدى عشر يوما في تكوين نموذج (موديل) رقمي لسطح الأرض بشكل أفضل من أي شئ متوفر لحد الآن .
مجال تغطية الرادار:
تغطي البيانات الرادارية التي جمعت حوالي 80 بالمائة من مساحة الكرة الأرضية وما يعادل 95 بالمائة من المناطق الآهلة بالسكان .
ونظرا للصعوبة في تحويل بيانات الرادار إلى خرائط طبوغرافية فقد احتاجت البيانات إلى معاملات خاصة تجرى عليها بالحاسوب لمدة سنة كاملة لإنتاج ملفات ذات صيغة ( (file formatمتوا لفة مع برمجيات تحليل وإعداد الخرائط بطريقة يمكن أن يستفاد منها للدراسات المدنية والعسكرية والعلمية التي يتطلبها المجتمع.
جزء كبير من بيانات الرادار التي جمعت في هذه المهمة أصبحت متاحة للمستخدمين ضمن الضوابط وقواعد العمل التي طورتها وكالتي NASA و N|IMA في مختبرات الدفع النفاث – كاليفورنيا والتي كانت مشرفة بشكل مباشر على مهمة المكوك ضمن إطار لبرنامج متكامل يدرس تضاريس الأرض وجمعت أيضا خلال البرنامج بيانات من السواتل والطائرات ومن المسح الأرضي لجعلها في خدمة اكبر عدد من العلماء والمساعدة على إعطاء فهم اكبر لنظام التضرس الأرضي والمياه والعواء والنطاق الإحيائي واكتشاف كيف تتداخل هذه العوامل مع بعضها وما ينتج من تغيرات بسبب هذا التداخل .
استخدام بيانات الرادار الصورية:
تظهر الصور التالية بيان راداري استخدم لتوليد صورة مجسمة ثلاثية الأبعاد كما نراها من الأعلى .
أما الصورة المجسمة الجانبية فهي لنفس الصورة السابقة لكن أنشئ منها مجسم جانبي يمكن تدويره بكافة الزوايا والاتجاهات ديناميكيا لإعطاء أفضل وضع يساعد على فهم نظام البزل السطحي والتغيرات الحاصلة فوق سطح الأرض . أما الصورة التالية فهي صورة رادارية تم تلوينها بشكل متدرج حسب الارتفاعات .
معلومات إحصائية عن بيانات الرادار :
اسم المكوك : انديفر Endeavour
انطلاق الرحلة : 11 شباط 2000
الهبوط : 22 شباط 2000
بداية المشروع : 1996
نهاية المشروع: 2001
التغطية الأرضية: 80 % من سطح الأرض
مساحة غير المغطى : 50000 كيلومتر مربع
الطاقة المستهلكة : 902 كيلو واط
الطاقة المخطط استهلاكها : 911 كيلو واط
ارتفاع التحليق : 233 كيلومتر
زاوية المسح الأولى : 59 درجة
زاوية المسح الثانية : 45 درجة
عدد أفراد الطاقم : 6
الحمولة الكلية : 13600 كيلو غرام
كلفة المشروع الكلية : 373 مليون دولار
وبهذا أرجو إن أكون قد قدمت فكرة مبسطة عن ماهية رادار المكوك وفائدته البالغة ولمن يريد الاستزادة فقد نشرت بحثا باللغة الانكليزية حول تطبيقات استخدامه لإنتاج خارطة مجسمة يمكن تنزيله من رابط في موقعي (بيكسل) على شبكة الانترنت .
كاتب المقال:
عاهـد الحمامي
أكاديمي وأخصائي استشعار عن بعد
mail59@gmail.com
www.geocarto.blogspot.com
0 التعليقات :
إرسال تعليق