آخر صيحات العمالة الأجنبية .. بائعة شاي مصرية.. وبنغالي صاحب طبلية
الخرطوم: حسام الدين ميرغني
«والنبي يا ابني ما تخلي عنك» مجادلة سوق متبعة في الاسواق الشعبية في قاهرة المعز، لكنها انتقلت الى قلب الخرطوم، وبائعة شاي من مصر تتحكر على بنبرها ترتدي عباءة سوداء تجلس بالقرب من شارع الحرية وحولها تحلق عدد من محبي الشاي الكشري من ابناء وادي النيل «الهنا والهناك» عمرها في الحياة تجاوز الخمسين، اما في السوق فلها اكثر من عام، قدمت ضمن الوافدين لكسب العيش بعد ان صار السودان مستقبلاً للهجرة غير مصدر لها.
وفي شارع الوادي الامدرماني المؤدي الى «الثورات» مد بنغالي في ريع شبابه قدميه وصار يفتي في أمر البيع والشراء امام «طبلية» عليها من التبغ والتمباك والحلوى ما جعل المتنافر متجاور، اقتربت منه دون ان ابدي رغبة في شراء شئ، عاجلته بسؤال: هل تحرس الطبلية ريثما يقدم صاحبها؟ قال لا انه يعمل بها نظير أجر يومي بمبلغ ثمانية جنيهات ووجبتي فول صباحاً مساء مجاناً يحملها له صاحب التجارة البسيطة. قلت أما بحثت عن عمل آخر؟ قال لم اجد ولكن اعتبرها فترة مؤقتة تقيني شر مد اليد للآخرين، تركته يسرح في وادي «الثورات» يحملق في الطريق ومتى ما جاءه شاب باع له.
«شوقار» ثلاثيني من ابناء بنغلاديش يعمل في مجال خدمة المنازل، ما يميزه سرعة تعلمه حتى للغة المحلية من «راندوك ورمزيات وخلافه» «شوقار» قال ان الاسم «سوداني اسمو بحر» فللغتنا ما يميز ما لم يجده في آخريات الدول العربية، فاعتاض عن العربية بالسودانية كلغة براها، وعنى ان «شوقار» بلغة البنغال «آردو» تعني «البحر»،فقلت يا بحر ما الذي جاء بك الى ملتقى النيل، ولم أقل له قم حرك تحرك أو قعد، «شوقار» يرى ان العمل في السودان «خفيف» لا يثقل كاهلهم وجيوبهم، فمن يمنحهم العمل يمنحهم الطعام والسكن مجاناً، لا يسألونهم نظيراً، فيما يتلقى اجرة تصل الى «300» جنيه في الشهر. والجنيه يعادل ثلاثيناً من عملة البنغال قبل ان تنخفض الى «23» بعد التغييرات الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار.
قلت له طيب أيكفي الاجر ما تتطلب حاجاتكم؟ قال ان كيلو الارز الوجبة الرئيسية هناك بـ«40» ما يعادل جنيه ونصف الجنيه السوداني وكيلو اللحم حوالي «51» جنيهاً سودانياً ومعظم طعامهم يخلط بالشطة الهندية الحارة وهكذا فان جنيهين سودانيين تكفي الاسرة على كبرها ليوم كامل.
فيما وصف لي تكدس العطالة من العمالة البنغالية الى عدم التزام بعض شركات التشغيل والاستخدام بتوفير فرص عمل لهم ما جعلهم يلجأون للحلول الفردية والعمل في مجالات النظافة واتجه بعضهم الى المشاركة في العمل في مجال صوالين الحلاقة بسوق ام درمان، كما ان ارتفاع قيمة التذكرة الى بنغلاديش التي تصل الى «1200» جنيه يجعلهم يصرفون النظر عن السفر ولو الى حين.
احدى ربات الاعمال بام درمان كشفت ان «46» شركة استقدمت عمالة تم توقيفها عن العمل لمخالفتهم للوائح، واكدت انهم يركزون على العمالة البنغالية والتي تنخفض اجورها الى «50%» من تكلفة العامل المحلي، كما انهم يلتزمون بساعات العمل مما يغنينا من مسألة «ماشي عرس، ماشي بكاء، عندي زول في المستشفى» اعذار العمالة المحلية التي تعطل عجلة الانتاج بصورة ملحوظة، واضافت احدى العاملات في مجال التطريز انها استعانت باثنين من البنغال المختصين في المجال واتت بهما من «دبي» واستطاعا ان يوفرا لها ارباحاً طائلة وقاما بتدريب عدد من العمالة المحلية في المجال.
واضاف-مصدر- لـ«الرأي العام» ان له مآخذ في استخدام عمال النظافة في اماكن «سيادية» من الاجانب نظراً لسرية العمل ما لم يلتفت اليه المستخدمون، كاشفاً ان الشرق آسويين وبرغم ادعائهم للسذاجة فان لهم عقولاً تبرع في التزوير والتلصص.
نقاشون وسباكون استطاعوا ان يغرقوا السوق المحلية، كما قال «حسنين عبدالرحمن» السباك الوطني الذي أصبح من زمرة العاطلين جنوب الخرطوم وكان قبل عامين أهم «عامل نقاشة» في الاحياء الجنوبية، وحسنين يرى ان الاريتريين والعمالة المصرية والتركية اقتطعت الكثير من تدفقهم المهني نظراً لقلة اجورهم التي تنخفض الى «02%» مما ينالونه هم ما جعل المستخدم يلجأ اليهم، بل حتى مجالات التنقيب العشوائي للذهب بالجزيرة والقضارف ونهر النيل امتد اليها تدفق الاجانب ووصل عددهم العام الماضي حسب الاحصائيات الى اكثر من «1800» أجنبي منتشرين في صحراء الشمال بحثاً عن الذهب، والضمان شنو يكون همهم الذهب فقط؟!
----------------
الرأي العام |
0 التعليقات :
إرسال تعليق