ترشيح البعجة للخارجية واستبعاد بو كتف من حقيبة الدفاع
|
يترقب الليبيون اليوم الإعلان عن التشكيلة الرسمية لأول حكومة انتقالية في البلاد بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي ومقتله، وسط ضغوط داخلية وخارجية يتعرض لها رئيس الوزراء الليبي الدكتور عبد الرحيم الكيب الذي يسعى لتشكيل حكومة تكنوقراط تتولى إدارة شؤون ليبيا على مدى الأشهر الثمانية المقبلة.
ومن المتوقع أن يثير الإعلان عن الحكومة الجديدة ردود فعل واسعة النطاق في الشارع الليبي على نحو سيمثل اختبارا حقيقيا للمجلس الانتقالي، الذي يعتبر أعلى هيئة سياسية تمثل الثوار وتتولى السلطة حاليا في ليبيا.
وتأجل إعلان الحكومة من أمس إلى اليوم بعد اعتقال سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد القذافي ونقله إلى الزنتان، حيث يقبع هناك وسط حراسة أمنية مشددة خوفا من اغتياله أو محاولة تهريبه.
وقال الكيب أمس إن تشكيل الحكومة الجديدة سيعلن يوم الثلاثاء، مشيرا في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس، إلى أنه يعمل جاهدا لضمان أن تكون الحكومة صلبة ومتماسكة وقادرة على أداء مهمتها. ومساء أمس عقد الكيب اجتماعات مكثفة مع أعضاء في المجلس الوطني الانتقالي لمناقشة القائمة المحتملة لوزراء حكومته.
وقال مصدر في المجلس الانتقالي لـ«الشرق الأوسط» إنه كان هناك تباين في وجهات النظر حول هوية وأعضاء الحكومة بين الكيب والمجلس الانتقالي، مشيرا إلى أن الكيب كان مصرا على تشكيل حكومة تضم مجموعة من الوزراء التكنوقراط استنادا إلى مبدأ الكفاءة والنزاهة الوطنية.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم تعريفه في اتصال هاتفي من مدينة بنغازي: «الكيب يريد حكومة صدامية من البداية لتفادى أية انتقادات، ونحن الآن أيدينا على قلوبنا خوفا من الصدمة ورد الفعل.. إذا مرت تشكيلة الأسماء بسلام، تكون ليبيا قد عبرت الأزمة وانتقلت إلى شط الأمان».
ولم يستبعد المصدر نفسه أن يتم تغيير بعض الأسماء المرشحة للانضمام إلى الحكومة تحت ضغوط، لكنه لم يفصح عنها، مضيفا: «أنا متأكد أنه سيتم تغيير بعض الأسماء خلال ساعات، وإن كان رئيس الحكومة قد استعد لهذا المأزق».
وكان الكيب قد أبلغ «الشرق الأوسط» مؤخرا عزمه تشكيل حكومة من 24 حقيبة وزارية، لكنه شدد في المقابل على أنها لن تكون حكومة محاصصة ولن تخضع للتوزيع الجغرافي، في ما اعتبره البعض بمثابة تأكيد على أن الحكومة المقبلة ستسعى لإرضاء الجميع واحتواء غضب الثوار، الذين يتهمون المجلس الانتقالي بمحاولة تهميش دورهم السياسي في المرحلة المقبلة.
وستضم الحكومة المنتظرة، التي ستخلو من وزارة للإعلام بعد إلغائها، عددا من قيادات الثوار بالإضافة إلى محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، وبعض أساتذة الجامعات وحقيبتين على الأقل للنساء. وكشفت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن الجدل حول من سيتولى حقيبتي الدفاع والداخلية كان مستمرا حتى مساء أمس، خلال المشاورات المبدئية التي عقدها الكيب مع أعضاء المجلس الوطني في طرابلس.
ويريد الثوار المسلحون، الذين لعبوا دورا رئيسيا في الإطاحة بنظام القذافي، أن تكون الوزارات السيادية، خاصة ما يتعلق بالمؤسستين العسكرية والأمنية، من نصيبهم.
وعلمت «الشرق الأوسط» أنه تم ترشيح الدكتور فتحي البعجة، رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الوطني الانتقالي لتولي منصب وزير الخارجية. وهو من مواليد عام 1952 وحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة المغرب، وعمل سابقا عضوا في هيئة التدريس في جامعة قار يونس، قبل أن ينضم إلى المجلس الوطني الانتقالي لدى تشكيله نهاية في شهر فبراير (شباط) الماضي.
وقال مسؤول على صلة بالمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة المرتقبة لـ«الشرق الأوسط» إن الكيب رفض إسناد وزارة الدفاع إلى فوزي بو كتف، وكيل وزارة الدفاع الليبية، الذي تعرض أمس لانتقادات قاسية - هي الأولى من نوعها - من اللواء سليمان محمود، رئيس هيئة أركان الجيش الليبي المستقيل من منصبه؛ وصلت إلى حد اتهامه بالسرقة. كما انتقد سليمان في تصريحات له مساء أول من أمس قطر، على ما وصفه بمحاولتها التدخل في الشؤون الداخلية الليبية ومساعيها لإسناد حقائب وزارية إلى قيادات من الثوار والجيش من الموالين لها. ويعتبر سليمان أول مسؤول عسكري رفيع المستوى في صفوف الثوار يوجه انتقادات علنية إلى قطر، بعد الانتقادات المماثلة التي وجها كل من الدكتور محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي المستقيل وعبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي الأسبق. وعلامة على اتساع الهوة بين المجلس الانتقالي والثوار، اعترض الثوار على تعيين اللواء خلفية حفتر في منصب الرئيس الجديد لهيئة أركان الجيش الوطني الموالي للثوار. وقرر قادة أكثر من 35 كتيبة من الجبهة الشرقية، بعد اجتماع عقدوه مع مجلس ثوار طرابلس يوم الخميس الماضي، أن يكون اختيار الجيش الوطني ورئاسة أركانه على أساس السبق في جبهات القتال.. لكنهم طالبوا أيضا بإرجاء اختيار رئيس الأركان إلى ما بعد تشكيل الحكومة.
من جهتها، حثت سوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، التي زارت طرابلس أمس واجتمعت مع رئيس المجلس الانتقالي المستشار مصطفى عبد الجليل، ورئيس الحكومة الانتقالية عبد الرحيم الكيب، الليبيين على الوحدة ونبذ الخلافات بينهم.
وأشاد عبد الجليل أمس بما وصفه بمساعدة أميركا الفعالة في إسقاط نظام القذافي، مشيرا إلى أن الدعم الأميركي شمل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. واعتبر أن أميركا أسهمت بفعالية في إنجاح انتفاضة الليبيين ضد حكم القذافي من خلال تدمير طائراتها الحربية ترسانته العسكرية، التي قال إنها كانت مخصصة لإبادة الشعب الليبي. وأوضح عبد الجليل أنه جدد التأكيد أمام رايس على التزام المجلس الانتقالي بتعهداته السابقة منذ تشكيله حيال بعض القضايا المشتركة بين الجانبين، لافتا إلى أنهما ناقشا أيضا المتطلبات المالية التي سبق أن طلبتها ليبيا من أميركا، والمتمثلة في الأموال الليبية المجمدة لديها.
من جهتها، عبرت رايس في مؤتمر صحافي مشترك مع الكيب، عن فخر بلادها بما سمته التضحيات والنضال الذي قدمه الليبيون من أجل تحقيق حريتهم وإسقاط نظام القذافي. وقالت إن ثورة الليبيين على حكم القذافي كانت مصدر إلهام لكثير من الناس في العالم، معتبرة أن القذافي كان يستخدم البطش والتنكيل بالشعب الليبي وينتهك حقوقهم الأساسية ويحرمهم من الحريات الأساسية التي يستحقها كل إنسان.
وأعلنت أنها بحثت مع الكيب عددا من القضايا، من بينها دمج الثوار في الجيش والشرطة، وتأمين الأسلحة، وإقامة نظام سياسي جديد يقوم على مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن واشنطن ستواصل تعاونها وعملها مع المجتمع الدولي، خاصة الأمم المتحدة لتوفير الخبرات والدعم والمساعدة المطلوبة من قبل الليبيين.
واستغلت رايس زيارتها لثالث دولة عربية بلا رئيس، بعد مصر وتونس، لكي توجه رسالة تهديد صريحة ومباشرة إلى نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد؛ حيث هددت باتخاذ ما وصفته بـ«إجراءات جزائية قوية» مع شركاء بلادها الأوروبيين ضده.
وعبرت رايس عن قلق الإدارة الأميركية مما سمته الإساءات والانتهاكات الكبرى التي ترتكبها الحكومة السورية ضد شعبها، وقالت: «لقد طلبنا من الرئيس السوري التنحي»، وتابعت: «نحن نواصل دعم المعارضة الدولية لما يحدث في سوريا، ونرحب بالمواقف الحاسمة للجامعة العربية، ونتطلع غلى أن تفي بالتزاماتها من أجل تنفيذ عقوبات قوية ضد سوريا».
وبعدما أشارت إلى أن لبلادها، وشركائها الأوروبيين وآخرين، جهودا كبرى في مجلس الأمن من أجل إدانة واضحة لما يجرى في سوريا من انتهاكات، قالت رايس: «سنواصل دفع شركائنا وحلفائنا في مجلس الأمن من أجل تحمل مسؤولياتهم حيال ما يجرى في سوريا».
0 التعليقات :
إرسال تعليق