موسى: مطالب التغيير الشعبية أمر مشروع * بيريس: طغاة الشرق الأوسط راحلون.. و«فيس بوك» باق
|
أدانت دول غربية وعالمية المجازر التي ترتكبها قوات الأمن الليبية ضد المحتجين المدنيين، بينما بدأ أفواج الدبلوماسيين وعوائلهم مغادرة الأراضي الليبية، كما أوقفت عشرات الشركات الأجنبية، أعمالها
وبخاصة العاملة في مجال النفط والغاز وقامت بإجلاء موظفيها من ليبيا.
فالولايات المتحدة أدانت بشدة الحملة العنيفة التي تشنها ليبيا على المحتجين، مستشهدة بتقارير وصفتها بأنها ذات مصداقية عن سقوط مئات القتلى والجرحى وهددت باتخاذ «كل الإجراءات الملائمة» ردا على هذا. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها قدمت اعتراضات شديدة اللهجة لحكومة الزعيم الليبي معمر القذافي بشأن «استخدام القوة القاتلة مع متظاهرين مسالمين» في الوقت الذي انضمت فيه ليبيا إلى موجة الاحتجاجات التي تهز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، بي جيه كراولي، إن «الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق مع ورود تقارير وصور مقلقة من ليبيا». وقالت وزارة الخارجية إنها تشجع العاملين في السفارة الأميركية على مغادرة ليبيا، كما حثت الرعايا الأميركيين على إرجاء السفر إلى هناك إذا لم يكن ضروريا. وأشارت إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أيضا إلى أن الحكومة الليبية قد تواجه عواقب إذا لم تلتفت للتحذيرات لكبح جماح قواتها الأمنية واحترام حق المواطنين في الاحتجاج.
وفي بروكسل أدان بيان مشترك لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قمع الاحتجاجات في ليبيا خلال اجتماعهم، أمس. وطالب باحترام حرية التعبير والتجمع بشكل سلمي، باعتبارها من الحقوق الأساسية لكل إنسان. وقالت الرئاسة المجرية للاتحاد الأوروبي إن ليبيا أبلغت الاتحاد الأوروبي بأنها ستوقف التعاون في مجال الهجرة غير الشرعية إذا واصل الاتحاد تشجيع الاحتجاجات الداعية للديمقراطية في البلاد، لكن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، قالت خلال زيارة للمنطقة، الأسبوع الماضي، إن على ليبيا أن تنصت لما يقوله المحتجون «وتسمح بحرية التعبير».
ويعتزم الاتحاد الأوروبي إجلاء رعاياه من ليبيا، وخصوصا من مدينة بنغازي معقل المعارضين على بعد ألف كلم شرق طرابلس، كما أعلنت وزيرة الخارجية الإسبانية، ترينيداد خيمينيث، أمس. وقالت الوزيرة الإسبانية على هامش اجتماع مع نظرائها الأوروبيين في بروكسل «إننا قلقون للغاية، وننسق عملية إجلاء محتملة لمواطني الاتحاد الأوروبي من ليبيا وخصوصا من بنغازي». واستدعت بريطانيا السفير الليبي في لندن للاحتجاج والمطالبة بملاحقة المسؤولين عن أحداث العنف، كما أعلن وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، أمس. وقال هيغ في بروكسل: «لقد استدعينا السفير الليبي في لندن إلى وزارة الخارجية للتعبير له عن إدانتنا التامة لاستخدام القوة الدامية ضد المتظاهرين». وأضاف الوزير البريطاني: «ندعو فورا إلى وضع حد للعنف وإلى أن تتصرف كل الأطراف المعنية بإنسانية وضبط نفس»، مطالبا بتمكين ناشطين في مجال حقوق الإنسان من الوصول إلى البلد لمعاينة ما يجري فيه. ودعا هيغ إلى فتح «تحقيق» حول الأحداث، وخصوصا في بنغازي، معقل المعارضين على بعد ألف كلم شرق طرابلس.
وجددت فرنسا، أمس، الاثنين، دعوتها إلى «الوقف الفوري لأعمال العنف» و«إلى احترام حق التظاهر السلمي» في ليبيا. وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، فرانسوا باروان، إن على المجتمع الدولي أن يبذل كل ما في وسعه حتى لا تنزلق ليبيا إلى حرب أهلية. وأضاف باروان: «يساورنا قلق بالغ ونشعر بصدمة شديدة وندين ما يحدث بقوة. هذا العنف الذي لم يسبق له مثيل، الذي قد يتحول إلى حرب أهلية طويلة شديدة العنف». وقال: «بدأ القمع ويجب بذل كل الجهود على المستوى الدبلوماسي لتنسيق المواقف الأميركية والأوروبية لمنع حدوث شيء عنيف».
وقال وزير الشؤون الأوروبية الألماني فيرنر هوير: «لقد أُبلغنا بفزع واستنكار أعمال العنف التي اقترفت في بعض الدول، وخصوصا ليبيا، أمس»، داعيا إلى «وضع حد للعنف» وإلى «احترام حرية التعبير والتظاهر». وقال وزير خارجية لوكسمبورغ، جان اسيلبورن: «لا يمكن أن نقبل أن يطلق قناصة النار على الناس»، مشيدا بـ«شجاعة» الليبيين في مواجهة «النظام المعزول» للعقيد القذافي. وتمايز موقف وزير خارجية إيطاليا نسبيا عن نظرائه، ودعا إلى ضبط النفس في نداءاتهم من أجل الإصلاح الديمقراطي. وقال: «لا يجب أن نعطي انطباعا سيئا بأننا نصدر الديمقراطية. علينا أن نساعد وندعم المصالحة السلمية»، مضيفا: «لكن يجب أن لا تتدخل أوروبا». وتشعر إيطاليا بالقلق خصوصا إزاء احتمال تنامي موجات هجرة غير شرعية من البلدان الواقعة في جنوب المتوسط إثر الثورات التي تشهدها هذه الدول ضد الأنظمة المستبدة الحاكمة فيها.
ودعت وزارة الخارجية الروسية كافة الأطراف في ليبيا إلى إيجاد حل سلمي عبر الحوار الوطني لوضع حد لأعمال العنف الدامية التي تجتاح البلاد منذ أسبوع على الأقل. وأوضحت الوزارة في بيان: «ندعو كافة الأطراف في ليبيا إلى إيجاد حل سلمي للمشكلات القائمة عن طريق حوار وطني والبدء بإصلاحات تفرض نفسها». وخلافا لدول أخرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، لم تتقدم روسيا بأي احتجاج ضد عملية القمع العنيفة للمظاهرات في ليبيا.
وأجلت شركات النفط والغاز الأوروبية موظفيها من ليبيا، وأوقفت التحضير لأعمال تنقيب هناك بسبب اتساع نطاق الاضطرابات في أنحاء البلاد. وسحبت «شتات أويل» النرويجية و«أو إم في» النمساوية و«رويال داتش شل» عددا من موظفيها، وفعلت شركة «بي بي» البريطانية الشيء نفسه.
وطلبت أستراليا من رعاياها مغادرة هذا البلد ودعت الراغبين في زيارته إلى الامتناع. ورغم إعلان الزعيم الليبي معمر القذافي لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه يبذل جهوده لضمان سلامة آلاف الأتراك الذين يعملون في ليبيا، فإن أنقرة، وبحسب مسؤولين أتراك، عبرت عن قلقها وأعادت نحو 600 من أصل 25 ألف تركي يقيمون في ليبيا، حيث نهبت ورش بناء، لا سيما في بنغازي التي باتت على شفير حرب أهلية.
وفي إسرائيل اعتبر الرئيس، شيمعون بيريس أن الانتفاضات في «الشرق الأوسط» تدل على نهاية «الأنظمة الديكتاتورية». وقال بيريس: «الواضح الآن هو أنه لم يعد بإمكان أي ديكتاتور أن يكون مطمئنا في الشرق الأوسط. هم راحلون و(فيس بوك) باق».
وأضاف الرئيس الإسرائيلي: «يتعين على الطغاة من الآن فصاعدا أن يجيبوا عما يراه العالم على الشاشات من الفقر والقمع والفساد.. لقد بات كل شيء اليوم شفافا إلى حد أنه لم يعد أمام الطغاة أي مكان يختبئون فيه».
من جهة ثانية طالبت جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة، بتعليق عضوية ليبيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وذلك على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في البلاد. وقال مسؤول الشؤون الأفريقية في الجمعية، أولريش ديليوس، في مدينة غوتنغن الألمانية: «لا يمكن أن تتحدث ليبيا اعتبارا من الأسبوع المقبل داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم، بينما يترك معمر القذافي المتظاهرين يتعرضون للاستهداف الممنهج».
وعربيا دعا عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى وقف أعمال العنف في ليبيا قائلا إن «مطالب الشعوب العربية في الإصلاح والتطوير والتغيير أمر مشروع». ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عنه مطالبته بحقن الدماء في ليبيا؛ حيث امتد العنف إلى العاصمة، طرابلس. وطلب الأردن من السلطات الليبية تسهيل نقل رعاياه الراغبين في مغادرة ليبيا بسبب الاضطرابات الجارية فيها.
0 التعليقات :
إرسال تعليق