معارض سوري لم يعد أحد يصدق النظام > ألمانيا تجري اتصالات مع المعارضة السورية في دمشق وبرلين
|
دمشق - لندن:
«الشرق الأوسط»
أقر مجلس الوزراء السوري قانونا يسمح بتشكيل الأحزاب السياسية إلى جانب حزب البعث الحاكم، الذي سيطر لسنوات طويلة على الحياة السياسية في البلاد، لكن القانون وضع شروطا، من بينها الالتزام «بالمبادئ الديمقراطية». وسخر معارضون من الخطوة، واعتبروها «شكلية» الهدف منها الظهور دوليا بمظهر ديمقراطي.
وكان حزب البعث الذي حظر أحزاب المعارضة منذ الانقلاب العسكري عام 1963 تعرض لضغوط للتخلي عن احتكاره للسلطة أثناء انتفاضة شعبية مندلعة منذ أربعة أشهر تدعو للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «يشترط لتأسيس أي حزب.. الالتزام بأحكام الدستور ومبادئ الديمقراطية وسيادة القانون واحترام الحريات والحقوق الأساسية.. والحفاظ على وحدة الوطن».
وقال ياسر سعد الدين، وهو شخصية سورية معارضة ويعيش في الخليج، إن القانون الجديد مصمم لكي يوضح على الورق أن النظام يتقبل المعارضة بينما يستمر القتل والقمع. وأضاف سعد الدين أنه في كل مرة يتعرض فيها النظام لضغط دولي يتخذ المزيد من الإجراءات الإصلاحية الزائفة لمحاولة الظهور بالمظهر الديمقراطي. ومضى يقول إن اعتقال النشطاء والقمع في تزايد.
وقال رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، إن أي قرارات تصدرها هذه الحكومة مرفوضة. وتساءل في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: «كيف يمكن قبول قانون أقره أشخاص أيديهم ملطخة بدماء السوريين». وقال عمر إدلبي، المعارض السوري البارز المقيم في لبنان، إنه لم يعد أحد يصدق النظام السوري، حيث إنه يعلن عن أمر ولا يطبقه. وذكر أنه لا يمكن للنظام أن يواصل قتل أبناء الشعب ثم يعدهم بعمل إصلاحات ووفقا لوكالة «سانا»، فإن الخطوة جاءت في إطار برنامج الإصلاح السياسي الذي تعهد الرئيس السوري بشار الأسد بتنفيذه في البلاد وسط الاحتجاجات المستمرة ضد نظامه. ويتضمن مشروع القانون الأهداف والمبادئ الأساسية لعمل الأحزاب وشروط وإجراءات تأسيسها وترخيصها والأحكام المتعلقة بموارد الأحزاب وتمويل نشاطاتها وحقوقها وواجباتها.
ويشترط لتأسيس أي حزب أن يقوم على عدد من الأهداف والمبادئ وهي: أولا: الالتزام بأحكام الدستور ومبادئ الديمقراطية وسيادة القانون واحترام الحريات والحقوق الأساسية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان والاتفاقيات المصدق عليها من الجمهورية العربية السورية. ثانيا: الحفاظ على وحدة الوطن وترسيخ الوحدة الوطنية للمجتمع. ثالثا: علانية مبادئ الحزب وأهدافه ووسائله ومصادر تمويله. رابعا: عدم قيام الحزب على أساس ديني أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني أو على أساس التمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللون.
خامسا: أن تتم تشكيلات الحزب واختيار هيئاته القيادية ومباشرته نشاطه على أساس ديمقراطي. سادسا: أن لا تنطوي وسائل الحزب على إقامة أي تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية علنية أو سرية أو استخدام العنف بكل أشكاله أو التهديد به أو التحريض عليه. سابعا: أن لا يكون الحزب فرعا أو تابعا لحزب أو تنظيم سياسي غير سوري.
وأكد وزير الإعلام السوري، عدنان محمود، في تصريح للصحافيين عقب الجلسة أن مشروع قانون الأحزاب «سيقود إلى تفعيل الحراك السياسي وتوسيع المشاركة الصحيحة في إدارة الدولة، من خلال إيجاد البيئة المناسبة لقيام أحزاب جديدة وفق برامج سياسية، وتعمل بالوسائل الديمقراطية والسلمية بقصد تداول السلطة والمشاركة في مسؤوليات الحكم». وجاء الإعلان في وقت متأخر من مساء يوم الأحد، أول من أمس.
يذكر أن سوريا تخضع منذ 48 عاما لحكم حزب البعث الذي يدعو إلى «الحرية والوحدة والاشتراكية». ويشكل البعثيون، وهم من الأقلية العلوية، ما يقرب من 1.2 مليون نسمة، من بين تعداد سوريا البالغ 22 مليون نسمة. ويسيطر حزب البعث على المناصب الاستراتيجية، مثل الرئاسة ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان. وقرر الأسد في 21 أبريل (نيسان) رفع حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ 48 عاما، وكان هذا مطلبا رئيسيا للمعارضة السورية.
من جهة ثانية، قال بيان لفصيل من المعارضة السورية في الداخل: «إن الاستبداد لا يزال جاثما على صدر المشهد السوري يعيق كل مسعى للانتقال إلى نظام ديمقراطي كفيل بالانتقال بالبلاد إلى مرحلة الحداثة». وشدد البيان، الذي أصدره المعارض السوري، لؤي حسين، أحد أبرز منظمي اللقاء التشاوري الأول للمعارضة الذي عقد بدمشق في 26 يونيو (حزيران)، على «ضرورة إزالة النظام الاستبدادي والانتقال السلمي والآمن إلى دولة مدنية ديمقراطية تضمن حقوق وحريات جميع المواطنين السوريين السياسية والثقافية والاجتماعية». ودعا البيان المعارضين المستقلين لتشكيل هيئة عامة لمؤتمر يعقده ممثلون عن أحزاب وتيارات المعارضة يكون لهم الحق في المناقشات من دون الحق في التصويت على التوصيات أو البيان الختامي، وكذلك وجود مراقبين ليس لهم الحق في المناقشات أو التصويت».
وقال البيان: «توجه الدعوات بشكل مباشر، مع ضبط دقيق لقائمة الأسماء، ويمكن الاتصال بشخصيات محددة من كل محافظة أو مدينة كبيرة لتشكل وفدا يمكنه إعداد ورقة مشتركة تناقش التساؤلات، محور المؤتمر، وتقترح الإجابة عنها، ويراعى عدد أعضاء الوفد وفق إمكانية الاستيعاب». وكان مؤتمر اللقاء التشاوري الأول الذي عقد بدمشق هو الأول من نوعه للمعارضة السورية في الداخل منذ ما يقارب أربعة عقود.
وفي برلين، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شيفر، أمس، أن ألمانيا أجرت اتصالات مع أعضاء في المعارضة السورية في برلين ودمشق. وقال إن «بوريس روج، مدير إدارة الشرق الأوسط في الخارجية الألمانية، زار سوريا مرتين، حيث التقى وزير الخارجية السوري.. وممثلين عن المعارضة السورية في دمشق» في الأسابيع الماضية.
وأضاف خلال المؤتمر الصحافي للحكومة الألمانية أن «ممثلين عن المعارضة السورية زاروا أيضا برلين، وأجروا محادثات في وزارة الخارجية الألمانية». وخلال زيارته لدمشق أدان روج قمع الحكومة السورية لحركات الاحتجاج، وحذر سوريا من أن العقوبات الأوروبية ضد الرئيس السوري بشار الأسد والمقربين منه ستعزز، بحسب شيفر. وبرلين من أولى العواصم التي تحدثت عن اتصالات مع المعارضة السورية التي اجتمعت مرارا في تركيا. ومطلع يوليو (تموز) زار سفيرا الولايات المتحدة وفرنسا في دمشق مدينة حماه على بعد 210 كلم شمال دمشق، التي شهدت مظاهرات حاشدة ضد الرئيس الأسد. وانتقدت السلطات السورية هذه الزيارات.
من ناحية أخرى، ذكر موقع «سيريانيوز» أن قبرص سحبت الجنسية التي منحتها في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي لرجل الأعمال السوري النافذ رامي مخلوف، ابن خال الأسد. ويأتي قرار قبرص في إطار العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد المسؤولين السوريين البارزين. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في شهر مايو (أيار) عقوبات بحق الأسد وستة من كبار المسؤولين، من بينهم مخلوف، وأصدر الاتحاد الأوروبي قرارا مماثلا للقرار الأميركي بعد أيام.
0 التعليقات :
إرسال تعليق