وأعلن وزير الداخلية المغربي صباح امس الاثنين عن وفاة 5 أشخاص وجرح 128 شخصا بينهم 115 من رجال الامن، فيما بلغ عدد الأشخاص المعتقين 120 شخصا 'سيتم تقديمهم للعدالة'.
وعرفت مدن الحسيمة ومراكش والعرايش وصفرو وطنجة وكلميم وتطوان مواجهات دموية وعمليات حرق وتخريب محلات وواجهاتها بعد انتهاء مسيرات سلمية حاشدة شهدتها جميع المدن المغربية الكبرى والصغرى.
وقال الطيب الشرقاوي ان 'التظاهرات أخذت أشكالا متعددة ما بين الوقفات والمسيرات والتجمعات، وبفضل ما تعرفه بلادنا من اتساع لفضاء الحريات والممارسة الديمقراطية السليمة والحق في التعبير عن الرأي، فقد مرت هذه التظاهرات في جو سلمي يطبعه الهدوء والانضباط'. ثم استدرك قائلا 'غير أنه بعد انفضاض هذه التظاهرات، 'شهدت مدن طنجة، تطوان، العرائش، الحسيمة، صفرو، مراكش وكلميم، أعمالا تخريبية قام بها مشاغبون من بينهم بعض القاصرين وذوو السوابق القضائية، أعقبتها أعمال نهب وسرقة واستيلاء على ممتلكات الغير'.
الخسائر بالارقام
وأوضح الوزير أن هذه الأفعال الإجرامية 'تمثلت في إضرام النار وإلحاق الأضرار بـ33 مؤسسةً وبنايةً عموميةً، و24 وكالةً بنكيةً، و50 ما بين محلاتٍ تجارية وبنايات خاصة، و66 سيارة، ودراجتان ناريتان وأن 'بعض المشاغبين قاموا بمدينة العرائش باقتحام بناية تابعة لإدارة الجمارك، حيث استولوا على كمية من المخدرات والمشروبات الكحولية سبق حجزها من طرف الإدارة المذكورة'.
وأضاف الشرقاوي أن القوات العمومية قامت 'بتفريق المشاغبين وتوقيفِ بعضِ المشتبه في تورطهم في هذه الأفعال. وقد بلغ عدد الأشخاص الموقوفين 120 شخصا سيتم تقديمهم للعدالة، في حين تم تسليم القاصرين الذين تم ضبطهم في مسرح الأحداث إلى أوليائهم'، مشيرا إلى أن سلوكات وأفعال المشاغبين نتجت عنها إصابة مائة وثمانية وعشرين 128 شخصا بجروح، من 115 عنصرا من أفراد القوات العمومية'.
وأوضح أن الأشخاص الخمسة الذين قضوا، تم العثور على جثثهم متفحمة بداخل إحدى الوكالات البنكية 'أحرقتها مجموعة من المشاغبين بمدينة الحسيمة'.
وشدد الشرقاوي على أن السلطات 'بقدر حرصها على توفير المناخ الأمثل لممارسة حرية التعبير عن الرأي، فإنها وبنفس الحرص، ستتصدى وبقوة القانون لكل ما من شأنه المس بالأمن العام وبسلامة المواطنين أو الإضرار بممتلكاتهم'.
ونقل موقع 'لكم' عن شهود عيان أن مدينة امزورن بالقرب من الحسيمة تشهد مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين، فيما تواصلت صباح امس الاثنين الاحتجاجات بفاس.
قرب الحسيمة
وقالت المصادر أن مواجهات عنيفة اندلعت صباح امس الاثنين بين متظاهرين وقوات الأمن وان المواجهات العنيفة خلفت عدة إصابات لم يتسن التأكد من عددها فيما باشرت قوات الأمن التي استعملت الغازات المسيلة للدموع لتفريق المحتجين وأغلبهم من أطفال المدارس التي أغلقت أبوابها، اعتقالات بين صفوف المتظاهرين أوقفت 6 أشخاص.
وقدم محمد بودرا الأمين الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة بالحسيمة استقالته من رئاسة مجلس جهة تازة الحسيمة تاونات، وذلك مباشرة بعد إعلان وزير الداخلية لعدد ضحايا المواجهات التي عرفتها مدينة الحسيمة.
واستؤنفت الاحتجاجات امس الاثنين بعدة احياء شعبية بمدينة فاس حيث كان المحتجون يقومون برشق عناصر الشرطة والمحلات التجارية والسيارات بالحجارة.
كما نسب الموقع إلى شهود عيان من مدينة صفرو أن أشخاصا ملثمين قاموا بالهجوم على سكان أحد الأحياء الشعبية، واصابوا أربعة أشخاص من بينهم عبد المولى الكنوني، رئيس لجنة الحوار الممثلة لسكان الحي، والذي كانت إصابته بليغة وتطلبت نقله إلى قسم المستعجلات بالمستشفى المركزي بفاس ويعتقد السكان أن الملثمين المسلحين بالهراوات والعصي ربما يكونون مسخرين من المجلس البلدي بالمدينة.
وفيما يقول وزير الداخلية إن عدد المشاركين بالتظاهرات السلمية التي جرت في 53 عمالةً وإقليما بلغ، وبنسب مختلفة، حوالي 37 الف مشارك، يقول تنظيم 'شباب 20 فبراير' الذي دعا للتظاهرات ان عدد المشاركين قارب من 240 الف.
وبقي عدد المشاركين محل تباين بين المصادر الرسمية التي كانت تحاول تحجيم العدد والمشاركين الذين كانوا يعطون ارقاما بعيدة جدا عن الارقام الرسمية.
دستور ديمقراطي
وطالب المشاركون في التظاهرات بدستور ديمقراطي وملكية برلمانية وحكومة مسؤولة وبرلمان ذات مصادقية ورددوا هتافات ورفعوا يافطات تقول ''الشعب يريد تغيير الدستور''، و''لا للحكرة''، ولا للفساد''، و''ضد التطبيع''، و''ضد الفساد'' و''الهمّة سير فحالك المغرب ماشي ديالك''، و''الشعب يريد الحرية والكرامة لجميع الجماهير''، و''الشعب يريد إسقاط الفساد والاستبداد''، و''لا للإفلات من العقاب''، و''لا للظلم''. كما نادوا إلى حرية الإعلام والصحافة، ورفع شعار ''الجزيرة كتفضح والدوزيم كتشطح'' و''بلطجية ضد المساواة'' وكتبوا تحتها أسماء مسؤولين في الدولة والحكومة وشحصيات مقربة من السلطة.
واكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية بعد انفضاض التظاهرات أن المسيرات التي نظمت في المغرب 'عادية بالنسبة للبلاد وتدخل في إطار الممارسة الديمقراطية'.
وقال خالد الناصري ان 'المطالب التي تم التعبير عنها مطالب عادية وطبيعية'، وأن المتظاهرين 'تقيدوا بالقانون والحفاظ على الأمن العام' كما جرت المسيرات 'في أجواء من الاستقرار لا يمكن للمغاربة إلا أن يعتزوا بها'.
الممارسة الديمقراطية
وقال الناصري إن 'المغرب متعود على المسيرات خلافا لمعظم الدول العربية'، مؤكدا أننا في نطاق تحركاتنا الديمقراطية التي فتح المغرب أوراشها في نهاية القرن الماضي، وخاصة بعد تولي الملك محمد السادس العرش، دخلنا منطلقا جديدا في تعاملنا مع الشأن السياسي من خلال فتح مجال واسع للممارسة الديمقراطية، وتكريس حرية التعبير وحرية التجمع وحرية التظاهر.
وجدد التأكيد على أن الحكومة المغربية ترى أن مطالب المتظاهرين في جوهرها مفهومة ولها شرعيتها على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وأن المطالب 'كلها في الأجندة التي تتعامل بها معظم القوى السياسية، سواء في الأغلبية أو في المعارضة وهناك إجماع لكل الشركاء والفرقاء السياسيين على أن هناك حاجة إلى إعطاء دفعة قوية جديدة لمسلسل من الإصلاحات في تناغم تام مع ملك البلاد'.
وأبرز الناصري أن المغرب حريص على تعزيز الأسس الديمقراطية، وبإمكانه السير في هذا المنحى وقطع أشواط هامة في البناء الديمقراطي بشكل هادئ وناضج.
واكدت حركة 20 فبراير التي دعت الى تظاهرات الأحد، أنه وبعد 'نجاح الانتفاضة في يومها الأول والتفاف فئات واسعة من الشعب المغربي بشكل يؤكد فشل النظام في مساعيه لقتل دعوة 20 فبراير فإنها تندد بالتدخلات القمعية للنظام في حق المتظاهرين في عدد من المدن مع رفض الحركة للانزلاقات وأعمال التخريب التي حدثت باليوم الأول في بعض المدن، لذا تناشد الحركة الجماهير لضبط النفس والحفاظ على الطابع السلمي للانتفاضة'.
وقال بيان للحركة بعد انتهاء التظاهرات ان 'الاحتجاجات سارية في المغرب بدعوة من شباب 20 فبراير احتجاجات مشروعة تحمل مطالب وهموم المواطنين من الناحية السياسية الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وقال أن يوم 20 فبراير سجلها التاريخ ونعتبرها الطريق الوحيد لتحقيق مطالب شعبية رغم استغلال المخزن للصوصه وعصابته في أعمال تخريبية لا علاقة لها بحركة شباب 20 فبراير، وكذلك تدخله المباشر باجهزته القمعية التي أسفرت عن جرحى واعتقالات وترهيب نفسي وجسدي للمواطنين.
واعتبروا ان ما حصل من تخريب وحرق 'أعمال نابعة من خطة مخزنية لتشتيت وتشويه نضالات الجماهير الشعبية المغربية، وهذه الأساليب التي يتعامل بها المخزن ليست جديدة وإنما هي معروفة عند الجميع في تعطيل مسارنا النضالي والاحتجاجي'.
ووجه بيان الحركة ارسل ارسل لـ'القدس العربي' تحية للشعب المغربي في استجابته لنداء 'شباب 20 فبراير' وحيا الإعلام الحر المغربي والدولي في مواكبته للتظاهرات واستنكر 'بشدة التدخلات القمعية في بعض المدن المغربية الحسيمة وصفرو ومراكش التي عرفت بعض الجرحى والاعتقالات في صفوف المتظاهرين وادانوا 'تعامل المخزن في استعمال مرتزقة لإشعال الفتن والتخريب اقتداء بما حدث في مصر وتونس وحملوا الدولة وأجهزتها الأمنية كامل المسؤولية في استفزاز المواطنين واستعمال طرق عديدة لإفشال تظاهراتهم وجعلها ذات صورة عنفية.
سلمية وحضارية
واكد بيان 'حركة 20 فبراير' انها حركة سلمية وحضارية تسعى لتحقيق مطالبها رغم محاولة المخزن إفشالها وان نضالها مستمر ولا رجعة فيه ومطالبها مشروعة وعادلة ومعقولة. ودعوا المواطنين والقوى السياسية والنقابية بمختلف توجهاتها الالتفاف حول مطالب شعبنا والاستمرار في الاحتجاج بطرق سلمية (وقفات، مسيرات، اعتصامات، حلقات..) حسب الأيام المناسبة، لأن 20 فبراير ما هو إلا بداية لمعركتنا ضد الاستبداد والفساد.
وحيت عاليا الهيئات السياسية والحقوقية والنقابية والمدنية المساندة والمدعمة لحركة 20 فبراير، استجابة المواطنات والمواطنين بالمدينة لنداء المشاركة في المسيرة السلمية المدنية وسجلت تثمينها لنجاح المسيرة من خلال الحضور المكثف للمواطنين والتزامهم بسلمية المسيرة، معبرين بأسلوب حضاري عن مطالبهم العادلة.
كما ادانت محاولة بعض 'الجهات المشبوهة' لاختراق التظاهرة عن طريق دس بعض العناصر التي حاولت استفزاز المتظاهرين منذ البداية، وعندما لم تنفع هذه الأساليب الدنيئة لجأت عند نهاية المسيرة إلى تخريب بعض الممتلكات العامة والخاصة وقالت ان الشباب والمتظاهرين الذين تصدوا بكل حزم للمخربين وعبرت عن تضامنها المطلق مع ضحايا التخريب والعنف فيما ابدت استغرابا لغياب أي دور للأجهزة الأمنية في حماية المتظاهرين والمواطنين والممتلكات العامة والخاصة وحملت السلطات كامل المسؤولية من أجل فتح تحقيق شامل حول الجهات المدبرة لعملية التخريب، والتي حاولت استغلال حق الشباب في التظاهر والتعبير السلميين.
ووقع البيان الذي ارسل لـ'القدس العربي' كل من الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب النهج الديمقراطي وجماعة العدل والاحسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي للحقيقة والانصاف ولجنة الدفاع عن حقوق الإنسان وأطاك المغرب وحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية والحركة الشبابية لمنتدى بدائل المغرب والشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة ونقابة سيارات الأجرة الصغيرة والشبيبة الاتحادية والنقابة المستقلة للتعليم الابتدائي والنقابة الوطنية للجماعات المحلية التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل.
0 التعليقات :
إرسال تعليق