قصة هشام الذي ابتلعه البحر اوردتها (الرأي العام ) في تقرير عن الهجرة غير الشرعية قبل اشهر.. والذي تحول إلى طعام لأسماك القرش بعد ان غاص قارب الاحلام الذي كان على متنه في أعماق البحر ومعه شباب غض خرجوا من الوطن بحثا عن الاحلام التي رسمها لهم تجار الاوهام بطرق غير شرعية ... الطرق الوعرة التي يسلكها المتسللون تحفها الكثير من المخاطر كالتي واجهها هشام ورفاقه وانتهت حياتهم بشكل لايتمناه المرء وبالرغم ذلك ما زال الكثير من الشباب يمتطون عربات الجيب والدواب للتسلل من السودان الى اسرائيل بحثا عن الافضل ويواجهون خطر الموت بشكل بشع , تحقيق خطير اوردته (اليوم السابع ) المصرية تناولت فيه المصير البشع الذي يتعرض له الشباب السودانيون و الافارقة الذين يحاولون التسلل الى اسرائيل من سماسرة البشر من قبائل البدو في صحراء سيناء , واشكال التعذيب والموت وسرقة الاعضاء من الجثث والقائها في الصحراء .لتلتهمها الحيوانات او يعثر عليها وتودع في ثلاجات الموتى بالعريش .
قصة السوداني ياسر
رواية اشبه بالافلام رواها الشاب السوداني (ياسر ابراهيم هارون ) 22عاما ? من ابناء دارفور سافر الى القاهرة بنية الذهاب الي اسرائيل ,جسده الضئيل يحمل حروقا خطيرة لا يزال يعالج من آثارها داخل مستشفى العريش العام ,(ياسر ) - كما سرد- نجا من موت محقق بعد تعرضه للتعذيب والتهديد بسرقة اعضائه , وهو ما يكشف تفاصيله هذا التحقيق , الذي اخترق عالم عصابات تهريب الافارقة وقتلهم ونزع اعضائهم بهدف الاتجار بها داخل مصر او خارجها وبيعها بآلاف الجنيهات , ومن ثم التخلص من الجثث في الصحراء لتنهشها الحيوانات او يعثر عليها وتوضع داخل ثلاجات مستشفى العريش العام.
دخول مستشفى العريش العام يتطلب النزول عبر أربع درجات من السلم لترى ثلاجات الجثث وبكل منها درجان أو ثلاثة أدراج، والتى تضم حاليا خمس جثث لأفارقة منهم الجثث الثلاث التى تم العثور عليها منذ عدة أيام تفوح منها رائحة نتنة.
ووفقا لشهادة عامل بالمشرحة طلب- عدم ذكر اسمه ? أكد أن المستشفى في أحيان كثيرة تستقبل حالات لأفارقة لا تقوى المشرحة على تحمل عددهم، لذا تضطر إلى وضع أكثر من ثلاث جثث فى درج ثلاجة واحد، وتتنوع الاصابات بين جثث مقتولة بالرصاص أو ممزقة الجسد قبل التشريح الاستكشافى، وهو ما يعنى أن تلك الجثث تعرضت لسرقة أعضاء..
أحيانا يصل عدد الجثث إلى ( 10 ) حالات كما قال لنا » ع.ب« احد الأطباء بمستشفى العريش العام، مؤكدا أن طاقة المشرحة أحيانا لا تتسع لعدد الجثث التى تستقبلها.و نظرا لعدم وجود هذا العدد الضخم من الجثث حين دخولنا المشرحة. ولحظنا ان جثث الأفارقة منزوعة الأعضاء والأغشية، و بعض الجثث بها جروح عميقة فى منطقة الكلى تدل على سرقتها، بالإضافة إلى وجود جثث بلا قرنية والبعض الآخر بلا قلب.. وأخرى مشوهة لدرجة لا تتضح معالمها وما اذا تمت سرقة أعضائها أم لا...؟ نساء ورجال تلقى جثثهم ممزقة فى صحراء شمال سيناء بدون أعضاء وذلك إثر حقنهم بالبنج حتى لا يفسد العضو، ثم تحمل أعضاءهم فى ثلاجات صغيرة ويتم تهريبها عبر الحدود هذه هي شهادة الطبيب »ع.ب«.
بالعودة إلى قصة ياسر الشاب السودانى، نتعرف أكثر على تفاصيل رحلته من السودان حتى وصوله إلى قسم الحروق والجراحة فى الدور الثالث بمستشفى العريش، قبل ان يبدأ ياسر كلامه ظلت عيناه المنكسرتان معلقتان على باب الحجرة فى توتر كأنة يخشى دخول شخص ما، فخرجت كلماته مرتعشة من الخوف الذى انتابه جراء التعذيب الذي تعرض له على يد عصابات تهريب الأفارقة من سيناء إلى إسرائيل، مما جعل جسده الضئيل ملئ بالتقيحات والحروق، حالته الصحية الرثة أعجزتنا عن فهم ما يقول لدرجة أجبرتنا على إعادة التسجيل معه ثلاث مرات... تذكر ياسر تفاصيل رحلة تهريبه من السودان إلى الحدود المصرية، قائلا « احد الأشخاص يدعى ياسين وعدنى بالسفر إلى لبنان على أن يكون السفر مجانا وان يدفع لى نفقات السفر بمجرد وصولى إلى سيناء... فوجئت فور وصولى مصر انه سيتم ترحيلى إلى إسرائيل ورغم هذا استسلمت لقدري دون اعتراض فإسرائيل أهون ألف مرة من رصاص الهَرب ».
تعذيب ياسر بدأ عندما فوجئ بطلب من » جماعات التهريب المسلحة من البدو« بمضاعفة المبلغ الذى اتفق على دفعه من (8) آلاف دولار إلى (16)ألف دولار، وهو أمر كان خارج الاتفاق الذى ابرمه فى السودان مع الجماعات التى تسهل هروبه من هناك، حيث كان الاتفاق ينص على أن الانتقال سيكون مجانا على أن يدفع( 8 ) آلاف دولار عند الوصول للحدود المصرية، فى رحلة تستغرق ثلاث ليالي وينتقلون خلالها من ثلاث إلى أربع عربات «لاندكروزر»، مغطاة بخيم لا تسرب شعاع شمس ولا نسمة هواء على حد تعبيره، وأحيانا يستقلون مركبا صغيرا عن طريق قناة السويس، الا ان ياسر حينما أكد لهم انه لا يستطيع دفع كل هذا المبلغ تعرض للتعذيب عن طريق رش جسده النحيل بماء النار وكيه بالجمر وكسر ضلوعه..
وقال ياسر تمكنت من الهرب من البدو بعدما القوا بي في الصحراء لأسباب لا يعلمها إلا الله حتى عثرت عليه قوات حرس الحدود لتسلمه لمستشفى العريش العام.. قصة ياسر تتشابه مع قصص الكثيرين من الأفارقة النازحين بقصد الهرب إلى اسرائيل فى رحلة هجرة غير شرعية عبر الحدود المصرية.
رباب عبد الغنى سليم ناشطة حقوقية تعمل تطوعا فى غسل وتكفين جثث الأفارقة أكدت أن (50 % ) من الجثث التي تأتى تكون منزوعة الأعضاء، خاصة » الكبد والكلى والقرنية وأحيانا القلب «يتم وضع تلك الاعضاء فى ثلاجات صغيرة بعد استخراجها داخل غرفة مجهزة لانتزاع الأعضاء أو داخل عربة صغيرة أشبه بعربات الإسعاف وتنقل عبر الحدود أو إلى بعض المستشفيات الاستثمارية التى سحب منها الترخيص أكثر من مرة.
و تضيف رباب : «الأفارقة يعتقدون أن إسرائيل هى ارض النعيم ولا يعرفون أن الفتيات يغتصبن من عصابات البدو وإذا نجحوا فى العبور لإسرائيل يمتهن الدعارة والرجال يعملون فى الجيش الإسرائيلى واغلبهم يصبحون «جواسيس».
حادث سيارة وقع منذ عدة ايام فى طريق « المهدية»، كشف النقاب عن استمرار تجارة الأعضاء بشمال سيناء رغم نفى جميع السلطات الأمنية، حيث فوجئ اهالى قبائل «الشيخ زويد» وفقا لرواياتهم إن السيارة التى توفى فيها طبيب يدعى «س..ع »، كانت تحمل ثلاجة صغيرة تحوى مجموعة من الأعضاء.
تهريب الأعضاء أو الأغشية المنتزعة من جسد الأفارقة عبر الحدود إلى إسرائيل امر سهل حيث يتعاون ضباط الجيش الإسرائيلى مع بدو من سيناء من منطقتى القسيمة ووداى الجمر، ووفقا لتقرير مركز الدراسات السودانية فإن ثمن الكلية فى مصر يصل إلى «30 ألف دولار» و«40 ألف دولار للخصية الواحدة « و»40 ألف دولار ثمن الرحم «ويبلغ طقم الأسنان السوداني «15 ألف دولار» وكذلك تعرض العيون والأجهزة الداخلية وحتى القلب للبيع.
اللافت ان كل هذه الممارسات تحدث على الرغم من ان المادة السادسة من قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم( 64) لعام 2010م، تنص على معاقبة كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز خمسمائة ألف جنيه.
المفاجأة الأخرى تكمن فيما كشفه الشيخ محمد رشيد شيخ قبيلة التياها? الذى أكد أن أشهر الأشخاص المتاجرين بالأفارقة والمتعاملين مع إسرائيل هو شخص يدعى ( س.. ن )، هارب من حكم بالمؤبد ويعرف نفسه «بالسلطان» يعرف بأنه مقتدر يملك كثيرا من المال والسلاح، ويضيف الشيخ ان ( س.. ن ) يقوم بإخفاء الأفارقة في كهف سرى يبعد( 40 ) كلم تقريبا عن مدينة «نخل» طريق نفق «نوبيع» ويبعد عن العريش 155 كيلو مترا مشيرا إلى انه مكان نائى لا يوجد به احد، ويقول » كنا نرى لديه أحيانا سيارة بيضاء كبيرة أشبه بعربة الإسعاف تأتى إليه عند منزله، وفى إحدى المرات وجد بعض الشباب لديه طبيب تقريبا فى الخامسة والثلاثين من عمره، اعتقدنا وقتها انه مريض، إلا أننا عرفنا فيما بعد انه طبيب ثم فوجئنا بوجود عدد كبير من الأفارقة عنده، وفى احدى الجلسات العرفية اقر انه يتاجر فى الرقيق فقط كوسيلة للمعيشة على اعتبار انه كغيره من أهل سيناء بلا عمل، إلا أن خوف أهل القرية من احتمال تحويل الأمر لمافيا دفعناه على الرحيل وبالفعل هاجمناه منذ شهرين إلا انه هرب، وبعدها اكتشفنا مقبرة جماعية على بعد ( 500 ) متر من منزله، بها العديد من الجثث الممزقة وكثير من الهياكل العظمية».
وهنا التقط طرف الحديث ضيف الله من قبيلة التياها احد الشباب الذى شارك فى عملية اقتحام منزل (س.ن) الرجل الذى يعرف عنه انه من اكبر المشتغلين بتجارة الأعضاء المنتشرة فى شمال سيناء، ليقول «عندما اقتحمنا منزله منذ ( 30 ) يوما تقريبا وجدنا مستندا يدل على تحويل أموال للرجل من اسرائيل، مشيرا إلى أنهم عثروا على المغارة السرية التى يخبئ بها الأفارقة بعد تتبع دليل إطار العربة على الرمال، ليؤكد أنهم حينما اكتشفوا المكان وجدوا بقايا جثث وما يقرب من(80 ) شخصا لا يزالون على قيد الحياة، وقاموا بعدها بتسليمهم لقسم شرطة نخل.
كان من الضروري التحقق من المعلومات التى أدلى بها أفراد قبيلة التياها، وهو ما دفعنا إلى زيارة المنطقة التى يوجد بها منزل ( س. ن)، وهو عبارة عن منزل بسيط كغيره من المنازل المتطرفة فى شمال سيناء، يقع فى منطقة خالية تماما من البشر، يتكون من ( 4 ) حجرات، وبالفعل على بعد ما يقرب من ( 500 ) متر، يوجد كهف ومغارة تبلغ مساحتها تقريبا( 1000 ) متر، فى أرضية المغارة تُلقى على الأرض بعض علب الطعام واشولة من البصل وعلب العصير وبجوارها بقايا هياكل عظمية وجثث مضروبة العنق وأخرى فى تحلل كامل.. الشيخ رشيد أوضح أن معظم تلك الجثث يؤخذ منها كل شىء حتى دمائها، ليشير بقوله لا ينجو من هؤلاء الأفارقة إلا من رحم ربى... وحاولنا كثيرا التصدى لهذا المجرم، إلا انه هرب بمعاونة أتباعه من أهل عشيرته والى الآن لا نعرف مكانه.
حمدى العزازى رئيس جمعية الجيل الجديد لحقوق الإنسان بشمال سيناء، اكد أن عدد القتلى الأفارقة زاد بعد ثورة يناير نظرا لزيادة معدل الانفلات الامنى فى المنطقة، وهو ما يتفق بالفعل مع التقرير الصادر من مركز دراسات السودان والذى يؤكد الأحداث السياسية فى مصر عقب انشغال العالم بمجريات ثورة 25 يناير، أدت إلى ممارسة المهربين أعمالا أكثر خطورة إذ يتم حبس المتسللين كرهائن فى الشقق فى سيناء أو المزارع ولا يطلقون سراح أحدهم إلا عقب قيام ذويه بدفع فدية تصل إلى ( 10 ) آلاف دولار.
ويؤكد عزازى ان المقابل الذى تتحصل عليه عصابات البدو هو إما شحنة من الأسلحة أو اموال، فى حين تقوم إسرائيل ببيع تلك الأعضاء المهربة بثلاثة أضعاف المبلغ للحالات الحرجة لجميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن بعض المنظمات السودانية المهتمة بملف دارفور تحصد أموالأ من الأفارقة الراغبين فى الهرب مقابل حصولها على مبلغ يتراوح من «ألف دولار الى ألفي دولار» لتساعدهم على الهرب من السودان لإسرائيل على أن يتم تجنيدهم فى الجيش الإسرائيلى.
وعن تلك العصابات أكد عزازى بأنها متعددة الإجرام قائلا : «تلك العصابات ليس لها اختصاص محدد، فهى جماعات مسلحة تتاجر بالمخدرات والسلاح، وأحيانا يستغلون الافارقة لزراعة الحشيش، ناهيك عن الاستغلال الجنسى لبعض النازحات الأفريقيات فكثير من الفتيات يتعرضن للاغتصاب والحمل سفاحا من العصابات بعد عجزهن عن دفع الفدية».
--------------------نقلاً عن اليوم السابع:اعده للنشر : نبيل صالح-------------- |
0 التعليقات :
إرسال تعليق