الملك عبد الله الثاني يدعو لحوار وطني.. ويؤكد: نريد إصلاحا حقيقيا وسريعا
عبر عن أسفه لاستغلال أجواء الاستقرار والحرية والانفتاح
عمان: محمد الدعمة
أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أنه لا يوجد شيء يمكن أن يؤثر على سياسة الانفتاح وروح التسامح وثقافة التعددية وقبول كل الآراء البناءة والصريحة، لأن هذه ثوابت أردنية لا تتغير.
وقال الملك عبد الله الثاني في كلمة ألقاها خلال لقائه أمس رؤساء وأعضاء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في قصر بسمان بعمان: «إن الإصلاح هو إرادتنا الثابتة، لأنه مصلحة شعبنا، وهو ما يعني التطوير ومواكبة روح العصر»، مشددا على أنه ينتظر من الحكومة توصياتها حول آلية الحوار الشامل لمناقشة كل الخطوات اللازمة لتحقيق التنمية السياسية، وعلى رأسها دراسة وتطوير كل القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني، خصوصا قانون الانتخاب.
وأوضح الملك عبد الله الثاني خلال اللقاء ضرورة أن يتم التوافق على قانون الانتخاب وعلى أهدافه المتمثلة في تشجيع العمل السياسي الجماعي والحزبي، وزيادة مشاركة المواطنين في صناعة مستقبلهم، حتى يكون التنافس في الانتخابات على أساس البرامج «وحتى ننتقل لمرحلة جديدة في إدارة شؤون الدولة».
ودعا العاهل الأردني إلى إطلاق حوار شامل، مشيرا إلى أن المواطن قادر على التعامل مع كل التحديات، إذا كانت هناك مصارحة وشفافية وحوار، بحيث يكون مطلعا على ما تقوم به الدولة من أجل خدمته، وتحقيق الإنجاز، الذي يجب أن يكون الإنسان الأردني المستفيد الأول منه.
وأكد أن الشعب الأردني واع، وعلى قدر المسؤولية ويعرف تماما أن مصلحته وأمنه وكرامته ومستقبله فوق كل الاعتبارات، وأضاف: «أنا أعرف الأردنيين، وأعرف حكمتهم وانتماءهم وحرصهم على وطنهم ومنجزاته، وإن شاء الله، تظل رؤوسهم دائما مرفوعة، ويظل الأردن شامخا وعزيزا».
وأعرب عن ارتياحه للحرص الواضح من قبل الجميع على تحمل المسؤولية، وفي إطار الشراكة الحقيقية، التي يحتاجها ويستحقها الوطن والشعب الأردني، وقال: «إذا واصلنا العمل بهذه الروح الطيبة سنحقق أهدافنا ونسير للأمام بسرعة وثبات».
ونبه إلى أن هناك تحديات كبيرة ومشكلات اقتصادية ومعاناة عند شرائح واسعة من الشعب الأردني، متسائلا: متى لم تكن هناك تحديات كبيرة أمامنا؟ ومتى لم تكن هناك صعوبات في تاريخنا؟ مشيرا إلى أن الشعب دوما يواجه التحديات، ويواجه المؤامرات والمزايدات، وينتصر عليها بالإرادة وبالعمل والتصميم، على أن يكون الأردن دائما، أقوى من التحديات والصعوبات، وأقوى من كل من يحاول العبث بأمنه واستقراره وتماسك أهله ووحدتهم.
وأعرب العاهل الأردني عن أمله في أن «يكون الجميع يدا واحدة وفريقا واحدا لخدمة الأردن، ولتلبية احتياجات الناس والاستماع لهم والتواصل معه وتقديم مصلحة الشعب على كل شيء آخر، وقال إن الشعب الأردني يستحق منا جميعا الوضوح والصراحة حول كل شيء».
وأضاف أن هناك قضايا كثيرة مطروحة: شيء منها صحيح، وشيء مبالغ فيه وغير صحيح، وهناك كلام عن الفساد وعن الوساطة والمحسوبية. مشيرا إلى أن هناك كثيرا من المواضيع الأخرى التي يتم الحديث عنها أحيانا بموضوعية ودقة وفي مرات كثيرة على أساس الشائعات والمعلومات المغلوطة، وقال إن هذه الشائعات «يجب أن يتم التعامل معها من خلال تقديم المعلومات الصريحة والصحيحة».
وأشار العاهل الأردني إلى أنه وجه الحكومة بأن تطلب من هيئة مكافحة الفساد أن تكون أبوابها مفتوحة دائما لاستقبال أي شكاوى حول أي شبهة فساد، بحيث يتم التحقيق فيها وتحويلها للقضاء حتى تتم محاسبة كل من تثبت إدانته، مطالبا الحكومة بأن تعزز كل آليات وأجهزة مكافحة الفساد، حتى تكون الرقابة المسبقة في أفضل درجات القدرة والكفاءة.
كما طالب بمناقشة كل القضايا المطروحة، لتوضيح الحقيقة حولها، وقال: «إن الناس عندهم أسئلة، ويجب أن تكون هناك إجابات صريحة حول كل شيء».
ودعا الملك عبد الله الثاني الحكومة الأردنية إلى الالتزام بمدونة السلوك المبنية على أساس الدستور والقانون، التي وضعتها الحكومة السابقة، وأن يبادر مجلس الأمة إلى اعتماد مدونة مماثلة، وأن تتفق الحكومة والمجلس على آلية للتعامل وتنظيم العلاقة بينهم وفق الدستور والقانون، وبما يؤدي إلى ضمان أفضل علاقة ممكنة بينهم.
ودعا العاهل الأردني إلى إطلاق حوار شامل، مؤكدا ثقته في أن المواطن الأردني قادر على التعامل مع كل التحديات إذا كانت هناك مصارحة وشفافية وحوار، بحيث يكون مطلعا على ما تقوم به الدولة من أجل خدمته وتحقيق الإنجاز، الذي يجب أن يكون الإنسان الأردني المستفيد الأول منه.
وقال إن هناك سلبيات يجب أن تعالج، وهناك إيجابيات كثيرة، وهناك إنجازات تم تحقيقها نعتز ونفتخر بها، ويجب علينا الحفاظ عليها وتعزيزها والبناء عليها، مؤكدا أن هذا يتم من خلال العمل الجاد والبرامج والخطط الصحيحة، ومن خلال تعاون الجميع يمكن السير للأمام في عملية الإصلاح الشامل، حتى يتم بناء المستقبل الذي يستحقه الأردن وأهله.
وأكد ضرورة أن يكون الإصلاح حقيقيا وسريعا، لأنه من غير هذا الإصلاح الحقيقي ستبقى الأمور مثلما كانت في السابق عند كثير من الذين تحملوا المسؤولية وأضاعوا الكثير من الفرص، بين التردد والخوف من التغيير والتراجع أمام أصحاب أجندات لا تريد الإصلاح، لأنها تخاف على مصالحها «وهذا ما لن أسمح به».
وأشار إلى أن كل مسؤول لديه كل الصلاحيات التي تمكنه من اتخاذ القرار الصحيح وضمن هذه الصلاحيات، أنه عندما يتخذ المسؤول أي قرار يجب أن يتحمل مسؤولية هذا القرار أمام الناس، وأمام ضميره بكل شجاعة وأمانة، ولا يجوز أن يختبئ وراء أحد، وقال: لا يوجد شيء اسمه «توجيهات من فوق».
وتابع: شعبنا واع وعلى قدر المسؤولية، ويعرف تماما أن مصلحته وأمنه وكرامته ومستقبله، هي عندي فوق كل الاعتبارات، وعندما أرى أن هناك تقصيرا في خدمة هذه الثوابت، وهي بالنسبة لي خط أحمر، أتخذ القرار المناسب الذي يحمي حقوق المواطن، التي لا يتقدم عليها شيء، وتقييمي لأي جهة ولأي برنامج يعتمد على القدرة على خدمة هذه الثوابت.
وقال العاهل الأردني: «لا يوجد وقت نضيعه، مطلوب عمل جاد، وتقييم مستمر ومعالجة الأخطاء والقصور».
وقال العاهل الأردني: إن «تكليف الحكومة الجديدة واضح وأريد نتائج سريعة، وعندما نتحدث عن إصلاح سياسي، نريد إصلاحا حقيقيا، منسجما مع روح العصر».
وأضاف «أنا أنتظر من الحكومة توصياتها حول آلية الحوار الشامل لمناقشة كل الخطوات اللازمة لتحقيق التنمية السياسية، وعلى رأسها دراسة وتطوير كل القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني، خصوصا قانون الانتخاب الذي يجب أن يتم التوافق عليه وعلى أهدافه المتمثلة في تشجيع العمل السياسي الجماعي والحزبي وزيادة مشاركة المواطنين في صناعة مستقبلهم، حتى يكون التنافس في الانتخابات على أساس البرامج، وحتى ننتقل لمرحلة جديدة في إدارة شؤون الدولة»، وقال: «عندما نصل لهذه المرحلة سنكون قادرين على تشكيل الحكومات على أساس حزبي وبناء على ما تقدمه الأحزاب من برامج عمل واضحة».
وأكد أنه من أجل ذلك، لا بد من وجود أحزاب فاعلة، وحوار دائم، وإصلاح اقتصادي، يحسن مستوى معيشة الناس ويحقق العدالة، ويوفر فرص العمل والإنجاز لشباب الأردن، موضحا أنه في هذه الحالة يتحمل الجميع كل الصعوبات، إذا كانوا مطمئنين أن المستقبل أفضل.
وقال الملك عبد الله الثاني: «الإصلاح إرادتنا الثابتة، لأنه مصلحة شعبنا»، موضحا أن «الإصلاح يعني التطوير ومواكبة روح العصر».