يشكل القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على النفط الإيراني، والذي اتفق عليه يوم الاثنين وزراء الخارجية الأوروبيون، قنبلة موقوتة، من المقرر أن تنفجر يوم 1 يوليو (تموز). في ذلك اليوم، بحسب حزمة إجراءات مطروحة على الطاولة في بروكسل، ستتوقف أوروبا عن استيراد النفط من إيران، وهو ما يمثل نحو خمس إجمالي صادرات الدولة. في الوقت نفسه، سيتم فرض عقوبات أميركية تستهدف التمويل العالمي لتجارة النفط في إيران. وربما يكون ما زال بإمكان إيران تصدير كمية من نفطها إلى آسيا، ولكن بخصومات كبيرة.
وعلى عكس العقوبات السابقة على إيران، سوف يلحق حظر النفط الضرر بجميع المواطنين ويمثل تهديدا للنظام. لقد ذكرت طهران منذ وقت طويل أن تلك الإجراءات ستكون بمثابة إعلان للحرب على إيران، وهناك خبراء قانونيون في الغرب يوافقون على هذا الرأي، بيد أن التهديد بصدام مباشر في الخليج تراجع خلال نهاية الأسبوع عندما عبرت حاملة الطائرات «يو إس إس لينكولن» وفرقة عملها التي تضم الفرقاطة البريطانية «إتش إم إس أرغيل» وسفينة حربية فرنسية، مضيق هرمز من دون وقوع حوادث. وكان ذلك على الرغم من تحذيرات وجهتها قوات الحرس الثوري الإيراني بداية هذا الشهر مفادها أنها ستعترض طريق عودة حاملة الطائرات الأميركية إلى المنطقة.
غير أنه من المؤكد أن التوترات ستظهر على السطح مجددا مع اقتراب موعد سريان العقوبات المفروضة على النفط. وقد بدأت الولايات المتحدة بالفعل في تكثيف وجودها العسكري في المنطقة، ويخطط الحرس الثوري الإسلامي الإيراني لألعاب حرب بحرية جديدة الشهر المقبل. وصرح قائد القوات البحرية، علي فدوي، لوكالة أنباء «فارس» في وقت سابق من هذا الشهر، بأن التدريبات المقبلة التي تحمل اسم «الرسول العظيم» ستكون مختلفة عن ألعاب الحرب السابقة، دون الخوض في التفاصيل.
* إمداد النفط الإيراني يعتبر مضيق هرمز هو الشريان الرئيسي الذي تمد من خلاله منطقة الخليج العالم بالنفط. ربما يكون لقدر بسيط من الضغط تأثير غير متكافئ، برفع أسعار النفط الخام في العالم وحدوث مجاعات في الدول المعتمدة على النفط في العالم. عند أضيق نقطة له، بين شبه الجزيرة العمانية والجزر الإيرانية قبالة بندر عباس، يبلغ عرض المضيق 20 ميلا، لكن القنوات التي يتدفق أسفلها أكثر من ثلث النفط المنقول عبر المحيط (17 مليون برميل نفط يوميا) تعتبر أضيق، إذ يبلغ عرض ممرات ناقلات البترول في كل اتجاه ميلين فقط، عبر المياه العميقة قبالة عمان، ثم مجددا إلى أقصى الغرب، داخل المياه الإقليمية الإيرانية.
ويعتبر هذا هو الموقع الذي تكون فيه ناقلات النفط أكثر عرضة لمحاولة من جانب إيران لإغلاق مضخة النفط العالمية. وما لبث مسؤول إيراني أن لوح باحتمال إغلاق المضيق، انتقاما من التهديد بفرض عقوبات على إيران، حتى ارتفع السعر العالمي للنفط الخام إلى 115 دولارا (74 جنيها إسترلينيا) للبرميل. وفي حالة ثبات هذا السعر على المدى الطويل، سيكون باهظا بالدرجة الكافية لكبح أي قدر ولو بسيط من الانتعاش الاقتصادي العالمي.
وهذا ما يجعل إجراء القوات البحرية الإيرانية في الخليج سلاحا قويا، غير أنه بلا شك سلاح ذو حدين، ربما يكون أكثر إضرارا بإيران منه بخصومها، فبينما، ربما، تتمكن المملكة العربية السعودية من عبور المضيق بخط أنابيب نفطها، فإن كل وحدات النفط الطرفية الإيرانية تقع غرب نقطة الاختناق. سوف تقطع إيران شريان حياتها الذي يشكل أكثر من 60 في المائة من اقتصادها.
إضافة إلى ذلك، فقد أوضحت الولايات المتحدة أن تعطيل الملاحة البحرية في الخليج «خط أحمر»، من شأنه أن يدفع لاتخاذ رد فعل عسكري شامل ستدخل فيه المنشآت النووية الإيرانية ضمن قائمة أهداف العملية العسكرية. وحتى الآن، استبعد الجيش الأميركي شن هجمات على البرنامج النووي، إذ إن تكاليف شن حرب ضد إيران تفوق مكاسب تأجيل البرنامج النووي، بحسب تقدير وزير الدفاع، ليون بانيتا، لعام أو عامين على الأكثر، لكن إذا كانت الولايات المتحدة ستدخل في حرب بشأن النفط، فإن تحليل التكلفة والعائد سيتغير.
ومن ثم، فإن إغلاق المضيق على الفور – إن لم يكن عملا انتحاريا – فإنه سيضر بإيران أبلغ الضرر، غير أن الخيار الذي يواجه طهران ليس ثنائيا. ثمة خيارات كثيرة لا ترقى إلى مستوى الإغلاق الكامل للمضيق؛ أشكال من عرقلة تجارة النفط من شأنها أن ترفع سعر النفط الخام وتبقيه مرتفعا، على نحو يعود بنفع كبير على إيران، لكنه لا يصل إلى درجة أن يكون ذريعة لشن حرب. ومع ذلك، فإن انتهاج تلك الخيارات يتطلب دهاء وحكمة من جانب جميع الأطراف، وهذا ليس أمرا مطروحا بأية حال.
ففي فترة يحتدم فيها التوتر بشكل دائم، بإمكان قائد قوات الحرس الثوري الإيراني ذي الحماسة المفرطة أن يستغل هذه اللحظة في شن حرب، أو قد يسيء قبطان أميركي عصبي، تفصل سفينته ثوان عن قذائف إيرانية مضادة للسفن، تقدير الموقف بالمثل. كانت آخر مرة دخلت فيها إيران وأميركا في نزاع في هذا المضيق على وجه التحديد، في عام 1988، حينما قذفت قاذفة صواريخ تسمى «يو إس إس فينسنس» طائرة ركاب إيرانية، مما أسفر عن مصرع 290 مدنيا، بينهم 66 طفلا.
يلقي شبح «إيران إير 655» بظلاله على المواجهة الحالية، إذ تذكر تلك الحادثة بأنه حتى أقوى الجيوش وأكثرها تقدما في العالم ليس بالضرورة أن تكون قادرة على السيطرة على موقف سمح فيه بتصاعد التوترات.
* الخيارات العسكرية الأميركية مما لا شك فيه أن قوة السلاح الكاسحة تحت تصرف أميركا. من المتوقع أن يدعم الأسطول الخامس الأميركي، الذي تتمثل وظيفته في مراقبة منطقة الخليج، عدد يتراوح ما بين حاملة إلى حاملتي طائرات. في الوقت نفسه، مع سحب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قواتها من العراق، فإنها قد عززت بهدوء وجودها العسكري في الكويت. وذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن لديها الآن 15.000 قوة هناك، من بينها كتيبتا جيش ووحدة طائرات هليكوبتر. ويدعم الولايات المتحدة أيضا الوجود البحري القوي لحلفائها البريطانيين ومن دول الخليج
وتبدو القوات العسكرية الإيرانية ضئيلة بالمقارنة، لكنها قوية بالقدر الكافي لإلحاق ضرر هائل بالملاحة التجارية، فهي تمتلك ثلاث غواصات روسية تعمل بالديزل من فئة «كيلو» التي تعمل في صمت، ويعتقد أنها تتمتع بالقدرة على زرع ألغام، كما تمتلك أيضا أسطولا ضخما من الغواصات الصغيرة وآلاف القوارب الصغيرة المسلحة بقذائف مضادة للسفن يمكنها العبور دون أن يقتفى أثرها من قبل رادار السفن حتى مسافة قريبة جدا، كما أن لديها أيضا كتيبة «استشهاديين» يمكن أن تزودها بمهاجمين انتحاريين على أهبة الاستعداد.
ويتمثل أكبر مخاوف الأسطول الخامس في احتمالية توظيف تلك الحرب غير المتكافئة في إخضاع الأنظمة الدفاعية المعقدة لسفنه، خاصة في الحدود الضيقة لمضيق هرمز، الموزعة عند الجزر الإيرانية كثيرة الصخور المليئة بالتجاويف والتي تعتبر مثالية لشن هجمات سرية. في عام 2002، نظم الجيش الأميركي تدريبا بلغت تكلفته 250 مليون دولار (160 مليون جنيه إسترليني) يحمل اسم «تحدي الألفية»، وفيه شنت الولايات المتحدة حربا ضد دولة مارقة مجهولة الهوية لديها عدد كبير من القوارب الصغيرة وكتائب استشهاديين على أهبة الاستعداد. وفازت هذه الدولة المارقة، أو على الأقل كانت فائزة، عندما قرر كبار ضباط البنتاغون إنهاء التدريب. في ذلك الوقت، كان من المفترض أن العدو هو العراق، حيث كانت الحرب مع صدام حسين تلوح في الأفق، غير أن نمط القتال حاكى النمط الذي يتبعه الحرس الثوري الإيراني.
ومنذ ذلك الحين، ركزت معظم خطط البحرية الأميركية على كيفية مواجهة «تكتيكات الحشد» – الهجمات على السفن الأميركية بأعداد ضخمة من القوارب ومئات من القذائف والمفجرين الانتحاريين والألغام، في وقت واحد.
«كل أسبوعين في واشنطن، بإمكانك أن تحضر مؤتمرا مختلفا عن تكتيكات الحشد»، هذا ما قاله سام غاردينر، كولونيل متقاعد بالقوات الجوية الأميركية، قام بتدريس الاستراتيجيات الحربية والعمليات العسكرية بكلية الحرب الوطنية. وأضاف: «لقد أثبتت ألعاب الحرب أن حشد القذائف والألغام معا يلقي بضغط على قدرة السفن على الدفاع عن نفسها. ويتمثل التحدي الذي تواجهه في كيفية تأمين كاسحات الألغام التي تمتلكها ضد أساليب الحشد».
وقد تمثلت إحدى استجابات البحرية الأميركية في تطوير نوع جديد من السفن القتالية، ألا وهي سفينة القتال الساحلية «إل سي إس»، وهي السفينة القتالية المصممة خصيصا لمواجهة تكتيكات القوات البحرية الإيرانية. وتتسم سفينة «إل سي إس» بأنها مصقولة وصغيرة الحجم وخفيفة وذات غاطس مسطح وتسير بسرعات كبيرة، بما يمكنها من العمل على طول السواحل المليئة بالجزر.
وعلى أدنى المستويات، يقال إن الأسطول الخامس قد استعان
وعلى عكس العقوبات السابقة على إيران، سوف يلحق حظر النفط الضرر بجميع المواطنين ويمثل تهديدا للنظام. لقد ذكرت طهران منذ وقت طويل أن تلك الإجراءات ستكون بمثابة إعلان للحرب على إيران، وهناك خبراء قانونيون في الغرب يوافقون على هذا الرأي، بيد أن التهديد بصدام مباشر في الخليج تراجع خلال نهاية الأسبوع عندما عبرت حاملة الطائرات «يو إس إس لينكولن» وفرقة عملها التي تضم الفرقاطة البريطانية «إتش إم إس أرغيل» وسفينة حربية فرنسية، مضيق هرمز من دون وقوع حوادث. وكان ذلك على الرغم من تحذيرات وجهتها قوات الحرس الثوري الإيراني بداية هذا الشهر مفادها أنها ستعترض طريق عودة حاملة الطائرات الأميركية إلى المنطقة.
غير أنه من المؤكد أن التوترات ستظهر على السطح مجددا مع اقتراب موعد سريان العقوبات المفروضة على النفط. وقد بدأت الولايات المتحدة بالفعل في تكثيف وجودها العسكري في المنطقة، ويخطط الحرس الثوري الإسلامي الإيراني لألعاب حرب بحرية جديدة الشهر المقبل. وصرح قائد القوات البحرية، علي فدوي، لوكالة أنباء «فارس» في وقت سابق من هذا الشهر، بأن التدريبات المقبلة التي تحمل اسم «الرسول العظيم» ستكون مختلفة عن ألعاب الحرب السابقة، دون الخوض في التفاصيل.
* إمداد النفط الإيراني يعتبر مضيق هرمز هو الشريان الرئيسي الذي تمد من خلاله منطقة الخليج العالم بالنفط. ربما يكون لقدر بسيط من الضغط تأثير غير متكافئ، برفع أسعار النفط الخام في العالم وحدوث مجاعات في الدول المعتمدة على النفط في العالم. عند أضيق نقطة له، بين شبه الجزيرة العمانية والجزر الإيرانية قبالة بندر عباس، يبلغ عرض المضيق 20 ميلا، لكن القنوات التي يتدفق أسفلها أكثر من ثلث النفط المنقول عبر المحيط (17 مليون برميل نفط يوميا) تعتبر أضيق، إذ يبلغ عرض ممرات ناقلات البترول في كل اتجاه ميلين فقط، عبر المياه العميقة قبالة عمان، ثم مجددا إلى أقصى الغرب، داخل المياه الإقليمية الإيرانية.
ويعتبر هذا هو الموقع الذي تكون فيه ناقلات النفط أكثر عرضة لمحاولة من جانب إيران لإغلاق مضخة النفط العالمية. وما لبث مسؤول إيراني أن لوح باحتمال إغلاق المضيق، انتقاما من التهديد بفرض عقوبات على إيران، حتى ارتفع السعر العالمي للنفط الخام إلى 115 دولارا (74 جنيها إسترلينيا) للبرميل. وفي حالة ثبات هذا السعر على المدى الطويل، سيكون باهظا بالدرجة الكافية لكبح أي قدر ولو بسيط من الانتعاش الاقتصادي العالمي.
وهذا ما يجعل إجراء القوات البحرية الإيرانية في الخليج سلاحا قويا، غير أنه بلا شك سلاح ذو حدين، ربما يكون أكثر إضرارا بإيران منه بخصومها، فبينما، ربما، تتمكن المملكة العربية السعودية من عبور المضيق بخط أنابيب نفطها، فإن كل وحدات النفط الطرفية الإيرانية تقع غرب نقطة الاختناق. سوف تقطع إيران شريان حياتها الذي يشكل أكثر من 60 في المائة من اقتصادها.
إضافة إلى ذلك، فقد أوضحت الولايات المتحدة أن تعطيل الملاحة البحرية في الخليج «خط أحمر»، من شأنه أن يدفع لاتخاذ رد فعل عسكري شامل ستدخل فيه المنشآت النووية الإيرانية ضمن قائمة أهداف العملية العسكرية. وحتى الآن، استبعد الجيش الأميركي شن هجمات على البرنامج النووي، إذ إن تكاليف شن حرب ضد إيران تفوق مكاسب تأجيل البرنامج النووي، بحسب تقدير وزير الدفاع، ليون بانيتا، لعام أو عامين على الأكثر، لكن إذا كانت الولايات المتحدة ستدخل في حرب بشأن النفط، فإن تحليل التكلفة والعائد سيتغير.
ومن ثم، فإن إغلاق المضيق على الفور – إن لم يكن عملا انتحاريا – فإنه سيضر بإيران أبلغ الضرر، غير أن الخيار الذي يواجه طهران ليس ثنائيا. ثمة خيارات كثيرة لا ترقى إلى مستوى الإغلاق الكامل للمضيق؛ أشكال من عرقلة تجارة النفط من شأنها أن ترفع سعر النفط الخام وتبقيه مرتفعا، على نحو يعود بنفع كبير على إيران، لكنه لا يصل إلى درجة أن يكون ذريعة لشن حرب. ومع ذلك، فإن انتهاج تلك الخيارات يتطلب دهاء وحكمة من جانب جميع الأطراف، وهذا ليس أمرا مطروحا بأية حال.
ففي فترة يحتدم فيها التوتر بشكل دائم، بإمكان قائد قوات الحرس الثوري الإيراني ذي الحماسة المفرطة أن يستغل هذه اللحظة في شن حرب، أو قد يسيء قبطان أميركي عصبي، تفصل سفينته ثوان عن قذائف إيرانية مضادة للسفن، تقدير الموقف بالمثل. كانت آخر مرة دخلت فيها إيران وأميركا في نزاع في هذا المضيق على وجه التحديد، في عام 1988، حينما قذفت قاذفة صواريخ تسمى «يو إس إس فينسنس» طائرة ركاب إيرانية، مما أسفر عن مصرع 290 مدنيا، بينهم 66 طفلا.
يلقي شبح «إيران إير 655» بظلاله على المواجهة الحالية، إذ تذكر تلك الحادثة بأنه حتى أقوى الجيوش وأكثرها تقدما في العالم ليس بالضرورة أن تكون قادرة على السيطرة على موقف سمح فيه بتصاعد التوترات.
* الخيارات العسكرية الأميركية مما لا شك فيه أن قوة السلاح الكاسحة تحت تصرف أميركا. من المتوقع أن يدعم الأسطول الخامس الأميركي، الذي تتمثل وظيفته في مراقبة منطقة الخليج، عدد يتراوح ما بين حاملة إلى حاملتي طائرات. في الوقت نفسه، مع سحب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قواتها من العراق، فإنها قد عززت بهدوء وجودها العسكري في الكويت. وذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن لديها الآن 15.000 قوة هناك، من بينها كتيبتا جيش ووحدة طائرات هليكوبتر. ويدعم الولايات المتحدة أيضا الوجود البحري القوي لحلفائها البريطانيين ومن دول الخليج
وتبدو القوات العسكرية الإيرانية ضئيلة بالمقارنة، لكنها قوية بالقدر الكافي لإلحاق ضرر هائل بالملاحة التجارية، فهي تمتلك ثلاث غواصات روسية تعمل بالديزل من فئة «كيلو» التي تعمل في صمت، ويعتقد أنها تتمتع بالقدرة على زرع ألغام، كما تمتلك أيضا أسطولا ضخما من الغواصات الصغيرة وآلاف القوارب الصغيرة المسلحة بقذائف مضادة للسفن يمكنها العبور دون أن يقتفى أثرها من قبل رادار السفن حتى مسافة قريبة جدا، كما أن لديها أيضا كتيبة «استشهاديين» يمكن أن تزودها بمهاجمين انتحاريين على أهبة الاستعداد.
ويتمثل أكبر مخاوف الأسطول الخامس في احتمالية توظيف تلك الحرب غير المتكافئة في إخضاع الأنظمة الدفاعية المعقدة لسفنه، خاصة في الحدود الضيقة لمضيق هرمز، الموزعة عند الجزر الإيرانية كثيرة الصخور المليئة بالتجاويف والتي تعتبر مثالية لشن هجمات سرية. في عام 2002، نظم الجيش الأميركي تدريبا بلغت تكلفته 250 مليون دولار (160 مليون جنيه إسترليني) يحمل اسم «تحدي الألفية»، وفيه شنت الولايات المتحدة حربا ضد دولة مارقة مجهولة الهوية لديها عدد كبير من القوارب الصغيرة وكتائب استشهاديين على أهبة الاستعداد. وفازت هذه الدولة المارقة، أو على الأقل كانت فائزة، عندما قرر كبار ضباط البنتاغون إنهاء التدريب. في ذلك الوقت، كان من المفترض أن العدو هو العراق، حيث كانت الحرب مع صدام حسين تلوح في الأفق، غير أن نمط القتال حاكى النمط الذي يتبعه الحرس الثوري الإيراني.
ومنذ ذلك الحين، ركزت معظم خطط البحرية الأميركية على كيفية مواجهة «تكتيكات الحشد» – الهجمات على السفن الأميركية بأعداد ضخمة من القوارب ومئات من القذائف والمفجرين الانتحاريين والألغام، في وقت واحد.
«كل أسبوعين في واشنطن، بإمكانك أن تحضر مؤتمرا مختلفا عن تكتيكات الحشد»، هذا ما قاله سام غاردينر، كولونيل متقاعد بالقوات الجوية الأميركية، قام بتدريس الاستراتيجيات الحربية والعمليات العسكرية بكلية الحرب الوطنية. وأضاف: «لقد أثبتت ألعاب الحرب أن حشد القذائف والألغام معا يلقي بضغط على قدرة السفن على الدفاع عن نفسها. ويتمثل التحدي الذي تواجهه في كيفية تأمين كاسحات الألغام التي تمتلكها ضد أساليب الحشد».
وقد تمثلت إحدى استجابات البحرية الأميركية في تطوير نوع جديد من السفن القتالية، ألا وهي سفينة القتال الساحلية «إل سي إس»، وهي السفينة القتالية المصممة خصيصا لمواجهة تكتيكات القوات البحرية الإيرانية. وتتسم سفينة «إل سي إس» بأنها مصقولة وصغيرة الحجم وخفيفة وذات غاطس مسطح وتسير بسرعات كبيرة، بما يمكنها من العمل على طول السواحل المليئة بالجزر.
وعلى أدنى المستويات، يقال إن الأسطول الخامس قد استعان
بعدد كبير من الدلافين المدربة على تحديد مواقع الألغام.
في النهاية، سيكون رد الفعل الأميركي تجاه تكتيكات الحشد هو استغلال الهيمنة الأميركية في الجو والعدد الهائل من القذائف الموجهة بدقة، في التصعيد بسرعة وبشكل هائل، لتدمير جميع مواقع القذائف الإيرانية والرادار والمرفأ العسكري وحواجز المياه على الشاطئ. لقد بات شبه مؤكد أن الهجمات الجوية ستتعقب أيضا مواقع القيادة والمواقع النووية المحتملة أيضا.
وثمة قدر محدود من الشك في فاعلية تلك الاستراتيجية كعائق، غير أنها تحمل في متنها خطر تحويل مناوشة بحرية بسيطة إلى حرب شاملة في مدة قصيرة.
* التكتيكات الإيرانية لهذا السبب، يشير معظم الخبراء العسكريين إلى أنه إذا ما قررت إيران انتهاج إجراء معين للانتقام من فرض عقوبات على نفطها، فمن المرجح أن تنتهج سبيلا آخر. يرى غاردينر أن النموذج الأكثر احتمالية سيكون «حرب الناقلات» بين إيران والعراق في الفترة من عام 1984 إلى 1987. وسيكون الهدف هو رفع أقساط التأمين وغيرها من تكاليف الشحن الأخرى، ومن ثم دفع أسعار النفط كوسيلة لإيذاء الغرب وتعويض العائدات المفقودة خلال الحظر.
«ليس بالضرورة أن يتخذوا أي إجراء مباشر. إذا ما انتهجوا التكتيك نفسه الذي انتهجوه في حرب الناقلات، فقد يتم تحديد موقع لغم ولن يكون من الواضح على وجه التحديد منذ متى تم زرعه. ومن شأن أشياء على هذه الشاكلة أن ترفع سعر النفط. يتحدث الناس عن ارتفاع في أسعار النفط، لكن الأمر ربما يبدو أقرب إلى حالة استقرار نسبي في الأسعار»، يقول غاردينر: «الحل هو عدم التصعيد. إنك تبدأ بحماية الناقلات والبحث عن ألغام».
وحتى إذا ما قررت إيران الثأر، فلن يكون هناك مبرر بالنسبة لها أن تتقيد باتخاذ رد فعل مباشر في المضيق. من الممكن أن تستهدف سعر النفط بأعمال تخريب تستهدف منشآت النفط بالدول العربية على طول الساحل الجنوبي للخليج، أو أن تستهدف المصالح الغربية بأي مكان في العالم، بعد أشهر أو سنوات من فرض حظر على النفط الإيراني.
وأوضح آدم لوثر، من جامعة إير التابعة للقوات الجوية الأميركية، مؤخرا على مدونة «ديبلومات» أن «وزارة الاستخبارات والأمن القومي، خدمة التجسس في إيران، تعد واحدة بين أكثر الوزارات كفاءة في العالم». «على مدار الثلاثين عاما الماضية، تعقب وكلاء وزارة الاستخبارات والأمن القومي بنجاح واغتالوا منشقين ومسؤولين سابقين بحكومة الشاه وتهديدات حقيقية أو خيالية للنظام. ولا تزال وزارة الاستخبارات والأمن القومي قادرة على تنفيذ اغتيالات وشن هجمات ضد الحكومة وأهداف من المدنيين. ومن المرجح أن يكون لخدمة الاستخبارات أيضا وكلاء سريون في الولايات المتحدة»، هذا ما قاله لوثر.
وقال إحسان محرابي، صحافي إيراني متخصص في القضايا العسكرية والاستراتيجية غادر إيران مؤخرا، على موقع «إنسايد إيران» الإلكتروني: «أتذكر تعبيرا اصطلاحيا إيرانيا شهيرا كان شائعا على وجه الخصوص بين المسؤولين العسكريين: (إذا غرقنا، فسنغرق الجميع معنا). كانوا واضحين تماما بشأن نيتهم. وفي حالة التعرض لهجوم من جانب قوة غربية، فلن يتم احتواء الحرب داخل الحدود الإيرانية. سيصبح العالم بأسره ساحة قتال لإيران – على الأقل، كانت تلك فكرتهم».
ويرى مسؤولو إدارة أوباما أن مخطط تفجير في واشنطن العام الماضي، الذي اتهمت فيه قوات الحرس الثوري بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة بتفجير مطعمه المفضل في العاصمة الأميركية، ربما كان محاولة لتصفية حسابات أحداث ماضية.
وقال بروس ريدل، مسؤول سابق رفيع المستوى بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، مؤخرا في ندوة أقيمت في واشنطن ونظمها المجلس الأطلسي: «تتمثل إحدى الوسائل التي يمكن أن تؤذينا بها إيران والتي قلما يتم الحديث عنها في قدرة الإيرانيين على إيذائنا في حرب أوباما في أفغانستان - أن الإيرانيين في موقع متميز جدا يمكنهم من جعل الحرب في أفغانستان (التي تعتبر صعبة بالأساس) مستحيلة».
غير أن كل هذه الخيارات تمثل استراتيجيات عالية المخاطرة، محفوفة بمخاطر سوء التقدير. في سيناريو حرب الناقلات، ستوكل مهمة الحفاظ على الخط الفاصل بين الحرب والسلام، فعليا، إلى صغار الضباط المجبرين على اتخاذ قرارات تنطوي على مجازفات كبيرة في ثوان معدودة، وهي مجموعة الظروف التي قادت إلى كارثة طائرة «إيرباص» في عام 1988. حتى إذا ظلت واشنطن وطهران مصرتين على تجنب حرب شاملة، مع مرور شهر تلو الآخر، يزداد احتمال اندلاع حرب بشكل غير مقصود.
* التكتيكات الإيرانية لهذا السبب، يشير معظم الخبراء العسكريين إلى أنه إذا ما قررت إيران انتهاج إجراء معين للانتقام من فرض عقوبات على نفطها، فمن المرجح أن تنتهج سبيلا آخر. يرى غاردينر أن النموذج الأكثر احتمالية سيكون «حرب الناقلات» بين إيران والعراق في الفترة من عام 1984 إلى 1987. وسيكون الهدف هو رفع أقساط التأمين وغيرها من تكاليف الشحن الأخرى، ومن ثم دفع أسعار النفط كوسيلة لإيذاء الغرب وتعويض العائدات المفقودة خلال الحظر.
«ليس بالضرورة أن يتخذوا أي إجراء مباشر. إذا ما انتهجوا التكتيك نفسه الذي انتهجوه في حرب الناقلات، فقد يتم تحديد موقع لغم ولن يكون من الواضح على وجه التحديد منذ متى تم زرعه. ومن شأن أشياء على هذه الشاكلة أن ترفع سعر النفط. يتحدث الناس عن ارتفاع في أسعار النفط، لكن الأمر ربما يبدو أقرب إلى حالة استقرار نسبي في الأسعار»، يقول غاردينر: «الحل هو عدم التصعيد. إنك تبدأ بحماية الناقلات والبحث عن ألغام».
وحتى إذا ما قررت إيران الثأر، فلن يكون هناك مبرر بالنسبة لها أن تتقيد باتخاذ رد فعل مباشر في المضيق. من الممكن أن تستهدف سعر النفط بأعمال تخريب تستهدف منشآت النفط بالدول العربية على طول الساحل الجنوبي للخليج، أو أن تستهدف المصالح الغربية بأي مكان في العالم، بعد أشهر أو سنوات من فرض حظر على النفط الإيراني.
وأوضح آدم لوثر، من جامعة إير التابعة للقوات الجوية الأميركية، مؤخرا على مدونة «ديبلومات» أن «وزارة الاستخبارات والأمن القومي، خدمة التجسس في إيران، تعد واحدة بين أكثر الوزارات كفاءة في العالم». «على مدار الثلاثين عاما الماضية، تعقب وكلاء وزارة الاستخبارات والأمن القومي بنجاح واغتالوا منشقين ومسؤولين سابقين بحكومة الشاه وتهديدات حقيقية أو خيالية للنظام. ولا تزال وزارة الاستخبارات والأمن القومي قادرة على تنفيذ اغتيالات وشن هجمات ضد الحكومة وأهداف من المدنيين. ومن المرجح أن يكون لخدمة الاستخبارات أيضا وكلاء سريون في الولايات المتحدة»، هذا ما قاله لوثر.
وقال إحسان محرابي، صحافي إيراني متخصص في القضايا العسكرية والاستراتيجية غادر إيران مؤخرا، على موقع «إنسايد إيران» الإلكتروني: «أتذكر تعبيرا اصطلاحيا إيرانيا شهيرا كان شائعا على وجه الخصوص بين المسؤولين العسكريين: (إذا غرقنا، فسنغرق الجميع معنا). كانوا واضحين تماما بشأن نيتهم. وفي حالة التعرض لهجوم من جانب قوة غربية، فلن يتم احتواء الحرب داخل الحدود الإيرانية. سيصبح العالم بأسره ساحة قتال لإيران – على الأقل، كانت تلك فكرتهم».
ويرى مسؤولو إدارة أوباما أن مخطط تفجير في واشنطن العام الماضي، الذي اتهمت فيه قوات الحرس الثوري بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة بتفجير مطعمه المفضل في العاصمة الأميركية، ربما كان محاولة لتصفية حسابات أحداث ماضية.
وقال بروس ريدل، مسؤول سابق رفيع المستوى بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، مؤخرا في ندوة أقيمت في واشنطن ونظمها المجلس الأطلسي: «تتمثل إحدى الوسائل التي يمكن أن تؤذينا بها إيران والتي قلما يتم الحديث عنها في قدرة الإيرانيين على إيذائنا في حرب أوباما في أفغانستان - أن الإيرانيين في موقع متميز جدا يمكنهم من جعل الحرب في أفغانستان (التي تعتبر صعبة بالأساس) مستحيلة».
غير أن كل هذه الخيارات تمثل استراتيجيات عالية المخاطرة، محفوفة بمخاطر سوء التقدير. في سيناريو حرب الناقلات، ستوكل مهمة الحفاظ على الخط الفاصل بين الحرب والسلام، فعليا، إلى صغار الضباط المجبرين على اتخاذ قرارات تنطوي على مجازفات كبيرة في ثوان معدودة، وهي مجموعة الظروف التي قادت إلى كارثة طائرة «إيرباص» في عام 1988. حتى إذا ظلت واشنطن وطهران مصرتين على تجنب حرب شاملة، مع مرور شهر تلو الآخر، يزداد احتمال اندلاع حرب بشكل غير مقصود.
-----------------
صحف
0 التعليقات :
إرسال تعليق