Featured Video

السياحة الإيكولوجية تنافس سياحة الشمس والبحر في تونس

تسهم في تنمية المناطق الداخلية الفقيرة عبر ذاكرة الصحراء والواحات
في تونس.. الشمال الغابي والجنوب الصحراوي يجعلان المنتج السياحي متنوعا («الشرق الأوسط»)
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
تونس: المنجي السعيداني

أحصى خبراء تونسيون أكثر من 72 موقعا طبيعيا يمكن استغلاله في مجال السياحة الإيكولوجية، هذا المعطى قد يغير المعادلة القائمة في تونس على سياحة الشمس والبحر في اتجاه تثمين مواقع طبيعية خلابة تمتد على كامل خريطة تونس ولم تجد خلال العقود الماضية من يرفع من شأنها ويجلب لها نوعية مختلفة من السياح والزوار بعيدا عما أصبح يعرف بـ«سياحة الفقراء» الذين يأتون إلى بلدان العالم النامي بأبسط الإمكانات والبعض منهم يقضي إجازة مطولة براتب المعاش فحسب.
هذا التوجه تدعمه أرقام بعض الخبراء في مجال السياحة الإيكولوجية التي تؤكد أن دخول السائح الواحد من هذه النوعية الجديدة من السياحة يضاهي 3 مرات ما يتركه السائح في مجال السياحة الشاطئية. ومن المتوقع، خلال السنوات المقبلة، أن يقع تثمين مواقع كثيرة في تونس من الشمال الغابي إلى الجنوب الصحراوي بما يجعل المنتج السياحي متنوعا ومختلفا من فضاء طبيعي إلى آخر. ومن شان السياحة الإيكولوجية أن تسهم في تنمية المناطق الداخلية الفقيرة، حيث توجد ثروات طبيعية مهمة على غرار الغابات والواحات والصحاري والنباتات. وفي هذا المجال يقول الحبيب بن موسى، مدير عام البيئة وجودة الحياة بوزارة الفلاحة والبيئة التونسية: إن الحل الوحيد لتنمية تلك المناطق هو خلق مسالك للسياحة الإيكولوجية، والمشكل، حسب رأيه، لا يكمن في البنية التحتية (طرقات ونزل وغيرها من المرافق) بل في استراتيجية وزارة السياحة التي لا تزال تعتبر السياحة الإيكولوجية عنصرا ثانويا في القطاع السياحي.
ويعمل البنك الدولي على مساعدة تونس لتنمية السياحة الإيكولوجية، وذلك من خلال تمويله لمسلك «ذاكرة الصحراء والواحات»، وقد تم الانطلاق الفعلي في دراسة مردودية هذا المسلك، ومن المنتظر أن يشمل المسلك مناطق مميزة بولايات (محافظات) تطاوين وتوزر وقابس ومدنين وقفصة وسيدي بوزيد، وهي مناطق محدودة الإمكانات وبالإمكان النهوض بساكنيها من خلال هذه المشاريع التنموية التي لا تكلف الدولة شيئا باعتبارها تستثمر هبات الطبيعة في تلك المناطق. ويشمل هذا المسلك الواحات الجبلية وعددا من المنظومات البيئية الصحراوية والمحميات الطبيعية والشلالات (شلالات تمغزة في توزر على سبيل المثال)، كذلك الأودية والقصور الصحراوية والمغاور الجبلية والمتاحف والمقاطع الجيولوجية (اكتشاف بقايا ديناصورات في مناطق تطاوين بالجنوب الغربي التونسي). وبالإمكان استغلال هبات الطبيعة التونسية لبعث مسالك السياحة الإيكولوجية بعدد من المناطق، مثل مسلك الجزر التونسية ومسلك المدن الأندلسية التونسية ومسلك الزيتونة ومسلك الغابات ومراكز لمراقبة الطيور وللأنشطة الاستكشافية البرية والبحرية.
كانت وزارة البيئة التونسية قد سوقت في السابق لـ10 مسالك إيكولوجية، إلا أنها بقيت دون المأمول من حيث إقبال الزائرين باعتبار أن ما يعرفه الخبراء بـ«أخطبوط السياحة الجماعية» الموجهة لاستغلال الشمس والبحر لم يمكن هذه النوعية الجديدة من السياحة من مزيد من التطور. وفي هذا الإطار تشير معطيات وزارة السياحة إلى أن 90% من الوحدات السياحية موجودة بالمناطق السياحية.
ويقول التونسي طارق النفزي، الخبير في السياحة الإيكولوجية: إن السائح الذي يأتي خصيصا للاطلاع على المخزون الطبيعي والحضاري لتونس مستعد للإنفاق بسخاء إذا تحدثنا عن المردود المادي؛ فهو قد يأتي خصيصا من أجل الظفر بصورة نادرة لأحد العصافير النادرة. ولتأكيد أهمية هذه السياحة يضرب النفزي مثلا بأن سائحة أميركية أنفقت 6 آلاف دولار أميركي من أجل رؤية أحد العصافير النادرة. كما أن سائح اليوم مستعد لإنفاق الملايين من أجل العيش في كوخ بسيط بأحد أرياف منطقة سيدي بوزيد والتمتع بمشهد اقتطاع الحطب أو الصيد التقليدي أو جني الزيتون بطرق تقليدية، وربما التسلي بركوب الحمير والبغال وجني ثمرات التين بالبراري الطبيعية المفتوحة بعيدا عن المباني الفاخرة والنزل المكيفة.
ويرى النفزي أن المستقبل سيكون لفائدة السياحة الإيكولوجية التي يصنفها ضمن خانة السياحة النظيفة، ويعتبر أن السائح المقبل على الشمس والبحر يسوق له المنتج السياحي بـ300 يورو، بما فيها تذكرة الطائرة، في حين أن السائح الإيكولوجي يسوق له المنتج بألف يورو من دون احتساب تذكرة الطائرة، والمردود الهائل للسياحة الإيكولوجية سيكون لفائدة سكان الغابات والتونسيين الموجودين في مناطق نائية مفتقرة للكثير من عوامل التنمية والتطوير.

0 التعليقات :

إرسال تعليق