شعبية الانفصال وبؤس الوحدة
شعبية الانفصال وبؤس الوحدة
> تعقيبا على خبر «السودان: النتائج النهائية الرسمية لاستفتاء الجنوب تعلن اليوم.. بحضور دولي وإقليمي»، المنشور بتاريخ 7 فبراير (شباط) الحالي، أقول إن النسبة العالية التي حصل عليها خيار الانفصال تشير إلى أن خيار الوحدة لم يجد له حظا بين من أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء، وما ذلك إلا لأن السياسيين لدى الطرفين لم يعيروا مطلب الوحدة أدنى اهتمام عملي، بل ربما كان بينهم توافق تام. أما الأحاديث التي انطلقت في الدقيقة الأخيرة من عمر الاتفاقية، فهي مجرد ذر للرماد في عيون أهل السودان، لكي لا يروا كيف فرط الشريكان في وحدة السودان.
عبد الله البحيراوي - السعودية beherawi@aol.com
القذافي: الرئيس مبارك فقير
القذافي: الرئيس مبارك فقير
تحدث عن ميدان التحرير للمرة الأولى وأطلق تحذيرات قوية للمعارضة الليبيةالقاهرة: خالد محمود
استبق الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي دعوة وجهها المؤتمر
الوطني للمعارضة الليبية وناشطون ليبيون على شبكة الإنترنت ليوم غضب في ليبيا في السابع عشر من الشهر الحالي على غرار ما حدث في مصر وتونس، بإطلاق تحذيرات غير مسبوقة من أي محاولة لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في ليبيا. وحذر القذافي نشطاء وصحافيين وإعلاميين التقاهم على مدى ثلاثة أيام في لقاءات غير معلنة، من أن قبائلهم ستتحمل المسؤولية في حال قاموا بعمل يخل بالأمن ويسبب الفوضى، مما أثار أجواء من الإحباط وسط الحاضرين الذين كانوا يتوقعون في المقابل أن يبلغهم القذافي اعتزامه إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية مهمة.
ونقل موقع صحيفة «ليبيا اليوم» المستقلة التي تبث من العاصمة البريطانية لندن عن شهود عيان حضروا اللقاء أن القذافي خاطب الحضور ومعظمهم من مدن الشرق الليبي بنبرة التحذير من مغبة المشاركة في أي اضطرابات محتملة.
يأتي ذلك كأول تعبير رسمي عن قلق السلطات الليبية من دعوة المعارضة إلى اعتبار يوم السابع عشر من الشهر الحالي يوما للغضب في ذكرى انتفاضة الطلبة ضد حكم العقيد القذافي الذي يتولى السلطة في بلاده منذ عام 1969. وناقش القذافي مع المجتمعين في اللقاء الذي فرضت السلطات الليبية تعتيما إعلاميا ورسميا بشأن تفاصيله الكاملة، المشكلات التي تعاني منها مدن بنغازي والبيضاء ودرنة وطبرق من إهمال وانهيار البنية التحتية والبطالة والفساد.
وقال بعض ممن شاركوا في اللقاء إن القذافي أعرب عن قلقه وغضبه مما يجري في مصر، وأكدوا انتقاده لقناة «الجزيرة» القطرية وللشيخ يوسف القرضاوي، لأنه حرض المصريين على الانقلاب على مبارك، وتساءل لماذا لا يحرض القرضاوي على القواعد الأميركية في الخليج.
وفى دخول علني له على خط الثورة الشعبية المطالبة برحيل وإسقاط نظام حكم الرئيس المصري حسني مبارك، وصف القذافي – مبارك - بأنه فقير ولا يملك ثمن ملابسه وقال نحن نقدم له الدعم، متهما من وصفهم بعملاء جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) بأنهم وراء ما يجري حاليا في مصر.
كما دافع القذافي الذي يتولى رئاسة الدورة الحالية للقمة العربية والاتحاد المغاربي عن صديقه وحليفه الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وقال: «إن التوانسة يكرهونه لأن زوجته (طرابلسية)».
وكان القذافي قد انتقد الثورة التي قام بها الشعب التونسي لإسقاط نظام حكم بن علي قبل أن يتراجع ويؤكد أنه معني بعودة الأمن والاستقرار إلى تونس.
ويقول نشطاء ليبيون إن جهاز المخابرات الليبية يشن منذ الأسبوع الماضي حملة واسعة النطاق ضد مواقع إلكترونية ليبية في المهجر أدت إلى توقفها عن العمل بالكامل، بسبب تغطيتها المستمرة لما يجري في الداخل الليبي.
وكان المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية قد دعا إلى مظاهرات حاشدة داخل ليبيا في ذكرى انتفاضة 17 فبراير (شباط) عام 2006 في مدينة بنغازي التي تحولت من استنكار للرسومات المسيئة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى مظاهرات حاشدة ضد القذافي وحكمه مما أدى إلى سقوط عشرات من القتلى والجرحى.
وحث المؤتمر في بيان لـ«الشرق الأوسط» كافة القوى الوطنية المعارضة في داخل ليبيا وخارجها على إحياء هذه الذكرى بإقامة النشاطات والفعاليات على مختلف المستويات، معربا عن أمله في استيعاب الدروس والعبر من انتصار انتفاضة الشعب التونسي. ;
التعليــقــــات عبدالرزاق أبراهيم، «فرنسا ميتروبولتان»، 09/02/2011
لا قدر الله لو سقط النظام في مصر فأن أسرائيل ستفتعل أزمة في رفح لدفع غزة باتجاه مصر مما يتسبب بخلق مزيد من الأزمات في مصر والدليل رفض أسرائيل قبل أيام بزيادة القوات بسيناء ,وهذا الضم كان مرفوض بشدة من الرئيس مبارك, كما أن أمريكا ستدفع الى أنقسام مصر الى كيانات ضعيفة ومتناحرة وفرصة لخلق دولة قبطية , أما أيران في ستسفيد من أشغال الغرب بمشكلة جديدة سيخفف الضغط عليها ، إضعاف دول الخليج والدول السنية من قوة أستراتيجية وهي مصر ، الأنتقام من الرئيس مبارك الذي تكن إيران له حقد شديد , نتمنى من الشعب المصري الوعي للأخطار الكثيرة من هذه الفتنه.
كاسترو عـبدالحميد، «فرنسا»، 09/02/2011
هل فعلا هذا الرجل يعيش فى عالمنا اليوم ؟
محمد شادى، «فرنسا ميتروبولتان»، 09/02/2011
لا تتدخل فى شئوننا ، ورئيسنا ليس فقيرا ولا يحتاج دعما من أحد ، ما يحدث عندنا شأن داخلي ، وليس مجالا لكل من هب ودب ليدلى بدلوه !! مع احترامي.
أبوعلى عمر، «المملكة العربية السعودية»، 09/02/2011
اللهم طولك يا رووووووووح.
احمد ابو ىاسر، «فرنسا ميتروبولتان»، 09/02/2011
صحيح يا قذافي انت صادق، مبارك فقير جداً ولا يملك ثمن ملابسه وانت تصرف عليه وتساعده، نرجوا منك ان تصرف على الشعب المصري وتساعده وليس مبارك فقط لتنال ثواب اكثر عن مساعدتك للفقراء.
محمد جمال دهب، «السودان»، 09/02/2011
(وسوف يرى الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون).
جيولوجي / محمد شاكر محمد صالح، «المملكة العربية السعودية»، 09/02/2011
اذا كان مبارك فقيرا فلماذا لم يخرج علي الشعب ينفي ماذكرته الصحف الغربية التي دائما هي صادقة ونحن كعرب
كاذبون وماذا عن ثروتك انت ياعقيد قذافي هل أنت فقير ايضا أو حقا ؟ ياأخي اتق الله في كلامك واعلم انك سوف تسأل
عنه يوم موتك
لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم. قطعت قلبى حتت. انا عندى كام بدلة لا أحتاجها لبلوغي سن التقاعد. يا ريت تبعت حد ياخدهم تقسموهم سوا، بس يا ريت المرسول يكون معاه مقاساتكم علشان اقيف البدل على حسابى لظروفكما التى تصعب على الكاف sabboor، «مصر»، 09/02/2011
مظاهرات صاخبة بالمحافظات المصرية تطالب بإسقاط الحكومة
مظاهرات صاخبة بالمحافظات المصرية تطالب بإسقاط الحكومة وحل البرلمان
كلينتون تدعو إلى ضبط النفس وتعتبر أن الحكومة المصرية «مستقرة»
|
القاهرة: محمد حسن شعبان الإسكندرية: أحمد صبري أسوان: وليد عبد الرحمن الإسماعيلية: يسري محمد
خرج ألوف المصريين أمس في مظاهرات احتجاجية في الكثير من المحافظات، وهم يهتفون في الشوارع والميادين العامة، مطالبين بـ«الإصلاح السياسي والاقتصادي» وإسقاط الحكومة وحل البرلمان، وهم يشيدون بالانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي قبل أسبوعين. وغاب التنظيم عن المظاهرات الاحتجاجية المصرية التي يقدر عدد المشاركين فيها بعشرات الألوف، على الرغم من ظهور قيادات فيها من عدة تيارات وحركات، منها جماعة الإخوان وتيارات حزبية معارضة من اليساريين والليبراليين. إلى ذلك، دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس كل الأطراف في مصر إلى «ضبط النفس»، إلا أنها قالت إن واشنطن تعتبر أن الحكومة المصرية مستقرة. وصرحت للصحافيين قائلة: «نحن ندعم الحق الأساسي في التعبير عن النفس والتجمع لجميع الناس، ونحث جميع الأطراف على ممارسة ضبط النفس وتجنب استخدام العنف». وأضافت في مؤتمر صحافي مع نظيرها الإسباني ترينيداد جيمينز: «ولكن الانطباع لدينا هو أن الحكومة المصرية مستقرة».
واندلعت مظاهرات أمس دون الحصول على ترخيص من السلطات، للاحتجاج على «الفقر والبطالة والقمع»، بعد أن دعا إليها نشطاء على الإنترنت تحت اسم «يوم الغضب»، واختير له يوم العطلة الرسمية بمناسبة عيد الشرطة أمس الثلاثاء، ولوحظ انخراط مواطنين عاديين في المظاهرات، في ظاهرة نادرة الحدوث في مصر، التي تمنع فيها السلطات التظاهر من دون ترخيص، وقال شهود عيان ونشطاء إن مواطنين عاديين هتفوا: «تونس.. تونس يا أبية إحنا وراكي للحرية»، بعد أن انضموا إلى المظاهرات في مدن القاهرة والإسكندرية، ومدن بالدلتا وعلى قناة السويس (شمالا) وبعض مدن الصعيد (جنوبا).
وفي القاهرة، خرج الألوف في مظاهرات حاشدة احتجاجا على أوضاعهم المعيشية. وبدأت الاحتجاجات في العاصمة عند الساعة الواحدة ظهرا بالتوقيت المحلي، عندما تجمع عشرات النواب السابقين، غالبيتهم من جماعة الإخوان، أمام دار القضاء العالي في قلب القاهرة، إلا إن قوات مكافحة الشغب حاصرتهم ولم تسمح لهم بالحركة، لكن مئات الشباب الغاضب الذي ظل على بعد خطوات منهم، استطاع كسر الطوق الأمني، وسريعا ما التحم المتظاهرون مع نحو ستة آلاف متظاهر آخرين كانوا قادمين من شارع الجلاء القريب، وهم يهتفون «باطل.. باطل»، في إشارة للنظام الحاكم.
وتوجه عدة آلاف، يقودهم قياديون من أحزاب ليبرالية، منها الوفد والغد باتجاه المقر الرئيسي للحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، على كورنيش النيل. وقاد المنافس السابق للرئيس المصري في الانتخابات الرئاسية في عام 2005 الدكتور أيمن نور، المتظاهرين باتجاه المبنى الرسمي للتلفزيون المصري المطل على النيل، الذي يبعد عدة مئات من الأمتار عن مقر الحزب الحاكم، ثم توجه المتظاهرون إلى ضاحية بولاق الشعبية عبر شارع 26 يوليو الحيوي بوسط القاهرة، الذي اكتظ بنحو عشرة آلاف محتج.
وفي منطقة شبرا، قام المتظاهرون باختراق عشرات الحواجز الأمنية البشرية، التي حاولت منعهم من التقدم. ولم تستخدم قوات الأمن في تلك الضاحية الواقعة بشمال القاهرة العنف، مما دفع الحشود إلى تحية قوات مكافحة الشغب والهتاف لهم وتوزيع الورود عليهم.
وفي ميدان التحرير، أكبر ميادين القاهرة، ضربت قوات الأمن حصارا مكثفا وأغلقت كل الشوارع المؤدية إلى الميدان، واشتبك المتظاهرون مع قوات مكافحة الشغب التي استخدمت القنابل المسيلة للدموع، وكان لافتا أن تم استخدام أسطح المنازل لإلقاء القنابل، في محاولة للسيطرة على حركة الحشود التي حاولت كسر الطوق الأمني والانضمام للمتظاهرين أمام دار القضاء العالي التي انطلقت منها مظاهرات أمس، والتي كانت تهتف بسقوط الحكومة.
وفي ميدان محطة الرمل الشهير بشرق الإسكندرية (نحو 200 كلم شمال غربي القاهرة)، وأطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع في مواجهة نحو عشرة آلاف متظاهر، وقال شهود عيان إن مظاهرات اندلعت في عدة أنحاء بالمدينة الواقعة على البحر المتوسط، وأشاروا إلى أن نشطاء من عدة أحزاب وحركات قادوا المتظاهرين في الإسكندرية، منها أحزاب الجبهة الديمقراطية والغد والكرامة، وكذا حركات كفاية وحشد والعدالة والحرية والحركة الشعبية لدعم الدكتور محمد البرادعي.
ورفع المتظاهرون لافتات طالبوا فيها بإصلاحات اقتصادية لتحسين أوضاعهم المعيشية، منها لافتة كتب عليها «مطالبنا وظيفة ولقمة عيش نظيفة». وألقى مدير أمن الإسكندرية اللواء محمد إبراهيم كلمة للمتظاهرين في محاولة لتهدئتهم وإقناعهم بالانصراف لتيسير حركة المرور في ميدان الرمل، إلا أن المحتجين لم ينصاعوا، وواصلوا تحركهم للطواف بالمدينة، مما دعا قوات الأمن لقذفهم بقنابل مسيلة للدموع.
وقال ناشطون وشهود عيان إن المظاهرات اندلعت في الإسكندرية في أحياء أخرى، منها العصافرة التي اندلعت فيها مظاهرة تضم ألفين، بدأت من أمام مسجد «هدى الإسلام» والتقوا مع مسيرة احتجاجية أخرى ضمت نحو خمسة آلاف، ليتجهوا بعد ذلك إلى كورنيش الإسكندرية على البحر، رافعين علم مصر.
وفي منطقة محطة القطارات الرئيسية بالإسكندرية المعروفة باسم «محطة مصر» ردد نحو ثلاثة آلاف محتج شعارات منددة بالحزب الحاكم، مطالبين بإسقاط الحكومة، ورفعوا لافتات كتبوا عليها: «البرلمان باطل.. الحزب الوطني باطل».
وتحركت مسيرة احتجاجية أخرى في شارع بورسعيد الحيوي بالإسكندرية أمام مكتبة الإسكندرية الشهيرة في منطقة الأزاريطة، انضم إليها في وقت لاحق المستشار محمود الخضيري، القريب من جماعة الإخوان، وقال شهود عيان إن الخضيري، وهو قاض سابق، قاد هذه المسيرة في اتجاه منطقة مجمع الكليات النظرية التابع لجامعة الإسكندرية.
وطالب الخضيري المتظاهرين بالاستمرار في مظاهراتهم والصمود لعدة أيام لممارسة ضغوط على الحكومة المصرية للاستجابة لطلباتهم، وعلى رأسها مطالب الإصلاح السياسي والمطالب السبعة للتغيير التي سبق أن أعلنت عنها الجمعية الوطنية للتغيير، التي أسسها البرادعي، وتعضده فيها عدة حركات، على رأسها جماعة الإخوان.
وشاركت أعداد أقل في عدة مدن بالدلتا في شمال العاصمة، حيث تظاهر نحو ألف محتج في مدينة المنصورة، وعدة آلاف في مدن دمياط وطنطا والمحلة الكبرى. وقال شاهد عيان إن المتظاهرين في المحلة الكبرى، وهي مدينة عمالية، كانوا يهتفون، مطالبين بتحسين أحوالهم المعيشية.
وفي مدن قناة السويس وشبه جزيرة سيناء، التي تشهد توترا منذ عدة سنوات بين الشرطة والمواطنين، قال شهود عيان: إن المئات من أهالي شمال سيناء خرجوا للتظاهر، استجابة لدعوة قوى المعارضة، وأغلق المحتجون الطريق الدولي «رفح – العريش» بالإطارات المطاطية المشتعلة، وأضاف الشهود أن المئات من البدو يستقلون شاحنات صغيرة توجهوا إلى منطقة قريبة من مطار الجورة، وهو قاعدة القوات الدولية بسيناء، للضغط على الحكومة، لتحسين أحوالهم المعيشية.
وفي الإسماعيلية، اندلعت مظاهرات بميدان الفردوس بمشاركة ما يقرب من 600 من النشطاء وأحزاب المعارضة وسط حراسة أمنية مشددة من قوات مكافحة الشغب والأمن المركزي، ووضع المحتجون ملصقات على جدران المباني تدعو لإقالة الحكومة وحل مجلسي البرلمان (الشعب والشورى) ووقف تصدير الغاز لإسرائيل.
وشهدت مدن بالصعيد مظاهرات أقل صخبا، ففي مدينة أسوان في أقصى الجنوب المصري، نظمت أحزاب التجمع والوفد والناصري وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير، مظاهرة في ميدان المحطة، ضمت أكثر من ألف متظاهر، وسط إجراءات أمنية مشددة، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بالتغيير.
وقال جمال فاضل، منسق الجمعية الوطنية للتغيير بأسوان، إن المتظاهرين حددوا بعض المطالب، وهي منع التوريث، ومنع التعذيب في أقسام الشرطة، وإلغاء جهاز أمن الدولة والمطالبة بالتغيير. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المظاهرة شهدت لأول مرة استجابة كبيرة من مواطني أسوان من مختلف المراكز، إلى جانب القوى السياسية، على الرغم من التعرض لمضايقات أمنية، كانت نتيجتها القبض على 5 أشخاص من أعضاء حركة كفاية واحتجازهم في قسم الشرطة».
وبث موقع الحزب الحاكم على الإنترنت تصريحات لأمناء الإعلام به من عدة محافظات، قالوا فيها إن الأوضاع مستقرة، ولم يحدث ما يعكر صفو الأمن العام فيها، وإنه من غير الصحيح إطلاقا قيام المواطنين بالاستجابة للدعوات الهدامة التي أطلقها بعض مروجو الفتنة والتخريب للتظاهر في يوم الشرطة أمس.
==================================
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
خرج ألوف المصريين أمس في مظاهرات احتجاجية في الكثير من المحافظات، وهم يهتفون في الشوارع والميادين العامة، مطالبين بـ«الإصلاح السياسي والاقتصادي» وإسقاط الحكومة وحل البرلمان، وهم يشيدون بالانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي قبل أسبوعين. وغاب التنظيم عن المظاهرات الاحتجاجية المصرية التي يقدر عدد المشاركين فيها بعشرات الألوف، على الرغم من ظهور قيادات فيها من عدة تيارات وحركات، منها جماعة الإخوان وتيارات حزبية معارضة من اليساريين والليبراليين. إلى ذلك، دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس كل الأطراف في مصر إلى «ضبط النفس»، إلا أنها قالت إن واشنطن تعتبر أن الحكومة المصرية مستقرة. وصرحت للصحافيين قائلة: «نحن ندعم الحق الأساسي في التعبير عن النفس والتجمع لجميع الناس، ونحث جميع الأطراف على ممارسة ضبط النفس وتجنب استخدام العنف». وأضافت في مؤتمر صحافي مع نظيرها الإسباني ترينيداد جيمينز: «ولكن الانطباع لدينا هو أن الحكومة المصرية مستقرة».
واندلعت مظاهرات أمس دون الحصول على ترخيص من السلطات، للاحتجاج على «الفقر والبطالة والقمع»، بعد أن دعا إليها نشطاء على الإنترنت تحت اسم «يوم الغضب»، واختير له يوم العطلة الرسمية بمناسبة عيد الشرطة أمس الثلاثاء، ولوحظ انخراط مواطنين عاديين في المظاهرات، في ظاهرة نادرة الحدوث في مصر، التي تمنع فيها السلطات التظاهر من دون ترخيص، وقال شهود عيان ونشطاء إن مواطنين عاديين هتفوا: «تونس.. تونس يا أبية إحنا وراكي للحرية»، بعد أن انضموا إلى المظاهرات في مدن القاهرة والإسكندرية، ومدن بالدلتا وعلى قناة السويس (شمالا) وبعض مدن الصعيد (جنوبا).
وفي القاهرة، خرج الألوف في مظاهرات حاشدة احتجاجا على أوضاعهم المعيشية. وبدأت الاحتجاجات في العاصمة عند الساعة الواحدة ظهرا بالتوقيت المحلي، عندما تجمع عشرات النواب السابقين، غالبيتهم من جماعة الإخوان، أمام دار القضاء العالي في قلب القاهرة، إلا إن قوات مكافحة الشغب حاصرتهم ولم تسمح لهم بالحركة، لكن مئات الشباب الغاضب الذي ظل على بعد خطوات منهم، استطاع كسر الطوق الأمني، وسريعا ما التحم المتظاهرون مع نحو ستة آلاف متظاهر آخرين كانوا قادمين من شارع الجلاء القريب، وهم يهتفون «باطل.. باطل»، في إشارة للنظام الحاكم.
وتوجه عدة آلاف، يقودهم قياديون من أحزاب ليبرالية، منها الوفد والغد باتجاه المقر الرئيسي للحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، على كورنيش النيل. وقاد المنافس السابق للرئيس المصري في الانتخابات الرئاسية في عام 2005 الدكتور أيمن نور، المتظاهرين باتجاه المبنى الرسمي للتلفزيون المصري المطل على النيل، الذي يبعد عدة مئات من الأمتار عن مقر الحزب الحاكم، ثم توجه المتظاهرون إلى ضاحية بولاق الشعبية عبر شارع 26 يوليو الحيوي بوسط القاهرة، الذي اكتظ بنحو عشرة آلاف محتج.
وفي منطقة شبرا، قام المتظاهرون باختراق عشرات الحواجز الأمنية البشرية، التي حاولت منعهم من التقدم. ولم تستخدم قوات الأمن في تلك الضاحية الواقعة بشمال القاهرة العنف، مما دفع الحشود إلى تحية قوات مكافحة الشغب والهتاف لهم وتوزيع الورود عليهم.
وفي ميدان التحرير، أكبر ميادين القاهرة، ضربت قوات الأمن حصارا مكثفا وأغلقت كل الشوارع المؤدية إلى الميدان، واشتبك المتظاهرون مع قوات مكافحة الشغب التي استخدمت القنابل المسيلة للدموع، وكان لافتا أن تم استخدام أسطح المنازل لإلقاء القنابل، في محاولة للسيطرة على حركة الحشود التي حاولت كسر الطوق الأمني والانضمام للمتظاهرين أمام دار القضاء العالي التي انطلقت منها مظاهرات أمس، والتي كانت تهتف بسقوط الحكومة.
وفي ميدان محطة الرمل الشهير بشرق الإسكندرية (نحو 200 كلم شمال غربي القاهرة)، وأطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع في مواجهة نحو عشرة آلاف متظاهر، وقال شهود عيان إن مظاهرات اندلعت في عدة أنحاء بالمدينة الواقعة على البحر المتوسط، وأشاروا إلى أن نشطاء من عدة أحزاب وحركات قادوا المتظاهرين في الإسكندرية، منها أحزاب الجبهة الديمقراطية والغد والكرامة، وكذا حركات كفاية وحشد والعدالة والحرية والحركة الشعبية لدعم الدكتور محمد البرادعي.
ورفع المتظاهرون لافتات طالبوا فيها بإصلاحات اقتصادية لتحسين أوضاعهم المعيشية، منها لافتة كتب عليها «مطالبنا وظيفة ولقمة عيش نظيفة». وألقى مدير أمن الإسكندرية اللواء محمد إبراهيم كلمة للمتظاهرين في محاولة لتهدئتهم وإقناعهم بالانصراف لتيسير حركة المرور في ميدان الرمل، إلا أن المحتجين لم ينصاعوا، وواصلوا تحركهم للطواف بالمدينة، مما دعا قوات الأمن لقذفهم بقنابل مسيلة للدموع.
وقال ناشطون وشهود عيان إن المظاهرات اندلعت في الإسكندرية في أحياء أخرى، منها العصافرة التي اندلعت فيها مظاهرة تضم ألفين، بدأت من أمام مسجد «هدى الإسلام» والتقوا مع مسيرة احتجاجية أخرى ضمت نحو خمسة آلاف، ليتجهوا بعد ذلك إلى كورنيش الإسكندرية على البحر، رافعين علم مصر.
وفي منطقة محطة القطارات الرئيسية بالإسكندرية المعروفة باسم «محطة مصر» ردد نحو ثلاثة آلاف محتج شعارات منددة بالحزب الحاكم، مطالبين بإسقاط الحكومة، ورفعوا لافتات كتبوا عليها: «البرلمان باطل.. الحزب الوطني باطل».
وتحركت مسيرة احتجاجية أخرى في شارع بورسعيد الحيوي بالإسكندرية أمام مكتبة الإسكندرية الشهيرة في منطقة الأزاريطة، انضم إليها في وقت لاحق المستشار محمود الخضيري، القريب من جماعة الإخوان، وقال شهود عيان إن الخضيري، وهو قاض سابق، قاد هذه المسيرة في اتجاه منطقة مجمع الكليات النظرية التابع لجامعة الإسكندرية.
وطالب الخضيري المتظاهرين بالاستمرار في مظاهراتهم والصمود لعدة أيام لممارسة ضغوط على الحكومة المصرية للاستجابة لطلباتهم، وعلى رأسها مطالب الإصلاح السياسي والمطالب السبعة للتغيير التي سبق أن أعلنت عنها الجمعية الوطنية للتغيير، التي أسسها البرادعي، وتعضده فيها عدة حركات، على رأسها جماعة الإخوان.
وشاركت أعداد أقل في عدة مدن بالدلتا في شمال العاصمة، حيث تظاهر نحو ألف محتج في مدينة المنصورة، وعدة آلاف في مدن دمياط وطنطا والمحلة الكبرى. وقال شاهد عيان إن المتظاهرين في المحلة الكبرى، وهي مدينة عمالية، كانوا يهتفون، مطالبين بتحسين أحوالهم المعيشية.
وفي مدن قناة السويس وشبه جزيرة سيناء، التي تشهد توترا منذ عدة سنوات بين الشرطة والمواطنين، قال شهود عيان: إن المئات من أهالي شمال سيناء خرجوا للتظاهر، استجابة لدعوة قوى المعارضة، وأغلق المحتجون الطريق الدولي «رفح – العريش» بالإطارات المطاطية المشتعلة، وأضاف الشهود أن المئات من البدو يستقلون شاحنات صغيرة توجهوا إلى منطقة قريبة من مطار الجورة، وهو قاعدة القوات الدولية بسيناء، للضغط على الحكومة، لتحسين أحوالهم المعيشية.
وفي الإسماعيلية، اندلعت مظاهرات بميدان الفردوس بمشاركة ما يقرب من 600 من النشطاء وأحزاب المعارضة وسط حراسة أمنية مشددة من قوات مكافحة الشغب والأمن المركزي، ووضع المحتجون ملصقات على جدران المباني تدعو لإقالة الحكومة وحل مجلسي البرلمان (الشعب والشورى) ووقف تصدير الغاز لإسرائيل.
وشهدت مدن بالصعيد مظاهرات أقل صخبا، ففي مدينة أسوان في أقصى الجنوب المصري، نظمت أحزاب التجمع والوفد والناصري وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير، مظاهرة في ميدان المحطة، ضمت أكثر من ألف متظاهر، وسط إجراءات أمنية مشددة، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بالتغيير.
وقال جمال فاضل، منسق الجمعية الوطنية للتغيير بأسوان، إن المتظاهرين حددوا بعض المطالب، وهي منع التوريث، ومنع التعذيب في أقسام الشرطة، وإلغاء جهاز أمن الدولة والمطالبة بالتغيير. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المظاهرة شهدت لأول مرة استجابة كبيرة من مواطني أسوان من مختلف المراكز، إلى جانب القوى السياسية، على الرغم من التعرض لمضايقات أمنية، كانت نتيجتها القبض على 5 أشخاص من أعضاء حركة كفاية واحتجازهم في قسم الشرطة».
وبث موقع الحزب الحاكم على الإنترنت تصريحات لأمناء الإعلام به من عدة محافظات، قالوا فيها إن الأوضاع مستقرة، ولم يحدث ما يعكر صفو الأمن العام فيها، وإنه من غير الصحيح إطلاقا قيام المواطنين بالاستجابة للدعوات الهدامة التي أطلقها بعض مروجو الفتنة والتخريب للتظاهر في يوم الشرطة أمس.
==================================
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
الجنوب يشرع في صياغة دستوره
الجنوب يشرع في صياغة دستوره.. وما زال خيار الاسم بين «السودان الجديد» و«جنوب السودان»
نسبة التصويت تصل في بعض المراكز إلى 100% من المسجلين.. والمفوضية تقلل من التأثير على النتيجة
|
الخرطوم: فايز الشيخ
أظهرت نتائج أولية في استفتاء جنوب السودان تصويت عدد أكبر من المسجلين في 7 مراكز بالجنوب، بينما قللت المفوضية من تأثير ذلك على النتيجة النهائية، وأكدت إجراء العملية بكاملها في شفافية ومطابقة للمعايير الدولية. إلى ذلك شرع جنوب السودان في كتابة دستور جديد بحيث يحمل الدستور اسم الدولة، والمرشح له «جنوب السودان»، أو «السودان الجديد». وأكد رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان محمد إبراهيم خليل، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، «نجاح المفوضية في عملها وإجراء استفتاء بشفافية وسلام، على الرغم من الصعوبات التي واجهت المفوضية والمتمثلة في ضيق الوقت»، وأعلن أن المفوضية ستعلن يوم 30 من الشهر الحالي النتائج الأولية بالجنوب، بينما ستعلن نتيجة التصويت في الشمال ودول المهجر بالخرطوم في الثاني من فبراير (شباط) المقبل، على أن تعلن النتيجة النهائية في السابع من الشهر ذاته حال عدم وجود طعون في النتيجة، وأكد أنه في مثل هذه الحالة، فإن النتيجة ستعلن في منتصف الشهر المقبل. وجاء حديثه في وقت أظهرت فيه النتائج الأولية لاستفتاء جنوب السودان ووثائق اطلعت عليها «رويترز» أن أكثر من 100 في المائة من الناخبين المسجلين أدلوا بأصواتهم في سبع من المقاطعات الست والسبعين في جنوب السودان، في الاستفتاء الذي سيحدد مصير الجنوب، وهل سينفصل عن الشمال؟ وأشارت إلى أن هذه التناقضات محدودة، ومن غير المحتمل أن تغير النتيجة العامة التي يبدو أنها ستكون موافقة ساحقة على الانفصال، ولكن إذا لم تحل، فإنها قد تلقي ظلالا على عملية الاستفتاء وتجعلها عرضة لطعون قضائية.
ومن جانبها نفت الناطقة باسم المفوضية سعاد إبراهيم عيسى، تلقيهم أي تقارير تفيد بحدوث التجاوزات، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: حتى لو حصلت مثل هذه التجاوزات فإنها لن تؤثر على النتيجة النهائية، لأن هناك اتفاقا على وصول أن التجاوز في عدد البطاقات ما لم يصل إلى 5 في المائة فإنه غير مؤثر. وأشارت إلى التقارير التي أصدرها المراقبون الدوليون، والتي أكدت مطابقة العملية للمعايير الدولية، لكن وثائق للمفوضية تظهر أنه في سبع مقاطعات من ولايات وسط الاستوائية وجونقلي وأعالي النيل وغرب الاستوائية، فإن عدد الذين أدلوا بأصواتهم وفق النتائج الأولية تجاوز عدد الناخبين المسجلين. وهونت مفوضية الانتخابات من هذا التناقض، قائلة إنه لن يؤثر بأي حال على نتيجة الاستفتاء. وقالت عيسى: «هناك أكثر من 3 آلاف مركز أدلى الناخبون فيها بأصواتهم، فكم هي نسبة التجاوزات؟». كما قال وزير الإعلام بحكومة الجنوب والناطق الرسمي باسمها برنابا بنجامين: إن لجنة صياغة الدستور الدائم للجنوب شرعت في أعمالها لإعداد مسودة للدستور، وكشف عن تعديلات كبيرة ستتم على الدستور الانتقالي في الجنوب، وستراعي التعديلات الدولة الجديدة، وخصوصيتها، وتنوعها الثقافي والديني، وأكد أن الدستور الجديد سوف يحمل اسم الدولة الجديدة، ولم يستبعد احتفاظ الدولة باسم «جنوب السودان»، لكنه لم يستبعد في ذات الوقت اسم «السودان الجديد»، وهو شعار الحركة الشعبية خلال الحرب مع الشمال، حيث كانت تدعو لمشروع للسودان الجديد يقوم على الوحدة، بينما يفضل البعض اسم دولة «جنوب السودان» باعتبار أن الاسم تم التعامل به خلال المرحلة الانتقالية التي خضع فيها الجنوب لحكم ذاتي، وتعاملت المؤسسات هناك بالاسم، بالإضافة إلى وجود رابط مع الشمال، على طريقة اليمن الجنوبي، وكوريا الشمالية والجنوبية، وألمانيا الغربية والشرقية. ويقول جنوبيون: «الانفصال لا يعني قطع تاريخنا وروابطنا مع الشمال، ومن الأفضل الاحتفاظ باسم السودان في الدولة الجديدة، ليكون نواة لأي وحدة في المستقبل، ورشحت إلى ذلك أسماء مثل (كوش)، و(النيل) و(أماتونج) لاسم الدولة المستقلة، ويحتوي الدستور على مواد عن اسم الدولة، وشكل الحكم، والانتخابات، والحكومة الانتقالية، التي تعقبها انتخابات لحكومة منتخبة يشارك فيها كل الجنوبيين».
أظهرت نتائج أولية في استفتاء جنوب السودان تصويت عدد أكبر من المسجلين في 7 مراكز بالجنوب، بينما قللت المفوضية من تأثير ذلك على النتيجة النهائية، وأكدت إجراء العملية بكاملها في شفافية ومطابقة للمعايير الدولية. إلى ذلك شرع جنوب السودان في كتابة دستور جديد بحيث يحمل الدستور اسم الدولة، والمرشح له «جنوب السودان»، أو «السودان الجديد». وأكد رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان محمد إبراهيم خليل، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، «نجاح المفوضية في عملها وإجراء استفتاء بشفافية وسلام، على الرغم من الصعوبات التي واجهت المفوضية والمتمثلة في ضيق الوقت»، وأعلن أن المفوضية ستعلن يوم 30 من الشهر الحالي النتائج الأولية بالجنوب، بينما ستعلن نتيجة التصويت في الشمال ودول المهجر بالخرطوم في الثاني من فبراير (شباط) المقبل، على أن تعلن النتيجة النهائية في السابع من الشهر ذاته حال عدم وجود طعون في النتيجة، وأكد أنه في مثل هذه الحالة، فإن النتيجة ستعلن في منتصف الشهر المقبل. وجاء حديثه في وقت أظهرت فيه النتائج الأولية لاستفتاء جنوب السودان ووثائق اطلعت عليها «رويترز» أن أكثر من 100 في المائة من الناخبين المسجلين أدلوا بأصواتهم في سبع من المقاطعات الست والسبعين في جنوب السودان، في الاستفتاء الذي سيحدد مصير الجنوب، وهل سينفصل عن الشمال؟ وأشارت إلى أن هذه التناقضات محدودة، ومن غير المحتمل أن تغير النتيجة العامة التي يبدو أنها ستكون موافقة ساحقة على الانفصال، ولكن إذا لم تحل، فإنها قد تلقي ظلالا على عملية الاستفتاء وتجعلها عرضة لطعون قضائية.
ومن جانبها نفت الناطقة باسم المفوضية سعاد إبراهيم عيسى، تلقيهم أي تقارير تفيد بحدوث التجاوزات، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: حتى لو حصلت مثل هذه التجاوزات فإنها لن تؤثر على النتيجة النهائية، لأن هناك اتفاقا على وصول أن التجاوز في عدد البطاقات ما لم يصل إلى 5 في المائة فإنه غير مؤثر. وأشارت إلى التقارير التي أصدرها المراقبون الدوليون، والتي أكدت مطابقة العملية للمعايير الدولية، لكن وثائق للمفوضية تظهر أنه في سبع مقاطعات من ولايات وسط الاستوائية وجونقلي وأعالي النيل وغرب الاستوائية، فإن عدد الذين أدلوا بأصواتهم وفق النتائج الأولية تجاوز عدد الناخبين المسجلين. وهونت مفوضية الانتخابات من هذا التناقض، قائلة إنه لن يؤثر بأي حال على نتيجة الاستفتاء. وقالت عيسى: «هناك أكثر من 3 آلاف مركز أدلى الناخبون فيها بأصواتهم، فكم هي نسبة التجاوزات؟». كما قال وزير الإعلام بحكومة الجنوب والناطق الرسمي باسمها برنابا بنجامين: إن لجنة صياغة الدستور الدائم للجنوب شرعت في أعمالها لإعداد مسودة للدستور، وكشف عن تعديلات كبيرة ستتم على الدستور الانتقالي في الجنوب، وستراعي التعديلات الدولة الجديدة، وخصوصيتها، وتنوعها الثقافي والديني، وأكد أن الدستور الجديد سوف يحمل اسم الدولة الجديدة، ولم يستبعد احتفاظ الدولة باسم «جنوب السودان»، لكنه لم يستبعد في ذات الوقت اسم «السودان الجديد»، وهو شعار الحركة الشعبية خلال الحرب مع الشمال، حيث كانت تدعو لمشروع للسودان الجديد يقوم على الوحدة، بينما يفضل البعض اسم دولة «جنوب السودان» باعتبار أن الاسم تم التعامل به خلال المرحلة الانتقالية التي خضع فيها الجنوب لحكم ذاتي، وتعاملت المؤسسات هناك بالاسم، بالإضافة إلى وجود رابط مع الشمال، على طريقة اليمن الجنوبي، وكوريا الشمالية والجنوبية، وألمانيا الغربية والشرقية. ويقول جنوبيون: «الانفصال لا يعني قطع تاريخنا وروابطنا مع الشمال، ومن الأفضل الاحتفاظ باسم السودان في الدولة الجديدة، ليكون نواة لأي وحدة في المستقبل، ورشحت إلى ذلك أسماء مثل (كوش)، و(النيل) و(أماتونج) لاسم الدولة المستقلة، ويحتوي الدستور على مواد عن اسم الدولة، وشكل الحكم، والانتخابات، والحكومة الانتقالية، التي تعقبها انتخابات لحكومة منتخبة يشارك فيها كل الجنوبيين».
خليل إبراهيم: أمير المجاهدين
خليل إبراهيم: أمير المجاهدين
حارب إلى جانب الترابي في الجنوب وتمرد على الحكومة منذ 2001
لندن: مصطفى سري
أصبح اسمه على كل لسان اكثر من اي وقت مضى.. الدكتور خليل ابراهيم، رئيس ومؤسس حركة العدل والمساواة السودانية التي انطلقت من دارفور في العام 2001 بحمل السلاح ضد الحكومة المركزية في الخرطوم. ومن أمير للمجاهدين في جنوب السودان حيث كان يقاتل ضمن جنود الحكومة السودانية في عهد حكم الدكتور حسن الترابي، أصبح يحمل لقب متمرد في الإعلام الرسمي للحكومة السودانية منذ عام 2001 عندما أسس حركته التي تقاتل في دارفور. وعرضت اجهزة الأمنية جائزة مالية كبيرة قرابة 120 مليون دولار دولار لمن يدلي بمعلومات للقبض عليه، لانه قاد جنوداً من اطراف دارفور الى العاصمة السودانية الخرطوم في العاشر من الشهر الجاري. الدكتور خليل إبراهيم، 50 عاما، طبيب، من مواليد قرية الطينة التي تقع على الحدود السودانية ـ التشادية، ويتحدر من قبيلة الزغاوة المشتركة بين البلدين، ويقال ان لديه صلة قرابة دم مع الرئيس التشادي ادريس ديبي ولذلك يتم اتهامه بانه يلقى الدعم المالي والعسكري من حكومة ديبي وهو ما ظل ينفيه. تخرج خليل من جامعة الجزيرة، وسط السودان، في كلية الطب وعمل في مهنتها، ثم هاجر الى السعودية للعمل فيها، لكنه عاد الى السودان بعد وصول الرئيس السوداني عمر البشير الى الحكم في منتصف العام 1989.
وينتمي خليل ابراهيم الى الحركة الإسلامية السودانية منذ ان كان طالباً، فيما يعرف بين طلاب المدارس الثانوية والجامعات السودانية بالاتجاه الاسلامي. عاد الى الخرطوم ليعمل مع مجموعته التي استولت على السلطة، واختار العمل في مستشفى ام درمان التي قدم اليها مرة أخرى، لكن هذه المرة جاءها بقواته من دارفور.
وبدأ خليل إبراهيم نشاطه السياسي العملي مع حكومة البشير في اوائل التسعينات، وبعد فترة عمله في مهنة الطب، تم تعينه وزيراً للصحة في حكومة ولاية دارفور الكبرى، قبل تقسيمها الى ثلاث ولايات، ثم وزيراً للتعليم، ونقل الى ولاية النيل الأزرق ـ جنوب شرق السودان ـ مستشاراً في حكومة ولايتها، ونقل كذلك للعمل مع حكومة تنسيق الولايات الجنوبية. يقول عنه زملاؤه في الحركة الاسلامية انه كان اميراً للمجاهدين في فترة الحرب الاهلية بالجنوب التي اعلنت فيها حكومة البشير الجهاد على الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان التي كان يقودها الراحل الدكتور جون قرنق، غير ان احد المقربين لخليل ينفي ذلك، ويقول ان جهاز الامن والمخابرات الوطني هو من اطلق هذه الشائعات لتشويه صورة خليل، لوقف اي تقارب محتمل مع الحركة الشعبية، الى جانب تشويه صورته للرأي العام الدولي خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا. ويمضي اكثر من ذلك ليقول «لقد دفعوا أموالا لشركات العلاقات العامة لتشويه صورة خليل.
وخليل المتزوج من قرية ود ربيعة بالجزيرة وسط السودان لديه عدد من الأبناء والبنات يدرسن في المدارس والجامعات السودانية اكبرهم في كلية القانون بجامعة الخرطوم. يقول عنه الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة احمد حسين انه من القيادات الشابة التي لديها رؤية ثاقبة في قضايا المهمشين، وانه قدم العديد من المشروعات خلال عمله في الحكومة الولائية بدارفور. وأضاف «لقد ظل خليل يردد ان الحركة الإسلامية هربت من مسؤولياتها عن المواطن البسيط بعد وصولها للسلطة ولذلك فقدت الشرعية».
ويعتبر خليل مع آخرين من الذين صاغوا الكتاب الأسود الذي نشر في اوائل العام 2001، واظهر ان وسط وشمال السودان يستحوذان على السلطة والثروة وان ابناء الهامش في دارفور والجنوب والشرق مهمشون بصورة كبيرة. ويعتقد ان ذلك الكتاب من الشرارات التي اطلقت الثورة والتمرد في دارفور، فيما يعتقد اخرين انتقدوا الكتاب بأنه (كتاب عنصري يقود الى فتنة بين السودانيين)، لكن خليل بعد ذهابه الى هولندا للدراسات العليا في طب المجتمع بدأ في تشكيل الخلايا السرية لحركته، وبعد عودته في العام 2000 الى الخرطوم مكث لفترة وغادر سراً الى تشاد ومنها الى فرنسا لإعلان حركته في أغسطس (آب) من العام 2001، والتي ظل على قيادتها وخاض بها حروب طويلة مع الحكومة المركزية.
===========
الشرق الأوسط
أصبح اسمه على كل لسان اكثر من اي وقت مضى.. الدكتور خليل ابراهيم، رئيس ومؤسس حركة العدل والمساواة السودانية التي انطلقت من دارفور في العام 2001 بحمل السلاح ضد الحكومة المركزية في الخرطوم. ومن أمير للمجاهدين في جنوب السودان حيث كان يقاتل ضمن جنود الحكومة السودانية في عهد حكم الدكتور حسن الترابي، أصبح يحمل لقب متمرد في الإعلام الرسمي للحكومة السودانية منذ عام 2001 عندما أسس حركته التي تقاتل في دارفور. وعرضت اجهزة الأمنية جائزة مالية كبيرة قرابة 120 مليون دولار دولار لمن يدلي بمعلومات للقبض عليه، لانه قاد جنوداً من اطراف دارفور الى العاصمة السودانية الخرطوم في العاشر من الشهر الجاري. الدكتور خليل إبراهيم، 50 عاما، طبيب، من مواليد قرية الطينة التي تقع على الحدود السودانية ـ التشادية، ويتحدر من قبيلة الزغاوة المشتركة بين البلدين، ويقال ان لديه صلة قرابة دم مع الرئيس التشادي ادريس ديبي ولذلك يتم اتهامه بانه يلقى الدعم المالي والعسكري من حكومة ديبي وهو ما ظل ينفيه. تخرج خليل من جامعة الجزيرة، وسط السودان، في كلية الطب وعمل في مهنتها، ثم هاجر الى السعودية للعمل فيها، لكنه عاد الى السودان بعد وصول الرئيس السوداني عمر البشير الى الحكم في منتصف العام 1989.
وينتمي خليل ابراهيم الى الحركة الإسلامية السودانية منذ ان كان طالباً، فيما يعرف بين طلاب المدارس الثانوية والجامعات السودانية بالاتجاه الاسلامي. عاد الى الخرطوم ليعمل مع مجموعته التي استولت على السلطة، واختار العمل في مستشفى ام درمان التي قدم اليها مرة أخرى، لكن هذه المرة جاءها بقواته من دارفور.
وبدأ خليل إبراهيم نشاطه السياسي العملي مع حكومة البشير في اوائل التسعينات، وبعد فترة عمله في مهنة الطب، تم تعينه وزيراً للصحة في حكومة ولاية دارفور الكبرى، قبل تقسيمها الى ثلاث ولايات، ثم وزيراً للتعليم، ونقل الى ولاية النيل الأزرق ـ جنوب شرق السودان ـ مستشاراً في حكومة ولايتها، ونقل كذلك للعمل مع حكومة تنسيق الولايات الجنوبية. يقول عنه زملاؤه في الحركة الاسلامية انه كان اميراً للمجاهدين في فترة الحرب الاهلية بالجنوب التي اعلنت فيها حكومة البشير الجهاد على الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان التي كان يقودها الراحل الدكتور جون قرنق، غير ان احد المقربين لخليل ينفي ذلك، ويقول ان جهاز الامن والمخابرات الوطني هو من اطلق هذه الشائعات لتشويه صورة خليل، لوقف اي تقارب محتمل مع الحركة الشعبية، الى جانب تشويه صورته للرأي العام الدولي خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا. ويمضي اكثر من ذلك ليقول «لقد دفعوا أموالا لشركات العلاقات العامة لتشويه صورة خليل.
وخليل المتزوج من قرية ود ربيعة بالجزيرة وسط السودان لديه عدد من الأبناء والبنات يدرسن في المدارس والجامعات السودانية اكبرهم في كلية القانون بجامعة الخرطوم. يقول عنه الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة احمد حسين انه من القيادات الشابة التي لديها رؤية ثاقبة في قضايا المهمشين، وانه قدم العديد من المشروعات خلال عمله في الحكومة الولائية بدارفور. وأضاف «لقد ظل خليل يردد ان الحركة الإسلامية هربت من مسؤولياتها عن المواطن البسيط بعد وصولها للسلطة ولذلك فقدت الشرعية».
ويعتبر خليل مع آخرين من الذين صاغوا الكتاب الأسود الذي نشر في اوائل العام 2001، واظهر ان وسط وشمال السودان يستحوذان على السلطة والثروة وان ابناء الهامش في دارفور والجنوب والشرق مهمشون بصورة كبيرة. ويعتقد ان ذلك الكتاب من الشرارات التي اطلقت الثورة والتمرد في دارفور، فيما يعتقد اخرين انتقدوا الكتاب بأنه (كتاب عنصري يقود الى فتنة بين السودانيين)، لكن خليل بعد ذهابه الى هولندا للدراسات العليا في طب المجتمع بدأ في تشكيل الخلايا السرية لحركته، وبعد عودته في العام 2000 الى الخرطوم مكث لفترة وغادر سراً الى تشاد ومنها الى فرنسا لإعلان حركته في أغسطس (آب) من العام 2001، والتي ظل على قيادتها وخاض بها حروب طويلة مع الحكومة المركزية.
===========
الشرق الأوسط
أبيل ألير.. حكيم الجنوب
أبيل ألير.. حكيم الجنوب
رئيس مفوضية الانتخابات السودانية.. نائب الرئيس نميري.. أول قاض جنوبي.. رجل المهمات الصعبة
اختلف السودانيون كثيرا حول المفوضية القومية للانتخابات، التي أسست مؤخرا من أجل القيام بمهمة ترتيب الانتخابات التي جرت في 11 أبريل (نيسان) الحالي.. وذهب الناس مذاهب في وصفها بالانحياز إلى الحزب الحاكم، والارتباك، وارتكاب أخطاء فنية فاضحة، والفوضى التي صاحبت الاقتراع، لكن السودانيين لا يكادون يختلفون كثيرا حول رئيس تلك المفوضية، وهو نائب الرئيس السوداني الأسبق - في عهد الرئيس جعفر نميري - والسياسي السوداني الجنوبي المخضرم، أبيل ألير. وعلى الرغم من الضجة التي صاحبت تلك المفوضية، فإن كثيرين لم يحملوه وزرها، بل كانوا يحمدون مواقفه، وتاريخه. لم يكن أبيل ألير - في السبعينات من عمره - في الصورة الكبيرة التي في كانت في واجهة المفوضية، لكنه كان يقوم بدور رائد في تسيير الأمور، مستفيدا من تجاربه السياسية الكبيرة، ومن شخصيته المحايدة، التي لعبت أدوارا كبيرة في تاريخ السودان السياسي الحاضر. وعلى الرغم من الضجيج الذي صاحب عمل المفوضية، ما بين منتقد، وشاكر، فإن ألير، وكعادته آثر الابتعاد عن دائرة الضوء، ربما لأسباب كثيرة لا ندريها، ولكنها حفظت للرجل هامته وتاريخه الناصع.
أبيل ألير، الذي يصفه السياسيون السودانيون بأنه «حكيم الجنوب»، يمثل شخصية متميزة ولافتة، مارس العمل القضائي والقانوني والدستوري والتنفيذي والسياسي على مدى 50، حيث انتقل من القضاء في أوائل الستينات إلى السياسة نائبا في البرلمان، ثم وزيرا ثم رئيس أول حكومة للإقليم الجنوبي، ثم نائبا لرئيس الجمهورية في عهد نميري، ثم مستشارا قانونيا لمنظمات إقليمية ودولية، ثم مستشارا في مفاوضات السلام في التي جرت في مدينة نيفاشا الكينية 2003 - 2004، ثم رئيسا للجنة التحقيق في ملابسات سقوط الطائرة الأوغندية التي أدت إلى وفاة النائب الأول ورئيس حكومة الجنوب وزعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق، وأخيرا رئيسا لمفوضية الانتخابات التي تصنف على أنها أخطر انتخابات عامة تجرى في تاريخ السودان الحديث، حتى صار مرتبطا بأنه رجل المهمات الصعبة.
يصفه كثير من المراقبين والسياسيين بأنه رجل حذر يتجنب الحديث إلا لدى الضرورة، وفي التوقيت الذي يراه مناسبا. وقد خص «الشرق الأوسط» بجانب من وقائع مثيرة في مسيرة مشحونة بالأحداث والمواقف. قامته الطويلة، وملامحه الرصينة، وهدوء حركته، وصوته الخافت وقدرته على الإصغاء والصمت معا وصلابته في الموقف، تجعل مظهره مهيبا ومحترما من دون قصد منه.
اشتهر أبيل ألير منذ صباه بالصبر والمثابرة وقوة الإرادة، وشق طريقه من الغابة في الجنوب إلى المدرسة الابتدائية ثم إلى الثانوي في مدينة رمبيك في الجنوب - إحدى أشهر المدارس الثانوية في الجنوب - ثم في مدرسة وادي سيدنا في الشمال، والتحق بكلية القانون في جامعة الخرطوم، عوضا عن الطب ليكون بذلك ثاني طالب يدرس القانون بعد القيادي السياسي البارز جوزيف قرنق، الذي أعدم في أحداث يوليو (تموز) 1971 في سجن كوبر في الخرطوم بحري.
وانخرط في سلك القضاء، فكان أول قانوني جنوبي يعين قاضيا لقدراته وكفاءته القانونية، وكان لافتا بأناقة مظهره وانضباطه وأدبه ورصانته. ونُقل إلى مدينة الأبيض في غرب السودان، وكانت محطة مهمة ومثيرة في مسيرته القانونية.
يروي أبيل ألير لـ«الشرق الأوسط» واقعة خطيرة تزامنت مع وصوله عام 1960 أيام الحكم العسكري النوفمبري 1958 - 1964، وقد بدأت آنذاك مؤشرات مقاومة الحكم العسكري في عدد من مدن السودان ومنها الأبيض. ولدى وصوله مباشرة كلف بالاضطلاع بمهام القاضي المقيم الذي كان ذهب في عطلة، وتلقى شكوى مفادها أن قانونيا معارضا اعتقلته قيادة الجيش بالمدينة وتعرض للتعذيب ووضع في الحراسة، فسارع على الفور، وهو القاضي الصغير، إلى الاتصال بالحاكم العسكري الذي كان آنذاك الحاكم بأمره، وأبلغه بأنه تلقى شكوى باعتقال محام وتعرضه للتعذيب، وأنه يطلب إحضاره إلى مكتبه في القضائية للتحري في الأمر. ولم يستجب الحاكم العسكري لطلبه، لأنه لم يتم إرسال أو إحضار القانوني المعني للقاضي، وفوجئ الحاكم العسكري في اليوم التالي بأن القاضي الشاب الجديد جاءه بنفسه في القيادة العسكرية ليقول له بكل أدب: «سعادتك.. إن طلبي بإحضار القانوني المعتقل لم ينفذ بعد مضي أربع وعشرين ساعة، وقد جئت بنفسي للقائه في مقر حبسه، وأريد رؤيته وأن أسمع منه دون حضور أحد..». وأمام المفاجأة والطلب المباشر الواضح، وافق الحاكم العسكري للقاضي الشاب على لقاء القانوني المعارض الذي أكد له أنهم ضربوه وعذبوه بوحشية، يقول: «وقمت بإعداد تقرير دقيق ووافٍ عن الواقعة وأرسلته إلى رئيس القضاء. لقد كانت الواقعة تمثل خرقا قانونيا وأخلاقيا خطيرا». وفي هذه الأثناء، أبلغ الحاكم العسكري في الأبيض القيادة العسكرية في الخرطوم بالحراك القانوني الجريء الذي قاده القاضي الجنوبي الجديد ولقائه المحامي المعتقل. وأرسلت القيادة العامة للجيش مستشارا قانونيا برتبة لواء، والتقى القاضي ألير الذي بادره بأنه سيتحدث إليه كقانوني مع قانوني، وأبلغه بأن قيادة الجيش في المدينة ارتكبت خطأ باعتقال مواطن وتعذيبه، فلو كانت هنالك تهمة فإن المعني بها هو المؤسسة الشرطية التي تتحرى وتعتقل وفقا للقانون. وجرت اتصالات مكثفة لتطويق الموقف المتأزم الذي فاجأ الحكم في الخرطوم، وتم إطلاق سراح المحامي المعارض ونقل القائد العسكري إلى موقع آخر. وعرفت المدينة كلها بالحدث، وأن القاضي الجنوبي الشاب الجديد نفذ القانون بوعي وحسم ومن دون خوف من أي جهة، واعتبر ذلك موقفا شجاعا ومشهودا.
يقول أبيل ألير إنه كقاضٍ كان يعنيه تطبيق القانون وحماية مواطن بالقانون، وأنه أحس بالرضا والارتياح لدى وصول قيادة نقابة المحامين، التي تضم محمد أحمد محجوب ومبارك زروق وهما من الرموز السودانية البارزة، وشغلا مناصب دستورية وتنفيذية في الحكومات الوطنية ليدعما موقفه القانوني الصحيح. ويروي أبيل ألير أنه في صبيحة يوم 25 مايو (أيار) 1969م، وقع «انقلاب مايو» بقيادة الرائد جعفر نميري، وفوجئ باسمه كوزير للإسكان في حكومة النظام الجديد. وغادر منزله في الخرطوم إلى أم درمان، عندما وجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء نداء إلى الوزراء الجدد للحضور لأداء القسم، وقرر عدم الذهاب، لأنه كان في حاجة إلى التفكير وللترتيب وتحديد الأولويات. وعندما عاد ليلا إلى منزله في الخرطوم، وجد أن نائب رئيس مجلس قيادة النظام الجديد ورئيس الوزراء بابكر عوض الله، جاء وسأل عنه وترك له مذكرة للقائه في اليوم التالي، كما جاءه صديقه وزميله جوزيف قرنق، الذي عين أيضا وزيرا في الحكومة الجديدة، والتقى رئيس الوزراء بابكر عوض الله، الذي نقل إليه معرفته بمواقفه، حيث استقال من القضاء لينضم إلى وفد جبهة الجنوب في مؤتمر المائدة المستديرة لحل مشكلة الجنوب، وليخوض أيضا الانتخابات كنائب في البرلمان، وحثه على المشاركة في الحكومة الجديدة. ورد أبيل ألير بأن قبوله المنصب للوزارة يرتبط بمعرفة موقف النظام الجديد من حل مشكلة الجنوب، وأن لديه رؤية لمعالجة هذه القضية. فطلب منه رئيس الوزراء بابكر عوض الله إعداد مذكرة حول هذه القضية. وبالفعل، سارع بتقديمها وانعقد اجتماع مشترك لمجلس قيادة مايو العسكري ومجلس الوزراء للتداول حول المذكرة، التي شددت على إجراء مفاوضات بين الحكومة والمتمردين بقيادة حركة أنانيا المتمردة آنذاك لوقف الحرب، ووافق الاجتماع على المذكرة وما تحمله من مقترحات لحل مشكلة الجنوب.
واعتبر أبيل ألير أن تقديمه الاستقالة من القضاء بعد ثورة أكتوبر 1964، بعد أن خيره رئيس القضاء بابكر عوض الله بين القضاء والعمل السياسي. وقال إن قضية الجنوب كانت تمثل قرارا مهما في مسيرة حياته القانونية والسياسية. ويقول رئيس مفوضية الانتخابات أبيل ألير إن العلاقة برئيس الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق بدأت مبكرا، بعد توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة وحركة أنانيا ووقف الحرب في الجنوب عام 1972. وعندما جاءت عملية إعادة توطين العائدين واستقرارهم وكذلك استيعاب قوات الأنانيا في الجيش، لفت نظره جون قرنق، حيث عرف عنه معارضته للاتفاقية. وظل متابعا لحركات وتنقلات قرنق منذ عملية التحاقه بالجيش السوداني وتنقلاته، ولقرار وزير الدفاع والقائد العام الفريق أول عبد الماجد حامد خليل لإرسال جون قرنق لبعثة دراسية إلى الولايات المتحدة، حيث نال الدكتوراه في مشروع جونقلي في الجنوب. وقد عرف آنذاك أن جون قرنق على الرغم من وجوده في الولايات المتحدة، فقد ظل مثابرا على اتصالاته بزملائه في الجنوب وفي خارجه.
وعندما نقضت اتفاقية الحكم الذاتي للجنوب كإقليم واحد وقسم إلى 3 أقاليم وشكلت حكومة أخرى للجنوب فإنه - أي أبيل ألير الذي أعفي من منصبه - ظل بعض الوقت في الجنوب لدراسة مشروع خدمي، وذلك عام 1983، وفاجأه جون قرنق بزيارته وإبلاغه بقيادة حرب جديدة، وطلب منه الانضمام إليهم. ورد عليه ألير بأنه سيبقى في الجنوب، وطلب منه الحفاظ على أرواح المواطنين، الشماليين أو الأجانب في المنطقة. وعندما بدأت مفاوضات نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية بقيادة النائب الأول علي عثمان محمد طه، وزعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق، طلب جون قرنق حضور ألير. ويضيف أبيل ألير أن تلك المفاوضات اتسمت بالجدية والمسؤولية، ولكنها كانت بالفعل صعبة ومعقدة وتحتاج إلى إرادة مشتركة قوية لتحقيق ما هو مطلوب والوصول إلى نتائج تفضي إلى وقف الحرب وإحلال السلام الشامل، وقد أخذ برأيه في قضية السلطة حيث نقل للطرفين أن الجيش يمثل السلطة القوية في أفريقيا، وجاء اقتراحه بوجود جيش الحركة الشعبية في الجنوب وعودة الجيش للشمال مع وحدة قوات مشتركة من القوات المسلحة والحركة الشعبية في الجنوب. وبالنسبة إلى الثروة، فطالب بمراعاة أن الجنوب مصدر النفط، وأنه الأكثر حاجة إلى التنمية والخدمات. وأشار بالنسبة إلى علاقة الجنوب والشمال، إلى أن الفيصل يتمثل في إقرار حق تقرير المصير والاستفتاء الذي بموجبه يقرر أهل الجنوب وبإرادتهم الوحدة مع الشمال أو الانفصال.
ويقفز أبيل ألير إلى الحدث الأهم بعد أشهر قليلة من توقيع اتفاقية السلام الشامل، الذي تمثل في الرحيل المفاجئ للنائب الأول للرئيس.. رئيس حكومة الجنوب زعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق، وقال إنه قد تلقى النبأ بحزن بالغ على المستوى الشخصي والمستوى العام، وعندما تم تكليفه برئاسة لجنة التحقيق في ملابسات حادثة سقوط الطائرة الأوغندية التي كان يستقلها قرنق، فإنه تجاوز أحزانه الشخصية ليغلب العقل والمنطق والقانون، واستعان بخبراء فنيين دوليين وسودانيين للوصول إلى الحقيقة، وإرسال الصندوق الأسود للخارج لنقل ما دار في الطائرة وآخر أقوال الدكتور جون قرنق. وعلى الرغم من الاستعجال الذي أبدته عدة جهات لمعرفة نتائج التحقيق، فإنه حرص من جانبه على الدقة والتريث والمراجعة، وأعد التقرير بشكل دقيق، الذي انتهى إلى نتائج مفادها أن الفشل البشري كان وراء الحادث الأليم الذي أودى بحياة النائب الأول، ورئيس حكومة الجنوب الدكتور جون قرنق، وبذلك أسدل الستار على تخمينات حول حقيقة مصرعه.
بعد الانتفاضة الشعبية في أبريل 1985م، التي أطاحت بالنظام المايوي 1969 - 1985، اجتمع به عضو المجلس العسكري الانتقالي وقتها وزير الدفاع اللواء عثمان عبد الله، ليطلب منه المشاركة في الحكومة الانتقالية باعتباره «حكيم الجنوب»، فجاء رده أنه محسوب على الحكم المايوي الذي أطاحت به الانتفاضة الشعبية، وأنه كان نائبا لرئيس النظام السابق، والقبول بأي مشاركة أو منصب في نظام لاحق يتعارض تماما مع مبادئ وقيم يصعب التخلي عنها مهما كان إغراء السلطة أو لدوافع أخرى، وأن عدم قبوله أي منصب أو مشاركة جديدة يتواءم وقناعات شخصية وإنسانية وأخلاقية، وقد أمن على هذه الواقعة اللواء عثمان عبد الله.
ويتذكر أيضا أبيل ألير أنه عندما كان رئيسا لحكومة الجنوب بعد اتفاقية السلام التي وقعت عام 1972 في أديس أبابا، زاره وفد من مسلمي الجنوب، وأبلغوه بأنهم عرفوا أن تصديقا منح لجهة أخرى لقيام مبنى أو كنيسة في ميدان في جوبا سبق أن صدق لهم فيه ببناء مسجد، وأنه استمع إليهم جيدا. وعندما فرغوا دعاهم إلى تناول الإفطار في منزله، فقد كانوا في شهر رمضان. وبعد الإفطار نقل إليهم أنه سيهتم بالمشكلة، وسيلجأ إلى الجهات المختصة، فإذا تأكد إصدار تصديق فهذا يعني حقهم في الأسبقية. وظهر بالفعل وجود تصديق بقيام مسجد في الموقع المعين، فطلب مقابلة الجماعة الذين تقدموا لبناء مبنى أو كنيسة، ونقل إليهم أنه استعان بالجهات المختصة، ووجد أن الموقع الذي طلبوه سبق أن صدق لبناء مسجد، وأنه في مقدورهم اختيار موقع آخر، وسيوافق لهم، وانتهى الأمر برضا الأطراف كافة.
ويوصف أبيل ألير بأنه شديد الحذر «أكثر مما يجب»، وهو يقول في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «يوجد فارق بين الحذر والتريث»، فهو يتريث في اتخاذ القرار أو الموقف أو حتى الحديث. فعندما كان قاضيا، كان يتجنب إصدار حكم في حالة غضب أو فرح، ويفضل إصدار الحكم في حالة طبيعية متماسكة ومتزنة. وهو في الحكم كان يدلي برأيه بعد دراسة واقعية وحيثيات موضوعية تعزز ما ذهب إليه، وإذا تحدث عن قضية يستند إلى وثائق ومراجع، وهو يتمتع باحترام وفير وواسع من القطاعات كافة في الشمال والجنوب، ويتمتع بسمعة ممتازة كشخصية مهيبة وحكيمة، لذلك اعتبر اختياره رئيسا لمفوضية الانتخابات العامة التي تشرف وتدير أخطر وأصعب وأعقد انتخابات عامة عرفها السودان في تاريخه الحديث في أبريل 2010 بمثابة اختيار موفق، وبخاصة إلى جانب ما يتمتع به من خبرة سياسية ونيابية ودستورية وتنفيذية ودراية قانونية فائقة. وقد كان أيضا رئيسا مع القاضي ووزير العدل السابق عبد الله إدريس للمفوضية القومية للمراجعة الدستورية، بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل مطلع 2005.
ويوصف أيضا أبيل ألير بأنه رب أسرة متماسكة ورصينة، تتكون من زوجته، و3 أبناء وبنتين، وقد توفيت إحداهما وهي شابة، وتزوجت الأخرى. وهو وفيّ ومخلص في علاقاته مع أصدقائه الكثر المتميزين في ميادين السياسة والفكر والإعلام والاقتصاد، ويحرص على المشاركة والحضور شخصيا في المناسبات الاجتماعية والأفراح، ويسهم بالواجب المادي الاجتماعي بتقديمه مباشرة لصاحب المناسبة أو في «الكشف» على الطريقة السودانية، وهو كريم وسخي ولا يرد طلبا لمن يلجأ إليه لقضاء حاجة مادية. تقول مديرة مكتبه في المفوضية سيدة عيسى لـ«الشرق الأوسط» بأن العاملين أعدوا كشفا لمناسبة اجتماعية تخص زميلة لهم في المفوضية، وأن الكشف حمل أرقاما متفاوتة من 10 جنيهات إلى 25 جنيها، و50 جنيها وأكبر مبلغ كان 100 جنيه. وعندما طالع ألير الكشف، قال إن المناسبات الاجتماعية أضحت مكلفة، وقام بدفع 2000 جنيه وكانت مساهمة سخية.
المصدر : الشرق الأوسط