Featured Video

أهم نظريات الإعلام

مفهوم نظريات الإعلام:

يقصد بنظريات الإعلام خلاصة نتائج الباحثين والدارسين للاتصال الإنساني بالجماهير بهدف تفسير ظاهرة الاتصال والإعلام ومحاولة التحكم فيها والتنبؤ بتطبيقاتها وأثرها في المجتمع ، فهي توصيف النظم الإعلامية في دول العالم على نحو ما جاء في كتاب نظريات الصحافة الأربع لبيترسون وشرام.

علاقة نظريات الإعلام بفلسفة الإعلام:
 
هناك علاقة بين نظريات الإعلام وفلسفة الإعلام ففلسفة الإعلام هي بحث العلاقة الجدلية بين الإعلام وتطبيقاته في المجتمع ، أي تحليل التفاعل بين أسس الإعلام كعلم وبين ممارساته الفعلية في الواقع الاجتماعي، ويرى النظريون أن نظريات الإعلام جزء من فلسفة الإعلام، لأن فلسفة الإعلام أعم واشمل من النظريات ، وكثيرا ما شاع استخدام نظريات الإعلام باعتبارها فلسفة الإعلام أو مذاهب الإعلام، ولكن في واقع الأمر أن استخدام تعبير نظريات الإعلام كان في مجمله انعكاسا للحديث عن أيديولوجيات ومعتقدات اجتماعية واقتصادية أو الحديث عن أصول ومنابع العملية الإعلامية(مرسل، ومستقبل، ووسيلة …الخ)
وترتبط النظريات بالسياسات الإعلامية في المجتمع، من حيث مدى التحكم في الوسيلة من الناحية السياسية، وفرص الرقابة عليها وعلى المضمون الذي ينشر أو يذاع من خلالها، فهل تسيطر عليها الحكومة أم لها مطلق الحرية أم تحددها بعض القوانين. 

-نظرية السلطة
 
ظهرت هذه النظرية في إنجلترا في القرن السادس عشر ، وتعتمد عل نظريات أفلاطون وميكافيللي، وترى أن الشعب غير جدير على أن يتحمل المسؤولية أو السلطة فهي ملك للحاكم أو السلطة التي يشكلها.
وتعمل هذه النظرية على الدفاع عن السلطة، ويتم احتكار تصاريح وسائل الإعلام، حيث تقوم الحكومة على مراقبة ما يتم نشره، كما يحظر على وسائل الإعلام نقد السلطة الحاكمة والوزراء وموظفي الحكومة؛ وعلى الرغم من السماح للقطاع الخاص على إصدار المجلات إلا انه ينبغي أن تظل وسائل الإعلام خاضعة للسلطة الحاكمة.
وتمثل تجربة هتلر وفرانكو تجربة أوروبية معاصرة في ظل هذه النظرية ، وقد عبر هتلر عن رؤيته الأساسية للصحافة بقوله:
"انه ليس من عمل الصحافة أن تنشر على الناس اختلاف الآراء بين أعضاء الحكومة، لقد تخلصنا من مفهوم الحرية السياسية الذي يذهب إلى القول بأن لكل فرد الحق في أن يقول ما يشاء".
ومن الأفكار الهامة في هذه النظرية أن الشخص الذي يعمل في الصحافة أو وسائل الإعلام الجماهيرية ، يعمل بها كامتياز منحه إياه الزعيم الوطني ويتعين أن يكون ملتزما أمام الحكومة والزعامة الوطنية.
ظهرت في بريطانيا عام 1688م ثم انتشرت إلى أوروبا وأمريكا، وترى هذه النظرية أن الفرد يجب أن يكون حرا في نشر ما يعتقد انه صحيحا عبر وسائل الإعلام، وترفض هذه النظرية الرقابة أو مصادرة الفكر.

ومن أهداف نظرية الحرية تحقيق اكبر قدر من الربح المادي من خلال الإعلان والترفيه والدعاية، لكن الهدف الأساسي لوجودها هو مراقبة الحكومة وأنشطتها المختلفة من أجل كشف العيوب والفساد وغيرها من الأمور، كما انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمتلك الحكومة وسائل الإعلام؛ أما كيفية إشراف وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية فيتم من خلال عملية التصحيح الذاتي للحقيقة في سوق حرة بواسطة المحاكمة.
وتتميز هذه النظرية أن وسائل الإعلام وسيلة تراقب أعمال وممارسات أصحاب النفوذ والقوة في المجتمع، وتدعو هذه النظرية إلى فتح المجال لتداول المعلومات بين الناس بدون قيود من خلال جمع ونشر وإذاعة هذه المعلومات عبر وسائل الإعلام كحق مشروع للجميع.

نقد النظرية:

لقد تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات والانتقادات ، حيث أصبحت وسائل الإعلام تحت شعار الحرية تُعرض الأخلاق العامة للخطر، وتقحم نفسها في حياة الأفراد الخاصة دون مبرر، وتبالغ في الأمور التافهة من أجل الإثارة وتسويق المادة الإعلامية الرخيصة، كما أن الإعلام اصبح يحقق أهداف الأشخاص الذين يملكون على حساب مصالح المجتمع وذلك من خلال توجيه الإعلام لأهداف سياسية أو اقتصادية ، وكذلك من خلال تدخل المعلنين في السياسة التحريرية ، وهنا يجب ان ندرك ان الحرية مطلوبة لكن شريطة ان تكون في إطار الذوق العام، فالحرية المطلقة تعني الفوضى وهذا يسيء إلى المجتمع ويمزقه.
بعد ان تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات لابد من ظهور نظرية جديدة في الساحة الإعلامية ، فبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم هذه النظرية على ممارسة العملية الإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية ، وظهرت القواعد والقوانين التي تجعل الرأي العام رقيبا على آداب المهنة وذلك بعد ان استُخدمت وسائل الإعلام في الإثارة والخوض في أخبار الجنس والجريمة مما أدى إلى إساءة الحرية أو مفهوم الحرية.

ويرى أصحاب هذه النظرية ان الحرية حق وواجب ومسؤولية في نفس الوقت، ومن هنا يجب ان تقبل وسائل الإعلام القيام بالتزامات معينة تجاه المجتمع، ويمكنها القيام بهذه الالتزامات من خلال وضع مستويات أو معايير مهنية للإعلام مثل الصدق والموضوعية والتوازن والدقة - ونلاحظ ان هذه المعايير تفتقد إليها نظرية الحرية – ويجب على وسائل الإعلام في إطار قبولها لهذه الالتزامات ان تتولى تنظيم أمورها ذاتيا في إطار القانون والمؤسسات القائمة، ويجب ان تكون وسائل الإعلام تعددية تعكس تنوع الآراء والأفكار في المجتمع من خلال إتاحة الفرصة للجميع من خلال النشر والعرض، كما ان للجمهور العام الحق في ان يتوقع من وسائل الإعلام مستويات أداء عليا، وان التدخل في شؤون وسائل الإعلام يمكن ان يكون مبرره تحقيق هذه المصلحة العامة؛ أضف إلى ذلك ان الإعلاميين في وسائل الاتصال يجب ان يكونوا مسؤولين أمام المجتمع بالإضافة إلى مسؤولياتهم أمام مؤسساتهم الإعلامية.
وتهدف هذه النظرية إلى رفع مستوى التصادم إلى مستوى النقاش الموضوعي البعيد عن الانفعال، كما تهدف هذه النظرية إلى الإعلام والترفيه والحصول على الربح إلى جانب الأهداف الاجتماعية الأخرى .
ويحظر على وسائل الإعلام نشر أو عرض ما يساعد على الجريمة أو العنف أو ماله تأثير سلبي على الاقليات في أي مجتمع، كما يحظر على وسائل الإعلام التدخل في حياة الأفراد الخاصة؛ وبإمكان القطاع العام والخاص ان يمتلكوا وسائل الإعلام في ظل هذه النظريات ولكنها تشجع القطاع الخاص على امتلاك وسائل الإعلام.
ان الأفكار الرئيسية لهذه النظرية التي وضع أساسها ماركس وانجلوس ووضع قواعد تطبيقها لينين واستالين يمكن إيجازها في ان الطبقة العاملة هي التي تمتلك سلطة في أي مجتمع اشتراكي ، وحتى تحتفظ هذه الطبقة بالسلطة والقوة فإنها لابد ان تسيطر على وسائل الإنتاج الفكري التي يشكل الإعلام الجزء الأكبر منها، لهذا يجب ان تخضع وسائل الإعلام لسيطرة وكلاء لهذه الطبقة العاملة وهم في الأساس الحزب الشيوعي .

ان المجتمعات الاشتراكية تفترض أنها طبقات لا طبقية، وبالتالي لا وجود صراع للطبقات، لذلك لا ينبغي ان تنشأ وسائل الإعلام على أساس التعبير عن مصالح متعارضة حتى لا ينفذ الخلاف ويشكل خطورة على المجتمع.
لقد حدد لينين اختصاصات الصحافة وأهدافها :
* زيادة نجاح واستمرارية النظام الاشتراكي وبوجه خاص دكتاتورية الحزب الشيوعي.
• يكون حق استخدام وسائل وقنوات الاتصال لأعضاء الحزب المتعصبين والموالين أكثر من الأعضاء المعتدلين.
• تخضع وسائل الإعلام للرقابة الصارمة.
• يجب ان تقدم وسائل الإعلام رؤية كاملة للمجتمع والعالم طبقا للمبادئ الشيوعية ووجود قوانين موضوعية تحكم التاريخ.
• إن الحزب الشيوعي هو الذي يحق له امتلاك وإدارة وسائل الإعلام من أجل تطويعها لخدمة الشيوعية والاشتراكية.
نظرا لاختلاف ظروف العالم النامي التي ظهرت للوجود في منتصف هذا القرن هي بالتالي تختلف عن الدول المتقدمة من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية ، كان لابد لهذه الدول من نموذج إعلامي يختلف عن النظريات التقليدية الأربع التي استعرضناها، ويناسب هذا النموذج أو النظرية أو الأوضاع القائمة في المجتمعات النامية فظهرت النظرية التنموية في عقد الثمانينات، وتقوم على الأفكار والآراء التي وردت في تقرير لجنة "واك برايل" حول مشكلات الاتصال في العالم الثالث، فهذه النظرية تخرج عن نطاق بعدي الرقابة والحرية كأساس لتصنيف الأنظمة الإعلامية ، فالأوضاع المتشابهة في دول العالم الثالث تحد من إمكانية تطبيق نظريات الإعلام التي أشرنا إليها في السابق وذلك لغياب العوامل الأساسية للاتصال كالمهارات المهنية والمواد الثقافية والجمهور المتاح.

ان المبادئ والأفكار التي تضمنت هذه النظرية تعتبر هامة ومفيدة لدول العالم النامي لأنها تعارض التبعية وسياسة الهيمنة الخارجية.
كما ان هذه المبادئ تعمل على تأكيد الهوية الوطنية والسيادة القومية والخصوصية الثقافية للمجتمعات؛ وعلى الرغم من أن هذه النظرية لا تسمح إلا بقدر قليل من الديمقراطية حسب الظرف السائدة إلا أنها في نفس الوقت تفرض التعاون وتدعو إلى تظافر الجهود بين مختلف القطاعات لتحقيق الأهداف التنموية، وتكتسب النظرية التنموية وجودها المستقل من نظريات الإعلام الأخرى من اعترافها وقبولها للتنمية الشاملة والتغيير الاجتماعي.
وتتلخص أفكار هذه النظرية في النقاط التالية:
• ان وسائل الإعلام يجب ان تقبل تنفيذ المهام التنموية بما يتفق مع السياسة الوطنية القائمة.
• ان حرية وسائل الإعلام ينبغي ان تخضع للقيود التي تفرضها الأولويات التنموية والاحتياجات الاقتصادية للمجتمع.
• يجب ان تعطي وسائل الإعلام أولوية للثقافة الوطنية واللغة الوطنية في محتوى ما تقدمه.
• ان وسائل الإعلام مدعوة في إعطاء أولوية فيما تقدمه من أفكار ومعلومات لتلك الدول النامية الأخرى القريبة جغرافيا وسياسيا وثقافيا.
• ان الصحفيين والإعلاميين في وسائل الاتصال لهم الحرية في جمع وتوزيع المعلومات والأخبار.
• ان للدولة الحق في مراقبة وتنفيذ أنشطة وسائل الإعلام واستخدام الرقابة خدمة للأهداف التنموية.

- نظرية المشاركة الديمقراطية:
 
تعد هذه النظرية أحدث إضافة لنظريات الإعلام وأصعبها تحديدا، فقد برزت هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه إيجابي نحو ضرورة وجود أشكال جديدة في تنظيم وسائل الإعلام، فالنظرية قامت كرد فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاري لوسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة، كما أن هذه النظرية قامت ردا على مركزية مؤسسات الإذاعة العامة التي قامت على معيار المسؤولية الاجتماعية وتنتشر بشكل خاص في الدول الرأسمالية.
فالدول الأوروبية التي اختارت نظام الإذاعة العامة بديلا عن النموذج التجاري الأمريكي كانت تتوقع قدرة الإذاعة العامة على تحسين الأوضاع الاجتماعية والممارسة العاجلة للإعلام، ولكن الممارسة الفعلية لوسائل الإعلام أدت إلى حالة من الإحباط وخيبة الأمل بسبب التوجه الصفوي لبعض منظمات الإذاعة والتلفزيون العامة واستجابتها للضغوط السياسية والاقتصادية ولمراكز القوى في المجتمع كالأحزاب السياسية ورجال المال ورجال الفكر.
ويعبر مصطلح "المشاركة الديمقراطية" عن معنى التحرر من وهم الأحزاب والنظام البرلماني الديمقراطي في المجتمعات الغربية والذي أصبح مسيطرا على الساحة ومتجاهل الاقليات والقوى الضعيفة في هذه المجتمعات، وتنطوي هذه النظرية على أفكار معادية لنظرية المجتمع الجماهيري الذي يتسم بالتنظيم المعقد والمركزية الشديدة والذي فشل في توفير فرص عاجلة للأفراد والاقليات في التعبير عن اهتماماتها ومشكلاتها.
وترى هذه النظرية ان نظرية الصحافة الحرة (نظرية الحرية) فاشلة بسبب خضوعها لاعتبارات السوق التي تجردها أو تفرغها من محتواها، وترى ان نظرية المسؤولية الاجتماعية غير ملائمة بسبب ارتباطها بمركزية الدولة ، ومن منظور نظرية المشاركة الديمقراطية فإن التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام لم يمنع ظهور مؤسسات إعلامية تمارس سيطرتها من مراكز قوى في المجتمع، وفشلت في مهمتها وهي تلبية الاحتياجات الناشئة من الخبرة اليومية للمواطنين أو المتلقين لوسائل الإعلام.
وهكذا فإن النقطة الأساسية في هذه النظرية تكمن في الاحتياجات والمصالح والآمال للجمهور الذي يستقبل وسائل الإعلام، وتركز النظرية على اختيار وتقديم المعلومات المناسبة وحق المواطن في استخدام وسائل الاتصال من أجل التفاعل والمشاركة على نطاق صغير في منطقته ومجتمعه، وترفض هذه النظرية المركزية أو سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام ولكنها تشجع التعددية والمحلية والتفاعل بين المرسل والمستقبل والاتصال الأفقي الذي يشمل كل مسؤوليات المجتمع؛ ووسائل الإعلام التي تقوم في ظل هذه النظرية سوف تهتم أكثر بالحياة الاجتماعية وتخضع للسيطرة المباشرة من جمهورها، وتقد فرصا للمشاركة على أسس يحددها الجمهور بدلا من المسيطرين عليها.
وتتلخص الأفكار الأساسية لهذه النظرية في النقاط التالية:
• ان للمواطن الفرد والجماعات والاقليات حق الوصول إلى وسائل الإعلام واستخدامها ولهم الحق كذلك في أن تخدمهم وسائل الإعلام طبقا للاحتياجات التي يحددونها.
• ان تنظيم وسائل الإعلام ومحتواها لا ينبغي ان يكون خاضعا للسيطرة المركزية القومية.
• ان سبب وجود وسائل الإعلام أصلا هو لخدمة جمهورها وليس من أجل المنظمات التي تصدرها هذه الوسائل أو المهنيين العاملين بوسائل الإعلام.
• ان الجماعات والمنظمات والتجمعات المحلية ينبغي ان يكون لها وسائلها الإعلامية.
• ان وسائل الإعلام صغيرة الحجم والتي تتسم بالتفاعل والمشاركة افضل من وسائل الإعلام المهنية الضخمة التي ينساب مضمونها في اتجاه واحد.
• ان الاتصال أهم من ان يترك للإعلاميين أو الصحفيين 
نظرية الحرية
 
ظهرت في بريطانيا عام 1688م ثم انتشرت إلى أوروبا وأمريكا، وترى هذه النظرية أن الفرد يجب أن يكون حرا في نشر ما يعتقد انه صحيحا عبر وسائل الإعلام، وترفض هذه النظرية الرقابة أو مصادرة الفكر.
ومن أهداف نظرية الحرية تحقيق اكبر قدر من الربح المادي من خلال الإعلان والترفيه والدعاية، لكن الهدف الأساسي لوجودها هو مراقبة الحكومة وأنشطتها المختلفة من أجل كشف العيوب والفساد وغيرها من الأمور، كما انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمتلك الحكومة وسائل الإعلام؛ أما كيفية إشراف وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية فيتم من خلال عملية التصحيح الذاتي للحقيقة في سوق حرة بواسطة المحاكمة.
وتتميز هذه النظرية أن وسائل الإعلام وسيلة تراقب أعمال وممارسات أصحاب النفوذ والقوة في المجتمع، وتدعو هذه النظرية إلى فتح المجال لتداول المعلومات بين الناس بدون قيود من خلال جمع ونشر وإذاعة هذه المعلومات عبر وسائل الإعلام كحق مشروع للجميع.

نقد النظرية:
 
لقد تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات والانتقادات ، حيث أصبحت وسائل الإعلام تحت شعار الحرية تُعرض الأخلاق العامة للخطر، وتقحم نفسها في حياة الأفراد الخاصة دون مبرر، وتبالغ في الأمور التافهة من أجل الإثارة وتسويق المادة الإعلامية الرخيصة، كما أن الإعلام اصبح يحقق أهداف الأشخاص الذين يملكون على حساب مصالح المجتمع وذلك من خلال توجيه الإعلام لأهداف سياسية أو اقتصادية ، وكذلك من خلال تدخل المعلنين في السياسة التحريرية ، وهنا يجب ان ندرك ان الحرية مطلوبة لكن شريطة ان تكون في إطار الذوق العام، فالحرية المطلقة تعني الفوضى وهذا يسيء إلى المجتمع ويمزقه.

- نظرية المسؤولية الاجتماعية:
 
بعد ان تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات لابد من ظهور نظرية جديدة في الساحة الإعلامية ، فبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم هذه النظرية على ممارسة العملية الإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية ، وظهرت القواعد والقوانين التي تجعل الرأي العام رقيبا على آداب المهنة وذلك بعد ان استُخدمت وسائل الإعلام في الإثارة والخوض في أخبار الجنس والجريمة مما أدى إلى إساءة الحرية أو مفهوم الحرية.
ويرى أصحاب هذه النظرية ان الحرية حق وواجب ومسؤولية في نفس الوقت، ومن هنا يجب ان تقبل وسائل الإعلام القيام بالتزامات معينة تجاه المجتمع، ويمكنها القيام بهذه الالتزامات من خلال وضع مستويات أو معايير مهنية للإعلام مثل الصدق والموضوعية والتوازن والدقة - ونلاحظ ان هذه المعايير تفتقد إليها نظرية الحرية – ويجب على وسائل الإعلام في إطار قبولها لهذه الالتزامات ان تتولى تنظيم أمورها ذاتيا في إطار القانون والمؤسسات القائمة، ويجب ان تكون وسائل الإعلام تعددية تعكس تنوع الآراء والأفكار في المجتمع من خلال إتاحة الفرصة للجميع من خلال النشر والعرض، كما ان للجمهور العام الحق في ان يتوقع من وسائل الإعلام مستويات أداء عليا، وان التدخل في شؤون وسائل الإعلام يمكن ان يكون مبرره تحقيق هذه المصلحة العامة؛ أضف إلى ذلك ان الإعلاميين في وسائل الاتصال يجب ان يكونوا مسؤولين أمام المجتمع بالإضافة إلى مسؤولياتهم أمام مؤسساتهم الإعلامية.
وتهدف هذه النظرية إلى رفع مستوى التصادم إلى مستوى النقاش الموضوعي البعيد عن الانفعال، كما تهدف هذه النظرية إلى الإعلام والترفيه والحصول على الربح إلى جانب الأهداف الاجتماعية الأخرى .
ويحظر على وسائل الإعلام نشر أو عرض ما يساعد على الجريمة أو العنف أو ماله تأثير سلبي على الاقليات في أي مجتمع، كما يحظر على وسائل الإعلام التدخل في حياة الأفراد الخاصة؛ وبإمكان القطاع العام والخاص ان يمتلكوا وسائل الإعلام في ظل هذه النظريات ولكنها تشجع القطاع الخاص على امتلاك وسائل الإعلام.

 
النظرية السوفيتية(الاشتراكية):

ان الأفكار الرئيسية لهذه النظرية التي وضع أساسها ماركس وانجلوس ووضع قواعد تطبيقها لينين واستالين يمكن إيجازها في ان الطبقة العاملة هي التي تمتلك سلطة في أي مجتمع اشتراكي ، وحتى تحتفظ هذه الطبقة بالسلطة والقوة فإنها لابد ان تسيطر على وسائل الإنتاج الفكري التي يشكل الإعلام الجزء الأكبر منها، لهذا يجب ان تخضع وسائل الإعلام لسيطرة وكلاء لهذه الطبقة العاملة وهم في الأساس الحزب الشيوعي .
ان المجتمعات الاشتراكية تفترض أنها طبقات لا طبقية، وبالتالي لا وجود صراع للطبقات، لذلك لا ينبغي ان تنشأ وسائل الإعلام على أساس التعبير عن مصالح متعارضة حتى لا ينفذ الخلاف ويشكل خطورة على المجتمع.
لقد حدد لينين اختصاصات الصحافة وأهدافها :
* زيادة نجاح واستمرارية النظام الاشتراكي وبوجه خاص دكتاتورية الحزب الشيوعي.
• يكون حق استخدام وسائل وقنوات الاتصال لأعضاء الحزب المتعصبين والموالين أكثر من الأعضاء المعتدلين.
• تخضع وسائل الإعلام للرقابة الصارمة.
• يجب ان تقدم وسائل الإعلام رؤية كاملة للمجتمع والعالم طبقا للمبادئ الشيوعية ووجود قوانين موضوعية تحكم التاريخ.
• إن الحزب الشيوعي هو الذي يحق له امتلاك وإدارة وسائل الإعلام من أجل تطويعها لخدمة الشيوعية والاشتراكية.

النظرية التنموية:
 
نظرا لاختلاف ظروف العالم النامي التي ظهرت للوجود في منتصف هذا القرن هي بالتالي تختلف عن الدول المتقدمة من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية ، كان لابد لهذه الدول من نموذج إعلامي يختلف عن النظريات التقليدية الأربع التي استعرضناها، ويناسب هذا النموذج أو النظرية أو الأوضاع القائمة في المجتمعات النامية فظهرت النظرية التنموية في عقد الثمانينات، وتقوم على الأفكار والآراء التي وردت في تقرير لجنة "واك برايل" حول مشكلات الاتصال في العالم الثالث، فهذه النظرية تخرج عن نطاق بعدي الرقابة والحرية كأساس لتصنيف الأنظمة الإعلامية ، فالأوضاع المتشابهة في دول العالم الثالث تحد من إمكانية تطبيق نظريات الإعلام التي أشرنا إليها في السابق وذلك لغياب العوامل الأساسية للاتصال كالمهارات المهنية والمواد الثقافية والجمهور المتاح.
ان المبادئ والأفكار التي تضمنت هذه النظرية تعتبر هامة ومفيدة لدول العالم النامي لأنها تعارض التبعية وسياسة الهيمنة الخارجية.
كما ان هذه المبادئ تعمل على تأكيد الهوية الوطنية والسيادة القومية والخصوصية الثقافية للمجتمعات؛ وعلى الرغم من أن هذه النظرية لا تسمح إلا بقدر قليل من الديمقراطية حسب الظرف السائدة إلا أنها في نفس الوقت تفرض التعاون وتدعو إلى تظافر الجهود بين مختلف القطاعات لتحقيق الأهداف التنموية، وتكتسب النظرية التنموية وجودها المستقل من نظريات الإعلام الأخرى من اعترافها وقبولها للتنمية الشاملة والتغيير الاجتماعي.
وتتلخص أفكار هذه النظرية في النقاط التالية:
• ان وسائل الإعلام يجب ان تقبل تنفيذ المهام التنموية بما يتفق مع السياسة الوطنية القائمة.
• ان حرية وسائل الإعلام ينبغي ان تخضع للقيود التي تفرضها الأولويات التنموية والاحتياجات الاقتصادية للمجتمع.
• يجب ان تعطي وسائل الإعلام أولوية للثقافة الوطنية واللغة الوطنية في محتوى ما تقدمه.
• ان وسائل الإعلام مدعوة في إعطاء أولوية فيما تقدمه من أفكار ومعلومات لتلك الدول النامية الأخرى القريبة جغرافيا وسياسيا وثقافيا.
• ان الصحفيين والإعلاميين في وسائل الاتصال لهم الحرية في جمع وتوزيع المعلومات والأخبار.
• ان للدولة الحق في مراقبة وتنفيذ أنشطة وسائل الإعلام واستخدام الرقابة خدمة للأهداف التنموية.
نظرية المشاركة الديمقراطية:

تعد هذه النظرية أحدث إضافة لنظريات الإعلام وأصعبها تحديدا، فقد برزت هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه إيجابي نحو ضرورة وجود أشكال جديدة في تنظيم وسائل الإعلام، فالنظرية قامت كرد فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاري لوسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة، كما أن هذه النظرية قامت ردا على مركزية مؤسسات الإذاعة العامة التي قامت على معيار المسؤولية الاجتماعية وتنتشر بشكل خاص في الدول الرأسمالية.
فالدول الأوروبية التي اختارت نظام الإذاعة العامة بديلا عن النموذج التجاري الأمريكي كانت تتوقع قدرة الإذاعة العامة على تحسين الأوضاع الاجتماعية والممارسة العاجلة للإعلام، ولكن الممارسة الفعلية لوسائل الإعلام أدت إلى حالة من الإحباط وخيبة الأمل بسبب التوجه الصفوي لبعض منظمات الإذاعة والتلفزيون العامة واستجابتها للضغوط السياسية والاقتصادية ولمراكز القوى في المجتمع كالأحزاب السياسية ورجال المال ورجال الفكر.
ويعبر مصطلح "المشاركة الديمقراطية" عن معنى التحرر من وهم الأحزاب والنظام البرلماني الديمقراطي في المجتمعات الغربية والذي أصبح مسيطرا على الساحة ومتجاهل الاقليات والقوى الضعيفة في هذه المجتمعات، وتنطوي هذه النظرية على أفكار معادية لنظرية المجتمع الجماهيري الذي يتسم بالتنظيم المعقد والمركزية الشديدة والذي فشل في توفير فرص عاجلة للأفراد والاقليات في التعبير عن اهتماماتها ومشكلاتها.
وترى هذه النظرية ان نظرية الصحافة الحرة (نظرية الحرية) فاشلة بسبب خضوعها لاعتبارات السوق التي تجردها أو تفرغها من محتواها، وترى ان نظرية المسؤولية الاجتماعية غير ملائمة بسبب ارتباطها بمركزية الدولة ، ومن منظور نظرية المشاركة الديمقراطية فإن التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام لم يمنع ظهور مؤسسات إعلامية تمارس سيطرتها من مراكز قوى في المجتمع، وفشلت في مهمتها وهي تلبية الاحتياجات الناشئة من الخبرة اليومية للمواطنين أو المتلقين لوسائل الإعلام.
وهكذا فإن النقطة الأساسية في هذه النظرية تكمن في الاحتياجات والمصالح والآمال للجمهور الذي يستقبل وسائل الإعلام، وتركز النظرية على اختيار وتقديم المعلومات المناسبة وحق المواطن في استخدام وسائل الاتصال من أجل التفاعل والمشاركة على نطاق صغير في منطقته ومجتمعه، وترفض هذه النظرية المركزية أو سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام ولكنها تشجع التعددية والمحلية والتفاعل بين المرسل والمستقبل والاتصال الأفقي الذي يشمل كل مسؤوليات المجتمع؛ ووسائل الإعلام التي تقوم في ظل هذه النظرية سوف تهتم أكثر بالحياة الاجتماعية وتخضع للسيطرة المباشرة من جمهورها، وتقد فرصا للمشاركة على أسس يحددها الجمهور بدلا من المسيطرين عليها.
وتتلخص الأفكار الأساسية لهذه النظرية في النقاط التالية:
• ان للمواطن الفرد والجماعات والاقليات حق الوصول إلى وسائل الإعلام واستخدامها ولهم الحق كذلك في أن تخدمهم وسائل الإعلام طبقا للاحتياجات التي يحددونها.
• ان تنظيم وسائل الإعلام ومحتواها لا ينبغي ان يكون خاضعا للسيطرة المركزية القومية.
• ان سبب وجود وسائل الإعلام أصلا هو لخدمة جمهورها وليس من أجل المنظمات التي تصدرها هذه الوسائل أو المهن

0 التعليقات :

إرسال تعليق