Featured Video

أكثر من 20 ألف متظاهر في تل أبيب: الشعب يريد إسقاط نتنياهو

صدمة وذهول في أروقة الحكومة الإسرائيلية التي شهدت اجتماعا عاصفا
آلاف المتظاهرين في مركز تل أبيب يحتجون على تكاليف المعيشة في إسرائيل (أ.ب)
تل أبيب: نظير مجلي
«الشعب يريد إسقاط نتنياهو»، «الشعب يريد العدالة الاجتماعية»، «نتنياهو إلى البيت»، بهذه وغيرها من الشعارات، خرج أكثر من 20 ألف إسرائيلي في تل أبيب، في مظاهرة غير عادية، احتجاجا على الغلاء الفاحش في أسعار السكن وغيره من مساوئ السياسة الاقتصادية الاجتماعية لحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة. وقد بدت المشاركة الكبيرة نسبيا، في هذه المظاهرة مفاجئة، أولا للحكومة، فأضفت جوا من التوتر على جلستها أمس، تبادل خلالها الوزراء الاتهامات التي بلغت حد الاشتباك بين بعض الوزراء، فضه نتنياهو بالصراخ والضرب على الطاولة.وقد جاءت هذه المظاهرة في إطار ما يسمى «ثورة الخيام»، حيث إن 20 شخصا أقاموا خمس خيام في أحد ميادين تل أبيب، قبل عشرة أيام، احتجاجا على ارتفاع أسعار السكن. وتزايدت الأعداد سريعا إلى نحو ألفي خيمة انتشرت في 15 مدينة في طول البلاد وعرضها، من قريات شمونة على الحدود اللبنانية في الشمال، وحتى بئر السبع في الجنوب. وقد دعا المنظمون إلى تطوير احتجاجهم في اليوم العاشر، بروح الثورات العربية، داعين إلى مظاهرة آلاف تجعل من ميدان مسرح «هبيما» في قلب تل أبيب «ميدان تحرير إسرائيلي يقود إلى إسقاط حكومة نتنياهو».
وعلى الرغم من الاتهامات الشرسة للمحتجين بأنهم يمثلون «اليسار المتطرف»، و«يقبضون الدعم المالي في نشاطهم من جهات أجنبية معروفة بتمويل جمعيات تدعم الإرهاب الفلسطيني»، وعلى الرغم من الخلافات التي ظهرت في نهاية الأسبوع، بين صفوف قادة هذا الاحتجاج، فقد تدفق على الميدان أكثر من 20 ألف متظاهر، غالبيتهم من الشباب الذين انتظموا من خلال الشبكة الاجتماعية «فيس بوك»، وقدموا من جميع أنحاء البلاد. وساروا بشكل منظم حتى ساحة متحف تل أبيب وسط تأييد واسع في الشارع. وانضم إليهم وفد من الأطباء المتخصصين، الذين يديرون هم أيضا معركة نقابية مع الحكومة مطالبين بزيادة الأجور. وحرصوا على إبعاد الأحزاب السياسية عن نشاطهم، وأعضاء الكنيست القلائل الذين شاركوا في المظاهرة كانوا من اليسار واحترموا طلب المتظاهرين، فلم يلقوا الخطابات، وأكدوا أنهم يشاركون بصفة شخصية، وهم: محمد بركة ودوف حنين من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ونينو أبسادزة وراحيل أداتو من حزب كديما، وإيلان غلئون من ميرتس. ولكن أبرز الحاضرين كان المحامي تساحي غبرئيلي، الذي شغل حتى قبل أسابيع قليلة، منصب مستشارا شخصيا لرئيس الوزراء نتنياهو، وكان الكاتب الرئيسي لخطاباته، فقد حضر مع خيمة وشارك في المظاهرة واستقر في الميدان.
وقد راح المتظاهرون يهتفون ويرفعون الشعارات التي تعبر عن ضائقتهم الحقيقية من ارتفاع الأسعار عموما، والسكن بشكل خاص، حيث تبين أن نسبة ارتفاع الأسعار بلغت 64 في المائة منذ سنة 2008. وإذا كان العامل أو الموظف يحتاج إلى 87 راتبا شهريا ليشتري بيتا، أصبح يحتاج اليوم إلى 143 راتبا شهريا. وهذا الحساب لا يشمل الضرائب التي يدفعها المواطن ولا مخصصات التأمين الوطني، ما يعني أنه يجب إضافة 25 – 30 في المائة إلى الرواتب المذكورة.
ولهذا، جاءت الشعارات معبرة: «الحكومة ضد الشعب، لذا فإن الشعب ضد الحكومة»، «الأسعار في السماء والرواتب في الأرض»، «دولة إسرائيل للبيع، لمن يدفع أكثر»، «الدولة تعود إلى شعبها»، و«جيل كامل يريد بيتا».
وقد رأى فيها المعلقون الصحافيون والكثير من السياسيين، قفزة كبرى إلى الأمام في المعركة لإسقاط نتنياهو. وقال يغئال سرينا في «يديعوت أحرونوت» إن هذه المظاهرة غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل من ناحية شكلها ومضمونها ورسالتها، وإن الحكومة لن تستطيع تجاهلها أو اعتبارها مجرد حدث سينتهي مع أول موجة أمطار.
وكتب جدعون ليفي في «هآرتس» أنه على الرغم من أن عدد المشاركين في هذه المظاهرة يبلغ نحو 20 ألفا، فإن أهميتها تضاهي أهمية المظاهرة التي سارت ضد حرب لبنان في الثمانينات وشارك فيها 400 ألف مواطن، وكانت بداية النهاية لحكم «الليكود».
وقد انعكست هذه الانطباعات، أمس، بشكل واضح في جلسة الحكومة الإسرائيلية. فقد عقدت في ظل نشر أنباء تقول إن نتنياهو ينوي التضحية برفيقه في «الليكود»، وزير المالية يوفال شتاينتس، ويستبدله بوزير آخر لتهدئة المواطنين، وهو الأمر الذي نفاه شتاينتس نفسه، وكذلك الناطق بلسان نتنياهو. وراح الوزراء في الجلسة يتبادلون الاتهامات حول المسؤولية عن تدهور أوضاع السكن والتأخير في المشاريع الإسكانية التي تحل المشكلة. وعندما حذر أحد الوزراء من مغبة رفع أسعار الكهرباء، المقرر لمطلع الشهر المقبل، قائلا إن ارتفاع الأسعار سوف يسقط الحكومة، علا الصراخ في الجلسة، خصوصا بين وزيري المواصلات والبيئة، وكادا يشتبكان بالأيدي، مما دعا نتنياهو إلى الصراخ عليهما والضرب بقبضته على الطاولة، طالبا الهدوء والانضواء تحت لواء هذه الحكومة بتعاضد قوي حتى تتجاوز الأزمة.
ومع هذا، فإن الخلافات التي نشبت أمس، بين قادة هذه الحملة الضخمة، فتحت الباب للتنبؤات بالفشل. وللخلافات أسباب عدة، بينها إقدام بعض هؤلاء على إغلاق شارع رئيسي في نهاية المظاهرة، مما جعل الشرطة تتدخل وتعتقل 44 متظاهرا، والصراع على من يتكلم في المتظاهرين، وأي شعارات ترفع وغير ذلك. ويرى المراقبون أنه من دون بلورة قيادة منسجمة تعرف بالضبط ما الذي تريده وتحدد أهدافها بدقة، فإن هذه الحملة ستفشل وسينجو نتنياهو وحكومته منها.

0 التعليقات :

إرسال تعليق