للصحافة الإلكترونية أهمية بالغة في حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي جميع نواحي الحياة. وقد تطورت تكنولوجيا الاتصالات بشكل هائل نتيجة التطور التقني وانتشار المعلومات بسرعة فائقة استطاعت أن تعبر القارات وتتخطى الحدود.
ظهرت الصحافة الإلكترونية لأول مرة في منتصف التسعينيات الميلادية، لتشكل بذلك ظاهرة إعلامية جديدة ارتبطت مباشرة
بعصور ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وليصبح المشهد الإعلامي والاتصالي الدولي أكثر انفتاحاً وسعةً حيث أصبح بمقدور من يشاء الإسهام في إيصال صوته ورأيه لجمهور واسع من القراء دونما تعقيدات الصحافة الورقية وموافقة الناشر في حدود معينة. وبذلك اتسعت الحريات الصحفية بشكل غير مسبوق، بعد أن أثبتت الظاهرة الإعلامية الجديدة قدرتها على تخطي الحدود الجغرافية بيسر وسهولة،
ليبرز لدينا السؤال المهم، هل من الممكن أن تحل الصحافة الإلكترونية يوماً بديلاً عن الصحافة المطبوعة أم منافساً لها ؟!.
كانت بداية الصحافة الإلكترونية مجرد مواقع تحتوي على مقالات وموضوعات وأفكار وأطروحات ورؤى بسيطة... وتحديداً انطلقت من منتديات الحوار التي تتميز بسهولة تحميل برامجها وبساطة تركيبها ويكفيك أن تقوم بتحميل هذه البرامج المجانية في الغالب ورفعها لموقعك في أقل من ساعة.. ليبدأ بعدها الموقع بأثره في العمل المحدد له وفي اجتذاب عدد كبير من الزوار، وقد نجحت هذه المنتديات في جذب واستقطاب المتصفحين الذين يضعون فيها آراءً وأفكاراً حرةً غير خاضعة للرقابة مثلما يحدث في المواقع الكبرى.. ثم ومن خلالها بدأ أصحاب الآراء الواحدة يشكلون فيما بينهم مجموعات داخل المنتديات التي يتبادلون خلالها الحوارات..
وبالطبع فإن الحرية التي تميزت بها الإنترنت وعدم السيطرة عليها في البداية وسرعة تداول المعلومات هو الذي حفز الجميع للاهتمام بالإنترنت ولا بد من معرفة أنه كانت هناك صعوبات للإنترنت في بداياتها من أهمها أنه لا يمكن تصفح هذه المواقع إلا لمن يجيد استخدام الكمبيوتر.
مقارنة بين الصحافة الورقية والإلكترونيةهناك مَنْ يرى أن المقارنة بين الصحافة الورقية والإلكترونية مرفوضة من منطلق أن الصحافة الورقية صحافة بالمعنى العلمي والواقعي للكلمة وأن الصحافة الإلكترونية مجرد وسيلة للنشر وجمع النصوص والمقالات والأخبار والصور وبشكل آلي مجرد من المشاعر والإبداع والفاعلية.
أما الطرف الآخر فيرون أن الصحافة الإلكترونية مكملة لدور الصحافة الورقية والمطبوعة وليس هناك صراع بينهما إلا أن التمويل أصبح الآن من آليات نجاح تلك الصحف في شكلها الحديث الذي ينعكس بالتالي على شكل وأداء الموقع من حيث تنوع أخباره وتحديثها بين الحين والآخر إذ إن ثقافة الإنترنت أصبح لها جماهيرها وشعبيتها وهي في ازدياد مطرد على العكس من قراء الصحف والكتب.
يكفي الصحافة الإلكترونية أنها في الغالب تتبع الحرية الكاملة التي يتمتع بها القارئ والكاتب على الإنترنت بخلاف الصحافة الورقية التي تكون بالعادة قد تم تعديل مقالاتها من قبل الناشر لأكثر من مرة حتى يكون وفقاً لسياسة الدولة.
بالإضافة إلى مجموعة من المميزات تم تلخيصها فيما يلي:
- السرعة في تلقي الأخبار العاجلة وتضمين الصور وأفلام الفيديو مما يدعم مصداقية الخبر.
- سرعة وسهولة تداول البيانات على الإنترنت بفارق كبير عن الصحافة الورقية التي يجب أن تقوم بانتظارها حتى صباح اليوم التالي.
- حدوث تفاعل مباشر بين القارئ والكاتب حيث يمكنهما أن يلتقيا في التو واللحظة معاً.
- أتاحت الصحافة الإلكترونية إمكانية مشاركة مباشرة للقارئ في عملية التحرير من خلال التعليقات التي توفرها الكثير من الصحف الإلكترونية للقراء بحيث يمكن للمشارك أن يكتب تعليقه على أي مقال أو موضوع ويقوم بالنشر لنفسه في نفس اللحظة.
- التكاليف المالية الضخمة عند الرغبة في إصدار صحيفة ورقية بدءاً من الحصول على ترخيص مروراً بالإجراءات الرسمية والتنظيمية. بينما الوضع في الصحافة الإلكترونية مختلف تماماً حيث لا يستلزم الأمر سوى مبالغ مالية قليلة لتصدر الصحيفة الإلكترونية بعدها بكل سهولة.
- ارتفاع تكاليف الورق الذي يكبد الصحف الورقية مشقة مالية يومياً.... بينما لا يحتاج من يرغب التعامل مع الصحافة الإلكترونية سوى لجهاز كمبيوتر ومجموعة من البرامج التي يتم تركيبها لمرة واحدة.
- عدم حاجة الصحف الإلكترونية إلى مقر موحد لجميع العاملين إنما يمكن إصدار الصحف الإلكترونية بفريق عمل متفرق في أنحاء العالم.
الصعوبات تواجه الصحافة الإلكترونية
تواجه الصحافة الإلكترونية العديد من الصعوبات ومنها أهمها:
1- تعاني الكثير من الصحف الإلكترونية صعوبات مادية تتعلق بتمويلها وتسديد مصاريفها.
2- غياب التخطيط وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بمستقبل هذا النوع من الإعلام.
3- ندرة الصحفي الإلكتروني.
4- عدم وجود عائد مادي للصحافة الإلكترونية من خلال الإعلانات كما هي الحال في الصحافة الورقية حيث أن المعلن لا يزال يشعر بعدم الثقة في الصحافة الإلكترونية.
5- غياب الأنظمة واللوائح والقوانين وهو ما نحتاجه ونسعى للحصول عليه.
دراسات متعلقة بالصحافة الإلكترونية:
قام الباحث في استخدامات الإنترنت بمركز البحوث والدراسات بكلية الملك فهد الأمنية وعضو هيئة التدريس فيها الدكتور فايز بن عبد الله الشهري بعمل بحث علمي عن سوق الصحافة الإلكترونية العربية وبمشاركة الباحث البريطاني البروفيسور باري قنتر رئيس قسم البحث العلمي بكلية الصحافة في جامعة شيفيلد، وقد اعتمدت الدراسة على نتائج استجابات القراء في قاعدة بيانات مسوح قراء الصحف الإلكترونية العربية التي تكونت عبر دراسات سابقة للباحث الشهري في هذا المجال. وقد أوضحت الدراسة بعض خصائص قراء الصحف الإلكترونية العربية من حيث إنهم في الغالب ذكور وشباب، ويشكل الطلبة والمهاجرون العرب حول العالم نسبة كبيرة منهم، وكشفت الدراسة أن ما يزيد على نصف العينة يقررون بأنهم يتصفحون الصحف الإلكترونية بشكل يومي، ويعزو قراء الصحف الإلكترونية سبب رضاهم وإقبالهم على الصحافة الإلكترونية إلى أسباب منها أنها متوفرة طوال اليوم وإمكانية الوصول إليها مباشرة ولا تحتاج إلى دفع رسوم إضافية، كما أنها تمكنهم من متابعة الأخبار من أي مكان وعن أي بلد مهما تباعدت مواقعهم. وبرغم أن كثيراً من المبحوثين قد أشاروا إلى صعوبات فنية عند تصفح بعض مواقع الصحف، أو مشكلات عدم رضا عن المحتوى الرسمي لبعض الصحف، إلا أن نسبة كبيرة من القراء أبدوا مستوى معقولاً من الرضا عن هذه الصحف.
كما أن هناك دراسة أخرى أجرتها ميكروسوفت تقول إن العالم سيشهد طباعة آخر صحيفة ورقية في عام 2018م على الأقل في الدول المتقدمة، لذا فإنه ليس من المبالغة أن نتحدث عن إمكانية حدوث توقعات ميكروسوفت طالما سارت الأمور على وتيرتها الحالية. وطالما بقيت الصحافة المطبوعة تعنى بالخبر الذي يحترق عليها بلغة الصحافة قبل طباعته بأربع وعشرين ساعة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق