الكتاب الديني يحقق مبيعات قياسية.. ومؤلفات الثورات العربية حاضرة بقوة في «صالون الكتاب الدولي» بالجزائر
الجزائر: بوعلام غمراسة يعرف «الصالون الدولي الـ16 للكتاب بالجزائر العاصمة»، حاليا إقبالا غير مسبوق للزوار، ومشاركة قياسية لدور ومؤسسات النشر التي تجاوز عددها 500 عارض. ويهيمن الكتاب الديني بشكل لافت على الصالون، مع حضور مكثف للمؤلفات التي تناولت الثورات العربية.
ينتهي «الصالون»، المقام في فضاء فسيح بـ«المركب الرياضي محمد بوضياف» بأعالي العاصمة، غدا السبت. وفي كل يوم يعرف إقبالا متزايدا من مختلف الفئات، من الطفل الصغير إلى المثقف والروائي والوزير والدبلوماسي. وعلى الرغم من المساحة الكبيرة التي خصصت في «الصالون» للكتاب العلمي، فاللافت هو كثافة المؤلفات الدينية والمهتمة بالتراث والتي حققت مبيعات قياسية، بحسب القائمين على المعرض، الذي بدأ يوم 21 من الشهر الحالي، من مسؤولي وزارة الثقافة.
وقد أعلنت السلطات الجزائرية أنها منعت عرض 400 كتاب في «الصالون الدولي للكتاب»، قبل انطلاقه «بسبب تعارض مضامينها مع الأخلاق والقانون ومبادئ المجتمع والدولة»، بحسب تبريرات مسؤولين حكوميين. وأفادت مصادر مطلعة على الموضوع، «الشرق الأوسط»، بأن الأمر يتعلق بكتب تروج للجهاد ومؤلفات تبشيرية تبدي السلطات حيالها حساسية كبيرة.
وكشفت وزير الثقافة خليدة تومي أن الكتب الممنوعة «تتعارض مع القانون الذي يحظر تبجيل الاستعمار والتمييز العنصري، والترويج للإرهاب والاعتداء الجنسي على الأطفال، والمساس بالديانات والأنبياء». وأوضحت تومي أن القانون الداخلي لـ«الصالون» الذي يحمل شعار «الكتاب يحرر»، يمنع الكتب التي توافرت فيها الأوصاف التي ذكرتها، وأنه منشور بالجريدة الرسمية لمن يريد الاطلاع عليه. وأوضحت أن «لجنة» مكونة من كل قطاعات الدولة أشرفت على غربلة الكتب عند وصولها إلى ميناء الجزائر العاصمة.
وتتحفظ السلطات على الكشف عن أسماء مؤسسات النشر التي طالها الحظر، بدعوى أن ذلك سيمنحها فرصة رفع دعاوى قضائية ضدها، بحجة الإساءة لسمعتها. وترى السلطات أن الكتاب الديني كان سببا مباشرا في تغذية العنف الذي فجرته جماعات محسوبة على التيار الديني المتطرف مطلع تسعينات القرن الماضي، والذي ما زالت البلاد تعيش تداعياته حتى اليوم. وتشهد المكتبات المسجدية والفضاءات التي تنتشر فيها الكتب، مراقبة شديدة من طرف «لجان مراقبة» للحيلولة دون انتشار مواد تدعو للجهاد في أوساط الشباب. وسبق لمصالح الأمن أن صادرت كتبا وأقراصا مضغوطة تتضمن إجراءات فنية للتدريب على استعمال السلاح والمتفجرات والأحزمة الناسفة.
ومن الكتب التي عرفت رواجا في «الصالون»، كتاب «الانتحاري الـ20 لا وجود له أبدا»، للطيار الجزائري السابق لطفي رايسي، الذي اتهمته الأجهزة الأمنية الأميركية بالإشراف على تدريب الطيارين الـ19 الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وتم تبرئة رايسي، الذي يقيم بلندن، من طرف القضاء البريطاني بعد أشهر من السجن. ودفعت له الحكومة البريطانية تعويضا، ويسعى منذ سنوات بمساعدة الحكومة الجزائرية إلى إلغاء مذكرة الاعتقال الدولية التي أصدرتها ضده الحكومة الأميركية. وذكر رايسي في لقاء به بـ«الصالون» أن سيناريو فيلم مرتقب يروي قصته سيقتبس من كتابه.
وعرضت صحيفة «الشروق» مجموعة من مؤلفات لصحافييها، أبرزها كتاب «ليلة رعب في القاهرة.. لعنة الشهداء وقصاص الثورة»، لرئيس التحرير محمد يعقوبي. ويروي الكتاب تفاصيل مثيرة عن الصراع الكروي الحاد بين الجزائر ومصر، على خلفية حادثة تعرض حافلة منتخب الجزائر للرشق بالحجارة عشية المقابلة المشهودة التي جرت بالقاهرة يوم 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. ويقول الكاتب لـ«الشرق الأوسط»، إن الكتاب «ليس إحياء للفتنة ولا تقليبا للجراح بقدر ما هو رؤية تصالحية، تسعى لتحديد المسؤوليات وحصر الإساءات وجرد المسيئين للجزائر شعبا وتاريخا وشهداء، وتحميل حكومة ما بعد الثورة المصرية مسؤولية تجفيف منابع الكراهية، بعقد تصالحات حقيقية ومعاقبة كل الذين شتموا شهداء الجزائر في الساحتين الإعلامية والفنية في مصر».
ويضيف يعقوبي أنه يهدي الكتاب إلى «شهداء ثورتي الجزائر ومصر، لأنني على قناعة بأن ثورة 25 يناير (كانون الثاني) بمصر غسلت الكثير من الأخطاء وعاقبت الكثير من المسيئين، في انتظار إزاحة باقي المسيئين من الصفوف الأولى».
وصرح حسن بدر، مدير المبيعات بدار «الشروق»، وهي من أهم المؤسسات العارضة، بأن كتب الفكر الإسلامي جلبت اهتمام عدد كبير من مرتادي الصالون، وبخاصة مؤلفات سيد قطب ويوسف القرضاوي وعبد الرحمن الشرقاوي وعبد الوهاب المسيري الذي حظيت موسوعته حول الصهيونية باهتمام خاص. واستقطبت كتب الطفل ومؤلفات الأدباء الكبار اهتمام الزوار أيضا، وأبرزهم توفيق الحكيم ومحفوظ نجيب. وعرضت دار «الشروق» آخر إصداراتها، مثل مذكرات تحية عبد الناصر، زوجة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والتي حملت عنوان «ذكريات معه». وعرضت أيضا «لماذا لا يثور المصريون؟»، للكاتب المعروف علاء الأسواني، الذي يقول حسن بدر إنه أحد الكتب التي حرضت على الثورة ضد نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك.
وشاركت منشورات «الاختلاف» الجزائرية، المشهورة في الوسط الثقافي المحلي، بمجموعة من الكتب من بينها رواية «حادي التيوس» للأديب المشهور أمين الزاوي. وعرضت منشورات «الفارابي» اللبنانية 250 عنوانا جديدا، ومجموعة قصصية بعنوان «حالمين» لسالمين القذافي، إحدى قريبات العقيد الليبي المخلوع معمر القذافي.
وخصص القائمون على الصالون فضاء للنقاش الفكري والأدبي، على هامش المعرض، تميز بإلقاء محاضرات طغت على كثير منها ثورات تونس ومصر وليبيا والأحداث في سوريا واليمن. وأكثر المحاضرات التي جلبت إليها الحضور تلك التي نظمت الثلاثاء الماضي وهي بعنوان «الربيع العربي في التناول الروائي العربي». وكان الروائي المعروف واسيني الأعرج أحد المحاضرين، وقال إن الثورات «لم تحسم بعد ولا يجب الحديث عنها كأنها انتهت»، مشيرا إلى أن «الجيل الحالي مؤهل للكتابة عن الثورة لأنه يعيش أحداثها مباشرة». وناقشت المحاضرة إشكالية «هل الأدب يمهد الطريق إلى الثورة؟»، وقال الروائي الأعرج بهذا الخصوص إن «الكتابة لا يمكن أن تنسلخ عن المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه المؤلف حتى وإن كانت فعلا فرديا».
ينتهي «الصالون»، المقام في فضاء فسيح بـ«المركب الرياضي محمد بوضياف» بأعالي العاصمة، غدا السبت. وفي كل يوم يعرف إقبالا متزايدا من مختلف الفئات، من الطفل الصغير إلى المثقف والروائي والوزير والدبلوماسي. وعلى الرغم من المساحة الكبيرة التي خصصت في «الصالون» للكتاب العلمي، فاللافت هو كثافة المؤلفات الدينية والمهتمة بالتراث والتي حققت مبيعات قياسية، بحسب القائمين على المعرض، الذي بدأ يوم 21 من الشهر الحالي، من مسؤولي وزارة الثقافة.
وقد أعلنت السلطات الجزائرية أنها منعت عرض 400 كتاب في «الصالون الدولي للكتاب»، قبل انطلاقه «بسبب تعارض مضامينها مع الأخلاق والقانون ومبادئ المجتمع والدولة»، بحسب تبريرات مسؤولين حكوميين. وأفادت مصادر مطلعة على الموضوع، «الشرق الأوسط»، بأن الأمر يتعلق بكتب تروج للجهاد ومؤلفات تبشيرية تبدي السلطات حيالها حساسية كبيرة.
وكشفت وزير الثقافة خليدة تومي أن الكتب الممنوعة «تتعارض مع القانون الذي يحظر تبجيل الاستعمار والتمييز العنصري، والترويج للإرهاب والاعتداء الجنسي على الأطفال، والمساس بالديانات والأنبياء». وأوضحت تومي أن القانون الداخلي لـ«الصالون» الذي يحمل شعار «الكتاب يحرر»، يمنع الكتب التي توافرت فيها الأوصاف التي ذكرتها، وأنه منشور بالجريدة الرسمية لمن يريد الاطلاع عليه. وأوضحت أن «لجنة» مكونة من كل قطاعات الدولة أشرفت على غربلة الكتب عند وصولها إلى ميناء الجزائر العاصمة.
وتتحفظ السلطات على الكشف عن أسماء مؤسسات النشر التي طالها الحظر، بدعوى أن ذلك سيمنحها فرصة رفع دعاوى قضائية ضدها، بحجة الإساءة لسمعتها. وترى السلطات أن الكتاب الديني كان سببا مباشرا في تغذية العنف الذي فجرته جماعات محسوبة على التيار الديني المتطرف مطلع تسعينات القرن الماضي، والذي ما زالت البلاد تعيش تداعياته حتى اليوم. وتشهد المكتبات المسجدية والفضاءات التي تنتشر فيها الكتب، مراقبة شديدة من طرف «لجان مراقبة» للحيلولة دون انتشار مواد تدعو للجهاد في أوساط الشباب. وسبق لمصالح الأمن أن صادرت كتبا وأقراصا مضغوطة تتضمن إجراءات فنية للتدريب على استعمال السلاح والمتفجرات والأحزمة الناسفة.
ومن الكتب التي عرفت رواجا في «الصالون»، كتاب «الانتحاري الـ20 لا وجود له أبدا»، للطيار الجزائري السابق لطفي رايسي، الذي اتهمته الأجهزة الأمنية الأميركية بالإشراف على تدريب الطيارين الـ19 الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وتم تبرئة رايسي، الذي يقيم بلندن، من طرف القضاء البريطاني بعد أشهر من السجن. ودفعت له الحكومة البريطانية تعويضا، ويسعى منذ سنوات بمساعدة الحكومة الجزائرية إلى إلغاء مذكرة الاعتقال الدولية التي أصدرتها ضده الحكومة الأميركية. وذكر رايسي في لقاء به بـ«الصالون» أن سيناريو فيلم مرتقب يروي قصته سيقتبس من كتابه.
وعرضت صحيفة «الشروق» مجموعة من مؤلفات لصحافييها، أبرزها كتاب «ليلة رعب في القاهرة.. لعنة الشهداء وقصاص الثورة»، لرئيس التحرير محمد يعقوبي. ويروي الكتاب تفاصيل مثيرة عن الصراع الكروي الحاد بين الجزائر ومصر، على خلفية حادثة تعرض حافلة منتخب الجزائر للرشق بالحجارة عشية المقابلة المشهودة التي جرت بالقاهرة يوم 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. ويقول الكاتب لـ«الشرق الأوسط»، إن الكتاب «ليس إحياء للفتنة ولا تقليبا للجراح بقدر ما هو رؤية تصالحية، تسعى لتحديد المسؤوليات وحصر الإساءات وجرد المسيئين للجزائر شعبا وتاريخا وشهداء، وتحميل حكومة ما بعد الثورة المصرية مسؤولية تجفيف منابع الكراهية، بعقد تصالحات حقيقية ومعاقبة كل الذين شتموا شهداء الجزائر في الساحتين الإعلامية والفنية في مصر».
ويضيف يعقوبي أنه يهدي الكتاب إلى «شهداء ثورتي الجزائر ومصر، لأنني على قناعة بأن ثورة 25 يناير (كانون الثاني) بمصر غسلت الكثير من الأخطاء وعاقبت الكثير من المسيئين، في انتظار إزاحة باقي المسيئين من الصفوف الأولى».
وصرح حسن بدر، مدير المبيعات بدار «الشروق»، وهي من أهم المؤسسات العارضة، بأن كتب الفكر الإسلامي جلبت اهتمام عدد كبير من مرتادي الصالون، وبخاصة مؤلفات سيد قطب ويوسف القرضاوي وعبد الرحمن الشرقاوي وعبد الوهاب المسيري الذي حظيت موسوعته حول الصهيونية باهتمام خاص. واستقطبت كتب الطفل ومؤلفات الأدباء الكبار اهتمام الزوار أيضا، وأبرزهم توفيق الحكيم ومحفوظ نجيب. وعرضت دار «الشروق» آخر إصداراتها، مثل مذكرات تحية عبد الناصر، زوجة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والتي حملت عنوان «ذكريات معه». وعرضت أيضا «لماذا لا يثور المصريون؟»، للكاتب المعروف علاء الأسواني، الذي يقول حسن بدر إنه أحد الكتب التي حرضت على الثورة ضد نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك.
وشاركت منشورات «الاختلاف» الجزائرية، المشهورة في الوسط الثقافي المحلي، بمجموعة من الكتب من بينها رواية «حادي التيوس» للأديب المشهور أمين الزاوي. وعرضت منشورات «الفارابي» اللبنانية 250 عنوانا جديدا، ومجموعة قصصية بعنوان «حالمين» لسالمين القذافي، إحدى قريبات العقيد الليبي المخلوع معمر القذافي.
وخصص القائمون على الصالون فضاء للنقاش الفكري والأدبي، على هامش المعرض، تميز بإلقاء محاضرات طغت على كثير منها ثورات تونس ومصر وليبيا والأحداث في سوريا واليمن. وأكثر المحاضرات التي جلبت إليها الحضور تلك التي نظمت الثلاثاء الماضي وهي بعنوان «الربيع العربي في التناول الروائي العربي». وكان الروائي المعروف واسيني الأعرج أحد المحاضرين، وقال إن الثورات «لم تحسم بعد ولا يجب الحديث عنها كأنها انتهت»، مشيرا إلى أن «الجيل الحالي مؤهل للكتابة عن الثورة لأنه يعيش أحداثها مباشرة». وناقشت المحاضرة إشكالية «هل الأدب يمهد الطريق إلى الثورة؟»، وقال الروائي الأعرج بهذا الخصوص إن «الكتابة لا يمكن أن تنسلخ عن المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه المؤلف حتى وإن كانت فعلا فرديا».
0 التعليقات :
إرسال تعليق