Featured Video

تعثر خطة أسترالية لردع المهاجرين ومهربيهم

جهات قضائية تعطل اتفاقا لنقل اللاجئين إلى ماليزيا بسبب الاتفاقات ووضع القصر
عائلة مهاجرة من ميانمار تعيش في ماليزيا وتتحدث للصحافة عن خططها المستقبلية في أستراليا في مخيم للمهاجرين في كوالالمبور أمس (رويترز)
سيدني: مات سيغل*
ما مدى الصرامة التي ينبغي أن تبديها أستراليا في حملتها لتثبيط راغبي الحصول على اللجوء، عن خوض رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر كي يصلوا إلى شواطئها؟
على امتداد السنوات، توافد عشرات الآلاف من اللاجئين من شتى أرجاء العالم المضطربة على أستراليا بحرا في قوارب مهترئة. وشددت الحكومة من جانبها سياساتها باستمرار، حيث فرضت الاحتجاز الإجباري وفرض فحوص للخلفية الجنائية، الأمر الذي يترك راغبي اللجوء في معاناة تستمر شهورا وربما سنوات، علاوة على نقلهم إلى معسكرات في مناطق قاصية من غرب أستراليا تتسم بحرارتها الحارقة، أو لجزر في المحيط الهادئ، مثل ناورو أو بابوا غينيا الجديدة، وخصوصا جزيرة كريسماس المعزولة.
إلا أن أحدث الأفكار المقترحة على هذا الصعيد - وتتمثل في إبرام اتفاق لمقايضة اللاجئين مع ماليزيا؛ بهدف تقديم درس تحذيري لمن يفكرون في المستقبل في الإبحار نحو أستراليا - تعطلت بصورة مؤقتة على الأقل، واضطرت أستراليا للعودة لتناول قضية حساسة أرقت حكومات حزب العمال والحزب الليبرالي، على حد سواء، على مدى عقدين تقريبا، وكشفت النقاب عن انقسامات اجتماعية عميقة.
كان من شأن الخطة، التي أقرتها حكومة رئيسة الوزراء، جوليا غيلارد، إرسال 800 من المهاجرين الوافدين حديثا إلى البلاد من أستراليا إلى ماليزيا على مدى السنوات الأربع المقبلة، للتعامل معهم من جانب سلطات شؤون الهجرة هناك، الأمر الذي يطيل من أمد نضالهم الشاق نحو الحصول على وطن قانوني. وتقرر نشر فيديوهات الترحيل على نطاق واسع. وأعلنت الحكومة عزمها على ردع مهربي البشر بقدر ما تنوي ردع طالبي اللجوء في المستقبل. وفي المقابل، ستقبل أستراليا خمسة أضعاف هذا العدد من اللاجئين الأجانب من ماليزيا الذين تم فحص حالاتهم تماما من جانب منظمات دولية.
وترمي الخطة برمتها لتثبيط المتورطين في تهريب البشر الذين بدا أنهم يعتبرون أستراليا من الدول المفضلة لديهم، خاصة بعدما روعت البلاد العام الماضي، عندما تحطم قارب يمتلئ باللاجئين قبالة ساحل صخري في جزيرة كريسماس، مما أسفر عن مقتل 27 شخصا، على الأقل، أمام أعين مواطنين مرعوبين تابعوا المشهد من على الساحل. وأشار مسؤولون إلى أنه منذ الإعلان عن الخطوط العامة للخطة في مايو (أيار) الماضي، تراجعت أعداد راغبي الحصول على اللجوء لأستراليا، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
إلا أن ماليزيا ليست طرفا في معاهدة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وتتسم بسجل رديء في معاملة اللاجئين. وأعلنت منظمة العفو الدولية، التي انتقدت الفكرة بشدة باعتبارها تزيد من بؤس اللاجئين، أن اللاجئين يواجهون السجن والاحتجاز العشوائي والاستغلال كعمالة وانتهاكات جنسية.
وعندما اتضح أن الحكومة تنوي دمج القُصَّر الذين لا يرافقهم أحد في الخطة، ظهرت انقسامات في معسكر مؤيديها. والاثنين الماضي، أطال قاض بالمحكمة العليا الأسترالية أمد حظر مفروض على أول 16 عملية ترحيل، وذلك قبل نصف ساعة فقط من صدور تصريح بتنفيذها. وفي غضون أسبوعين تقريبا، تستمع هيئة كاملة مؤلفة من سبعة قضاة للقضية.
من جهته، سعى ديفيد مان، الذي يرأس مجموعة قانونية تمثل 14 من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أستراليا، الأسبوع الماضي، في قوارب، وكان من المقرر البدء في ترحيلهم، الاثنين، لمنع التنفيذ بسبب مخاوف من أن إرسال اللاجئين إلى ماليزيا يشكل انتهاكا للالتزامات الدولية على أستراليا. وقال مان: «موكلونا أشخاص في ظروف حرجة للغاية، قدموا من أفغانستان وباكستان إلى أستراليا سعيا لحماية اللجوء. إنهم يسألون المحكمة العليا ما إذا كانت الحكومة الأسترالية تملك بالفعل سلطة طردهم إلى ماليزيا بدلا من منحهم الحماية التي يكفلها اللجوء في أستراليا. هذه قضية إنسانية محضة».
وازدادت الانتقادات الموجهة لأسلوب تعامل الحكومة مع الأفراد القادمين لأستراليا في القوارب، بسبب أن الإجراءات الصارمة لا تنطبق، في الجزء الأكبر منها، على أعداد كبيرة من المهاجرين غير القانونيين القادمين للبلاد جوا، ويستغل بعضهم أوراقا ثبوتية مزورة، وآخرون يبقون لفترة تتجاوز انتهاء المدة التي تسمح بها التأشيرة الممنوحة لهم.
وقال غراهام توم، المتحدث الرسمي باسم شؤون اللاجئين في منظمة العفو الدولية: «الأمر لا يتحول إلى قضية هنا إلا إذا كان القادمون طلبا للجوء جاؤوا عن طريق البحر». وأضاف: «يصبح الأمر شديد الوضوح عندما يأتي الناس بالقوارب، ويصبح من السهل استغلال القضية سياسيا. في الواقع لقد جعلنا من هذه القوارب قضية كبرى على الرغم من أن أعداد من تحملهم قليلة، لدرجة أن هذه الحكومة والحكومة السابقة اضطرتا للجوء إلى بدائل غريبة، وتزداد غرابة، في كل مرة ينتهي الحال بها لمعاقبة اللاجئين، على الرغم من أن العكس تماما هو ما ينبغي علينا فعله».
إيجاد حل لمواجهة تدفق الراغبين في الحصول على اللجوء (يأتون هذه الأيام بصورة أساسية من إيران والعراق وأفغانستان، ويجري تهريبهم إلى جزيرة كريسماس التابعة للأراضي الأسترالية) استعصى على الحكومات الأسترالية المتعاقبة منذ عهد رئيس الوزراء، جون هوارد، الليبرالي. وأثار الحل الذي طرحه هوارد بعنوان «الحل الباسيفي» - ويدور حول نقل طالبي اللجوء إلى دول جزرية قريبة لفترات طويلة، لحين النظر في أوراقهم – انتقادات، وتم التخلي عنه بتولي كيفين رود رئاسة الوزراء عام 2007. وأوقف رود «الحل الباسيفي» وحاول تحقيق سلاسة في إجراءات تفحص حالات راغبي اللجوء، مما تسبب في حدوث ارتفاع هائل في أعداد الوافدين إلى البلاد باستخدام القوارب، من 161 عام 2008 إلى 2.726 عام 2009، ثم إلى 6.535 عام 2010.
وأملت غيلارد، التي تراجع تأييدها لمستويات قياسية منخفضة في الشهور الأخيرة، في الانتصار على القضية بإقرار اتفاق مع ماليزيا، لكن ذلك فشل في رفع معدلات شعبيتها وعرضها لانتقادات متزايدة من جانب المدافعين عن حقوق الإنسان. وجاء الحكم الصادر الاثنين ليدفع حكومتها نحو التحرك سريعا لاحتواء الأضرار، حيث انتقد وزير الهجرة، كريس براون، على الفور، القرار في الكثير من وسائل الإعلام، وحذر من أن مهربي البشر ربما يستأنفون هجومهم الكاسح ضد أستراليا. وأضاف خلال مقابلة مع محطة «إيه بي سي» الوطنية: «واحدة من الحجج التي طرحناها على المحكمة، أن المهربين سيسيئون تفسير هذا القرار ويعتبرونه ضوءا أخضر، بينما هو ليس كذلك».
ورفض براون المخاوف التي أبداها البعض إزاء التزام ماليزيا بحماية حقوق اللاجئين، وقال إنه راض عن الالتزامات الثنائية التي أعلنت في كانبيرا. وقال: «ماليزيا أعلنت التزاماتها أمام أستراليا فيما يخص الترتيبات التي أقررناها معهم».
*خدمة «نيويورك تايمز»

0 التعليقات :

إرسال تعليق