شاءت الأقدار أن تعيش قبيلة الزغاوة على المنطقة الحدودية بين تشاد والسودان اللتان لم تنعما
بالاستقرار منذ ما قبل استقلال الدولتين من الاستعمار الفرنسي والبريطاني مما ادخلا هذه القبيلة في متاهات ومتاعب كثيرة لا
حصر لها فتحملت الزغاوة وزر الحروب الأهلية سواءاً كانت في تشاد مثل الحرب التي دارت بين حسين هبري و جوكوني عويدي فوقف الزغاوة الي جانب حسين هبري ظناً منهم بان هبري أكثر وطنية من جوكني ؛ فانتصروا في حربهم ونصبوا هبري رئيسا لتشاد ولكن سرعان ما أنقلب هبري على الزغاوة مما اضطر إدريس ديبي الذي كان يشغل منصب مدير عام الاستخبارات للخروج إلي ديار أهله طالباً العون والسند ضد رفيق الأمس ؛ ومما لاشك وجدت هذه القبيلة نفسها بين مطرقة حسين هبري وسندان حكومة الإنقاذ الوطني السوداني التي كانت وليدة العهد آنذاك والتي كانت تميل إلي هبري حتى تكف عن دعم الحركة الشعبية في جنوب السودان؛ موقف الحكومة السودانية اجبر شباب هذه القبيلة أن يدخلوا في حرب انتحارية أدت إلي وصول دبي على راس الدولة الشادية ؛ بالرغم من التضحيات الجسام من قبل الزغاوة تجاه تحرير الشعب التشادي من براثن العبودية والظلم والخوف إلا أن نصيب التنمية في دار الزغاوة صفر؛ حتى هذه اللحظة يعاني أهلنا من ابسط مقاومة الحياة ؛ نقص حاد في مياه الشرب ؛أن الرئيس يستخسر في بني جلدته الذين أوصلوه إلي سدة الحكم من حفر بئر ارتوازي واحد أو بناء مستشفي للنساء والأطفال أو حتى مدرسة ثانوية واحدة ناهيك عن طريق معبد يربط هذه المناطق الريفية بالمدن الكبرى في الوقت الذي قام فيه بأعمال جليلة ومشروعات كبيرة في مناطق أخرى في جنوب تشاد وشماله وغربه 0 وأتحدى كل من يقول بان هنالك تنمية بشرية أو اقتصادية في دار زغاوة ؛ والخارطة الاقتصادية لتشاد توضح ذلك بالأرقام والإحصاءات الحيوية ؛ في ظل عالم لا يخفى عليه شي ؛ ديار الزغاوة ارض صحراء جرداء تسحقها النفود) الرمال (من كل الاتجاهات بسبب قلة الأمطار والحياة فيها طاردة مما جعل الشباب ينخرطون في أي ثورة تندلع في السودان أو تشاد بغية تحسين أوضاعهم ؛ أما فيما يتعلق بمشاركة الزغاوة في الحكومة التشادية تكاد تنعدم ؛ كل الشعب التشادي بانتمائهم القبلي والجهوي على مدى عشرون عاما في حكم دبي شاركوا في السلطة وفي صنع القرار إلا أهلنا الزغاوة الذين يعانون من الإقصاء القسري من قبل دبي ؛ لا ادري لماذا يحمل الرئيس دبي هذا الحقد الدفين لأهله والكراهية الغير مبررة ؛ حتى هذه اللحظة لم يشغل أي من أبناء الزغاوة منصب وزاري ذات سيادة تذكر ؛ واغلب أبناء هذه القبيلة يعملون بالجندية ويزج بهم الرئيس في حروب داخلية التي تندلع من حين إلي آخر بسبب غياب الديمقراطية وانتشار الفساد في كثير من مؤسسات الدولة .حال الزغاوة في الجانب السوداني لا يقل سوءً من حال أبناء عمومتهم في تشاد ؛ منذ عهد الاستعمار البريطاني وحتى لحظة كتابة هذا المقال تقبع منطقة دار الزغاوة السودانية في كابوس التخلف وذلك يعود لعدة أسباب منها صراعهم المرير مع المستعمر البريطاني الذي أراد تنصيرهم لولا تمسك أهلنا بالدين الإسلامي وثقافتهم المحلية ؛ مما اغضب مستر مور المأمور الإنجليزي و جعله يصدر ) قانون المناطق المقفولة (؛ حيث لا يسمح لأحد من أفراد هذه القبيلة أن يأتي إلي المدن الكبيرة مثل كتم والفاشر والجنينة ونيالا دون تصريح من الحاكم نفسه ؛ أي أنهم كانوا تحت الإقامة الجبرية ؛ وطيلة فترة الاستعمار البريطاني
لم تحظى دار زغاوة ولو بمدرسة واحدة ونتج عن ذلك تجهيل قسري متعمد مما افقد كثيراً من الاجيال نعمة التعليم الذي هو حق أساسي من حقوق الإنسان ؛ أما السبب الثاني هي الحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال التي حذت حذو المستعمر في هذا النهج .
أود أن أؤكد للإخوة الذين يعتقدون بان الزغاوة يعيشون في أبراج عاجية ويتنعمون بخيرات تشاد ويطمحون في حكم السودان هذا وهم ومحض افتراء تدحضه الواقع المعاش ؛ بالإضافة إلي أن هنالك ميزات تميز هذه الفبيلة مثل صفة الترحال وتحمل المشاق والضرب في فجاج الأرض لابتغاء الرزق وهذا ناتج عن طبيعة المنطقة التي عاشوا فيها . مما حدا بالكثيرين إلي اتهامهم للزغاوة بأنهم يسعون إلي تكوين ما يسمى ب ( دولة الزغاوة الكبرى) ووصفهم بأنهم يهود واكراد وغير ذلك من النعوت ؛وكل ذي نعمة محسود .
وهنالك ظنون خاصة من الإخوة في الاستراتيجية يزعمون بان الزغاوة هم حجر عثرة يقف في طريق تحقيق طموحاتهم المتمثلة في تعريب الحزام الزنجي من جبل مرة حتى بحيرة تشاد وربما إلي أفريقيا الوسطى ؛ وزعمهم بان الزغاوة هم الذين يعوقون تحقيق السلام في ربوع دارفور بالرغم من أنهم تعرضوا للإبادة الجماعية والاغتصاب والسلب والنهب مثل غيرهم من أبناء دارفور ؛ أن اتهام أبناء القبيلة بالعنصرية هذا أمر غير صحيح البتة ؛ بل انه يدخل في سيناريوهات الحكومة الرامية إلي عزل هذه القبيلة وإشعال الفتنة بينها وبين القبائل الأخرى التي عاشت عبر حقب التاريخ في نسيج اجتماعي متين من حيث التزاوج والتصاهر وتبادل المنافع .
واعتقد أن ما يقوم به أبناء الزغاوة من نضالات وتضحيات جسام كغيرهم من أبناء هذا البلد الطيب يصب في خانة العمل الوطني لاسترداد الحقوق المسلوبة من قبل هذا النظام الذي أوشك على الانتهاء ؛ وما يقوم به حركة العدل والمساواة وحركتي تحرير السودان وشركاء وثيقة كاودا الشهيرة يجيء
في هذا الإطار.
******************
فاطمة زكريا
fatimazakaria00@hotmail.com
fatimazakaria00@hotmail.com
1 التعليقات :
شكرا لكم ))
إرسال تعليق