Featured Video

الولايات القومية السودانية المتحدة ــــ رؤيــة مشــتركــة


الولايات القومية السودانية المتحدة ـــــ رؤية مشتركة 

 السودان بلد شاسع مترامي الاطراف ويعتبر جسرا يربط بين افريقيا والعالم العربي ويذخر بثروات طبيعية هائلة وموارد بشرية معتبرة وكان من الممكن ان يكون دولة متقدمة في خدمة مواطنيها وتشارك بفعالية في تقديم الخير للانسانية بأسرها ولكن شيئا من ذلك لم يحدث. اذ خيب حكام السودان آمال شعبهم واصدقائهم وحيروا المراقبين في كل مكان بسبب الفارق الكبير بين امكانات البلاد الكامنة وواقع الحال. لقد فشل حكام السودان في توحيد شعبه وادارة موارده بما يعود بالنفع لانسانه بل ظل السودان يحارب نفسه منذ الاستقلال حتي اقترب اليوم من لحظة تقسيمه وانشطاره الي دويلات واختفاء اسمه من الجغرافية السياسية نهائيا ذلك لان حكامه لم يعترفوا بتعدد ثقافاته واعراقه وانتهاج سياسات عادلة تجاهم.
          يتكون السودان سياسيا و ثقافيا  وتاريخيا من سبعة أقاليم معلومة وهي: الاقليم الاوسط, الاقليم الجنوبي, منطقة الخرطوم, اقليم دارفور, الاقليم الشرقي, الاقليم الشمالي, اقليم كردفان حسب الترتيب الابجدي. بالرغم من ذلك ظل السودان تحكمه وتسيطر عليه فئة قليلة من مثقفي اقليم واحد من جملة هذه الاقاليم وهو الاقليم الشمالي الذي عاني ايضا من تسلط هذه العصابة واهمالها وعقوقها له والامثلة علي ذلك كثيرة. لقد استغلت هذه المجموعة ميزة الوعي النسبي التي كانت في صالحها عند استقلال البلاد فاستمرت متسلطة علي مقاليد الامور منذ ذلك الحين وظلت تحتكرها وتتوارثها جيلا بعد جيل الي يومنا هذا.
          لقد مر علي حكم السودان اثنا عشر رئيسا للدولة منذ استقلاله في عام 1956م, جميعهم من الاقليم الشمالي الذي لا يزيد عدد سكانه عن 5% من سكان السودان. جاءت حكومات هؤلاء الرؤساء علي نمط الحكومة الحالية التي يحتل فيها أبناء الاقليم الشمالي منصب رئيس الجمهورية ونائبه الأول والأمين العام للحزب الحاكم ومناصب مستشاري رئاسة الجمهورية ومناصب جميع الوزارات السيادية: الخارجية, الداخلية, المالية, البترول, الدفاع, العدل اضافة الي وزارات أخري متعددة بصورة لم يشهدها السودان من قبل, كما انهم ينفردون بحكومة العاصمة القومية. وكذلك فانهم يسيطرون سيطرة كاملة علي قطاع المال من بنوك وشركات وطنية وهيئات ومؤسسات مختلفة بتدبير سري دقيق ادي الي حرمان ابناء الاقاليم الاخري من حقهم في هذا القطاع الحيوي.
          لقد مارست هذه الاقلية المتسلطة تمييزا عنصريا في حكمها للبلاد بطريقة ماكرة ساعدت علي بقائها في السلطة لفترة طويلة واحتكارها للحكم والثروة في البلاد. وقد ظلوا يرفعون لكل مرحلة شعارات براقة يشغلون بها الجماهير ويلهونهم بها عن قضايا المال والحكم مثل: الديمقراطية الوطنية * التنمية المتوازنة * القومية * صد الحصار عن السودان والاستهداف الخارجي * محاربة الفساد  *الاستقلال * الوحدة * الحرية * التقسيم العادل للسلطة والثروة * تسليم السلطة للشعب * الحكم الفدرالي أو الكونفدرالي * الشفافية * منع الازدواجية والجهوية * التزام المؤسسية واخيرا قطف الثمار. الا أنهم لم يلتزموا بشيء منها بل أكدوا بممارساتهم أنهم ضدها جميعا عدا قطف الثمار لانفسهم دون غيرهم.
          ان التمييز العنصري الذي يمارس في السودان حاليا قلما تجد له مثيلا حتي في حالة جنوب افريقيا سابقا مما يجعل الشعب السوداني يحمل حكامه المتسلطين عليه وزر تردي الاوضاع في السودان عامة والجنوب خاصة. كما يحمل المثقفين من ابناء تلك الاقاليم المسئولية ايضا لعدم تمسكهم بحقوقهم الدستورية والقانونية ولاستجابتهم للاستغفال والاستغلال والاستعباد والدونية والمصالح الشخصية لبعض الانتهازيين منهم الامر الذي ادي الي تخلف اقاليمهم واضاعة حقوقها.
           وبعد مضي نصف قرن من الزمان نجد ان السودان قد خسر ما يزيد علي مليوني نسمة من مواطنيه بسبب النزاعات القبلية والحروب الاهلية المستمرة في معظم الاقاليم وعلي رأسها الاقليم الجنوبي, وقد كان جزءا كبيرا منها بانتهاج سياسة فرق تسد الامر الذي ادي الي نزوح نحو خمسة مليون مواطن نزوحا داخليا وما يزيد علي نصف مليون مواطن الي دول الجوار اضافة الي الهجرات الكثيفة المتصلة الي دول العالم بسبب الظلم واحتكار فرص العمل وضعف الاجور وانهيار خدمات التعليم والمياه والصحة العامة والخدمات الاخري, وتفشي الفقر والمجاعات والامراض المتوطنة كالسل الرئوي والكلازار وعمي الجور والانيميا والملاريا حتي اصبح 95%  من سكان السودان يعيشون تحت حد الفقر طبقا للاحصاءات الرسمية للدولة والمنظمات الدولية. علاوة علي هذه الظروف الاقتصادية القاسية, يعيش شعبنا قهرا سياسيا واضطهادا اجتماعيا وتفرقة عنصرية وطغيانا ثقافيا وتغييبا متعمدا للاكثرية من ابنائه وصنوفا من الاستعلاء تزداد وطأته يوما بعد يوم. وما تراجع الحكومة عن الحكم الفدرالي ونزع سلطات المواطنين الرمزية بدمج المحليات والسعي الحثيث الي دمج المحافظات والولايات الا جزء من التهميش السياسي للاقاليم وتركيزا لجميع ادوات الحكم ومصادر المال لا سيما البترول والذهب وعائدات الخصخصة والقروض الاجنبية في ايدي الاقلية المتسلطة. وبعد ان خاب الرجاء كذلك في الاحزاب السودانية التي طالما هتف ابناء السودان لقادتها ودعموا برامجها ولم يحصدوا الا السراب .
تطلب الولايات القومية السودانية المتحدة
1-     انهاء التمييز العنصري في منهج الحكم في السودان
2-     رفع الظلم الاجتماعي والاقتصادي والاستبداد السياسي عن كاهل الجماهير رجالا ونساءا واشاعة الحرية والعدل والإيثار والمساواة بين الناس كافة
3-     وقف جميع الحروب وبسط الأمن للمواطنين وتأمين وحدة البلاد
4-     تسخيير امكانات الدولة وتوجيهها لتحقيق تنمية بشرية واقتصادية متوازنة ومحاربة الفقر وترقية حياة المواطنين جميعا وتأمين الخدمات الأساسية
5-     اقامة نظام فدرالي أو كونفدرالــي ديمقراطي لحكم البلاد يستجيب لخصائص أهل السودان ويمنع احتكار السلطة او الثروة بواسطة افراد او جماعات او أقاليم دون أخري, وانتهاج مبدأ التداول السلمي للسلطة
6-     احداث تغيير دستوري جذري وشامل يضمن حقوق الانسان الأساسية التي أقرتها الاديان والقوانين والمجتمع الدولي, وحق جميع الاقاليم في حكم البلاد
7-     انتهاج سياسة خارجية قائمة علي الاعتدال واحترام حقوق الانسان أينما كان واحترام القوانين ومراعاة حسن الجوار والانفتاح السياسي والإقتصادي مع كافة دول العالم وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الاخري

لتحقيق هذه الاهداف من تغييرات دستورية ووقف للحروب وتأمين لوحدة البلاد وانجاز التنمية المتوازنة الشاملة. تعتمد الولايات القومية السودانية المتحدة الوسائل الآتية:
1-     اعتماد النظام الفدرالي أو الكونفدرالــي أساسا لحكم السودان تحقيقا للديمقراطية والشوري والمشاركة الواسعة والحقيقية
2-     اعتماد النظام الاتحادي الرئاسي الدائري لضمان تداول فرص رئاسة الجمهورية بين أقاليم السودان المختلفة ( فى حال تم الإجماع القومي على الفدرالية )
3-     اعتماد الديمقراطية والشوري وسيلتين أساسيتين لتطوير البلاد وتنميتها وضمان وحدتها وأمنها واستقرارها ورفاهية أهلها
4-     تأكيد سيادة القانون واستقلال القضاء في الدولة
5-     اعتماد نظام مجلس الشيوخ تقوية لنظام الشوري البرلماني كما كان معمولا به في السابق
6-     تقسيم مناصب رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس الشيوخ ورئاسة البرلمان ورئاسة القضاء والمحكمة الدستورية بين أقاليم السودان المختلفة علي الا يجتمع لأي اقليم من الاقاليم أكثر من وظيفة واحدة من الوظائف المذكورة أعلاه في وقت واحد
7-     تقسيم الحقائب الوزارية وادارة المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية وكل الوظائف المفتاحية في الدولة بالتساوي بين الأقاليم علي قاعدة الكثافة السكانية والكفاءة وذلك الي حين اكتمال تكافؤ الفرص التلقائي في الدولة
8-     اختيار رئيس الجمهورية وولاة الولايات بالانتخاب الحر المباشر علي اساس مبدأ صوت واحد لكل شخص, وأن يراعي تحقيق التوازن الاجتماعي الولائي في تشكيل الحكومات الولائية بما في ذلك ولاية الخرطوم
9-     اعادة النظر في معايير الاستيعاب للقوات المسلحة والشرطة والأمن العام, قاعدة وقيادة لتحقيق الموازنة الاقليمية والتكامل القومي المفقود الآن
10- تقوية القوات المسلحة وقوات الشرطة والأمن وتأهيلها وتدريبها للقيام بدورها بفعالية وفقا للقانون والدستور
11- اعتماد المواطنة أساسا للحقوق والواجبات دون تمييز علي أساس الدين او الجنس او العرق او اللون او الجهة تأكيدا وحماية لحقوق الانسان .
نؤكد لشعبنا الوفي الابي في كافة أقاليم السودان جنوبه وشرقه وغربه ووسطه وشماله بأنه قد حان موعد رحيل الأقلية المتسلطة علي الشعب عن سدة الحكم وانهاء الظلم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في السودان, ونبشرهم ببزوغ فجر جديد مفعم بالحرية والعدل والإيثـار والمساواة والرخاء باذن الله. فعليكم بتوحيد صفوفكم واجماع أمركم علي قلب رجل واحد منكم باذلين الغالي والنفيس من أجل وطنكم وحريتكم, ولنتكاتف جميعا لتحقيق النصر الذي ليس منكم ببعيد. ونقول لجماهيرنا العريضة في مواقعهم وانتماءاتهم المختلفة أن قد آن الأوان للالتفات الي حال كافة المواطنين في السودان والنظر الي مستقبل البلاد ولنستجيب لنداء الضمير والوطن ولتقد الطلائع النضالية ثورة الأكثرية المستضعفة لاعلاء مصلحة السودان وشعبه فوق المصالح الشخصية والحزبية والجهوية والعنصرية.
     تدعو الولايات القومية السودانية المتحدة جميع الدول والشعوب المحبة للسلام والعدل والمجتمع الدولي بأكمله للاهتمام بظاهرة التمييز العنصري البغيض الذي ينخر في عظام  السودان والوقوف الي جانب قيم العدل والإيثــار والمساواة  والذي نادت بهما جميع الاديان السماوية والقيم الانسانية منذ أقدم العصور.
كما نناشد كل الحكومات الحريصة علي استقرار السودان ووحدته أن تقف الي جانب الولايات القومية السودانية المتحدة لأنها تمثل ارادة الجماهير في الأقاليم المختلفة ولأن مفتاح استقرار السودان يكمن في القضاء علي الظلم الاقتصادي  والسياسي والاضطهاد الاجتماعي والاستعلاء العرقي في البلاد ونحن واثقون بأننا سنقضي عليه تماما ونضع حدا لمأساة شعبنا في وقت قريب باذن الله.
وأخيرانقول للطغمة الجاثمة علي صدر الشعب السوداني بأن تتخلي عن سياستها العنصرية وتسلطها وأن تسلم السلطة طواعية للشعب صاحب الحق الأصيل حتي تجنب نفسها ثورة الجماهير المتحفزة لانتزاع حقوقها المسلوبة لأنه ما عاد من الممكن الاستعلاء علي الأكثرية والاستمرار في ظلمها وتهميشها وتشريدها وتقتيلها, فالثورة آتية وقريبا جدا باذن الله . 

تحديات ســـودان ما بعــد الإنفصـــال


تحديات ســـودان ما بعــد الإنفصـــال





بات الانفصال فى استفتاء اليوم هو قرار أغلبية الجنوبيين التى قد تصل إلى ما يشبه الإجماع.. وبات السودان الوطن والتاريخ فى مهب الريح وفى دائرة الخطر شماله وجنوبه وبنفس الدرجة ...سيناريوهات ما بعد الانفصال تتمحور فى الشمال ربما حول مزيد من التشققات اذ تطل ازمة دارفور واستمرار بطء الحل لها والمشورة الشعبية المتوقعة فى جنوب كردفان وولاية النيل الازرق ومآلات ذلك
اما السيناريو فى الجنوب فربما يكون اكثر دموية وهو ما تتوقعه احدى الدراسات الأمريكية التى أعدها معهد كارنيجى للدراسات لصالح وزارة الخارجية الامريكية عنوان " الجنوب بعد الانفصال " والصادرة فى ابريل 2010 وتكرر هذا التوقع فى اكثر من دراسة وفى بعض الندوات التى نظمها مجلس الشيوخ الامريكى, وحددت توقيت اندلاع المذابح بعد مرور عام من انفصال الجنوب واستفاقة الجنوبيين من نشوة وهْم الاستقلال ويزيد لدى تحسن الأوضاع بعد الانفصال من فرص مخاطر اندلاع العنف الصراع التاريخى بين النوير والدينكا وسوف يغذى الصراع ان الدينكا تحتكر معظم مناصب الحركة وسوف تتعاظم بعد الانفصال مما يزيد من غضب النوير ثانى اكبر كتلة سكانية فى الجنوب والتى تقع معظم حقول النفط المنتجة فى أراضيها كما أن على رأس النوير زعيم متمرد بطبعه ويريد ان يكون الرجل الاول فى الجنوب بناء على نبوءة كاهن لرياك مشار الرجل الثانى فى الجنوب وقد يتحالف مع المنشق الاخر على الحركة الشعبية الدكتور لام اكول زعيم قبيلة الشلك وربما يعيد مشار واكول سيناريو تحالف عام 1991 ضد مؤسس الحركة الشعبية جون قرنق
..
هذه السيناريوهات المرعبة لمرحلة ما بعد انفصال جنوب السودان مرشحة ان تمتد الى منطقة البحيرات العظمى والقرن الافريقى والى الجارة الشمالية مصر حيث سينعكس اى توتر بين الشمال والجنوب على أمنها القومى ومصالحها الاقليمية لان العداء بين شمال وجنوب السودان سيقود الى حالة من الاستقطاب الحاد فى دول حوض النيل ومنطقة القرن الافريقى وهذا لن يكون مصلحة الدول الساعية الى تعزيز التعاون والتكامل بين دول الحوض،كما سينعكس وبصورة مباشرة انفصال الجنوب على حصة مصر من المياه وسيتم اقتسام حصة مصر والسودان الحالي على الدول الثلاث وهى مصر والسودان الشمالي والسودان الجنوبى .
كافة الاحتمالات واردة
ويبدو أن مستقبل ما بعد الانفصال مفتوح على كل الاحتمالات وفى مقدمتها أن يعلن حزب المؤتمر الحاكم فى الشمال عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء لعدم إجرائها بحسب وجهة نظره فى مناخ من “النزاهة والشفافية” ويتعلل بوجود شبهات تزوير من قبل الحركة الشعبية او قيامها باستخدام قواتها الأمنية لترجيح للانفصال وهى تهمة جاهزة ويعاد إنتاجها مع كل عملية انتخابية تجرى فى دول العالم الثالث وهنا يبدأ الدور الدولى والجاهز اصلا للتدخل فى السودان كما هو حادث الآن فى ساحل العاج،وقد ترد الحركة الشعبية بإجراء مضاد وشديد القوة وتستغل التعاطف الدولى معها بإعلان الانفصال من جانب واحد!!.
الحسم العسكري ..والسيناريوهات الأسوأ
ولكن السيناريو الأسوأ أن يلجأ أي من الشريكين الى القوة العسكرية لحسم الأمر لصالحه ويعود الشمال والجنوب الى المربع الاول بعودة الحرب ، وربما تلجأ الحركة الشعبية الى اللعب فى الفناء الخلفى للخرطوم من خلال استغلال حركات دار فور المسلحة ودعم قيام انقلاب عسكرى تشارك فيه بعض الأحزاب الشمالية وربما الاستعانة بحزب المؤتمر الشعبى برئاسة الدكتور حسن الترابى والذى جرت العادة بوصفه مدبر الانقلابات فى السودان تأسيساً على دوره فى الانقلابات التى شهدتها السودان فى الربع الاخير من القرن الماضي وكان آخرها انقلاب الإنقاذ الذى جاء بالرئيس البشير الى السلطة .
ويتوافق مع ما سبق فى التقرير الخبير الاستراتيجي بجامعة الخرطوم الاستاذ الزائر بمعهد الاهرام والدراسات الاستراتيجية صلاح محمد أحمد والذى قال : إن المستقبل غامض للجنوب والشمال بنفس الدرجة وسيظل الشمال يراوح مكانه بالعودة الى الانقلابات الأمر الذى ظهر مبكرا فى تصريحات زعيم حزب المؤتمر الشعبى السوداني الدكتور حسن الترابى حيث دعا إلى اسقاط حكومة البشير !!
أما على مستوى الجنوب والتى تدور السيناريوهات ما بعد الانفصال حول عودة الحرب الأهلية بين الاثنيات المتصارعة خاصة الدينكا والنوير وبين عودة الحرب بين الخرطوم وجوبا على خلفية القضايا الخلافية التى لم يتم حسمها بعد وبين الوقوع فى براثن الأجندات الخارجية وتحوّل جوبا إلى نقطة انطلاق لكثير من القوى الخارجية لإسرائيل وأوغندا والولايات المتحدة الامريكية والتى تسعى لتنفيذ مشروعها الاستراتيجي الذى ظهر فى عصر الجمهوريين لاعادة تشكيل القيادات الافريقية وبما يحقق أهدافها للحصول على 20% من احتياجاتها النفطية من إفريقيا وان بترول افريقيا فى هذه الإستراتيجية هو الاحتياطي الاستراتيجي للحاجات النفطية للولايات المتحدة والبديل الآمن لنفط الخليج.
------------------------
قياديان معارضان: جنسية السودانى لا تزال بقرار سياسي
قال السيد نصر الدين الهادى القيادى بحزب الأمة المعارض بقيادة الصادق المهدى إن الروابط التاريخية بين الشماليين والجنوبيين لا يمكن أن تُزال بقرار سياسي. جاء ذلك تعليقًا على تصريحات الرئيس السودانى عمر البشير أمس التى ذكر فيها ان الجنوبيين سوف يعاملون كأجانب اذا اختاروا الانفصال. وقال الهادى إن هناك أدلة كثيرة على التمازج العرقى فى السودان بين الشمال والجنوب من درافور غربًا فى الحدود مع إفريقيا الوسطى وحتى الكرمك التى تتاخم إثيوبيا، وظلت هذه التجمعات السكانية فى جوار، بل وتمت بينها مصاهرات. واضاف “وقناعتنا تقول إنه من الصعب اتخاذ قرار سياسى او ادارى بمنع او اعطاء الجنسية لاى سودانى، سواء كان شماليًّا او جنوبيًّا، وستثبت الأيام المقبلة مدى قدرة اى طرف سياسى فى حرمان اى مواطن من ذلك. وقال ان التوقعات تشير الى ان اى تصرف فى هذا الملف سيقود الى انبات نواة وحدة جديدة اقوى وامتن من تلاعب السياسيين بمصائر الشعوب. من جهته قال القيادى بالمؤتمر الشعبى المعار ض السيد عبد الله دينق نيال ان اعطاء الجنسية محكوم بدستور وقانون البلد المعين، وليس غريبًا ان يحمل الجنوبى او الشمالى الجنسية المزدوجة، شأنه شأن كثيرين فى العالم. وعن وضعه شخصيًّا بعد الاستفتاء قال دينق “لا أعتقد أننى سأكون لاجئًا فى الخرطوم التى عشت فيها كل حياتى”.
------------------------
لا تغيير في علم حكومة الجنوب.. والجنيه السوداني باقٍ حتى يوليو 2011
لم تتضح بعد ملامح الوجه الحقيقى لدولة جنوب السودان، ويصر قادة حكومة الجنوب على التزام الغموض، وحتى الآن لم يتحدد اسم الدولة الجديدة بصورة قاطعة، ويتراوح ما بين الأماتونج، أو النيل، أو دولة السودان الجديد، وهو الشعار الذى كان يحلم به مؤسس الحركة الشعبية جون قرنق، ولكن من المؤكد أن كلمة جنوب السودان ستكون ضمن مفردات اسم الدولة الجديدة، والأغانى التى يتم بثها الآن فى الجنوب تشير الى الاسم الجديد مثل عبارات: دع الجنوب ينطلق.. دع الجنوب يمر .. دع الجنوب يحقق الحلم..
وطبقًا للمعطيات الموثوقة فإن حكومة الجنوب سوف تحتفظ بعملة السودان الموحد (الجنيه) حتى نهاية المرحلة الانتقالية فى 9 يوليو 2011، وهو الموعد المحدد لبدء تطبيق نتائج الاستفتاء، ولكن لها علم مختلف، وهو العلم الذى يتم رفعه على مقار حكومة الجنوب، ومن المرجح إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بمجرد بدء قيام الدولة الجديدة، وسوف تتقدم بطلب للجامعة العربية بهدف الانضمام إليها، واستمرار احتفاظها بمقعد المندوب فى حال رفض الجامعة قبولها، أو فى حالة اعتراض الخرطوم، أو أى دولة عربية أخرى. ويكفى التأكيد على هذه العلاقات القوية أن للجنوب مندوبًا دائمًا فى جامعة الدول العربية هو السفير فرمينا مكويت منار.
فرامينا مكويت منار المندوب الدائم لحكومة جنوب السودان بالجامعة العربية.
------------------------
البشير: إذا اختار الجنوبيون الانفصال سيعاملون كأجانب في الشمال
قال الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير أمس أن الجنوبيين الموجودين في الشمال سيعاملون كأجانب فى حال الانفصال عبر الاستفتاء الذى يجرى اليوم بمشاركة 4 ملايين فى الجنوب، و115 الف جنوبى فى الشمال، وأضاف البشير «تقرير مصير السودان حق أعطي حصريًّا للمواطن الجنوبي، وإذا قرروا تقسيم البلاد لدولتين وقيام دولة خاصة بهم ليس هناك موجب “لإقامتهم” في الشمال.
وأضاف «هم يتحدثون أن المواطن الجنوبي في الشمال مهمش ومن الدرجة الثانية، فلماذا تريد أخذ جنسية دولة تهمشك؟». ليتدارك بالقول «أمّا إن أرادوا الإقامة في الشمال والتمتع بكل الحقوق فليتوحد السودان، وليس هناك منطق يجعلهم يأخذون نفس الحقوق والامتيازات بالشمال»، مشددًا على أن «مسألة الجنسية المزدوجة غير واردة بالنسبة لنا».
وأوضح البشير أن «الوجود الجنوبي في الخدمة العامة والعسكرية والأجهزة الأمنية نسبته 20%، وهذه الحكومة هي حكومة شمال السودان فكيف يأخذون منها نسبة الـ20% وهي حق حصري لمواطن الشمال؟». وتابع «هناك وجود جنوبي في الشمال ولديهم حقوق وليس هناك مواطن جنوبي سيطرد إلاّ إذا خالف القوانين، أي مواطن جنوبي سيكون له حرية الإقامة والتحرك والتملك في الشمال، وأي مواطن شمالي في الجنوب ستكون له نفس الحقوق».
قبل ساعات من استفتاء تقرير المصير،وصلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، أمس السبت، إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، على وقع تأكيد الرئيس السوداني عمر البشير بأن سكان جنوب السودان «سيعاملون كأجانب» في الشمال في حال الانفصال.
الى ذلك وصلت كلينتون للمتابعة عن كثب إجراء الاستفتاء، فيما نصحت الولايات المتحدة رعاياها القاطنين في السودان بتوخي الحيطة والحذر، وعدم التنقل بين مناطق البلاد. وحثت فى بيان لخارجيتها الأمريكيين «بتقييم الأخطار بدقة قبل الانتقال» بين مناطق البلاد.
وأضاف البيان «حتى وإن كان الوضع نسبيًّا هادئًا، فإن الفترة التي ستلي الاستفتاء قد تشهد عدم استقرار سياسي، واضطرابات مدنية، وهجرة أشخاص بين الشمال والجنوب».
------------------------
الجنوب: سلفاكير يستبق الاستفتاء بإصدار 16 قانونا على علاقة بالوضع الدستوري
انتشرت القوات الأمنية بشكل مكثف أمس في جوبا عاصمة الجنوب عشية الاستفتاء حول مستقبل جنوب السودان وبعد الاحتفالات الصاخبة والمسيرات الداعية إلى التصويت إلى جانب الانفصال التي أقيمت أمس الاول توقفت كل هذه المظاهر بناء على تعليمات مفوضية الاستفتاء التي منعت أي دعاية في اليوم الأخير ما قبل الاستفتاء. ولم يسجل في كامل الجنوب أي نشاط داعٍ إلى الوحدة طيلة الفترة المخصصة للحملة الانتخابية في الجنوب. وانتشر حوالى 5 آلاف عنصر من الجيش الشعبي لتحرير السودان ومن الشرطة الجنوبية في شوارع جوبا استعدادا للحدث الكبير اليوم، وكان هؤلاء الجنود قد تلقوا تدريبات خاصة لحفظ الامن انتهت مطلع ديسمبر الماضي.
سلفاكير قام مساء الجمعة بالتوقيع في جوبا على 16 قانونًا لها علاقة بالوضع الدستوري للجنوب خلال مرحلة ما بعد الاستفتاء، وكأنه بذلك يستبق نتيجة الاستفتاء. وتتناول هذه القوانين بشؤون دمج المسرّحين من الجيش الشعبي في المؤسسات المدنية والدفاع المدني والمؤسسات المدنية ومعاملة معاقي الحرب والسجون والمواصفات والمقاييس. وبعد التوقيع قال وزير الشؤون القانونية في حكومة جنوب السودان جون لوك جوك إن هذه الخطوة «تأتي ضمن ترتيبات الحكومة لمواجهة الأوضاع في فترة ما بعد الاستفتاء». وأضاف أن الجنوب الذي ما زال يرتبط بقوانين ودستور دولة السودان الموحدة سيحتاج إلى صياغة وسن قوانين خاصة به، لأن «القوانين الحالية ستصبح قوانين دولة أجنبية في حال اختيار الجنوبيين للانفصال، وهو ما سيخلق فراغا قانونيا نحاول ملأه بهذه القوانين». إلى ذلك أعلن مسؤول عسكري في الجيش الشعبي لتحرير السودان أن أربعة أشخاص على الاقل قتلوا في هجوم قام به مسلحون تابعون لفصيل جنوبي متمرد صباح امس على قوات هذا الجيش في ولاية الوحدة الجنوبية. وقال فيليب اغوير المتحدث باسم الجيش الشعبي «هاجم رجال مسلحون الجيش الشعبي لتحرير السودان وقد وقع 6 قتلى».
وأفادت مصادر متطابقة ان الهجوم وقع في ساعة مبكرة في إقليم مايوم في ولاية الوحدة، التي توجد فيها منشآت نفطية. واتهم الجيش الشعبي عناصر تابعة لزعيم ميليشيا مناهض للجيش الشعبي يدعى غاتلواك غاي بالوقوف وراء هذا الهجوم. وكان عناصر تابعون لغاتلواك غاي شنّوا الربيع الماضي سلسلة هجمات على مواقع للجيش الشعبي في ولاية الوحدة التي تقع بموازاة الحدود مع الشمال. واتهم الجيش الشعبي في حينه القوات الحكومية في الخرطوم بتقديم الدعم لهذه الميليشيا.
------------------------
خبير في الشؤون السودانية: أبيى “كشمير” جديدة بالسودان
انفصال جنوب السودان عن شماله بات أمرًا حتميًّا سيقرره استفتاء اليوم، وخبراء الإسترا تيجية، والمتخصصون فى الشأن السوداني يطرحون سيناريوهات عدة حول المآلات المختلفة بعد الاستفتاء لكل من الشمال والجنوب، وتأثير ذلك على أقاليم أخرى بالبلاد مثل: دارفور، وجنوب النيل الأزرق، وشرق السودان، ولاستجلاء ذلك طرحنا الأمر على الخبير الإستراتيجى ورئيس وحدة أبحاث السودان بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور هانى رسلان وبدأنا بالسؤال عن:
*
هل شمال السودان قابل للتقسيم بعد انفصال الجنوب؟
..
نعم الانفصال قابل للتكرار فى شمال السودان ما لم تقم حكومة لخرطوم بمعالجات جادة وسريعة، وأقول ان ازمة دارفور مازالت تبحث عن حل ولم ترواح مكانها منذ اندلاعها فى منتصف 2002، رغم عبورها خمس محطات فى محاولات البحث عن حل هى محطات: ابيشى2003، انجامينا 2004، اديس أبابا 2004، أبوجا 2006، الدوحة 2008 -2010، وهذا الاستعصاء على الحل يعود لاسباب مختلفة مثل تركيبة المجتمع الدارفورى، ومنها انشقاقات وتشظى الحركات المسلحة، كما يعود أيضًا الى اسباب اقليمية ودولية وتعارض هذه الاجندات للمتدخلين فى هذه الازمة مثل تشاد، ليبيا، فرنسا، اسرائيل، بريطانيا، اريتريا، الإعلام الغربى، منظمات المجتمع المدنى، المحكمة الجنائية الدولية، ومنظمات الاغاثة الدولية، وكل واحد من هؤلاء يمثل دورًا فاعلاً فى دارفور وله أجندة، قد تلتقى أو تتعارض مع الاجندات الاخرى، وهذا قد يقود الى ترسيخ الازمة ونقلها الى طور جديد بعد انفصال الجنوب بتجسيد المطالبة بحق تقرير المصير لاقليم دارفور مع استمرار الفشل فى الوصول الى حل للازمة، ولن يكون مستبعدًا ان نجد المطالبة بتقرير مصير دارفور يطرح بشكل جدى فى مرحلة ما بعد الانفصال، وهو كان يطرح فى السابق على استحياء وبغرض الضغط السياسى على حكومة الخرطوم، أيضًا الشمال يواجه احتقانات فى مناطق اخرى وبنسب متفاوتة، وخاصة ما يعرف بمشروع المشورة الشعبية فى منطقتى جنوب كردفان، والنيل الازرق، وهو ما تروج له بعض قيادات الحركة الشعبية بأنه تقرير مصير للمنطقتين، ناهيك عن مشكلة أبيي الغنية بالنفط والتى من المرحج ان تكون كشمير جديدة بين شمال السودان وجنوبه.
*
هل يتم إنتاج حرب اهلية فى جنوب السودان؟
بصفة عامة الجنوب دولة لا تتوفر لها مقومات الدولة بسبب غياب البنية والكوادر البشرية التى تقودها، ويزيد من فرص فشل دولة الجنوب الصراعات القبلية المتوارثة وهى صراعات بالغة التعقيد، حيث ان معظم القبائل الجنوبية تخشى من هيمنة الدينكا على السلطة والثروة فى الدولة الجديدة.
------------------------
كشيب.. شمالي يؤسس حزب الحركة الشعبية الجديد ويسعى لإعادة الوحدة
نصرالدين كشيب من شمال السودان آمن بأفكار الحركة الشعبية لتحرير السودان لتغيير السودان إلى الأفضل.. لكنه سودان موحد وديمقراطي وتسوده قيم المواطنة والمساواة والعدالة والقضاء على التهميش.. انضم نصر الدين الشمالي المسلم الى الحركة الشعبية لتحرير السودان وناضل من اجل مبادئها وتعرض من جراء ذلك للكثير من الصعوبات كشيب تدرج في المناصب القيادية للحركة حتى وصل الى منصب رئيس مكتب الحركة الشعبية بالقاهرة ولعب دورا محوريا في تنشيط علاقاتها بالسلطات المصرية.. واليوم بات نصرالدين في مفترق طرق مثله مثل السودان الوطن والتاريخ والخريطة الجغرافية.. وعلىه أن يبدأ طريقه السياسى من البداية شأنه في ذلك دولتا الشمال والجنوب كشيب قال لـ “المدينة” إن دولة جنوب السودان القادمة بعد استفتاء اليوم تمتلك مقومات النجاح والعمل على انجاز ما فشلت فيه دولة السودان الموحد، وسوف تعتمد فى ذلك على علاقاتها بالدول الصديقة لتحقيق التنمية وخاصة الشقيقة الكبرى مصر التى سوف تسخر كل مواردها لتحقيق تنمية متوازنة فى كل اقاليم الجنوب وتحاول الاستفادة من الخبرات السابقة في تجنب التهميش الذي قاد إلى انفصال الجنوب.
وأضاف انه سوف يؤسس حزب الحركة الشعبية الجديد ويسعى لإعادة الوحدة بين شطري السودان. وعن احتمالات قيام حرب أهلية في دولة الجنوب على غرار مذابح الهوتو والتوتسي، قال ان هذا الاحتمال غير قابل للحدوث حيث إن الحركة الشعبية تستوعب غالبية مواطني الجنوب، كما استبعد قيام حرب بين الشمال والجنوب نظرا للاهتمام الدولي بالوضع السوداني واشار الى ما سماه “الارتال العسكرية” التى قال ان المؤتمر الوطني يحشدها في مناطق التماس بين الشمال والجنوب، وقيامه بتسليح بعض العناصر الجنوبية مثل الجنرال (اتور ) وعلى صعيد التحول السياسي في حياته وحياة القيادات الشمالية في الحركة الشعبية..قال: انه بعد الانفصال كنتيجة متوقعة للاستفتاء وقيام دولة “جنوب السودان”، سيتم الدعوة لعقد مؤتمر عام لقطاع الشمال بالحركة الشعبية وسوف نحتفظ بهذا الاسم وسنتقدم لتأسيس حزب سياسي بهذا الاسم وعليه سوف يتحدد استمرارى في القاهرة أو العودة للخرطوم.
------------------------
رياك “جنوبي” يحلم بالسفارة ودولة على النمط الخليجي
جوزيف رياك شاب من قبيلة الدينكا يدافع عن الحركة الشعبية ومبادئها بكل قوة.. سوف تشهد حياته تغييرًا مع انفصال الجنوب، وقيام دولة الجنوب المستقلة.. احلام جوزيف سوف تتحقق وتتمثل في حلم الدولة وتولى منصب سياسى جديد، وهو رئاسة مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان في القاهرة، وسوف يفتح له هذا الأبواب لمقابلة كبار المسؤولين فى مصر باعتباره سفير الدولة الوليدة، وسوف يكون فى معية أى مسؤول من دولة جنوب السودان يزور مصر.. أحلام تتحقق، ووطن يتمزق ليقوم آخران بقواعد جديدة، وآليات مستحدثة لمواجهة التحديات والصعوبات.
جوزيف رياك قال لنا: إن الجنوب يمتلك كل مقومات الدولة، وهي: الشعب، والإقليم، والكوادر البشرية والموارد، وقد انجزت حكومة الجنوب خلال السنوات الماضية الكثير، وهى تدير الاقليم بصورة شبه مستقلة، ولم تحدث خلال هذه السنوات الخمس حروب أهلية أو انشقاقات، أمّا عن عدم توافر القدرات البشرية المدربة فى الجنوب فيعتبرها حجة واهية، وسوف نطبق نموذج دول الخليج بعد استقلالها، ونستعين بالخبرات المصرية حتى ننهض. واضاف تربطنا علاقات مميزة مع مصر التى لن تدخر جهدًا فى دعم ومساندة الجنوب، واليوم يملك الجنوب حكومة منتخبة، ومجلس وزراء، وحكومات للولايات العشر، ومجالس ولائية، وقوات شرطة، وقوات عسكرية قادرة على حفظ الأمن للمواطن فى الجنوب.
أمّا على صعيد التنبؤات باندلاع حرب أهلية فى الجنوب على غرار مذابح الهوتو والتوتسى فأقول: واهم مَن يعتقد ويروج لذلك، وأقول إن الحركة الشعبية تستوعب اكثر من 70% من شعب الجنوب.
------------------------
رئيس مكتب المؤتمر الوطنى بالقاهرة: هوية السودان الإسلامية ضمان وحدة الشمال بعد الانفصال
ماذا ينتظر دولة السودان الشمالية بعد الانفصال؟ مزيد من الاستقرار أم التشقق والانقسام؟ أم... أم مزيد من “الاصولية”، أم دولة متماسكة ترفض تهميش الأطراف وتجعل إعادة وحدة الشمال خيارًا جاذبًا، هذه السيناريوهات المقلقة دوليًّا وإقليميًّا طرحناها مع رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطنى السودانى فى القاهرة الدكتور وليد السيد الذى رفض ونفى أن يتحول السودان الى نموذج جديد للقاعدة انطلاقا من الخصائص التاريخية للاسلام السودانى، والذى يتسم بالبعد عن التطرف أو الأصولية المنغلقة وهوية السودان الإسلامية هى ضمان وحدة الشمال إذا ما حدث الانفصال. وشدد على ان هذه التكهنات لا تقوم على معطيات واقعية وهدفها تشويه صورة السودان. ونفى ان تكون الهوية الاسلامية فى الشمال هى السبب فى انفصال الجنوب حسب ما يردد دعاة الانفصال فى الجنوب السودان،
مشيرًا الى أن فصل الجنوب مخطط استعمارى، وأزمة الجنوب ارث استعمارى لم تنجح الحكومات السودانية المتعاقبة فى حل معضلته منذ استقلال السودان عام 1956. وعن احتمالات اندلاع الحرب بين الشمال والجنوب بسبب التنازع على تبعية منطقة ابيي..
قال الدكتور وليد ان ابيي بدأت بمعضلة وتحولت الى ازمة بسبب عناصر قيادية نافذة فى الحركة الشعبية وينتمون الى الدينكا نقوك فى ابيي ويصرون على تبعيتها للجنوب، وموقف المؤتمر الوطنى فى ابيى موقف حقوق وليس بسبب النفط، وهوما جسدته دعوة الرئيس عمر البشير بالتنازل عن حصة الشمال من نفط الجنوب كحافز لدعم خيار الوحدة، وهو ما رفضته الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى حريص على السلام وحريص أيضًا على علاقة حسن الجوار مع الجنوب اذا ما اختار سكانه الانفصال وملتزمون بالمرجعيات القانونية لحل القضايا الخلافية وقرار لاهاى فى 2 /7 / 2009 وبروتوكول مشاكوس الذى يتضمن حلولاً لمنطقة ابيي كما قدمنا مقترحات عن ادارة مشتركة للاقليم والحركة الشعبية تصر على التصعيد.
وحتى لا يلحق آخر بمن رحل.. قال الدكتور وليد إن المخططات الخارجية ضد السودان لن تتوقف عند فصل الجنوب، وتسعى الجهات الخارجية لتنفيذ مخططاتها ضد السودان، وعلى أبنائه إدراك هذه المخاطر وسد الذرائع أمام الأجندات الخارجية، وذلك بالجلوس وحل كل القضايا الخلافية بنفوس صادقة وعقول متفتحة لتفادى ما يحاك ضد السودان شعبًا وارضًا وثروات. وأضاف صحيح ان هناك مخططات خارجية لتفتيت بلادنا الى عدة دويلات او كانتونات، ولكن نجاح او فشل هذه المؤامرات فى ايدى ابناء السودان باختلاف توجهاتهم ومدعوون للدفاع عن الوطن والهوية والسيادة والكرامة، وهذه المخططات لن تتوقف عند السودان، ولكنها تسعى إلى تفتيت كل الدول العربية والاسلامية وكل العواصم العربية مستهدفة وليس الخرطوم، وكلنا فى نفس الخندق وينتظرنا نفس المصير ما لم نوحد جهودنا ونقطع الطريق على المتربصين.

منقول

إتفاقيّة السلام الشامل .. إسم على غير مسمى


إتفاقيّة السلام الشامل .. إسم على غير مسمى ..
بقلم: الإمام الصادق المهدي: آخر لحظة
في افتتاح هذه المائدة المهمة التي نشكر الفضائية المستنيرة الجزيرة على ترتيبها، أود أن أطرح أسئلة مفتاحية وأجيب عليها باختصار لكي تلقى ضوءاً للمناقشات المزمعة. 
ما الذي جاء بدعوة تقرير المصير؟ ثم بالانفصال المتوقع؟ وما هي المآلات بعد ذلك؟ 
1. كان السودان على طول تاريخه ملتقى ثقافات، هذا ما دلت عليه حفريات كرمة ثم آثار كوش، هذه الطبيعة التمازجية جعلت السودان يغير هويته أكثر من مرة سلمياً: فالمسيحية الارثوذكية دخلت السودان سلمياً وأقامت فيه ممالك: نوباتيا- المقرة- وعلوة منذ القرن السادس الميلادي.. ثم دخل الإسلام سلمياً فقامت في السودان ممالك إسلامية الفور- الفونج- والمسبعات- وتقلي- والكنوز، والمدهش أن البلدان التي أسلمت بعد الفتوحات أبقت على أقليات معتبرة من الأديان السابقة كما في الشام والعراق ومصر.. ولكن في السودان لم يبق ولا واحد من أتباع المسيحية. 
الاستثناء من هذه القاعدة هو الجنوب الذي حالت ظروف جغرافية من وصول المسيحية الأرثوذكية إليه ثم حالت أيضاً دون وصول الإسلام. 
ولكن في مرحلة لاحقة لدى احتلال السودان انفتح الجنوب للمؤثرات وكان أكبر انفتاح هو الذي تم على عهد الاحتلال البريطاني. 
المسيحية التي أدخلها الاحتلال هي المسيحية الأوربية بمذاهبها، وقرر المحتلون إقامة عازل ثقافي بين الشمال والجنوب واحتكروا الجنوب لهوية جديدة انجلوفونية مسيحية أفريقانية. 
هذه الهوية الجديدة عبرت عن نفسها بصور مختلفة: 
* لدى فترة استقلال السودان عبر الجنوبيون عن رغبتهم في الفدرالية. 
* في مرحلة الستينات وعبر مؤتمر المائدة المستديرة، ولجنة الاثنى عشر، ومؤتمر الأحزاب السودانية عبروا عنها بالمطالبة بالحكم الذاتي الإقليمي. 
هذا المطلب تبلور أثناء حكم الديمقراطية الثانية (1964- 1969م) التي أطاح بها انقلاب 25 مايو 1969م. 
الانقلاب الذي تبنى قادته فكرة الحكم الذاتي الإقليمي، وأبرموا مع حركة الجنوب المسلحة في يوليو 1972م اتفاقية أديس أبابا. 
* في مرحلة الثمانينات صار مطلب الحركة الشعبية لتحرير السودان المجسد للهوية الجنوبية الخاصة، هو مؤتمر دستوري يمنح الجنوب حكماً لا مركزياً ونصيباً في السلطة والثروة بحجم سكانه واستثناء الجنوب من تطبيق الأحكام الإسلامية، وتخلي السودان عن أي أحلاف خارجية تمس السيادة (اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان). 
كانت هذه هي أجندة المؤتمر القومي الدستوري المزمع عقده في 18/ سبتمبر 1989م، ولكن وقوع انقلاب 30 يونيو 1989م أجهض هذا المشروع. 
* النظام الانقلابي لم يتبن تحضيرات الديمقراطية الثالثة (1986 -1989م) كما فعل نظام جعفر نميري مع تحضيرات الديمقراطية الثانية، وبدأ مفاوضاته مع الحركة الشعبية من خانة الصفر. 
كانت فكرة تقرير المصير تراود بعض القادة الجنوبيين، ولكنها في عام 1992م صارت لأول مرة في تاريخ مفاوضات السلام محل اتفاق بين مفاوض حكومة «الإنقاذ» د. علي الحاج وفصيل منشق من الحركة الشعبية بقيادة د. لام أكول. 
* وفي عام 1992م أظهر النظام الانقلابي لأول مرة بصورة مجردة من التقية التي مارسها النظام منذ بدايته هوية إسلامية عربية ونظم المؤتمر الشعبي الإسلامي العربي. 
ونتيجة لهذا الموقف اجتمعت كل الفصائل السياسية الجنوبية في واشنطن بدعوة من السناتور الأمريكي السابق هاري جونستون في واشنطن، وتداولوا أمر التطورات الجديدة في السودان وقرروا أنه ما دام السودان قد حسم هويته أنها إسلامية وعربية، وقالوا نحن لسنا مسلمين ولا عرباً لذلك اجمعوا لأول مرة على المطالبة بتقرير المصير للجنوب. 
* وفي يونيو 1995م اجتمعت كل قوى المعارضة لنظام الإنقاذ في أسمرا عاصمة إريتريا وإزاء إجماع الجنوبيين وافقت المعارضة السودانية عل تقرير المصير للجنوب. 
بطلب من حكومة الإنقاذّ في السودان أقدمت دول الإيقاد وهم جيران السودان في القرن الأفريقي على التوسط لإنهاء الحرب الأهلية في السودان، وقبل الشروع في الوساطة اقترحوا على طرفي النزاع الموافقة على إعلان مبادئ من ست نقاط خلاصتها إقامة نظام سوداني ديمقراطي علماني أو منح الجنوب حق تقرير المصير، نظام الإنقاذ في البداية لم يوافق على إعلان المبادئ هذا ولكن في عام 1997م وقع عليه. 
* وفي يوليو عام 1997م وقع نظام الإنقاذ مع فصائل منشقة من الحركة الشعبية على اتفاقيات سلام من الداخل منحت الجنوب حق تقرير المصير. 
وعبر مفاوضات امتدت من 2002م إلى 2005م وقعت حكومة السودان بقيادة المؤتمر الوطني مع الحركة الشعبية بقيادة د. جون قرنق على اتفاقية سميت بالسلام الشامل في يناير 2005م كان تقرير المصير من أهم بنودها. 
اتفاقية السلام الشامل كانت اسماً على غير مسماه، كانت ثنائية فلم تشترك فيها إلا حكومة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. وسميت بالسلام الشامل في وقت فيه الحرب الأهلية دائرة في غرب البلاد وشرقها. ونصت الاتفاقية على مقاصد حميدة هي: 
جعل الوحدة جاذبة لدى أجراء تقرير المصير. 
* تكوين حكومة جامعة Inclusive) ) لإدارة الفترة الانتقالية (2005- 2011م). 
* تحقيق تحول ديمقراطي في البلاد عبر كفالة الحريات العامة، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. 
الاتفاقية لم تحقق هذه المقاصد: فالحكومة التي إدارت الفترة الانتقالية لم تكن جامعة. والتحول الديمقراطي عبر توافر الحريات والانتخابات العامة الحرة لم يتحقق، فالحريات ظلت حبيسة والانتخابات كانت زائفة، أما الوحدة الجاذبة فقد تحقق نقيضها مما جعل الانفصال جاذباً. 
العوامل التي جعلت الانفصال جاذباً هي: 
عوامل في بنية اتفاقية السلام: 
* فبروتوكول ميشاكوس قسم البلاد على أساس ديني أي شمال يحكم بالشريعة وجنوب علماني.. هذا خلاف لتصور آخر كانت لجنة مشتركة بيننا وبين المؤتمر الوطني قد توصلت إليه وهو تخصيص الأحكام الإسلامية على المسلمين واستثناء الآخرين، هذا التقسيم كرس لانفصال جغرافي. 
وبروتوكول اقتسام الثروة خصص للجنوب نصف بتروله بدل أن ينسب نصيب الجنوب كما ينبغي للثروة القومية، مما شجع الجنوبيين للمطالبة بالانفصال للاحتفاظ بكل بترول الجنوب للجنوب. 
ومن عوامل التنافر أن المؤتمر الوطني ينادي بمشروع حضاري هو مسمى آخر للتوجه الإسلامي والحركة الشعبية تنادي بمشروع السودان الجديد هو مسمى آخر لعلمانية أفريقانية. 
التباين بين هذين المشروعين غذى التنافر بين الشريكين في الحكم مما انعكس على تنافر بين الشمال والجنوب 
منذ أيامه الأولى اكتسب الحزب الحاكم في الشمال المؤتمر الوطني عداوات خارجية تكونت بموجبها لوبيات متنفذة لا سيما في الولايات المتحدة لوبيات أهمها تسعة: 
- لوبى مسيحي لنجدة المسيحيين في السودان. 
- ولوبى صهيوني يتدخل بصورة معادية في كل الشئون العربية. 
- ولوبى ضد الإرهاب. 
- ولوبى حقوق الإنسان 
- ولوبى الحريات الدينية. 
- ولوبى الأمريكيين من أصل أفريقي. 
- ولوبى ضد الرق. 
- ولوبى إنقاذ دارفور. 
- ولوبى كفاية. 
هذه اللوبيات تبنت تعاطفاً نحو الجنوب وعداءاً للمؤتمر الوطني ما شجع الانفصاليين الجنوبيين الميل للانفصال لتجنب العقوبات والسياسات المعادية للمؤتمر الوطني الحاكم في الشمال. 
لذلك لا غرابة في ترجيح كفة الانفصال وهناك دلائل ملموسة على ذلك أذكر منها: 
- مواكب الشباب في الجنوب الشهرية المؤيدة للانفصال. 
- اتجاهات الصحف الناطقة بالانجليزية الداعية غالباً للانفصال. 
- تبني قادة الكنائس بعد طول صمت لدعوة الانفصال. 
- تحول شخصيات قيادية جنوبية كانت وحدودية نحو الانفصال ? أمثال- جنرال جوزيف لاقو ود. توبي مادوت. 
- تبني الحركة الشعبية للانفصال. 
صحيح أي قياس للرأي يؤكد ترجيح الانفصال في الاستفتاء. ولكن مهما كان رأي المواطن الجنوبي فسوف يكون الاستفتاء وفق إرادة الحركة الشعبية، لأن قانون الاستفتاء جعلها متحكمة فيه، كما أن مفوضية الاستفتاء المركزية أغلبية أعضائها جنوبيون والصلاحية الحقيقية في يد مكتب المفوضية الجنوبي الذي تسيطر عليه الحركة الشعبية. 
إذن: نعم غالبية الجنوبيين مع الانفصال لأسباب ذكرناها، ولكن الاستفتاء لن يكون بأي مقياس ديمقراطي تمريناً ديمقراطياً. 
2. القيادة الجنوبية منذ الانتخابات الأخيرة في أبريل 2010م تواجه تحديات عسكرية بحيث أن 3 ولايات من العشر ولايات سيجمد فيها الاستفتاء. 
وفي دراسات علمية أجراها خبراء غربيون كثيرون ما يدل على أن دولة الجنوب الجديدة سوف تواجه بعد شهر عسل قصير تحديات هائلة.. أذكر من تلك الدراسات كتاب: تناقضات جنوب السودان الداخلية للأستاذين ماريك شوماروس وتيم ألن الصادر في عام 2010م، ودراسة توماس تالي في مجلة الحروب الصغيرة الصادرة في أكتوبر 2010م، ومقالات في مجلة اكنومست ونيوزويك وغيرها. 
دولة الجنوب سوف تواجه في مولدها مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية بلا حدود. 
واضح أن القيادة الجنوبية الحالية تدرك ذلك، لذلك أقدمت على تجاوز خلافاتها مع خصومها وجمعت كل القوى السياسية الجنوبية في أكتوبر 2010م، واتفقت معهم على خريطة طريق لبناء المستقبل الجنوبي، كما أقدمت على تنشيط علاقاتها بحلفائها الدوليين حيث تحظى بمودة خاصة. 
ومع ذلك فإن دولة الجنوب الجديدة تدرك أن دولة الشمال تستطيع زعزعتها عبر العيوب الكثيرة الموجودة في الجسم الجنوبي. 
دولة الجنوب الجديدة سوف تحتاج لحليف ويمكن لدولة الشمال السعي للقيام بهذا الدور، وهي تملك مقومات كثيرة إن غيرت سياساتها واستعدت لهذا الدور. 
لا سيما ودولة الشمال نفسها سوف تواجه بعد الانفصال مشاكل كثيرة أهمها: أصداء انفصال الجنوب على مشكلة دارفور، والمشاكل المتعلقة بالمناطق المتداخلة مثل أبيي، وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق. 
والآثار السلبية والتي بدأت تظهر منذ شهر سبتمبر الماضي. 
مصلحة الدولتين في انفصال ودي وسياسة شمالية تجعله جاذباً. 
إن لهذا الانفصال الودي استحقاقات تقوم على موقف شمالي مستنير من دولة الجنوب الجديدة، وتقوم على دستور شمالي جديد ترتضيه المناطق المتداخلة في جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان. دستور يوفر حقوق المواطنة للكافة، ويوفق بين الحقوق المدنية والتوجه الإسلامي، ويعترف بالتنوع الديني والثقافي، ويحقق اللامركزية الفدرالية، ويحقق القسمة العادلة في السلطة والثروة على أسس ديمقراطية. 
أما مقولة أنه بعد انفصال الجنوب لا مجال لتعددية دينية وثقافية، وطرح تطبيق الشريعة في تناقض مع التنوع الديني والاثني فعلامات في طريق مدمر، لأن هذه اللغة هي التي أدت لمطلب تقرير المصير ثم انفصال الجنوب وسوف يتكرر السيناريو في السودان الشمالي. 
السودان مكون من ثلاث ديانات: الإسلام والمسيحية وأديان أفريقية ومن خمسة اثنيات: عرب ?وزنوج- وبجا ? ونوبة- ونوباويون. 
انفصال الجنوب لن يؤثر في هذا التنوع إلا بتقليل عدد الزنوج وعدد المسيحيين، 
التنوع الديني والثقافي والاثني من طبائع البشر ومن حقائق الوحي. 
(وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)1، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)2 
3. إذا أخفق الشمال في اتخاذ سياسات تجعل الوصال الودي جاذباً، وأخفق في جعل الشمال نفسه مستقراً حول مبادئ توفق بين الوحدة والتنوع، فإن الخيار الآخر الذي سوف تتجه إليه دولة الجنوب الوليدة هو الركون للحليف الخارجي العدائي للشمال، وسيكون لإسرائيل في هذا المجال الدور الأهم. 
على طول حركة المقاومة الجنوبية كان ركونها لعنصر خارجي كبيراً.. ولا شك أن أثيوبيا الماركسية، واليمن الجنوبية الماركسية، وليبيا المتحالفة مع المعسكر الشرقي في عام 1982م وقد كونوا حلف عدن قد احتضنوا الحركة الشعبية في مهدها وجعلوها تولد بسنونها، وبعد تجاوز تلك المرحلة اتجهت الحركة الشعبية نحو الغرب، ولكن في المقابل تدرك الحركة الشعبية الآن أن الغرب لا يستطيع أن يفي بما يعد به، وأن لاستعداء الشمال ثمناً باهظاً ومدمراً، لذلك يحتمل أن يستجيب لدواعي علاقة ودية خاصة بالشمال إذا استطاع الشمال نفسه أن يتحدث بلغة سياسية تلائم المرحلة. 
المؤتمر الوطني الحزب الحاكم في الشمال في وجه المسؤولية عن انفصال الجنوب، واستمرار أزمة دارفور، والتردي الاقتصادي المحمل بعوامل المواجهات، الملاحقة الجنائية الدولية أمامه خياران: 
الأول: أن يعتبر أن تلك المخاطر تهدد مصالحه وسلطانه ولذلك يجب أن يواجهها بالقمع ويلتمس من شعارات الشريعة شرعيته، وسيجد من تيارات الانكفاء الديني دعماً لذلك.. في هذا النهج القمعي يمكن للمؤتمر الوطني محاولة تحييد دولة الجنوب، بينما يوجه بأسه ضد معارضيه في الشمال. هذه هي الخطة التي اتبعها المؤتمر الوطني على طول الفترة الانتقالية، ولكنها لم تنجح في الماضي بل أدت لتحالف بين معارضيه والحركة الشعبية، تحالف ربما استنسخ بصورة أخرى في الظروف الجديدة. النتيجة لهذا كله هي نقل التوتر الذي ساد الفترة الانتقالية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ليكرر نفسه في العلاقة بين دولتي السودان، ولكن طبيعة الظروف الجديدة تجعل أثر المواجهات في اضطرابات الجنوب والشمال، وزعزعة أمن القرن الأفريقي والقاري كبيراً جداً. 
الخيار الثاني: أمام الحزب الحاكم في السودان هو اعتبار أن مرحلة الحكم الانفرادي قد انتهت باتفاقية السلام، وأن مرحلة الحكم الثنائي قد انتهت بنهاية اتفاقية السلام، وأن المرحلة القادمة هي مرحلة تحديات كبرى لكتابة دستور جديد، ولتحديد علاقة إيجابية مع الجنوب، ولحسم أزمة دارفور، ولمواجهة الحالة الاقتصادية، ولتوفير الحريات العامة، وللتعامل مع الأسرة الدولية.. هذا النهج ممكن وبموجبه يتحقق التراضي الوطني في الشمال، والعلاقة الأخوية مع الجنوب. 

في الختام 
إن التجربة السودانية محملة بكثير من العظات للسودانيين ومن الدروس لغيرهم وهي: 
أولاً: جدوى انتشار الإسلام بالقوة الناعمة حيث عم البلاد بصورة شاملة منتشراً سلمياً. حقيقة يؤكدها الآن تمدد الإسلام سلمياً في كل القارات رغم ضعف دول المسلمين بالقياس للقوى الإستراتيجية والاقتصادية في العالم، تمدد جعل الإسلام في عالم اليوم القوة الثقافية الكبرى. 
ثانياً: خطل محاولة فرض أية برامج أيديولوجية عن طريق الانقلاب العسكري لأسباب موضوعية وهي: 
- العسكريون سوف يحرصون على قيادة النظام وهم غالباً غير مؤهلين لذلك. 
- يضطرون أمام مطالب الواقع أن يتخذوا سياسات براجماتية مما يعرضهم لتهمة التراجع ويثير ضدهم تيارات معارضة. 
- تدريبهم يجعلهم يركنون للقوة الخشنة وسيلة لحسم المشاكل فتتكاثر ضدهم حركات المقاومة المسلحة. 
- أما بالنسبة للإسلام فإن أمر المسلمين شورى بينهم وإقامة نظام حكم على الإكراه باطلة. 
ثالثاً: إن فرض أحادية ثقافية على مجتمع متعدد الأديان والثقافات من شأنه حتماً أن يؤدي لاستقطابات حادة، لقد قامت الحرب الأهلية في السودان نتيجة لصدام الذهنية التي صنعتها سياسة المناطق المقفولة منذ عام 1922 والذهنية المضادة لها، هذا الصدام زاد حدة نتيجة لأيديولوجية وسياسات نظام الإنقاذ مما عمق أسباب الحرب الأهلية ووسع قواعدها داخلياً وأتاح لها سنداً خارجياً قوياً. 
رابعاً: في يوليو القادم من عام 2011م سوف ينتهي عهد اتفاقية سلام نيفاشا. الواجب الوطني، والقومي، والإسلامي، والإنساني يتطلب أن يقف أهل السودان مع الذات لاستخلاص العبرة من تجاربهم ومآلاتها الراهنة لكي يتراضوا على خريطة طريق للتأصيل المجدي ولبناء الوطن، وإلا فإن نكبات الحاضر سوف تتكرر في المستقبل. 
والله ولي التوفيق. 
* 1 سورة الروم الآية (22) 
* 2 سورة البقرة الآية (62)   

مخاطر انفصال جنوب السودان واضراره على الشمال والجنوب


مخاطر انفصال جنوب السودان واضراره على الشمال والجنوب

عمر الفاروق حسن شمينا: السوداني

نحن الآن في ايام الوداع للسنة الاخيرة للفترة الانتقالية التي نصت عليها اتفاقية السلام الشاملة, وقد يختار جنوب السودان الانفصال غير اننا نرجح اكبر الترجيح ان المخاطر التي تترتب على انفصال الجنوب وتضر بمصالحه ومصالح شمال السودان والمصالح المشتركة مخاطر كثيرة وقد نذكر منها شيئا هو:
1- يفقد الجنوب نصيبه في البنيات الاساسية القائمة في الشمال والتي هى في ظل السودان الموحد ثروة مشتركة لكل القوميات والكيانات وهذا يلقى على عاتق الجنوب مهمة انشاء بنياته الاساسية.
2- دولة الجنوب دولة مغلقة لامنفذ لها الى البحار وسلبيات هذا الوضع عدة وذلك من وجهات النظر الاقتصادية والحضارية. وذلك بالرغم من ان قانون البحار قد خفف من هذه السلبيات بان كفل للدول المغلقة حقوقا تساعد على تجارة الترانزيت وتسهل الوصول الى اعالي البحار عن طريق الدول المجاورة.
3- يضعف اتصال الجنوب بالعالم العربي.
4- يفقد الجنوب ولو جزئيا السوق المحلي لتسويق منتجاته الزراعية الاستوائية.
5- ان ما يوحد القبائل الجنوبية هو تحالفها لمواجهة الشمال، وهذا التحالف يؤجل المواجهة والحروب بين قبائل الجنوب، فان انفض التحالف بانفصال الجنوب فمن المرجح ان يصبح الجنوب مسرحا لحروب قبلية لاتكفل الاستقرار الذي ينشده الجنوب.
6- كان من المؤمل ان يكون السودان مثالا لافريقيا والعالم ان نجحت فكرة الوحدة مع التنوع، ونجح السودان في ان يكون بوتقة تنصهر فيها الاعراف والثقافات، فان انفصل الجنوب عن الشمال حرم الجنوب نفسه من المشاركة في هذا الدور الحضاري الذي يجذب انظار العالم ويؤهل الجنوب والشمال لمهام عظيمة تساعده في تحقيق التنمية والتقدم للسودان.
7- البترول الذي يعتمد عليه الجنوب حاليا قد ينضب خلال عقد بعد عام2011م ومن ثم فان بعد النظر والتخطيط السليم يوجبان ان لايرهن مستقبل الجنوب منفصلا عن الشمال على عائدات البترول.
إن الاضرار التي تلحق بالشمال ان انفصل الجنوب لاتقل خطورة عن الاضرار التي تلحق بالجنوب وهى:
1- يجب ان لا ننسي ان الصراع الدائم والحروب الحولية التي تقع بين القبائل العربية والافريقية على حدود مديرية كردفان ودارفور وبحر الغزال واعالي النيل بسبب المراعي فان انفصل الجنوب لن يكون للقبائل الشمالية حق قانوني في المراعي الموجودة في الجنوب وتفقد الآلية القومية لتسوية المنازعات حول المراعي مما يؤثر تأثيرا كبيرا على القبائل العربية ويعطي اسبابا لحروب قد لاتكون قبلية فحسب.
2- يفقد شمال السودان الدور الكبير الذي يلعبه في تطوير مشاريع اعالى النيل المائية التي يتوقع ان تزيد من تدفق المياه في نهر النيل (مشروع جونقلي مثلا).
3- يحجب انفصال الجنوب الشمال من الاتصال المباشر بشرق افريقيا ويحرمه من ان يلعب دوره المرتقب كجسر الحضارة والثقافة العربية لافريقيا.
4- يفقد الشمال السوق الجنوبية لتسويق منتجاته ولن يقدر الشمال على المنافسة في سوق الجنوب التي سوف تفتح على مصراعيها لشرق افريقيا والعالم.
الاضرار التي تلحق بالمصالح المشتركة للجنوب والشمال لاتقل خطورة عن ما سلف ذكره من اضرار تلحق بالاقليمين في الآتي:
1- يعوق انفصال الجنوب الاستغلال الامثل لحقول البترول المشتركة بين الشمال والجنوب، كما لابد ان تثور بطريقة حادة مسألة البترول الذي تم استخراجه ، من يتكفل بدفع النفقات وما هو مصير اتفاقيات التنقيب التي ابرمت مع شركات البترول واسئلة اخرى تتداعى من هذا وغيرها:
* يعتمد الجنوب بعد ابرام اتفاقية السلام الشامل اعتمادا يكاد يكون كليا على نصيبه من عائدات البترول والبترول يصدر للخارج بعد تصفيته في الشمال وترحيله الى بورتسودان بانابيب تجري في الشمال، ومن ثم فلابد ان يتفق الجنوب مع الشمال في اقتسام هذه العائدات او بمعني آخر ان يتنازل عن شئ من عائدات البترول للشمال.
* وثمة امر آخر هو اعادة النظر في العلاقة التعاقدية مع الدول التي تشارك في صناعة البترول في السودان (ماليزيا والهند والصين) وفضلا عما تقدم فان استخراج البترول يثير قضايا بيئية مهمة يجب معالجتها بين الشمال والجنوب سلميا وبالاتفاق.
* اخيرا فان انفصال الجنوب ان لم يتم باجراءات واسس متفق عليها تراعي ما سلف الحديث عنه قد يخلق فراغا امنيا وسياسيا وقانونيا هى امر اخطر من اختلاف الرؤي في السودان الموحد.
* وفضلا عما تقدم فان ثمة مسائل شائكة اخرى يتعين النظر فيها مثل الديون الباهظة على السودان الموحد والاتفاقيات الدولية.
2- انفصال الجنوب يعوق التنمية الصحيحة لحزام السافنا المشترك بين الشمال والجنوب.
3- ما هو مصير النازحين من الجنوب الى الشمال لابد ان يفضى ترحيل النازحين الى الجنوب الى مآسٍ انسانية مفجعة، كما يكلف ترحيلهم اموالا طائلة ويؤدي الى مشاكل عاتية بالنسبة للشمال والقبائل الجنوبية النازحة.
4- ماهو مصير العملة، هل يستبدل الجنوب العملة السودانية بعملة جنوبية وما هى الآثار الاقتصادية المترتبة على تغيير العملة بالنسبة للشمال والجنوب يجب ان لا ننسي التجربة الاريترية الاثيوبية في هذا الشأن فقد كان من بين اسباب الحرب بين البلدين مسألة تغيير العملة الاثيوبية.
5- في ضوء ما تقدم هل يحقق الانفصال الاستقرار للجنوب والشمال ام ان يد التاريخ وتركته المثقلة بالمرارات ستبقي على اكتاف الشمال والجنوب ويستمر التوتر بل تستمر الحروب بين الطرفين ولنا في ما يجري بين اثيوبيا واريتريا العظة والعبرة في ما سوف يؤول عليه الحال بين دولتي الشمال والجنوب ان تركت مشاكل الانفصال بلا حل... حقا ان مشاكل الانفصال اعتي واصعب على الحل من مشكلة الجنوب في اطار الوحدة والتنوع، كما ان تكلفة الانفصال اكبر من تكلفة النزاع المسلح.. لقد صدق د.فرانسيس دينق عندما قال في ندوة في واشنطن " لا شمال بلا جنوب ولا جنوب بلا شمال".
في الختام علينا ان نوضح ما سبق ذكره للراي العام الجنوبي والشمالي ليدركوا مخاطر الانفصال فتكون الوحدة جاذبة وبالرغم من ذلك فان اتفاق السلام الشامل لعام2005م كفل للجنوب حقوقا ومزايا بالضرورة تجعل الوحدة جاذبة وعلى سبيل المثال فقد نصت الاتفاقية على سلطات وحقوق لحكومة الجنوب تجعل فيه وضعا شبه كونفدرالي فلا يجوز لحكومة الوحدة الوطنية في الخرطوم ان تتعاقد مع الولايات الجنوبية الا عبر حكومة الجنوب كما ليس لها أي اختصاصات في ادارة الجنوب ذلك بالرغم من ان الاتفاق اعطى حكومة الجنوب بعض الاختصاصات في ادارة الدولة ككل وهى تشمل الشمال ويتجلى هذا في مؤسسة الرئاسة وسلطات رئيس الجمهورية التي لايمكن ممارستها الا بعد موافقة النائب الاول للرئيس هذا وضع نأمل الا يفرط فيه الجنوبيون.    
       
منقول