في وقت لوَّح فيه رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، برهان غليون، برفض تقرير بعثة مراقبي الجامعة العربية، الذي سيقدمه رئيس البعثة لاجتماع وزراء الخارجية العرب، خلال ساعات، ودعوة المتحدثة باسم المجلس، بسمة قضماني، للجامعة بتحويل الملف إلى مجلس الأمن، بدا من مشاورات نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أن اتجاه المجلس الوزاري العربي مع الحل العربي للأزمة السورية المستمرة منذ نحو عشرة أشهر.
وأجرى العربي مشاورات منفردة مع كل من وزير خارجية تونس، رفيق عبد السلام، والجزائر، مراد مدلسي، كل على حدة، بمقر الجامعة، تركزت حول التحضيرات الخاصة بانعقاد اجتماعي اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية ومجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية والمقرر لهما اليوم الأحد.
وأفاد مصدر مسؤول بالجامعة العربية بأن المناقشات تناولت الرؤى العربية المطروحة حاليا للتعامل مع تطورات الأوضاع في سوريا وعلى ضوء ما رصده تقرير رئيس بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، الفريق أول محمد أحمد الدابي، مشيرا إلى أن الاتجاه يشير إلى التمسك بالحل العربي، وأضاف أن المشاورات تتركز حول عدد من الخطوات الواجب اتخاذها للتعامل مع الأزمة السورية، بما يضمن تعزيز فرق المراقبين العرب في سوريا والدفع باتجاه الضغط على الحكومة السورية لاستكمال تنفيذ البنود الرئيسية في البرتوكول الموقع بين الجامعة وسوريا، بالإضافة إلى خطة العمل العربية.
وقامت الجامعة العربية بتسليم وزراء الخارجية العرب تقرير الفريق الدابي، الذي يصل حجمه إلى مجلد ضخم، يتضمن كل تفاصيل مراقبي البعثة على مدار الشهر.
ووفقا للمصادر، أوصى الدابي بدعم وتطوير عمل البعثة واستمرار عملها خلال الأيام المقبلة وعدم التجاوب مع دعوات إنهاء عمل البعثة، وإن كانت بعض المصادر تتوقع نقل الملف إلى الأمم المتحدة لدعم الحل العربي، وليس إشارة للتدخل أو التدويل.
وقال السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام للجامعة، إن العربي تسلم تقرير الدابي، الخميس الماضي، مشيرا إلى أنه تم تعميم التقرير على الدول العربية، يوم أول من أمس (الجمعة)، وذلك لمناقشته في اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا، اليوم، تمهيدا لعرضه على مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، في نفس اليوم. وأضاف بن حلي، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن التقرير هو خلاصة عمل بعثة مراقبي الجامعة العربية في الفترة من يوم 14 الشهر الماضي حتى 18 الشهر الحالي، وإن هذا التقرير سيكون متاحا للاطلاع عليه من قبل المنظمات والأطراف الدولية المعنية بتطورات الأوضاع في سوريا.
وعقب لقائه مع نظيره المصري، محمد عمرو، قال رفيق عبد السلام، وزير الشؤون الخارجية التونسي الذي يزور القاهرة حاليا للمشاركة في الاجتماع الوزاري العربي، إن بلاده لم تتلق أي اقتراحات بشكل رسمي من جامعة الدول العربية حول فكرة قطر إرسال قوات عربية إلى سوريا، ونفى أن يكون قد تم نقل هذا المطلب من الجامعة إلى تونس بشكل رسمي.
وقال وزير الخارجية التونسي، أمس، إن المتفق عليه عربيا الآن هو أن تستمر مهمة المراقبين العرب، وربما تمدد إلى بعض الوقت، ونراقب ونرى الأمور إلى أين ستسير، ولكننا راغبون في موقف عربي مشترك يكون فيه قدر من الاتفاق، وربما حد أدنى من الإجماع العربي.
وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، المستشار عمرو رشدي، بأن اللقاء بين وزيري خارجية البلدين استعراض الأوضاع العربية الراهنة، خاصة الشأن السوري، مشيرا إلى تطابق وجهات نظر الوزيرين بشأن ضرورة حل الأزمة السورية في الإطار العربي، ومن خلال المبادرة العربية لتفادي التدويل والتدخل الخارجي في الأزمة، حفاظا على الأمن القومي العربي.
وبينما تتجه الجامعة العربية، التي تتعرض لضغوط لإحالة الملف السوري إلى الأمم المتحدة، إلى تمديد مهمة مراقبيها في سوريا لمدة شهر، على الرغم من الانتقادات المتزايدة التي توجه لها من قبل المعارضة السورية التي تؤكد أن هذه المهمة لم تفلح في إنهاء قمع النظام للمظاهرات منذ 10 أشهر، كشف المعارض البارز أديب الششكلي، عضو المجلس الوطني السوري، عن ملامح من لقاء وفد المعارضة السورية، برئاسة الدكتور برهان غليون، مع الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، أن اللقاء تميز بالشفافية والصراحة التامة، واستغرق نحو ساعة ونصف الساعة في مقر الجامعة العربية، وشارك فيه تسعة من أعضاء المجلس الوطني برئاسة غليون. وقال الششكلي إن حسم تمديد مهمة المراقبين سيكون في أعقاب الاجتماع الوزاري للجنة العربية ومجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية اليوم، لبحث تطورات الأزمة السورية بعد شهر من عمل بعثة المراقبين العرب، والتقرير الثاني الذي سيقدمه رئيس بعثة المراقبين، الفريق أحمد الدابي»، مشيرا إلى أن تقرير الفريق الدابي هو «تقرير فني».
وقال الششكلي أكدنا في لقائنا مع العربي أن آلة القتل في سوريا مستمرة، على الرغم من وجود المراقبين العرب، بل زاد عدد القتلى منذ وصولهم، ولن نتغاضى عن طلب إحالة الملف السوري إلى مجس الأمن الدولي»، وأوضح أن «عفو الرئيس بشار الأسد عن المعتقلين لم يكن صادقا، لأنه أخرج بضعة مئات من المعتقلين، بينما المعتقلون بعشرات الآلاف».
وقال إن الشعب والثوار بجميع طوائفهم لن يقبلوا من تقرير الدابي إلا الحقيقة على أرض الواقع الميداني الذي يعرفه الجميع.
ومن جانبه، لوح برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، برفض تقرير بعثة مراقبي الجامعة العربية، الذي سيقدمه الدابي للجامعة العربية، في حال كان التقرير غير موضوعي، قائلا في تصريحات صحافية، عقب لقائه مع العربي، أمس، إن شروط عمل البعثة والظروف المحيطة بها وإمكانياتها المحدودة لا تؤهلها لتقرير موضوعي عن الوضع السوري.
وأضاف غليون أنه إذا جاء تقرير بعثة الجامعة لهذه الأسباب غير موضوعي فسوف يرفضه المجلس الوطني شكلا وموضوعا، قائلا: إننا نقلنا للدكتور نبيل العربي وجهة نظر الشعب السوري وشباب الثورة، فيما يتعلق بعمل بعثة مراقبي الجامعة العربية، ونقلوا لنا وجهة نظرهم حول شروط عمل هذه البعثة، والخطوات المقبلة التي يمكن للمجلس الوزاري العربي أن يتخذها خلال اجتماعه واطلاعها على التقرير الميداني والسياسي. ومن جانبها، قالت بسمة قضماني، الناطقة باسم المجلس الوطني السوري المعارض: «لقد قدمنا طلبا للجامعة العربية بأن تحيل الملف إلى مجلس الأمن»، وأضافت أن «مجلس الأمن ينتظر نتائج هذا التقرير وتقييم الجامعة العربية، وندعم نقل الملف لمجلس الأمن». وأردفت أن التدخل الدولي «هو نقل الملف لمجلس الأمن ولا شيء آخر».
وردا على سؤال بشأن قول وزير خارجية قطر إن مجلس الأمن لا ينتظر إشارة من الجامعة العربية، بالإضافة إلى التخوف من الفيتو الروسي، قالت قضماني: «أعتقد أنه إذا كانت الجامعة العربية هي التي تتوجه بهذا الطلب، فمن الصعب على الدول الممانعة، وخاصة روسيا بالتحديد، أن تتجاهل هذا الطلب».
وحول إصرار المعارضة على التدخل الدولي، قالت قضماني إن التدخل الدولي هو نقل الملف إلى مجلس الأمن، وليس أي شيء آخر. وتابعت موضحة أن مجلس الأمن حتى اليوم لم يصدرا قرارا عن سوريا بعد 11 شهرا من الأزمة، وعليه أن يتحمل المسؤولية في إدارة الملف السوري.. «هذا ما نطلبه، وسيكون نقل الملف لمجلس الأمن بطلب عربي أقوى، وله حظوظ في النجاح أكبر».
------------------------
وكالات
0 التعليقات :
إرسال تعليق