الناطق باسم جيش الثوار لـ «الشرق الأوسط»: معركة بني وليد محسومة لصالحنا.. وموالون للقذافي يتحصنون داخلها
استمر، أمس، هروب العقيد الليبي معمر القذافي بعد نحو أسبوعين من اجتياح الثوار معقله الحصين في ثكنة باب العزيزية بالعاصمة الليبية طرابلس، فيما بدا أمس أنه يستعد لمغادرة البلاد إذا سقطت مدينتا سرت، مسقط رأسه، وبني وليد، آخر المعاقل المؤيدة له في قبضة الثوار.
وتأكيدا لمعلومات «الشرق الأوسط»، أول من أمس، حول وجود القذافي في واحة نائية بالقرب من الحدود البرية بين ليبيا والنيجر، وصل إلى الأراضي النيجرية أمس، بشكل مفاجئ، وفد ليبي رفيع المستوى، برئاسة ضو منصور، أحد أبرز المقربين من القذافي وقائد كتائبه الأمنية.
وقال مسؤول رفيع من القيادات العسكرية للثوار لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى معلومات أولية حول أن القذافي بالفعل يعد العدة للهرب إلى النيجر، في حال فقدانه معاقله الأخيرة، حيث تتحصن قواته العسكرية وكتائبه الأمنية.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، في اتصال هاتفي من مقر المجلس الانتقالي في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، لـ«الشرق الأوسط»: «ربما هو (القذافي) في طريقه إلى النيجر، إن لم يكن فيها حاليا. ليس لدينا تأكيد على ذلك، لكن ثمة تقارير استخباراتية وعسكرية تشير إلى ذلك». ورجح مسؤول آخر في المجلس الانتقالي أن يكون لجوء القذافي إلى النيجر هو للعبور فقط وليس للإقامة الدائمة فيها، بالنظر إلى قربها من الحدود الليبية، ولخلافات قال إنها اندلعت مؤخرا بين القذافي ورئيس هذه الدولة الأفريقية.
وتابع: «إذا وصل إلى النيجر فهو سيعبر إلى مالي، ومنها إلى جنوب أفريقيا، هذا هو التصور الذي لدينا حتى هذه اللحظة».
وأثار وصول مساعد رفيع المستوى للقذافي إلى النيجر تكهنات بأنه يندرج في إطار الترتيبات الخاصة بعبور القذافي لاحقا.
ووصل ضو منصور، قائد الكتائب الأمنية الموالية للقذافي، إلى العاصمة نيامي برا، بعدما انتظر ما يزيد على 10 ليبيين آخرين الإذن بعبور الحدود الليبية إلى النيجر، بعد محادثات استمرت عدة أيام انتظروا خلالها على الحدود.
وقال مصدر في نيامي لوكالة «رويترز»: «وصل زهاء 15 ليبيا، من بينهم ضو منصور، أحد رؤساء أجهزة أمن القذافي، إلى الحدود قبل أسبوع تقريبا، وأعطت السلطات الضوء الأخضر للسماح لهم بدخول البلاد ووصلوا إلى أغاديز أول من أمس». وجاءت مغادرة ضو لليبيا بعد أيام من فرار زوجة القذافي و3 من أبنائه إلى الجزائر واعتقال وزير خارجيته عبد العاطي العبيدي، على أيدي مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي خارج طرابلس.
وكان يعتقد أن ضو منصور قُتل في عملية نفذتها خلية سرية تابعة للثوار في طرابلس قبل نحو شهرين من سقوط معقل القذافي الحصين في باب العزيزية.
إلى ذلك، وبينما ضغط القادة العسكريون للثوار من أجل حسم وضع مدينتي سرت وبني وليد، آخر معاقل القذافي، بالقوة، فضل مسؤولو المجلس الوطني الانتقالي منح مهلة أخيرة لقبائل مدينة بني وليد للاستسلام تنتهي السبت المقبل.
وقال مسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي لـ«الشرق الأوسط»: إنه تقرر، بعد ما وصفوه بعملية شد وجذب بين القيادات السياسية والعسكرية للثوار، إثر انهيار المفاوضات التي خاضها مسؤولون من المجلس مع ممثلي قبائل بلدة بني وليد، تغليب الحل السياسي السلمي على الحل العسكري، بينما احتشدت القوات العسكرية للثوار لتطويق المدينة من 3 جهات عبر ترهونة، في الوقت الذي تقترب فيه قوات إضافية من مصراتة جنوبا ومن منطقة السدادة.
ويعتقد الكثيرون أن الثوار ضيعوا فرصة كبيرة لحسم وضع مدينتي سرت وبني وليد عبر التردد في اتخاذ قرار عسكري لاقتحامهما، ووضع حد لممارسات بقايا نظام القذافي وفلوله التي ما زالت قادرة على إرباك المشهد السياسي والعسكري في ليبيا بعد مرور نحو 7 شهور على الانتفاضة الشعبية لمطالبة القذافي بالتخلي عن السلطة التي يقودها منذ 42 عاما. لكن العقيد أحمد باني، الناطق العسكري باسم جيش الثوار، قال أمس لـ«الشرق الأوسط»: إن قوات الثوار تحاصر بني وليد في انتظار أن تتضح الرؤية خلال يوم أو يومين على حد قوله، معتبرا أن المعركة محسومة سلفا لصالح الثوار.
وأضاف باني، عبر الهاتف من مقره في بنغازي: لقد نجحنا في انتزاع باب العزيزية، وطرابلس بأكملها، من براثن القذافي، فما بالك بمدينة بني وليد، التي تقع على بعد 180 كيلومترا جنوب شرقي طرابلس وتعتبر معقل قبيلة ورفلة، إحدى كبريات القبائل الليبية؟
ولفت إلى حدوث قتال داخل المدينة بين من وصفهم بالأحرار المؤيدين لثورة 17 فبراير (شباط) الماضي وقوات القذافي المتحصنة داخل المدينة، مشيرا إلى أن بعض المحسوبين على القذافي، وأبرزهم ميلاد الفقهي، المسؤول عن الشؤون المعنوية والثورية بالجيش الليبي الموالي للقذافي، يتزعم هذه المجموعة المناوئة لفكرة تسليم المدينة بشكل سلمي إلى الثوار.
وتابع: «لقد افتعلوا قتالا مع الثوار وأطلقوا النار عليهم بهدف إفشال المفاوضات الجارية مع ممثلين عن المجلس الوطني الانتقالي، ويمارسون ضغوطا هائلة على مشايخ العشائر لوقف هذه المفاوضات».
وشدد باني على أن من يتحصنون داخل المدينة ويرفضون تسليمها هم مَن أياديهم ملطخة بدماء الشعب الليبي ويتخفون من تعرضهم للعقاب جراء ما اقترفوا من جرائم بحق الليبيين.
وباتت قوات الثوار على بعد 25 كيلومترا من المدينة، وسيطرت على نقطتين أمنيتين في مدخلها الرئيسي. ومن المتوقع أن يخوض أنصار القذافي النافذون في المدينة، ومعظمهم من أعضاء اللجان الثورية والأجهزة الأمنية، الذين يقدر عدهم بنحو 5% فقط من عدد السكان، قتالا ضاريا للدفاع عن المدينة ضد أي محاولة من الثوار لاقتحامها.
إلى ذلك، أعلن المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، عقب عودته أمس إلى بنغازي، قادما من باريس، بعد مشاركته في مؤتمر أصدقاء ليبيا، أن المجلس سينتقل إلى طرابلس الأسبوع المقبل لممارسة مهامه.
ولفت إلى أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيواصل حملته العسكرية حتى يستتب الأمن في ليبيا، واعتقال القذافي، معتبرا أن المهلة التي أعطيت لأعوان القذافي للاستسلام كانت بغرض حقن الدماء.
بموازاة ذلك، أكد العقيد أحمد باني لـ«الشرق الأوسط» أن خميس، نجل القذافي، قُتل مع محمد، نجل عبد الله السنوسي، صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية، خلال إحدى الغارات التي شنتها مقاتلات الناتو الشهر الماضي.
وقال باني هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا معلومات عن أن نجل القذافي قُتل بالفعل ودُفن في بني وليد، لكن عبد الله السنوسي لم يُقتل وما زال حيا، على ما يبدو».
0 التعليقات :
إرسال تعليق