مصطفى الآغا
من الأكيد أن الإنسان العربي يتنفس السياسة من كل مساماته، حتى لو كان يعيش بعيدا عن التوترات اليومية، وحتى لو لم يكن مُسيسا بالأساس، خاصة أن ما يحدث في تونس ومصر وليبيا واليمن والجزائر والمغرب والبحرين واليمن والسودان والصومال والعراق لا يترك لنا مجالا حقيقيا حتى للتفكير بأي
شيء غير سياسي، حتى أننا حاولنا سبر غور الشارع المصري نسأله عن الدوري المحلي ودوري أبطال أفريقيا ولكن 99% ممن سألناهم قالوا «لا وقت للرياضة الآن فمستقبل مصر أهم».
لهذا كتبت قبل أيام مقالة رياضية بنفس سياسي، اضطررت أن أكتب فيها عما يجري في ليبيا الحبيبة التي زرتها مرتين، مرة عندما قرر الساعدي معمر القذافي أن يعلن ترشيح بلاده لاستضافة نهائيات كأس العالم 2010 وكانت ليبيا لا تملك سوى رغبة الساعدي فقط دون أن تكون لديها أي بنى تحتية تؤهلها لمجرد التفكير بالاستضافة، ومرة ثانية لتسليم نادي أهلي طرابلس جائزة النادي الأكثر شعبية حسب استفتاء برنامج «صدى الملاعب» حين صوت له أكثر من 600 ألف زائر للموقع.
وللأمانة فقد وجدت في ليبيا، وفي المرتين، عشقا ما بعده عشق لكرة القدم، والأهم لمست فهما كبيرا للعبة ومعرفة عميقة باللاعبين ونجوم الكرة في الدنيا خاصة في إيطاليا، وشاهدت بأم عيني المواهب بالآلاف يلعبون في الشوارع والحواري، وكلهم من الجيل الشاب أي الجيل الذي وصفه «الزعيم العقيد» بالجرذان والمقملين (المقصود بالمقملين أي الذين في شعرهم القمل والصبئان).. وما كنت أريد أن أخوض في أي شأن سياسي، ولكني في النهاية مواطن عربي أتفاعل مع أحداثه وأحزن لسقوط أي مواطن عربي قتيلا على أيد أجنبية، فما بالكم بأيد عربية؟
هناك في ليبيا شاهدت مرافق رياضية لا تتناسب نهائيا مع غنى الدولة ولا عشق أبنائها للرياضة، وشاهدت نحو 55 ألف متفرج يتابعون لقاء الصفاقسي وأهلي طرابلس في كأس الاتحاد الأفريقي، وشاهدت منتخب الخماسي بطل القارة الذي يقوده (للأمانة) الساعدي عبد العزيز قريب الرئيس الليبي وجعله فعلا مختلفا عن أي شيء آخر رأيته.
وشاهدت محبة الناس للساعدي ابن النادي الأهلي، الذي تغلغل في عقولهم من خلال ممارسته لكرة القدم واحترافه في إيطاليا، ولكني لم أجد في هؤلاء الشبان المندفعين والعاشقين لبلدهم سوى حب لبلدهم ليبيا ورغبة في أن تكون من الدول المتقدمة، ولم ألتق لا بسكارى ولا بمتعاطين لمخدرات ولا بمقملين أو جرذان، وكنت وما زلت أتمنى من أي (قائد عربي) يسمع صوتا معارضا أن يفكر للحظات قبل أن ينعت هذا الصوت بالأسطوانة المشروخة التي مللنا سماعها ولم تعد تقنع طفلا ابن يومين، والأكيد أننا نحب من قادتنا من يحبنا ويخاف على مصالحنا ويضع مصالحنا قبل مصالحه الشخصية حتى لو كنا مقملين وجربانين ونتعاطى المخدرات.
0 التعليقات :
إرسال تعليق