Featured Video

دينق ألور: الشعب السودانى سيبقى واحدا

دينق ألور: الشعب السودانى سيبقى واحدا وسيفرض على نظامي الحكم إقامة علاقات متميزة

نشر بتاريخ January 24, 2011
(

حريات- اسماء الحسيني )

أكد دينق ألور القيادى البارز بالحركة الشعبية ووزير التعاون الإقليمى بحكومة الجنوب ،ووزير خارجية السودان السابق أن إنفصال الجنوب لم يكن أمرا حتميا ،ولو أن الشمال فعل شيئا لدعم خيار الوحدة لتغيرت النتيجة .
وشدد ألور على أن شمال السودان وجنوبه يملكان رغم بعض المرارات تاريخا مشتركا طويلا وعلاقات إجتماعية وإقتصادية وثقافية لايمكن محوها أو إزالتها بجرة قلم ،وأن الشعب السودانى سيبقى واحدا رغم انفصال الجنوب ،وأنه سيفرض على أنظمة الحكم فى الشمال والجنوب إقامة علاقات متميزة .
وقال :إن أهم أولويات دولة الجنوب القادمة يجب أن تكون وضع ضوابط لمنع الفساد الذى اعتبره أكبر تحد ،وصياغة قانون إستثمار جاذب ،وأكد ألور أن لمصر رصيد ضخم فى الجنوب وتاريخ مشرف ،وأن معظم قيادات الجنوب من خريجى جامعاتها .
(نص الحوار أدناه) :
-ما الرسالة التى أردتم إرسالها عبر إستفتاء تقرير المصير ونسبة التصويت العالية جدا للإنفصال  ؟
= الإستفتاء عكس إرادة شعب الجنوب وأظهر أنه شعب مسئول ،ويمكن أن يدير نفسه ،وأنه قد حارب من أجل قضية عادلة لمدة نصف قرن ،وقد أظهر فى حرصه وإقباله على ممارسة حقه فى تقرير مصيره لنفسه وللعالم أنه يمكن أن يتولى المسئولية خلال الفترة المقبلة فى حال الإنفصال ،وأن يقيم دولته عكس مايشاع من أن الجنوب غير مستعد لحكم نفسه على ألسنة كثيرين فى الشمال ،وهو فى واقع الأمر يملك كثيرا من الكوادر السياسية والوعى والقدرات ،والأهم من ذلك أن الوضع الأمنى كان مستتبا فى جميع أنحاء الجنوب ،ماعدا حالات قليلة تمت من قبل ميليشيات بتحريض من المؤتمر الوطنى.
-هل تملكون القدرات والكوادر التى يمكن أن تدير الدولة القادمة بالفعل ؟
=الحركة الشعبية هى إحدى حركات التحرر التى ظهرت فى أفريقيا ،وتضم أكبر نسبة من المتعلمين ،وبها أعداد كبير من الكوادر التى تملك خبرات وتجارب عبر العمل داخل السودان أو فى الخارج ،وسيظهر قريبا نتاج هذه الخبرات فى بناء الدولة القادمة بالجنوب .
-كنتم تتشككون فى السابق فى نوايا المؤتمر الوطنى تجاه الإعتراف بنتائج الإستفتاء …هل غيرت نظرتكم الآن ؟
=نعم ليس هناك من خيار أمام حزب المؤتمر الوطنى سوى الإعتراف بتيجة الإستفتاء ،فقد ظهر للعيان وأجمع المراقبون من جميع أنحاء العالم أن الإستفتاء جرى فى جو معافى مبرأ من كل العيوب ،ولايستطيع أحد التشكيك فى نتيجته .
-قيادات الحركة وحكومة الجنوب لعبوا دورا فى تهيئة المواطنين الجنوبيين ودفعهم لخيار الإنفصال فى ظل نسبة أمية مرتفعة؟
=لم نحشد أحدا …هناك مواطنين فى مناطق نائية بالجنوب ربما لايعرفون الحركة الشعبية ،ولكنهم اختاروا التصويت للإنفصال ،لأن هناك مشكلة حقيقية ،صحيح أن نسبة الأمية مرتفعة فى الجنوب كما فى الشمال أيضا ،لكن الوعى السياسى متوافرة ،والإحساس بالمشكلة مع الشمال لاتحتاج إلى مدارس أوشهادات جامعية ،فليس هناك أسرة فى الجنوب لم تفقد أحد أفرادها بسبب الحرب ،وكل المواطنين فى الجنوب تأثرت أوضاعهم بالحرب ،ويشعرون بالغضب تجاه الحكومات التى حكمت السودان ،وكانوا يتطلعون للخروج من دائرة الحرب والخوف والهلع ،ولما جاءتهم الفرصة عبر الإستفتاء اغتنموها وقالوا آرائهم بصراحة لصالح الإنفصال .
-لكنكم  حرضتم المواطنين على التصويت للإنفصال ؟
=لم نحرض أى أحد ،ولانحتاج إلى ذلك ،فى أدبيات الحركة كنا ندعو إلى سودان جديد ،لكن المؤتمر الوطنى أغلق هذا الخط ،وخلق له المشكلات ،نتيجة خوفه منه ،وعلى ضوء ذلك تركنا الخيار لشعب الجنوب ،صحيح أننا أوضحنا لهم أنه ليس هناك فرصة فى ظل الأوضاع الراهنة لمشروع السودان الجديد ،لان المؤتمر الوطنى أعلن على لسان قياداته أن الإنفصال أفضل من مشروع السودان الجديد للوحدة على أسس جديدة من العدالة والمساواة ،وبالتالى فإن المؤتمر الوطنى هو من بدأ الدعوة للإنفصال وليس الحركة الشعبية .
-هل كان الوصول للإنفصال حتميا ؟
=فى السنوات الست الماضية كان الإخوة فى الشمال يستطيعون فعل شىء يدعم خيار الوحدة ويؤثر على نتيجة الإستفتاء ،لوكانوا حريصين على وحدة السودان أو يؤمنون بالعدالة والمساواة والقيم الإنسانية ، أو لو تعاملوا بطريقة مختلفة على المستوى السياسى والإقتصادى وفى تنفيذ إتفاق السلام ،للأسف أكثر جنوبيين يكرهون الشمال هم من عاشوا فيه تحت سيطرة ،بينما حاولت الحركة بناء روح جديدة من التسامح والإخوة بين السودانيين ،وكنا نحاول تجاوز الأخطاء التاريخية والإرتفاع فوقها وبناء دولة جديدة تجمع كل السودانيين ،ولكن لم يحدث تغييرا فى مفاهيم الشمال ،ووجدت الحركة بأنه لايمكنها أن تسير عكس التيار فى الشمال ،خاصة فى فى ظل مخاوف المؤتمر الوطنى من مشروعها ،والخلاف الأيدولوجى معها ،وكنا نرى أن العلمانية هى التى يمكن أن تجمع شتات الشمال والجنوب ،ولازلنا نرى أنها أيضا الحل داخل الجنوب .
-وماذاا بشأن القضايا العالقة التى لم يتم حسمها بعد وهى كثيرة ؟
=نحاول حل هذه القضايا ،وبعضها لايحتمل أى إنتظار مثل أبيى وترسيم الحدود ،خاصة المناطق الخمسة المختلف عليها فى هذه الحدود ،وهى أمر مهم للغاية لأن فيها بشر وثروات .
-أبيى …هل تصبح قنبلة موقوتة تفجر العلاقة بين الشمال والجنوب ؟
=لايمكن النظر فى علاقة دولة الجنوب الجديدة فى حال الإنفصال بالشمال بدون أبيى ،فعليها تتوقف هذه العلاقة ،والحركة الشعبية واضحة فى هذا الأمر ،ولايمكن أن تبرم أى إتفاق مع المؤتمر الوطنى على مسائل مابعد الإستفتاء وتؤسس لتعاون سلس وحدود مرنة  مالم تحل قضية أبيى ،فكل شىء يتوقف عليها ،وأتوقع كما نحن فى الحركة الشعبية وحكومة الجنوب حريصون على التعاون ،أن يبادلنا المؤتمر الوطنى ذات الحرص ،وأن يظهر هذا الحرص فى حل قضية أبيى .
-هل تتوقع علاقات جيدة مع الشمال فى حال إنفصال الجنوب =نصيحتى لحزب المؤتمر الوطنى أن يسعوا وبجدية لبناء علاقات جيدة مع الدولة الجديدة فى الجنوب ،فالشمال والجنوب بينهما تاريخ مشترك طويل رغم بعض المرارات ،وهناك علاقات إجتماعية وإقتصادية وثقافية لايمكن محوها أو قطعها بجرة قلم ،وحتى لو أراد الحزبان الحاكمان فى الشمال والجنوب المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية فعل ذلك ،سيجبر الشعبان فى الشمال والجنوب الأنظمة الحاكمة على علاقات جيدة ويفرضونها عليهم ،وأنا أتصور أن العلاقات ستكون متميزة للغاية ،لأن الشعب سيظل واحدا ،لأن الحكام السيئين هم الذين فرضوا هذا الإنفصال بضيق أفقهم وأنانيتهم .
-تتهمكم الخرطوم بإيواء الحركات المتمردة بدارفور ومحاولة إستخدامها كورقة ضغط عليها ؟
=لا نأوى أى حركات متمردة من دارفور ،يوجد فى جوبا فقط مينى أركو ميناوى وأبو القاسم إمام،والأول كان كبيرا لمساعدى الرئيس ورئيسا للسلطة الإنتقالية ،وترك الخرطوم بعد نقاشات كثيرة مع المؤتمر الوطنى حول تنفيذ إتفاقية أبوجا للسلام بشأن دارفور ،بعد أن قاموا بتجريده من سلطاته ومنحوها لآخرين من رجال الأمن الذين كانوا معه ،وكان يرفض تسليم قوات لأنه يرى أنه لم يتم تنفيذ الإتفاق معه ،والأن أصبح مواطنا عاديا يعيش فى جوبا مع أسرته ، ،والقوات الحكومية هى التى تهاجم قواته المتواجدة بدارفور .
-تحدثت أنباء عن إجتماعات بين ميناوى وزعماء التمرد الآخرين الدكتور خليل إبراهيم وعبد الواحد محمد نور ؟
=لم يأتى أى منهما إلى جوبا ،فخليل فى ليبيا ،وعبد الواحد ذهب إلى نيروبى لكنه لم يأت إلى جوبا ،وكنا قد قدمنا الدعوة لعبد الواحد عام 2007 للمساعدة فى توحيد الحركات المسلحة ،لكنه رفض المجىء ،هذه شائعات مضللة .
-فى حال إنفصال الجنوب …هل ستكون القيادة الحالية قادرة على مواجهة المشكلات العديدة التى تواجهه ؟
=نعم قادرون ،فنحن فى الحركة الشعبية كان لدينا تصور لبناء الدولة السودانية كلها ،لسنا حركة تحارب فقط ،وسنستلهم العديد من النماذج والتجارب الناجحة فى العالم لبناء دولتنا الوليدة ،ونطبق منها مايلائمنا ،ولدينا تصورات لبناء دولة قوية إقتصاديا ،ولإدارة سياسية رشيدة ،وسنستفيد كذلك من تجارب بعض حركات التحرر التى استلمت السلطة أو شاركت فيها .
-ما أهم القضايا التى ستركزون عليها ؟
=نتوقع فى حال الإنفصال أن تكون لدى شعبنا فى الجنوب تطلعات وأحلام كبيرة ،وهذا يحتاج إلى عمل كبير جدا ،وهناك فرق بين إدارة دولة مستقلة وإدارة إقليم ،ولابد من خلق نظام سياسى يلبى معظم إحتياجات المواطن ،ونحمد الله أن أعطانا البترول والأرض الخصبة ،وأعتقد أننا لو أحسنا إستخدام هذين الموردين سنتمكن من التقدم للأمام ،وبناء الطرق التى تربط الولايات والبنية التحتية تسهل الإنتاج والمؤسسات للازمة وتطوير الزراعة والتصنيع الزراعى وتوفير غذاء سهل ورخيص للمواطنين ،إضافة للخدمات الصحية والتعليمية.
-وماذا عن التحديات الأمنية ؟
=لا نتخوف من هذا الميليشيات التى سينتهى أمرها ،ولو حاول آخرون خلق ميليشيات تعبث بأمننا وسيادتنا فسيكون الرد عليها قاسيا .
-الفساد …كيف ستواجهونه ؟وهناك مخاوف حقيقية بشأنه فى الجنوب ؟
=الفساد هو مرض حقيقى ،ندعو الله أن يبعدنا عنه ، وأتفق معك أن حكومة الجنوب لم تفلح تماما فى محاربة الفساد طيلة السنوات الخمس الماضية،فمازالت هناك بؤر فساد ،ونحن على وعى بها ،ونريد أن نستأصلها ،لأننا مدركون لمخاطر الفساد وأننا إذا تركناه  يتفشى فى المجتمع فلن يكون له حدود ،وهو من أسوأ الكوارث التى يمكن أن تحطم أى دولة ،وأنا أعتقد أن هذه الدولة الوليدة فى الجنوب جاءت نتيجة تضحيات ولايمكن أن نسمح أن تنتهى بالفساد ،والمعرفة بالمشكلة هو نصف الحل ،ونحن نريد أن نفتح الجنوب أمام الإستثمارات الإقليمية والدولية ،ولايمكن أن يأتى المستثمرون فى ظل أجواء فاسدة ،فهم يحتاجون إلى حفظ حقوقهم وأموالهم ،وسنضع ضوابط لمنع الفساد وقانون إستثمار جاذب، لكن السودان نفسه على قائمة الدول الأكثر فسادا ،وأنا كنت وزيرا فى الحكومة المركزية فى الخرطوم السنوات الخمس الماضية ،وكنت أرى صورا رهيبة من الفساد المقنن ،وشعب السودان المسكين لايعرف ماذا يجرى حوله ،وقد انتقل جزء من هذا الفساد إلى الجنوب .
-الفساد خلق تفاوتا رهيبا بين قلة تملك المال وأغلبية من الفقراء ؟
=لابد من وضع قوانين تقلل من حدة الفقر وتضييق حدة هذه الفجوة والتفاوت .
-لايمر يوم إلا وهناك أخبار عن علاقة الجنوب بإسرائيل ،كان آخرها زيارة 4 من وزراء الجنوب إلى تل أبيب الشهر الماضى ودعم إسرائيلى كبير لبناء دولتكم عسكريا ؟
=هذه دعايات ومعلومات مغلوطة يراد بها تشويه صورة الجنوب وقطع الصلات بينه وبين أشقائه فى العالم العربى ،تروج لها الخرطوم وأعداء جنوب السودان ،ولوكنا نريد إقامة تعاون مع إسرائيل لفعلنا ذلك منذ وقت مبكر ،حينما كنا أحرارا فى الحركة الشعبية ،ولاتوحد قوانين تحكمنا مع أى طرف أو دولة ،رغم أننا كنا نحتاج وقتها إلى أى مساعدة من أى طرف .
-لكن هناك أيضا تقارير تنشر بشكل مكثف هذه الأيام عن علاقتكم منذ نشأة الحركة بإسرائيل ؟
=هذه معلومات غير صحيحة على الإطلاق ،بل إن أول دول دعمتنا هى دول عربية ،وهى ليبيا واليمن الجنوبى ،لم تحدث أى زيارة من أى مسئول بالجنوب لإسرائيل ،هذا كلام فاضى لا أساس له ،لقد كنت مسئولا عن العلاقات الخارجية فى الحركة الشعبية لأكثر من عشرة سنوات ،ولم يحدث ذلك مطلقا ،والآن أن وزير التعاون الإقليمى ،ولاوزير فى حكومة الجنوب يتحرك إلى أى جهة بدون علمى ،وكنت وزيرا لخارجية السودان وأعرف إلى أين يتحرك كل وزير فى الجنوب .
-ظهرت مؤخرا دعوات للوحدة بين شمال السودان ومصر كيف تراها ؟
=كيف يتوحدون مع مصر بوضعهم الحالى ،فى شمال السودان أصوليون ومصر معروف توجهها ،ومصر حينما تريد وحدة مع السودان فلن يكون على أسس عاطفية فقط ،ولن تكون على حساب أى طرف آخر ،وقد فقدوا جنوب السودان بسبب سوء أفعالهم ،والتى ستؤثر على مصر أيضا .
-كيف تنظر لمستقبل الأوضاع فى شمال السودان ؟
=الطريق الوحيد لكى يحافظ شمال السودان على نفسه هو الإنفتاح على القوى الموجودة الممثلة فى الأحزاب والحركات التى تحمل السلاح،وحل قضية دارفور وتنفيذ المشورة الشعبية فى منطقتى النيل الأزرق وجبال النوبة ،ولابد فى الشمال من إقامة نظام ديمقراطى حقيقى ،وتداول سلمى للسلطة عن طريق الإنتخابات ،وقد بدأنا ذلك فى الجنوب ،حيث قلنا إن الإستفتاء ليس مسئولية الحركة الشعبية وحدها ،و أجرينا حوارا جنوبيا ضم كل القوى بمافيها الأحزاب التى هى إمتدادات شمالية ،وإتفقنا على صياغة دستور جديد بعد الإستفتاء ،وتشكيل حكومة يكون فيها تمثيل واسع لجميع القوى الجنوبية ،وإجراء إنتخابات ،والمشاركة فى بناء دولة حديثة فيها تنوع سكانى وإستقرار سياسى .
-كثيرون فى الجنوب يخشون هيمنة الحركة الشعبية وجيشها ؟
=لابد من وحود حريات سياسية ومنافسة حرة بين جميع الأحزاب ،والشعب فى النهاية هو الحكم ،ومحاولة حزب فرض نفسه على الناس لفترات طويلة يأتى بنتائج عكسية ،وينعكس ذلك بشكل خطير على كل مناحى الحياة ،ونحن فى الحركة الشعبية حاربنا من أجل الديمقراطية ومشاركة الجميع فى السلطة ،ولايمكن أن نفعل ماثرنا ضده ،ونحن بصفة عامة فى الحركة ديمقراطيون ،وكذلك شعبنا فى الجنوب يميل إلى الحريات ،ولايمكن أن تفرض عليه توجه واحد ،ولكى تتحقق التنمية والمساواة والعدالة لابد من الحريات .
-الحزن يسود الشمال حزنا على إنفصال متوقع للجنوب ؟
=نعم أتابع مشاعر إخواننا فى الشمال ،وهم صادقون فى مشاعرهم ،هؤلاء هم المواطنين السودانيين العاديين ،خلافا لحزب المؤتمر الوطنى الذى يريد أن ينفرد بالسلطة ،وكان يرى أن الجنوب عقبة فى سبيل فرضه للشريعة والعروبة ،مع أن الشمال سيظل به تعدد دينى وإثنى وعرقى وقبلى حتى بعد إنفصال الجنوب.
-هناك مواطنون أعلنوا الحداد العام ؟
=أعلم أن هناك شعورا عاما بالحزن فى الشمال حزنا على فراق الجنوب ،لكن المواطنين فى الشمال لاحول ولاقوة لهم ،وحزب المؤتمر الوطنى والحركة الإسلامية السودانية قد فرضت هذا الواقع عليهم ،والخطأ بعد المؤتمر الوطنى يقع على عاتق القوى التى حكمت السودان بعد الإستقلال ،ولم تقرأ الواقع قراءة صحيحة ،فخلق دولة حديثة فى السودان كان يستدعى صيغة تستوعب التنوع الواسع فى السودان ،ولو حدث ذلك بعد الإستقلال لكنا قد أصبحنا دولة كبيرة تملك كل مقومات الإستمرارية والقوة ،ونحن فى الجنوب لانؤمن بالكيانات الصغيرة ،وسندخل فى كيان إقتصادى كبير يضم مصر واثيوبيا وكينيا وأو غندا والكونجو وأريتريا ،لأننا إذا أردنا أن ننافس فى هذا العالم لابد أن نتكتل ،وفى إطار ذلك التكتل  الإقتصادى يمكن لبعض الدول أن تدخل فى إتحاد سياسى كما حدث فى أوروبا .
-لماذا سارعتم فى الجنوب إلى رفض خيار الكونفدرالية بين شمال السودان وجنوبه الذى طرحته مصر عليكم ؟
=رفضناه الآن فقط لأنه لايقوم إلا بين دولتين ،لكن لاأحد يرفضها كفكرة ،ونحن مستعدون للنظر فيه مستقبلا ،أو للنظر فى الإتحاد الإقتصادى ،وسيتوقف ذلك على طبيعة العلاقات ،ونحن ندرك أن العالم كله يتجه للتكتل .
-وكيف ستسير العلاقات مع مصر ؟
=لجنوب السودان علاقات متميزة  مع مصر ،ولمصر تاريخ مشرف ورصيد ضخم لدى شعب الجنوب ،فبعد إتفاق أديس أبابا عام 1972 كانت مصر هى الدولة الوحيدة التى أعطت المنح الدراسية لأبناء الجنوب ،وكنت أنا شخصيا واحدا ممن إستفادوا من ذلك ،ومصر محظوظة لأن معظم قيادات الحركة الشعبية وحكومة الجنوب الآن هم من خريجى جامعاتها ،وهؤلاء القيادات استطاعوا التأثير فى تبنى الحركة لإقامة علاقات طيبة مع مصر،منذ عام 1985 وحتى الآن ،وسيكون لنا علاقات خاصة مع مصر التى نكن إحتراما خاصا لشعبها وقيادتها ،فقد قدموا لشعب الجنوب أشياء لايمكن نسيانها ،وسنسعى لعلاقات ممتازة ومتميزة مع مصر ،لانها دولة مهمة نتمنى لها كل خير ،وسنرد لها الجميل ،ولن تكون قضية مياه النيل مشكلة على الإطلاق ،حيث سنتقتسم حصتنا من المياه مع شمال السودان ،وسنسعى للقيام بدور إيجابى لتعزيز العلاقات بين مصر ودول المنبع فى حوض النيل ،الذين تربطنا بهم جميعا علاات طيبة سنستثمرها فى هذا الخصوص .

إسرائيليون يحتفلون على ضفاف النيل بانفصال السودان

إسرائيليون يحتفلون على ضفاف النيل بانفصال السودان



 

   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
2011/1/23 الساعة 14:15 بتوقيت مكّة المكرّمة
  



أبرزت صحيفة الأهرام اليوم السودانية تقرير منشور على صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، لمحررة الشئون العربية بالصحيفة كتبته من جوبا، أوضحت فيه احتفال الإسرائيليين بانفصال السودان على ضفاف النيل، وعرضت حواراً مع

أحد هؤلاء وهو الملياردير الأيرلندى "دان إيبو" خلال الحفل الذى حضرته.

وأكد "إيبو" لها أنه يأمل فى أن يجد الكثير من الاستثمارات المفيدة له مع الانفصال المقبل للجنوب السودانى، خاصة فى ظل الإمكانات المتميزة التى يتمتع بها الجنوب السودانى من موارد بترول ومياه وموارد طاقة.


وأنهت هيرمان ما سمته رسالتها الأولى من الجنوب بتأكيد أن الإعلان عن دولة الجنوب لا يعنى بأى حال من الأحوال الاستغناء عن دولة الشمال، موضحةً أن الإمكانات السياسية أو الاقتصادية أو حتى العسكرية للجنوب لا تؤهله للاعتماد ذاتياً على نفسه، ولا بديل عن الاعتماد على الشمال.

النيل الأزرق تطالب بحكم ذاتي..مسؤول رفيع يحذر من تفتيت السودان إلى دويلات.

النيل الأزرق تطالب بحكم ذاتي..مسؤول رفيع يحذر من تفتيت السودان إلى دويلات.. نائب الوالي : لدينا  21 ألف مقاتل من أبناء النيل الأزرق في الجيش الشعبي ويجب الوصول لاتفاق ترتيبات أمنية جديدةطالب آلاف السكان من ولاية النيل الأزرق المتاخمة للحدود مع إثيوبيا وجنوب السودان بالحكم الذاتي خلال عملية مشورة شعبية انطلقت هذا الأسبوع، وتتبع الولاية في السابق لمتمردي الجيش الشعبي الجنوبي، وتحدد المشورة الشعبية رأي السكان هناك في اتفاق السلام؛ إن كان مرضيا لهم بعد التأكد من تحقيق مطالبهم في التنمية ومشاركتهم في الحكم والانتخابات، لكن المشورة الشعبية لا تصل إلى حد استفتاء تقرير المصير، والمطالبة بالانفصال، أو الانضمام إلى جنوب السودان مثلما هو الوضع في منطقة أبيي الغنية بالنفط، لكن المشورة الشعبية منحت السكان حق التعبير عن رأيهم ورفع ذلك للمجلس التشريعي والسلطة التنفيذية للتفاوض مع الخرطوم، وفي حال الاتفاق على رأي سيدخل قادة المنطقة في مفاوضات مع الحكومة السودانية للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى تعديلات جديدة أو إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، وعلمت «الشرق الأوسط» أن والي الولاية ونائب رئيس الحركة الشعبية، مالك عقار، دعا إلى منح ولايته الحكم الذاتي خلال تعبئته استمارته الخاصة بالمشورة الشعبية، وطالب بالمزيد من السلطة والثروة، وترتيبات أمنية مطمئنة، وقال المستشار الإعلامي في الولاية، عبد المنعم رحمة، لـ«الشرق الأوسط»: «يتطلع الناس هنا إلى المساواة والمشاركة الفاعلة في حكم الدولة وحكم ذاتي للإقليم»، وحذر من عدم إشراك أبناء الولاية في السلطة المركزية، لتفادي تفتيت السودان إلى دويلات، بينما أكد نائب والي الولاية، مأمون حماد، وجود 21 ألف مقاتل من أبناء النيل الأزرق في الجيش الشعبي، داعيا إلى الوصول لاتفاق ترتيبات أمنية جديدة.

الخرطوم: فايز الشيخ

الشرق الاوسط

بعد الحرائق الأخيرة..سكر سنار .. ماذا وراء الأكمة ؟

بعد الحرائق الأخيرة..سكر سنار .. ماذا وراء الأكمة ؟ ماذا يحدث في مصنع سكر سنار ؟سؤال تبادر الى أذهان مواطني سنار عقب الحريق الذي تعرضت له مساحات مقدرة من محصول قصب السكر ..الاحاديث انطلقت هنا وهناك مشيرة الى ان المزارعين الذين دخلوا في شراكة مع المصنع ناغمين على بنود الشراكة التي وصفوها بالمجحفة ،في وقت لا يخفي فيه العاملون غضبهم بسبب الاجراءات المالية لإدارة المصنع ،كما لم تنل القرى المحيطة بالمشروع حظها من التنمية في إطار مايسمى بمال الخدمات .
وفقا لمدير مصنع سنار المهندس محمد محمود عبادي فان الأراضى التى تمت إضافتها للمزرعة مؤخرا والتي تقدر بحوالى (5100) فدان جاءت كشراكة بين المزارع والإدارة تحكمها لائحة علاقة الإنتاج وهى صورة من شراكة مزارعى مصنع سكر الجنيد و سوف تطبق بكل التفاصيل على هذه الشراكة وتحت قانون الشراكة للعام 2005م وقد تمت استزراع المساحة لتدخل موسم إنتاج العام 2011م -2012م مع الإستمرار فى إضافة دورة للمزارعين لتكون إضافة للمساحة السابقة وتدخل موسم 2012م- 2013م
الحريق الذي تعرضت له مزرعة قصب سكر سنار يتوقع له ان يؤثر على العملية الانتاجية على الربط المقرر في الانتاج لتاتي زيارة وزير الصناعة الاخيرة للمصنع لرفع الروح المعنوية وتفقد خطوط الإنتاج وتشجيع العاملين لتحقيق الربط وقد رفعت الزيارة من روح العاملين ودفعت بعجـلة الإستمرار فى العمل .
الأسباب التي كانت وراء الحريق لا تزال مجهولة ولا تتهم ادارة المصنع شخص بعينه علي حد مدير شركة سكر سنار الذي ذهب الي ان التحقيق مازال مستمراً إلى أن يتم القبض على من تسبب فى الحريق ليجد حظه من العقاب ، أما المزرعة فهى تقدر بحوالى 485 فدان والإنتاج ب 20 الف طن من السكر الحريق ليس الاول من نوعه غير انه يبدو منظما وقد تكون وراءه دوافع ، اما الجبهة الثورية لإبناء الإقليم الأوسط التي اعلنت مسئوليتها عن الحدث فينفي مدير سكر سنار معرفتهم بهذا الجسم ولاندرى من أين هو اذ انها المرة الاولى التي يسمعون به .
وحول الإضراب الذي تم وسط العاملين من بعض الجهات فترى ادارة سكر سنار انها هى ذات السياسات المالية السابقة التي تنتهجها الشركة السودانية للسكر .
وحول الغبن الذي اصاب أهل المنطقة بسبب التعيينات الاخيرة للعمالة تشير الادارة الى انها قامت بإكمال النقص حسب الخانات الشاغرة ولقد تم تعيين عدد كبير من أبناء المنطقة الذين يشكلون غالبية الذين تم تعيينهم ..
لجنة أمن الولاية برئاسة والى سنار إجتمعت بإدارة المصنع و تتضافر الجهود الرسمية والشعبية والرسمية لوقف الظاهرة الدخيلة على المصنع .
والي سنار أدان وإستنكر الحريق وأكد سلامة الأحوال الأمنية فى الولايه كما أدانت الشركة الاحداث
ادارة سكر سنار تنفي الاتهام بشأن عدم دعم قرى المنطقة اذ اكدت على لسان مدير المصنع ان الشركة قدمت في العام 2009م و2010م دعما سخيا في مجالات التعليم والصحة والمياه والكهرباء كما تم ربط القرى داخل المشروع بشوارع ترابية وقد بلغت المساهمات للعام 2009 (772,751,95).جنيه وبلغت في العام 2010م (263.270.0) جنيه ..

سنار :مبارك عبد القادر محمد أحمد:

الصحافة

سننقل القتال ضد الحكومة إلي المدن الكبرى..العدل والمساواة :

سننقل القتال ضد الحكومة إلي المدن الكبرى..العدل والمساواة : لم نشارك في معركة طريق نيالا الفاشر.. ولم نقتل للحكومة أحدا.. على الحكومة أن تبحث جيدا عن الذي قام بهذه العملية ضدها. صباح موسى

نفت حركة العدل والمساواة المتمردة بدارفور مشاركتها في المعركة التي دارت بين القوات المسلحة السودانية وقوات " مني أركو مناوي" أول أمس والتي راح ضحيتها 21 قتيلا حسب ما أعلنته القوات المسلحة السودانية.

وأكد " جبريل آدم بلال" الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة أن حركته لم يكن لديها قوة مشتركة في الكمين الذي حدث للقوات الحكومية على طريق نيالا الفاشر,وأنها لم تدخل في معركة مع القوات الحكومية منذ 3 أيام. وقال بلال في اتصال هاتفي من الدوحة لـ " أفريقيا اليوم" لم نقتل للحكومة أحدا, ولا نعرف من الذين قتلوا في هذه المعركة, مضيفا أنه على الحكومة أن تبحث جيدا عن الذي قام بهذه العملية ضدها.

من ناحية أخري أدانت العدل والمساواة قيام القوات الحكومية باستخدام القوة ضد المظاهرة التي قام بها طلاب من المدارس الثانوية بمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور أول أمس. وقال " بلال" إن ضباط الاحتياطي المركزي أطلقوا النار على المظاهرة, مما أدى إلى مقتل اثنين وجرح عدد من الطلاب, , مؤكدا أن ثورة شعب دارفور ستكون محمية بالسلاح, متهما الحكومة بقتل المدنيين والطلاب, وقال أن هذا الأمر سيضطرنا في العدل والمساواة إلى الدخول إلى المدن الكبرى دفاعا عن المواطنين, وتوعد " بلال" الحكومة بأنها سوف تدفع الثمن غاليا في الأيام القليلة القادمة سواء في الأراضي المحررة أو في عقر دارها, مؤكدا أن العدل والمساواة لم تقاتل الحكومة في الأطراف بعد ذلك, وأنها ستنقل المعارك داخل المدن الكبرى.

وكانت القوات المسلحة السودانية قد أعلنت أول أمس في بيان لها أنها كبدت قوات العدل والمساواة ومني أركو مناوي خسائر فادحة في معركة منواشي وكدينر على طريق نيالا الفاشر, وقلت إن المعركة أسفرت عن 21 قتيلا.

وبشأن ما نشره المركز السوداني للخدمات الصحفية من أن هناك خلافات بين القيادات السياسية والعسكرية للعدل والمساواة في الميدان, الأمر الذي أدى إلى ضعف الروح المعنوية وتسرب الجنود ، رد الأمين السياسي للحركة نافيا صحة هذا الحديث ، وقال أن هذا الكلام عار من الصحة, مضيفا أن الحكومة تريد أن تضلل الرأي العام بأن هناك خلافات داخل الحركة, لأنها لديها معلومات مؤكدة أن العدل والمساواة تخطط هذا الأيام لضربة قاسية للحكومة, مبينا أنه في هذا الصدد قابلت الحركة ناظر عموم قبيلة الرزيقات بالخرطوم, وعددا كبيرا من الرزيقات, وقبيلة المعاليا, والمسيرية, ومن القبائل العربية عموما, ومن أبناء جبال النوبة, وشرق السودان, كما انضمت للحركة في الأيام القليلة الماضية حركة الإقليم الأوسط, معتبرا أن ما تفعله الحكومة ينم عن حالة إحباط بداخلها.

وأوضح أن وصف " علي وافي" بأنه نائب القائد العام للحركة ليس صحيحا مشيرا إلي أن الجنرال " وافي" هو قائد قطاع في العدل والمساواة, وهو قائد ركن في هيئة أركان القيادة العسكرية بالحركة, ويمثل الناطق الرسمي باسم قوات الحركة, ونائب أمين الإعلام بها, مؤكدا أن وافي ومحموعة القائد العام بالحركة يعملون جنبا إلى جنب في تنسيق تام, مضيفا أن كل منهم في قيادات متحركة, وينفذون تعليمات " د. خليل إبراهيم" وليس هناك أي خلاف بينهم.

افريقيا اليوم

حل الحكومة فور إعلان الانفصال ..البشير يبدأ مشاورات لتشكيل حكومة موسعة..حزب البشير يعرض للاتحادي المشاركة بمستشار رئاسي وثلاثة وزراء

حل الحكومة فور إعلان الانفصال ..البشير يبدأ مشاورات لتشكيل حكومة موسعة..حزب البشير يعرض للاتحادي المشاركة بمستشار رئاسي وثلاثة وزراء  علمت «الصحافة،» أن الرئيس عمر البشير سيحل حكومته فور إعلان نتيجة الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان التي يتجه للانفصال بغالبية كبيرة، وبدأ البشير في إجراء مشاورات لتشكيل حكومة موسعة «ذات قاعدة عريضة»،بينما أقرت لجنة كلفتها قيادة الدولة بإعادة هيكلة الدولة تقليص الجهاز التنفيذي ومراجعة الهيئات والمؤسسات وإجراء تغييرات جذرية فيها.

وقالت مصادر مطلعة لـ «الصحافة» إن اللجنة المكلفة بإعادة هيكلة الدولة أوصت بتقليص عدد الوزارات الاتحادية من 34 وزارة إلى 18-20 وزارة، بدمج بعض الوزارات وإلغاء أخرى، وتقليص عدد وزراء الدولة من نحو أربعين إلى عدد محدود،ويتجه قادة الحكم إلى تغييرات واسعة في مجلس الوزراء ومراجعة شاملة في المؤسسات والهيئات العامة.


وذكرت أن حزب المؤتمر الوطني شرع في اتصالات مع الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» برئاسة محمد عثمان الميرغني،وعرض عليه الاتفاق على برنامج وطني والمشاركة في حكومة موسعة بمستشار رئاسي وثلاثة وزراء ،لكن مسؤولا كبيرا في الحزب نفى أن يكون الحزب الحاكم عرض عليهم وزارات،وقال لـ «الصحافة» إن الأولوية لديهم ستكون البرنامج الوطني قبل المناصب الدستورية.

إلى ذلك بحث الرئيس عمر البشير مساء أمس، مع رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي وعدد من قيادات الحزب، القضايا السياسية الراهنة خاصة الأجندة التي رفعها الحزب وكيفية إدارة الحوارالسياسي حولها.
وقال رئيس حزب الأمة القومي إن اللقاء ركز على أهمية وحدة الصف وتعزيز فرص السلام والاستقرار ،مشيراً إلى أن حزب الأمة تقدم بطرح رؤيته حول الأجندة الوطنية على المؤتمر الوطني والقضايا المهمة التي تشهدها الساحة السياسية السودانية ،وتوقع المهدي ان يوافق الرئيس البشير على الاجندة الوطنية التي طرحها،مشيداً بالروح الايجابية التي سادت اللقاء،واكد ان البشير وعد بدراسة الطرح والرد عليه،ودعا المهدي الى حوار لايستثني احداً.
من ناحيته، كشف مساعد رئيس الجمهورية،نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع ،عن تشكيل لجنة مشتركة بين المؤتمر الوطني وحزب الامة لدراسة مقترحات حزب الامة، وقال ان الطرفين اتفقا على مواصلة الحوار بين الحزبين،مؤكداً ان حزبه سيبادل حزب الامة الجدية التي طرح بها مقترحاته، مشيراً الى ان الطرفين سيعملان على تكوين آلية مشتركة للتنفيذ، وقال ان اللجنة المشتركة سترفع نتائج لقاءاتها الى قيادة الحزبين عقب الفراغ من دراسة المسائل المطروحة.

الصحافة

خبراء قانون ينصحون البشير بإقالة نائبه الأول سلفاكير ووزراء الجنوب في مجلس الوزراء وأعضاء البرلمان وحل المحكمة الدستورية ومفوضية الانتخابات..

خبراء قانون ينصحون البشير بإقالة نائبه الأول سلفاكير ووزراء الجنوب في مجلس الوزراء وأعضاء البرلمان وحل المحكمة الدستورية ومفوضية الانتخابات.. الخرطوم - النور أحمد النور

اقترب اكتمال فرز أصوات الناخبين في الاستفتاء على تقرير مصير إقليم الجنوب، وأظهرت النتائج الأولية أن إقليم الجنوب أوشك أن يصبح دولة مستقلة، وشرعت القيادة الجنوبية في مشاورات لتشكيل حكومة انتقالية تستمر حتى إعلان الدولة الوليدة رسمياً في تموز (يوليو) المقبل، كما شرع الرئيس عمر البشير في اتصالات لتشكيل حكومة موسعة في الشمال عقب إعلان نتيجة الاستفتاء مباشرة.


وأظهرت النتائج الأولية لعمليات الفرز الخاصة بالاستفتاء على مصير جنوب السودان تأييد 98.6 في المئة من المقترعين الانفصال وتشكيل دولة مستقلة عن الخرطوم، بينما اقتصرت نسبة التأييد للوحدة على 1.4 في المئة، وذلك بعد فرز غالبية الأصوات، وفق مفوضية استفتاء جنوب السودان المشرفة على العملية.


وقال وزير العدل محمد بشارة دوسة إن عضوية الجنوبيين في البرلمان الاتحادي ستسقط عقب إعلان انفصال جنوب السودان، مشيراً إلى أن مشاركة الجنوبيين ستستمر في مؤسسات الدولة الأخرى.


وذكر أن الحكومة العريضة التي طرحها البشير أخيراً لا تشمل استيعاب المعارضة في مقاعد البرلمان التي سيخليها النواب الجنوبيون حال الانفصال، ولمح إلى إمكان تقليص مقاعد البرلمان عبر تعديل مادة دستورية متعلقة بعدد عضويته، أو تكملة النقص بإجراء انتخابات تشرف عليها مفوضية الانتخابات في الدوائر الشمالية التي كان يمثلها نواب جنوبيون.


وأشار إلى حتمية تعديل الدستور عقب انقضاء الفترة الانتقالية المنتهية في التاسع من تموز (يوليو) المقبل مباشرة، أو بعد شهر، بمشاركة القوى السياسية. وقال: «ليس هناك نص دستوري واضح في شأن الوزراء الجنوبيين كما هو بالنسبة للبرلمانيين، لذلك فإن الأمر شأن سياسي متروك للرئيس البشير، لأن الوزارات تنشأ بمرسوم رئاسي وليس بنص دستوري»، لافتاً إلى أن وضع النائب الأول للرئيس سلفاكير ميارديت متروك إلى تقدير البشير، مؤكداً أن ليس ثمة نص دستوري يحتكم إليه في شأن سلفاكير.


وعلم أن خبراء قانون نصحوا البشير بإقالة نائبه الأول سلفاكير ووزراء الجنوب في مجلس الوزراء وأعضاء البرلمان وحل المحكمة الدستورية ومفوضية الانتخابات فور إعلان نتيجة الاستفتاء باعتبار أن استمرار سلفاكير في منصبه يقيّد سلطات الرئيس في اتخاذ قرارات مهمة يقتضي الدستور الانتقالي مشاورته فيها مثل إعلان حال الطوارئ.


وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» إن حزب «المؤتمر الوطني» بزعامة البشير بدأ في إجراء اتصالات مع قوى سياسية لتشكيل حكومة موسعة عقب إعلان نتائج الاستفتاء تستوعب قوى سياسية أخرى. ويركّز الحزب الحاكم على الحزب الاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني. وكانت قوى المعارضة الشمالية طالبت بحكومة انتقالية عقب انفصال الجنوب لإعادة هيكلة الدولة وصوغ دستور جديد للبلاد.


في غضون ذلك، حذّر عدد من قادة الأحزاب السياسية في الجنوب من انفراد «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بالسلطة في الإقليم، في حال انفصاله عن الشمال.


وقال الأمين العام لحزب «جبهة الإنقاذ الديموقراطية»، ديفيد بيل، إن أي نكوص عن مقررات مؤتمر الحوار الجنوبي - الجنوبي الأخير في جوبا سيكون عاملاً أساسياً لعدم الاستقرار السياسي في الجنوب.


وأعرب رئيس حزب «الجبهة الديموقراطية المتحدة»، بيتر عبدالرحمن سولي، عن تفاؤله بتشكيل حكومة انتقالية ذات قاعدة عريضة في الجنوب في حال انفصاله عن الشمال، مشيراً إلى أنه يتوقع من «الحركة الشعبية» الوفاء بوعدها بحكم المسؤولية التاريخية.


وكان مؤتمر الحوار الجنوبي - الجنوبي الذي عقد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في مدينة جوبا أوصى بحكومة انتقالية تضم كل الأحزاب في الجنوب تمهد لإجراء انتخابات ومراجعة الوضع الدستوري للإقليم إذا جاءت نتيجة الاستفتاء لمصلحة الانفصال عن الشمال.


وأفيد بأن سلفاكير لا يرغب في تشكيل حكومة انتقالية عقب اعلان نتائج الاستفتاء الشهر المقبل ويسعى إلى حكومة موسعة عقب ولادة الدولة الجديدة، الأمر الذي ترفضه قوى جنوبية.


ودعا مستشار رئيس حكومة جنوب السودان جوزيف لاغو إلى تسمية الدولة الجديدة المحتملة باسم «جنوب السودان»، مطالباً باعتماد ما وصفها بـ «سياسة توازن القوى» بين طرفي السودان.


وقال لاغو في مؤتمر صحافي في جوبا إن تسمية الدولة الجديدة بالجنوب ستجعل الباب موارباً لأي وحدة محتملة مع الشمال مستقبلاً، مشيراً إلى أن سياسة توازن القوى تساهم في الاستقرار والسلام، مشدداً على ضرورة منح شعور الانتماء لكل مواطن.


دار الحياة

نافع وخدود الحكومة ...ما لا يعلمه نافع ومايدور هنا في واشنطن

نافع وخدود الحكومة ...ما لا يعلمه نافع ومايدور هنا في واشنطن حذر السيد نافع على نافع من أن السلطات " لن تدير خدها الأيمن إذا ما صفعت على خدها الأيسر"،وأضاف "البادي اظلم والبشاكل مابقول عورتني"
وذلك في إشارة لما أعلنت عنه المعارضة عزمها إسقاط الحكومة عبر نضال شعبي وسياسي يتمثل في التظاهرات والندوات والبيانات الخ وهي الوسائل الديمقراطية المشروعة التي يفترض أنها لا تشكل استفزازا للحكومة إذا كانت مقتنعة فعلا بقضية الديمقراطية ،والتي تعتبر في نفس الوقت اختبارا لمدى جديتها في التزامها المتكرر باحترام الحريات خوفا من عيون الخارج المفتوحة.

ورغم أن خدود الحكومة عزيزة جدا على السيد نافع لدرجة أنه يعتبر ان مطالبة المواطنين بحقوقهم في تعديل الدستور أو كفالة الحريات العامة وإدانة الاعتقالات وخفض الأسعار إساءة للحكومة يقتضي منها رد الصاع صاعين ،فإن خدود المواطنين أيضا عزيزة عليهم ، رغم أنها ليست ندية أو ممتلئة أو وردية كخدود الحكومة .


ولكن كيف ينكر السيد نافع على المعارضة حقها الذي وصفه بالصفعة على خد الحكومة ويقبل في نفس الوقت ما تتعرض له خدود ها الندية من صفعات خارجية و " جضيم " باستمرار من قبل الإدارة الأميركية دون أدنى اعتراض وهو الاستهداف الأولى بعنتريات المواجهة ونظرية الضراع ، بدلا من لغة التهديد والوعيد لمعارضين عزل .


وأي صفعات وانتهاك أكثر من صولات وجولات المبعوثين الدوليين والأميركيين وتدخلهم حتى في الوجبات التي يتناولها قادة الحزب الحاكم ومن بينهم صاحب نظرية " الضراع " وأي عنتريات بعد اقتطاع ثلث تراب الوطن في وضح النهار بحماية أميركية وغربية في ظل حكومة كل همها أن ترضى عنها واشنطن بعد إكمال عملية الانفصال بأقل ثمن .


ولوكانت أجهزة الأمن وأدوات القمع التي ينذر ويتوعد بها صقور الحزب الحاكم خصومهم السياسيين تنفع أو تحمي حاكما لا يقيم وزنا لشعبه ولا يرى غير نفسه لكانت الأقدر على حماية " بن علي " الذي لم يسعفه الزمن حتى للملمة حاجاته الخاصة.

خاطب السيد نافع المعارضة قائلا " الداير يقلع الحكومة لابد يكون عنده ضراع قوي" - فليجربوا ضراعنا. وهي دعوة صريحة للفوضى والعنف لا ينبغي ان تصدر من مسؤول .

لكن استفزاز المعارضة العزلاء المتواصل وإدعاء القدرات القمعية لترهيب المواطنين والتلويح بسياسات العضلات والضراع ولحس الكوع وكل مفردات ثقافة العنف لا ينسجم في الواقع مع الإذعان المستمر من قبل الحكومة لإرادة الإدارة الأميركية لنيل رضاء واشنطن ،رغم الشروط التي تفرضها واشنطن في كل يوم وآخرها ماكشف عنه كبير مستشاري وزارة الخارجية الأمريكية في المفاوضات ما بين الشمال والجنوب، السفير برنستون ليمان حول ما جاء في الخطاب الذي أرسله الرئيس الأمريكي، باراك أوباما لحكومة الخرطوم عبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، السيناتور جون كيري،,والذي اشترط فيه أوباما تسهيل الحكومة لمهمة الانفصال والاعتراف به لتنال الرضا بالقول: "أرسل الرئيس أوباما رسالة مكتوبة للحكومة السودانية عبر السيناتور جون كيري عبارة عن خارطة طريق لتطبيع العلاقات مع الشمال، تبدأ باعتراف حكومته باستقلال الجنوب في حالة تصويت الجنوبيين للاستقلال".


وليمان قال أيضا في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس حين أوضح للكونغرس خارطة تطبيع العلاقات مع الخرطوم ً: "أحب أن اطمئن أعضاء الكونغرس بأنّ خارطة الطريق لتطبيع العلاقات تعتمد على "أفعال" الخرطوم وليس أقوالها". واستطرد: "بعد اعتراف الحكومة في الشمال بنتيجة الاستفتاء سنتحرك لرفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب لكن هذا الأمر لن يتم قبل حل القضايا العالقة مثل البترول، الحدود، الجنسية، المياه، قضية أبيي وحل الأزمة في دارفور، بعد حل هذه القضايا سنعود لكم في الكونغرس لإطلاعكم على هذه القضايا ".


لكن ما لا يعلمه نافع ومايدور هنا في واشنطن أنه بعد تنفيذ الحكومة لكل هذه الشروط بما يضمن مصالح الجنوب المستقبلية ستأتي قضية الديمقراطية مجددا واحترام حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية كشرط أساسي للتطبيع ونيل الرضا بحجة تحقيق الاستقرار في بلد متعدد خاصة وأن الإدارة الأميركية تقاضت في السابق عن الممارسات التي صحبت عملية الانتخابات " بمزاجها " لحرصها على بقاء الحكومة لتنفيذ متطلبات تقرير المصير ونتائجه المطلوبة ، وحينها سيراجع صقور المؤتمر الوطني عباراتهم وقد تبدو أكثر عقلانية ورومانسية تجاه معارضيهم لفاعلية الدواء الأميركي حيث لا ضراع إلا ضراع واشنطن .


إن ما نرغب فيه فقط من الحكام ذوي العضلات والأضرعة ودعاة القهر أن يتأملوا فقط في نهايات من سبقوهم في هذا المجال وأن لا تأخذهم العزة بالإثم وأن يستذكر كل من لهم أضرعة ممتلئة وألسة حداد ، قول الرسول الكريم "ليس منا من لم يحترم صغيرنا ويوقر كبيرنا " وقوله "ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء" وهي بالطبع أحاديث صحيحة ليست من إدعاءات المعارضة أولى بالمسلمين إتباعها .


وآخر القول "قد يتحمل السودانيون الجوع لكنهم قد لا يتحملوا الإساءة والاهانة فهل نأمل في حياة سياسية محترمة وحكام متواضعين أمام شعوبهم .



حسن احمد الحسن /واشنطن

elhassanmedia@yahoo.com

بيان من حزب الأمة القومي بخصوص اللقاء الأخير مع حزب البشير

بيان من حزب الأمة القومي بخصوص اللقاء الأخير مع حزب البشير بسم الله الرحمن الرحيم.

بيان من الأمة القومي بخصوص اللقاء الأخير بالوطني

حزب الأمة القومي

الأمانة العامة
بيان توضيحي

في إطار التعبئة العامة وتوسيع دائرة الإحاطة والعلم بالأجندة الوطنية وتمكيناً للقيادة من تحديد موقف سياسي يؤسس لبلوغ الإجماع الوطني والذي يهدف لجميع القوى السياسية السودانية على موقف وطني واحد لا يعزل ولا يستثني أحداً وذلك بهدف الوصول إلى جبهة داخلية متحدة ومتراضية لمواجهة المخاطر والمهددات التي تحدق بالوطن.
بناءً على دعوة من السيد رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني إلتقى وفد من حزب الأمة القومي بقيادة الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس الحزب والبروفيسور الشيخ محجوب جعفر رئيس المؤتمر العام والحبيب الأستاذ على قيلوب رئيس الهيئة المركزية والأستاذة سارة نقد الله رئيسة المكتب السياسي والحبيب صديق محمد إسماعيل الأمين العام بوفد من المؤتمر الوطني ضم إلى جانب السيد رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني كل من الدكتور نافع على نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب والبروفيسور إبراهيم أحمد عمر الأمين العام الأسبق للمؤتمر الوطني وعضو المكتب القيادي والدكتور مصطفى عثمان إسماعيل رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني.
وقد استعرض الحبيب الإمام الأجندات الوطنية المعلقة من قبل حزب الأمة القومي والتي أمنت عليها القوى السياسية في المعارضة وقد أبدى المؤتمر الوطني قبوله واستعداده للتفاكر حولها مع حزب الأمة القومي لخلق أرضية مشتركة تؤسس لتوسعة دائرة الحوار حولها من قبل كل القوى السياسية السودنية لتهيئة المناخ المناسب والمطلوب لذلك وقد اتفق الطرفان على تكوين آلية لرفع ما يتم الإتفاق عليه للرئاستين في لقاء مشترك لاعتمادها والإتفاق على آلية التنفيذ المطلوبة.
يؤكد حزب الأمة القومي مواصلته للتعبئة الجماهيرية لمناصرة الأجندة الوطنية وطرقه لكل الأبواب لإيجاد ومعالجة جماعية وجادة للأزمة الوطنية وإزالة المخاطر والمهددات التي تحدق به وسيتوج ذلك بلقاء جماهيري حاشد بساحة مسجد خليفة المهدي أمسية الأربعاء الموافق 26 يناير الجاري.
الله أكبر ولله الحمد
الأمانة العامة

أم درمان في 23 يناير 2011م


لقاء قيادة حزب الأمة وحزب البشير بقصر الضيافة

لقاء قيادة حزب الأمة وحزب البشير بقصر الضيافة..نافع على نافع : كوّنا لجنة مشتركة للتحاور بصورة جادة وعميقة وسيكون الحوار ثنائياً.. طالع بيان من حزب الأمة - وشاهد الصور -الخرطوم (سونا) - بحث المشير عمر البشير رئيس الجمهورية مساء امس بقصر ببيت الضياقة مع السيد الصادق المهدى رئيس  حزب الامة ورقة الاجندة الوطنية التى سبق ان تقدم بها حزب الامة و ذلك بحضور الدكتور نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية والدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية

وفى تصريحات صحفية عقب اللقاء اكد الدكتور نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية ان اللقاء تم بدعوة من رئيس الجمهورية مبيناً ان حزب الامة سبق له ان تقدم بورقة عن الاجندة الوطنية فكانت الدعوة من رئيس الجمهورية لقيادات حزب الامة للتباحث حول محتوي الورقة


واضاف نافع ان الاجتماع اكد على تكوين لجنة مشتركة بين المؤتمر الوطنى وحزب الامة القومى للتحاور بصورة جادة وعميقة وفى مدى زمنى لايتطاول موضحاً انه سيتم بعد ذلك رفع ماتم الاتفاق عليه لقيادة الحزبين ليتم تكوين الية لتنفيذ الاتفاق


واكد د.نافع على نافع ان حزب المؤتمر الوطنى يبادل جدية حزب الامة بجدية اكبر مبيناً انه فى هذه المرحلة من الحوار سيكون حواراً ثنائياً بين الحزبين


ومن جانبه اكد السيد الصادق المهدى رئيس حزب الامة القومى ان اللقاء هدف للتعرف على رؤى المؤتمر الوطنى حول ورقة الاجندة الوطنية التى تقدم بها حزب الامة موضحاً ان السودان بحاجة لاتفاق لايجاد مخرج سلمى للقضايا التى تمر بها البلاد


واضاف الصادق المهدى ان البلاد بحاجة لدستور جديد وعلاقات جديدة مع دولة الجنوب المرتقبة وحل اساس لقضية دارفور والحريات والتعامل مع الاسرة الدولية مع ايجاد الية قومية لتنفيذ ذلك


واكد الصادق المهدى ان لقائه برئيس الجمهورية اتسم بروح طيبة و ودية معرباً عن امله ان تشهد المرحلة القادمة توافق حول هذه القضايا بعد دراستها بالمستوى المطلوب داعياً لعلاقات ايجابية مع دولة الجنوب المرتقبة

كاريكاتير - سودانايل


حامد عطا حامد فضل الله
hamedata@emirates.net.ae

كاريكاتير
سودانايل

الولايات السودانية الفيدرالية: دولة واحدة بنُظُم متعددة -3- .. بقلم: مهدي إسماعيل مهدي/بريتوريا

(من أجل: الخروج من أزمة المناطق الثلاث وشرنقة الجهوية والعنصرية)


توصلنا في المقالين السابقين إلى:
mahdica2001@yahoo.com
-    أن جذور النزاعات في السودان تعود أساساً إلى التخلف الإقتصادي نتيجة جمود وسائل وعلاقات الإنتاج (والتي دائماً ما تتفاعل مع عوامل تعدد الهويات فيصعب التمييز بين السبب والنتيجة).
-    إن "حزام الخير والموارد" الممتد من أم دافوق غرباً إلى الفشقة شرقًا والذي تحول إلى "قوس أزمات مشدود"، يُمثل سُرة وحدة السودان (مُسمار النص) وفي ذات الوقت قد يكون مسرح حروبه القادمة (إعتماداً على الطريقة التي يُدار بها النزاع ونهج ومفهوم التنمية).
-    أدى سقوط "المشروع الحضاري" وتقهقر الحركة الشعبية عن نقيضه "مشروع السودان الجديد"، إلى فراغ فكري وبلبال على مستوى القيادة مما قاد بدوره إلى الإحباط على مستوى القاعدة.
-    أن مشروع السودان الجديد لا يزال صالحأ كمشروع وطني لبناء الدولة السودانية، ولكن بشرط تطويره وسد ثغراته (دون مُكابرة) التي اتضحت بجلاء خلال فترة التطبيق؛
-    كذلك زعُمنا بأن الجبهة الوطنية العريضة هي الوعاء التنظيمي الأمثل للقوى الوطنية المُستنيرة، وأن الولايات السودانية الفيدرالية (المتحدة) هي النظام الديمقراطي الأقدر على الحفاظ على وحدة السودان وفي ذات الوقت إحترام تنوع منابته وثقافاته والتعبير عنها.
-    كما خلُصنا إلى أن حصاد حقل إتفاقية نيفاشا لا يشابه حساب بندرها، واستعرضنا بعض المحاور الأساسية (المداميك) التي قامت عليها الإتفاقية (دولة واحدة بنظامين، قسمة السُلطة، والمشاركة في الثروة) ونستكمل في هذه الحلقة إستعراض بقية المحاور:
  

 ماهي المشورة الشعبية؟.
إن المشورة الشعبية، وبإختصار شديد، تعني سؤال أعضاء البرلمان المحلي المُنتخب لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق (وليس عامة الشعب) عن رأيهم في إتفاقية السلام الشامل وهل لبت تطلعات شعوب الولايتين أم لا؟، فإذا كانت إجابة النواب البرمانيين بـ نعم، يعتبر الموضوع مُنتهياً، أما إذا كانت الإجابة بـ لا، فُيرفع الأمر لرئاسة الجمهورية لإجراء المُعالجات اللازمة. فبالله عليكم هل يوجد في الدُنيا إتفاق أكثر هُلامية وضبابية من هذا؟؟.
والغريب والمُدهش في الأمر، أن كُل الأطراف المعنية (أي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والقوى الخارجية الفاعلة) مُتفقة على عدم وضوح وفاعلية المشورة الشعبية، كما يرى معظم أبناء وبنات الولايتين أنها لا تُلبي طموحاتهم وتطلعاتهم (ولجهره بهذا الرفض، يقبع تلفون كوكو بسجن جوبا!!)، وحتى في حال تطبيق المشورة كما وردت في متن الإتفاقية، فإن الأغلبية في برلمان ولاية النيل الأزرق تتبع حالياً للمؤتمر الوطني ولذلك فإن النتيجة معروفة سلفاً، وللأسف لن يختلف الحال كثيراً في ولاية جنوب كُردفان (التي لم تُجر فيها الإنتخابات، بل ولم تُعلن نتائج الإحصاء المُعاد. إن الذي زور الإنتخابات والإحصاء السُكاني في عموم السودان ليس عسيراً عليه تزوير إنتخابات ولائية، ومن تلاعب بإتفاقية نيفاشا التي يحرسها المجتمع الدولي بقضه وقضيضه والجيش الشعبي بمدافعه وراجماته ودباباته وطائراته، وعبث بالتحول الديمقراطي وحوله إلى كنكشة ومُلك عضود، غير عسير عليه التلاعب بالمشورة الشعبية التي لا توليها الحركة الشعبية أهمية تُذكر، ولعلنا نلاحظ أن الحركة رفضت رفضاً باتاً تأجيل إستفتاء جنوب السودان ولو لساعة واحدة ولكنها صمتت صمتاً مُريباً عن التلكؤ والمماطلة في أمر المشورة الشعبية (وذلك بالرغم من حشفها وسوء كيلها)، ولسنا هنا بصدد الحديث عن البيع وإتهامات التخوين ولكن واقع الحال يغني عن أي شرح أو تفسير، وما يهمنا في الأمر، أن شعبي جبال النوبة والأنقسنا لم ينالا ما ظلا يُحاربان من أجله، ولهذا طال الزمن أم قصُر سوف تتفجر الثورة والتمرد والعصيان في هذين الإقليمين الللذان لم يُحاربا من أجل مُصطلح هُلامي لن يُغير من واقع الحال شيئاً، ولم تُضح شعوبهما من أجل أن يصبح السيد/ مالك عقار، نصف والي على جنوب النيل الأزرق أو أن يصبح السيد/ عبد العزيز الحلو، ثُلث والي في جنوب كُردفان، ولئن رضي الحلو وعقار بما نالاه من مناصب وجاه، فإن الثورة قادمة لا محالة بهما أو بدونهما، وفي هذا يقول دكتور/ جمعة كونده كومي كالو (جامعة جوبا) في ورقة طرحها خلال مؤتمر مُستقبل السودان الذي نظمته جامعة جنوب إفريقيا في نوفمبر 2009، ونُشرت في:
1)    المشورة الشعبية أو كعب أخيل إتفاقية نيفاشا:
(International Journal of African Renaissance Studies, Volume 5-1. June 2010)
“However, for the Nuba and other marginalized people, the outcome of the CPA and its implementation performance are below political expectations. The CPA failed to address effectively the root causes of their political and armed struggle- particularly the key questions pertaining to their identity, territory and political destiny. (There are new dynamics, strategic positions, and practices emerging in the three areas after and in response to the CPA”.

وفي تقديرنا أنه لا يوجد حل لهذه المُعضلة إلا بتبني خيار الولايات السودانية الفيدرالية-المتحدة (ومن ضمنها ولايتي جبال النوبة وولاية النيل الأزرق وولاية أبيي- أي المناطق الثلاث) وقيام دولة واحدة بنُظُم متعددة.



من عيوب إتفاقية نيفاشا التي لا تخفى على الأعمى، غياب الجماهير ومنظماتها المدنية والسياسية والنقابية عن مفاوضاتها وبالتالي عجز هذه الجماهير عن حماية الإتفاقية، ومن المُلاحظ أن الحركة الشعبية لم تستعن ولم تُشرك ولم تستخدم جماهيرها (عبر المسيرات أو الإعتصامات) في كُل الخلافات التي حدثت بينها وبين شربكها في الحُكم، وإنما تلجأ دائماً إلى الإجتماعات المُغلقة و"الحردان" والصفقات الثُنائية المُريبة (على شاكلة خارطة الطريق والمصفوفة وصفقة ليلة الإنسحاب)، والمرة الوحيدة التي حاولت فيها تسيير مظاهرة شعبية (إحتجاجاً على التلكؤ في إصدار قانون الإستفتاء- 07 ديسمبر 2009) كانت النتيجة كارثة أقرب إلى الفضيحة ولم تسأل الحركة الشعبية نفسها، أين تبخرت الملايين التي إستقبلت جون قرنق بالساحة الخضراء – 08 يوليو 2005!!!، وما السبب في عزوفها؟ وفشل الحركة في المحافظة عليها؟. لا يوجد سبيل لتصحيح هذا خلل غياب البُعد الشعبي، إلا من خلال الجبهة الوطنية الشعبية العريضة التي تضُم كافة فئات ومنظمات الشعب، وبالتالي تكون هذه الجبهة هي الضامن الحقيقي لأي إتفاق أو تعاقد إجتماعي أو تواثق سياسي يتيح الحفاظ على وحدة البلاد وإحترام تنوعها من خلال النظام الفيدرالي والتحول الديمقراطي الحقيقي، فمن شأن توحيد قوى الهامش في جبهة عريضة عزل قوى المركز ومحاصرتها في شريطها أو مثلثها الضيق، وإجبارها على التخلي عن هيمنتها وسيطرتها التي لم تتحقق إلا نتيجة لنجاح حكومة الإنقاذ في شق صفوف وتشتيت قوى الهامش. وينبغي أن يكون واضحاً في الأذهان ودون أدنى لبس أو تشويش أن أُطُر الأحزاب التقليدية لم تعُد تصلح لأن تكون مظلةً لتوحيد المُهمشين والمُستضعفين لتناقض وتضارب المصالح بين القيادة والقاعدة، إذ أن الأولى (قيادات الأحزاب) همها السُلطة بمفهومها النخبوي المتخلف، بينما  الثانية (الجماهير) تتوق إلى العدالة والمساواة والإنعتاق من ثالوث الفقر والجهل والمرض.

ظلت كافة التنظيمات السياسية والعسكرية في دارفور وكردفان وجبال النوبة والنيل الأزرق والشرق- منذ بروز جبهة سوني وجبهة نهضة دارفور ومؤتمر البجا وإتحاد عام جبال النوبة في الستينيات من القرن الماضي وحتى قيام الحزب الفيدرالي (دريج) والحزب القومي السوداني (فيليب غبوش) وجبهة الشرق وتنظيم الأسود الحُرة، وتجمع كُردفان للتنمية وحركة التحرير والعدالة (التي تشكلت حديثاً)، مروراً بحركة العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان وغيرها من التنظيمات العسكرية والمدنية، تدعي وتزعم بأنها تنظيمات قومية تسعى إلى علاج أزمة الحُكم في السودان قاطبة، ولكن يظل هذا الزعم مجرد إدعاء لفظي (Lip Service) لا تسنده معطيات الواقع المُعاش، الذي يقول بأن كافة هذه الحركات "بما فيها الحركة الشعبية وحركات دارفور على إطلاقها"، لا تستطيع ومهما صكت في برامجها وأطروحاتها النظرية من تغني بالقومية والشمولية، بعيدة عن شُبهة الجهوية والعُنصرية (التي قد تتقزم لتصبح محض تنظيمات قبلية أو حتى عشائرية) ولا مخرج لهذه التنظيمات والحركات من هذه الورطة (أو الشُبهة) إلا بالإنخراط في جبهة وطنية عريضة تتبنى خيار الفيدرالية (الولايات السودانية المُتحدة)، وبالتالي تتمكن من الخروج من شرنقة الجهوية والعنصرية، وفي ذلك إصطياد عصفورين (أو عدة عصافير) بحجر واحد، أي تحقيق وحدة قوى الهامش (وفي الوحدة قوة) والتعبير في ذات الوقت عن الخصوصية الجهوية/الإثنية التي لا ضير في الإعتراف بها.
ختاماً، نعتقد كذلك أن في تبني فكرة الولايات السودانية الفيدرالية المُتحدة (أي الوحدة مع التنوع) علاجاً لأزمة أبيي المُعقدة واتي تُنذر بشرٍ مُستطير وفي هذا الصدد على الدينكا والمسيرية عدم الإنجرار إلى ما يُساقان إليه من دمار، فعليهما التريث وسؤال نفسيهما لمصلحة من يتحاربان؟؟ وماذا إستفادت المنطقة والقبيلتان من إنتاج البترول طيلة عشر سنوات كاملة؟؟، فالأجدر بهما تكوين تحالف ثُنائي والمطالبة بإنشاء ولاية ضمن الولايات السودانية المتحدة تضم عناصر القبيلتين وتُدافع عن حقوقهما المهضومة (وعلى مثل هذا الحلف منع إنتاج وتصدير النفط لإجبار الشريكين (الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني) على النظر بجدية في تنمية المنطقة والكف عن العبث بمصالحها لصالح أجندتيهما)،  فكلاً من المسيرية والدينكا مُهمش ومُستغل حتى النُخاع.
كما أن الخيار الفيدرالي الحقيقي يُتيح بارقة أمل لإستعادة جنوب السودان الذي أصبح أمر إنفصاله في حُكم القدر المحتوم، وإن كان هُنالك بصيص رجاء في عودة الجنوب إلى السودان الحدادي مدادي (سودان المليون ميل مُربع) فلن يحدث ذلك إلا عبر ترتيبات جديدة تماماً ووحدة لا تنظر إلى النفط فقط، وإنما تهتم بالإنسان أولاً وأخيراً.
وأخيراً فإن الدولة الواحدة بنُظُم متعددة تعني إعادة هيكلة وبناء الدولة السودانية على أُسس جديدة، وهو عين العرض الدستوري الجديد الذي يُنادي به السيد/ ياسر عرمان، ولهذا تتملكني الدهشة والحيرة من الموقف الغامض/المُتردد لقطاع الشمال من الجبهة الوطنية العريضة، وقد كان الأمل أن يكون رأس رُمحها وأول المُبشرين بها.
 ثمة مزايا إقتصادية كُبرى في تقليص ولايات السودان (الـ 26) إلى ما بين 9-12 ولاية فقط (أي إلى النصف أو أقل قليلاً)، إذ أن في ذلك تقليلاً وترشيداً للإنفاق الحكومي البذخي على 26 حكومة ولائية وبرلمان ولائي وجيوش جرارة من الدستوريين والمُستشارين (لا يفقهون ولا يقعلون شيئاً)، ومن شأن هذا التقليص توفير مليارات الجنيهات التي تُضيع هدراً في حكومات إقليمية لا سُلطة ولا إمكانيات لها (لا تهش ولا تنش)، ومجالس تشريعية لا تحل ولا تربط، ومن الأجدى الإستفادة من هذه الموارد الضائعة هدراً، في مشاريع تنموية مُستدامة وإستغلالها في إصحاح البيئة وبناء شبكة للمجاري والصرف الصحي، أو حتى بناء مراحيض عامة.
لتحقيق الرؤية الفيدرالية الآنفة، لا بُد أولاً وقبل كُل شئ إزالة النظام الحاكم بإستخدام كافة السُبُل والوسائل، دون مُهادنة أو مسك للعصا من المنتصف، وقد حان الأوان لحدوث تغيير نوعي في آليات وأهداف النضال، فقد أثبتت التجارب السابقة وكافة الإتفاقيات التي تستعصي على الحصر، أن هذا النظام غير قابل للإصلاح وكما قال الراحل/ د. جون قرنق:
 (This regime is too deformed to be reformed).
في الحلقة القادمة والختامية نستعرض التحديات الجسام التي تواجه الجبهة الوطنية العريضة (وأهمها طرح بدائل مُقنعة وبرامج تفصيلية للإصلاح، وإختيار قيادات ذات مصداقية- عبر آليات ديمقراطية شفافة)، كما سوف نتناول علاقة الجبهة العريضة  بالقوى السياسية داخل السودان.
وقاحـة العناطج:
تلقيت دعوة كريمة (أعتز بها) من اللجنة التحضيرية للجبهة العريضة للمشاركة في مؤتمرها التأسيسي المُزمع في لندن (22-24 أكتوبر 2010)، فتقدمت بطلب للسفارة البريطانية في بريتوري للحصول على تأشيرة دخول لبريطانيا التي سبق وأن زُرتها أكثر من أربعة مرات، بل ودرست في جامعاتها، ولكن وللمفاجأة رفضت السفارة منحي تأشيرة دخول (رغم إستيفائي لكُل الشروط)، ومع كُل هذا العنت نقرأ تصريحاً للعنيطج الصغير (سوار) "بأن الجبهة صنيعة لقوى أجنبية وتتخابر مع بريطانيا وأمريكا"، ومن بعده يُصرح د. قُطبي مُردداً ذات التُرهات والإتهامات الغليظة التي تدُل على فلتان أعصابهم وخشيتهم من مارد الجبهة العريضة. ولهما نقول (إن العُملاء تُرسل لهم الطائرات الخاصة لنقلهم إلى رئاسة المخابرات الأمريكية والبنتاجون، لا أولئك الذين يدفعون ثمن بطاقات سفر مٌشاركاتهم، ويُحرمون تأشيرات الدخول ُويمنعون من السفر).
بالله عليكم؛ ما تصنيفكم لهذه التصريحات " وقاحة أم قلة أدب؟؟ ". 3)    الجبهة الوطنية مخرج لحركات الهامش من شرنقة الجهوية والعنصرية:
2)    غياب البُعد الشعبي ومنظمات المجتمع المدني عن إتفاقية نيفاشا:

عذراً سلفا كير..انهم احفاد الزبير باشا!

عذراً سلفا كير..انهم احفاد الزبير باشا!

رشا عوض


في السادس عشر من يناير الجاري أي غداة انتهاء التصويت على الاستفتاء على حق تقرير مصير السودانيين الجنوبيين، خاطب النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير مياردت المصلين في كاتدرائية القديسة تريزا للكاثوليك في جوبا عقب قداس الأحد، وفي خطابه دعا الجنوبيين إلى مسامحة الشماليين على الحروب التي خاضوها ضدهم وأضاف "من اجل اشقائنا وشقيقاتنا الذين فقدناهم، وخصوصا الذين رحلوا عنا خلال المعارك، ليباركهم الله وليعطهم الراحة الابدية، اما نحن فعلينا مثلما فعل السيد المسيح على الصليب ان نغفر للذين تسببوا في قتلهم".عندما نقلت وسائل الإعلام هذا الخبر أقامت الأقلام الموالية للمؤتمر الوطني الدنيا ولم تقعدها!! واعتبرت أن تصريحات السيد سلفا كير استفزازية للشماليين وهاجمته على هذا الأساس!!


في اليوم التالي لهذه التصريحات طالعتنا صحيفة الرأي العام بعمودين للأستاذين راشد عبد الرحيم ومحمد عبد القادر، راشد عبد الرحيم روى رواية مفجعة عن جدته التي رزئت بفقدان ابنها البكر الذي كان (ركازة البيت) وكانت تجهز لعرسه فقتله الجنوبيون في أحداث توريت مطعونا محروقا، ومحمد عبد القادر روى رواية أخرى عن خالته التي نزع جندي جنوبي ابنها ذي العشرة أشهر حتى فارق الحياة في ذات الأحداث، وذلك في سياق استنكارهما لدعوة السيد سلفاكير الجنوبيين لمسامحة الشماليين، وكأن السيد سلفا كير أو أي واحد من أبناء شعب الجنوب ليست لديه قصص وروايات مماثلة بل أكثر بشاعة وقسوة عن أقارب قتلوا أوأحرقوا أحياء أو تشتت شملهم بعد أن أحرقت قراهم وهذا على مدى سنوات الحرب التي استغرقت أكثر من عشرين عاما وليس يوما أو بعض يوم كأحداث توريت! الجنوب كان هو مسرح القتال وبداهة كانت المعاناة فيه أطول عمرا وأفتك أثرا وعدد ضحاياه لا يقارن بعدد الشماليين، فليس هناك أساس للمقارنة أصلا، ولكن العنصرية المستوطنة في نفوس البعض تفقدهم الإحساس بعذابات الآخرين،


الكاتبان جعلا تاريخ العلاقة بين الشمال والجنوب يبدأ في أحداث توريت عام 1955 ، وهي الأحداث التي تعرض فيها عدد من المدنيين الشماليين الأبرياء للقتل والتنكيل، وقتل الأبرياء والتنكيل بهم أمر لا يمكن تبريره أو اللجلجة في إدانته واستنكاره، ولكن الفاجعة أن الكاتبين استدعيا تلك الأحداث وجعلا عقارب الساعة تتوقف عندها بحيث تكون هي الحدث الضخم الكبير الذي حدث دون مقدمات تاريخية قادت إليه، وبقي هو الحدث الوحيد فلم تعقبه أحداث أخرى أكثر ضخامة ومأساوية منه، في عملية تجهيل وتضليل وتزييف مكتملة الأركان هدفها تحويل الشمال بصورة دراماتيكية إلى ضحية مظلومة ومجني عليها وتبرئته من كل خطأ طيلة تاريخ العلاقة بين الشمال والجنوب،هل يليق بمن منحوا أنفسهم الحق في ممارسة التأثير في الرأي العام وبالتالي المساهمة في صياغة الوعي السياسي والاجتماعي أن يفسروا أحداث توريت بأنها مجرد حقد جنوبي هبط من السماء وليست له جذور تاريخية ومسببات اجتماعية! هل يستقيم عقلا وعلما وخلقا ودينا الحديث عن هذا الحقد دونما إشارة ولو عابرة إلى مؤسسة الرق التي عرفها المجتمع السوداني وهي السبب المسكوت عنه في تسميم العلاقة بين الشمال النيلي والوسط المستعرب وبقية شعوب السودان ذات الأصول الزنجية؟!

لا سيما أن هذه المؤسسة(مؤسسة الرق) ذات ثقافة متكاملة في تحقير الآخر القادم من الجنوب أو الغرب أو جبال النوبة، ثقافة لها مفرداتها القبيحة وأمثالها السقيمة الحية حتى الآن، ووعي أهل الشمال والوسط لم يتحرر من أسر مفاهيم هذه المؤسسة، بل إن منهم من يمجد الزبير باشا وهو نخاس كبير، ويرى فيه بطلا قوميا! وفي عاصمتنا شارع باسمه فهو الشجاع المقدام الذي حضر (العبيد) وجيشهم للدفاع عن بيضة الإسلام! الدكتور منصور خالد في سفره الرائع (جنوب السودان في المخيلة العربية: الصورة الزائفة والقمع التاريخي) علق على هذا الموقف من الزبير باشا بقوله:"هي نظرة ظلت تتملك فكر أهلنا في الشمال، بمن في ذلك الثقاة العارفين منهم، من أولئك الأستاذ العالم عبدالله الطيب الذي لم يجد له طللا يتوسل به في بكائيته على ضحايا أحداث الجنوب في الخمسينات غير قبر الزبير: ألا هل درى قبر الزبير بأننا/ نذبح وسط الزنج ذبح البهائم) هذا البيت من الشعر هو الفصل الأخير في رواية أحداث توريت وهو فصل مهم بدونه لا يمكن فهم الفصول الأخرى !

وإمعانا في الاستعلاء(الإنقاذي) الأجوف كتب الأستاذ راشد عبد الرحيم في ذات عموده البائس (لقد كان الشمال متسامحاً معكم سيد سلفا كير للحد الذي وضعكم فيه على أعتاب دولة جديدة، واقتسم معكم (الملح والملاح) وصنع لكم التشريفات وصولجان الرؤساء و(أبهة) الحاكمين، ولكنه للأسف لم يجد منك إلاّ الجحود ونكران الجميل)!!


الذي وضع السيد سلفاكير وشعبه على أعتاب الدولة الجديدة هو كفاحهم المسلح لأكثر من عشرين عاما، والذي ضمن لهم قسمة(الملح والملاح) وصولجان الرؤساء وأبهة الحاكمين هو جيشهم الذي عضوا عليه بالنواجذ! ورحم الله الشهيد جون قرنق الذي وقف( ألف أحمر) أثناء المفاوضات في قضية الاحتفاظ بجيشه! ولو لم يفعل ذلك لذهبت (نيفاشا) في طريق (أديس أبابا) أو (اتفاقية الخرطوم للسلام)، ولاحتل حق تقرير المصير موقعه في سلسلة نقض العهود والمواثيق! ولا أظن أن راشد عبد الرحيم غافل عن حقيقة حزبه الذي(يخاف ولا يستحي) ولا يعرف معنى التسامح وقسمة(الملح والملاح الوطني) إلا تحت ضغط السلاح والعصا الأمريكية الغليظة!! ولكنه كإنقاذي لا بد أن يبخس الناس أشياءهم!


وبذات منهج راشد عبد الرحيم ومحمد عبد القادر كتب الأستاذ عبد المحمود نور الدايم الكرنكي بصحيفة ألوان عدد الخميس 20 /يناير الجاري ساخرا ومستنكرا تحت عنوان (غرائب دولة الجنوب الانفصالية: سلفاكير كتر خيرك وبارك الله فيك)، في مقالته هذه كسرعنق الحقيقة ونفى تماما أن تكون هناك عنصرية في الشمال ضد الجنوب، وذكر قائمة طويلة تضم أسماء لجنوبيين تخرجوا من الجامعات السودانية واستفادوا من منح دراسية وردد مزاعم جوفاء عن تنمية الشمال للجنوب وعلى هذا الأساس طالب الجنوبيين بتقديم الشكر الجزيل لحكومات الشمال على التنمية والتعليم!! شكر على ماذا؟ هل الجنوبي في السودان لاجئ أجنبي عليه أن يشكر الدولة المضيفة على خدماتها؟ وأية تنمية هذه التي لا ترى بالعين المجردة في الجنوب الذي يبدأ الآن من تحت الصفر بسبب الإهمال المتطاول له؟ ولماذا لم يشكر الكرنكي واخوته الإسلاميون الشعب السوداني الذي علمهم مجانا فكان ردهم للجميل بعد أن حكموا هو إلغاء مجانية التعليم، والعجب العجاب في مقالة الكرنكي هو قوله ان(تصريحات سلفاكير عن (المسامحة) تبني سور الصين العظيم من الكراهية ليفصل بين الجنوبيين والشماليين إلى الأبد)!!! كيف تبني دعوة مسامحة سور كراهية؟


بأي منطق إنساني وأخلاقي دعوة السيد سلفا كير لشعبه إلى التسامح ونسيان الماضي هي دعوة نبيلة وكريمة إذ ان شعبه هو الخاسر الأكبر من الحرب الأهلية، ولا يمكن أن يتناطح كبشان حول ان شعب الجنوب هو من دفع القسط الأكبر من فاتورة الحرب اللعينة أرواحا تحسب بمئات الآلاف ومجتمعات دمرت بالكامل ونزوحا مرا وتشردا قاسيا، ولا يمكن لأي منصف أن يقارن خسائر الشمال بخسائر الجنوب لا كما ولا كيفا! وبالتالي فإن المنطق الإنساني والأخلاقي يقتضي أن يتقدم الشمال بالاعتذار ويطلب الصفح والسماح، وهذا الواجب من المفترض أن يبادر بتأديته المستنيرون من أهل الشمال ولا سيما الذين يعملون في الفضاء الإعلامي بحكم مسئوليتهم المباشرة عن الارتقاء بوعي عامة الناس والمساهمة في علاجهم من داء العنصرية والتعصب، وهو دور لا نتوقع من الأقلام الموالية للمؤتمر الوطني القيام به بحكم أن هذا الحزب هو النموذج الذي يجسد ثقافة الاستعلاء العنصري في الشمال في أكثر صورها سفورا ووقاحة، ولهذا السبب لم يكن مفاجئا أن تتناول تلك الأقلام دعوة السيد سلفاكير بصورة سلبية، ولكن المفاجيء حقا كان درجة العدوانية والعنف اللفظي الذي قابلت به تلك الأقلام دعوة التسامح التي وجهها السيد سلفا كير لشعبه ولم يوجهها للشمال ولم تتضمن أي سرد لمآسي أواجترار لمرارات!! لقد كنا نظن أن العنصرية المتأصلة في الشمال والتي تمثلها تلك الأقلام تقف عند حد رفض الاعتذار للجنوب ولكن لأن أهل المؤتمر الوطني دائما ما يفوقون سوء الظن العريض فقد فجعتنا أقلامه بأن عنصريته لا تقف عند حد رفض الاعتذار بل تتجاوز ذلك إلى مطالبة الضحايا بالاعتذار لجلاديهم الذين استرقوهم واضطهدوهم وقتلوا منهم مئات الآلاف وأحرقوا قراهم وجعلوا من قتلهم سببا لدخول الجنة! ليس هذا فقط بل إن أحد أسباب انفجار تلك الأقلام بهذه الصورة الهستيرية أمام دعوة السيد سلفاكير هو استنكار أصحابها (لا شعوريا) لأن يمارس الجنوبيون إنسانيتهم! يتذكرون الأرواح التي فقدوها ويحزنون ثم يقررون بمحض إرادتهم بحكمة ووعي يتطلع للمستقبل مسامحة القتلة في تفوق أخلاقي حاسم على هؤلاء القتلة الذين ظلوا يكابرون ويمتنعون عن مجرد الاعتراف بأخطائهم في حق الآخرين ناهيك عن السعي لتصحيحها، فهؤلاء لا يحتملون رؤية الجنوبي يقرر شيئا ما حتى لو كان هذا الشيء مسامحة جلاده!! لذلك يكثرون من عبارة(من يسامح من؟) و(من يعتذر لمن؟) لأن الشمال في نظر هؤلاء العنصريين مبرأ من كل عيب ومن كل خطيئة، وتهميشه للآخرين وممارسته للاستعلاء عليهم وازدرائهم على أسس عرقية هو ناموس طبيعي وبداهة يجب أن يتقبلها هؤلاء الآخرون ليس من حق أحد مجرد الاعتراض عليها ناهيك عن ان يحمل سلاحه ضدها متمرادا! أما مطالبة الشمال بالاعتذار فهي جريمة! وإذا بادر الجنوب وفكر في أن يسامح فهذه جريمة أكبر لأن مجرد الحديث عن المسامحة يتضمن اتهاما للشمال بأنه أخطأ في حق الآخرين وتعالى الشمال عن ذلك علوا كبيرا!! فالشمال لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!! هذه هي الذهنية العنصرية وهذه هي طريقة تفكيرها، ولن يغير من حقيقتها مزاعم الأستاذ / محمد عبد القادر حول محبته لاخوته الجنوبيين فهو لا يحبهم كاخوة أنداد بل يحبهم كما يحب الرجل (أشياءه) التي ليس من حقها أن تفكر أو تغضب أو(تسامح)!! هنيئا للزبير باشا بأحفاده الذين؛ ليس من صلبه، لكنهم يستحضرون روح تجارته البائدة من حين لآخر في أعمدتهم الصحفية التي تخاطب أهل القرن الحادي والعشرين!

السودان في مواجهة الزلزال

السودان في مواجهة الزلزال
فهمي هويدي


 

ذهبت إلى الخرطوم متصورا أنني سأشارك في تقديم واجب العزاء لأهلها في انفصال الجنوب، ففوجئت بأن بعضهم أطلق زغاريد الفرح ونحر النحائر احتفاء بالمناسبة!
(1)
ظللت طوال الوقت غير مستوعب فكرة انشطار السودان، واكتشفت لاحقا أنني لم أكن وحيدا في ذلك، حيث عبر لي بعض المسؤولين السودانيين الذين لقيتهم وفي المقدمة منهم نائب الرئيس علي عثمان أن الانفصال لم يخطر لهم على بال يوما ما، وأنهم فوجئوا ببروز فكرته في الآونة الأخيرة. لكني صدمت بعد دقائق من خروجي من مطار الخرطوم، حين قال سائق السيارة التي حملتني في رده على سؤال لي إنه يشعر الآن بأن همًّا انزاح عن قلبه. ووجدت صدى لهذا الشعور في تصريح أخير للرئيس عمر البشير قال فيه إن الجنوب كان عبئًا على الشمال منذ الاستقلال.
"
بعض الذين أيدوا الانفصال متأثرون إلى حد كبير بالحملة الإعلامية والسياسية التي شنها بعض المسؤولين الجنوبيين ضد الشمال في الآونة الأخيرة, إذ عمدوا إلى التشهير بالشماليين وادعوا أنهم كانوا مواطنين من الدرجة الثانية
"
أثار انتباهي في هذا الصدد أن مجموعة من المثقفين السودانيين تبنوا الفكرة منذ أربع سنوات، وأنشؤوا لهذا الغرض تجمعا أسموه منبر السلام العادل، وأصدروا صحيفة "الانتباهة" التي عبرت عن هذا الموقف وروجت للانفصال، معتبرة أن حدوثه يفتح الأبواب واسعة لتفرغ السودان الشمالي للنهوض والتنمية والتقدم. وأثار دهشتي أن هذه الدعوة لقيت رواجا واسعا، حتى إن توزيع الجريدة قفز إلى مائة ألف نسخة يوميا، بفارق 70 ألف نسخة عن أعلى صحيفة أخرى في البلاد. وهو معدل للتوزيع لم يعرفه السودان في تاريخه.
وفوجئت بأن مؤسس هذا المنبر ورئيس مجلس إدارة الصحيفة، المهندس الطيب مصطفى يمت بصلة قرابة للرئيس البشير، حيث يعد من أخواله. وقيل لي إن الرجل فقد أعز أبنائه في الحرب ضد التمرد الجنوبي، كما علمت أن المجموعة التي تدير المنبر وتصدر الصحيفة تضم عددا من الوزراء والمسؤولين الحاليين والسابقين. وفي اليوم الذي بدأ فيه الاستفتاء (9 يناير) وبدأت فيه إجراءات الانفصال، عبر أعضاء المنبر عن فرحتهم بنحر جمل وثور أمام مقرهم.
حين قلت إن الزيادة الصاروخية في توزيع صحيفة "الانتباهة" بمثابة استفتاء للجماهير الشمالية لصالح الانفصال تحفظ البعض على الفكرة بقولهم إن الصحيفة لها جمهورها في بعض الأوساط حقا في الشمال، ولكنها مقروءة أيضا في جوبا عاصمة الجنوب، الأمر الذي أسهم في زيادة توزيعها.
ناقشت الأمر مع من لقيتهم من السياسيين والمثقفين، وكانت خلاصة ما خرجت به أن الترحيب بالانفصال حاصل بدرجة أكبر بين قطاعات الشباب الذين دعوا إلى الحرب في الجنوب إلى جانب القوات المسلحة. وهؤلاء المدنيون قتل ٢٣ ألفا منهم في المعارك ضد المتمردين، الأمر الذي رسَّب لديهم شعورا بالنفور والمرارة. وهذه المشاعر لا أثر لها في أوساط النخبة التي لا تزال تعتبر الانفصال كارثة وطنية وإستراتيجية.
وبعض الذين أيدوه متأثرون إلى حد كبير بالحملة الإعلامية والسياسية التي شنها بعض المسؤولين الجنوبيين ضد الشمال في الآونة الأخيرة. إذ عمدوا إلى التشهير بالشماليين وادعوا أنهم كانوا مواطنين من الدرجة الثانية وأنهم عانوا في ظل سنوات الوحدة من العبودية والرق وغير ذلك من المظالم التي كان فيها من التعبئة والتحريض على التصويت لصالح الانفصال، أكثر مما فيها من التصوير الأمين للواقع.
(2)
إذا كان البعض قد عبر عن الارتياح والحفاوة بالانفصال عن الجنوب، فإن الكل شركاء في الصخب الراهن الذي تشهده الخرطوم، التي هي مدينة بطبيعتها مسيَّسة (رسميا هناك 82 حزبا مسجلا) ولك أن تتصور الطنين الذي يمكن أن تحدثه بيانات وتراشقات تلك الأحزاب في الظروف العادية، وكيف يمكن أن يتضاعف ذلك الطنين أمام ظرف غير عادي ومصيري مثل حدث الانفصال، الذي أزعم أنه بدا صاعقة لم تكن في الحسبان سقطت فوق رؤوس الجميع خلال الأشهر الأخيرة.
صحيح أن الجميع مشغولون بتحديات الحاضر والمستقبل، إلا أن الكلام ينعطف في كل مناقشة -مما شاركت فيه على الأقل- على الماضي، الذي يرون فيه جذور أزمة الحاضر. فلا أحد يستطيع أن ينسى أن الإنجليز بعد احتلالهم للسودان وضعوا الأساس لشطر الجنوب عن الشمال، حيث لم يكفوا عن محاولة إضفاء هوية متميزة على كل منهما.
آية ذلك أنهم أصدروا عام 1922 قانون المناطق المقفلة الذي في ظله لم يسمح للشماليين بدخول الجنوب إلا بإذن خاص. وفي ظل الإقفال طلب من المسلمين تغيير أسمائهم وثيابهم وإلا تعرضوا للجلد. وأطلقت يد بعثات التبشير لتحويل الوثنيين إلى الكاثوليكية من خلال المدارس التي أنشؤوها خصيصا لهذا الغرض. وهذه التغذية المبكرة غرست بوادر الحساسية بين الجنوبيين والشماليين، وكانت لها أصداؤها في تمرد الجنوبيين في أحد معسكرات الجيش عام 1955، قبل أربعة أشهر من إعلان الاستقلال عام 1956.
ولا أحد ينكر وجود أصابع إسرائيل في أوساط الجنوبيين منذ السنوات الأولى التي أعقبت الاستقلال، على النحو الذي سبق أن فصَّلت فيه مرة سابقة، وذكرت أن الضغط على مصر هدفه الأساسي.
"
السودان وقف وحيدا أمام العاصفة، وخاض تجربة إنقاذ الوطن من التقسيم وحده, كما أنه مدرك أنه سيخوض معركة ما بعد الانفصال وحده أيضا، بغير معونة من أي طرف عربي
"
أحد الأسئلة التي أثرتها خلال المناقشات ما يلي: هل كان يمكن الحيلولة دون الانفصال، ولماذا انتقل الكلام من ترتيب أمر الوحدة إلى المطالبة العلنية بالانفصال؟
في هذه النقطة ذكر أكثر من مسؤول أن السودان وقف وحيدا أمام العاصفة، وخاض تجربة إنقاذ الوطن من التقسيم وحده. كما أنه مدرك أنه سيخوض معركة ما بعد الانفصال وحده أيضا، بغير معونة من أي طرف عربي، في حين أن الولايات المتحدة والدول الغربية ومن ورائها إسرائيل ويضاف إليهم الفاتيكان كل هؤلاء كانوا يدفعون الأمور باتجاه الانفصال، وإلى جانبهم في ذلك العديد من المنظمات العالمية.
في الإجابة عن الشق الأول من السؤال قالوا إن السودان ظل مشغولا بالحرب طوال الوقت، وإنه ظل يستجيب لطلبات الجنوبيين في المفاوضات أملا في أن يشبع ذلك رغباتهم ويجعلهم يستبعدون احتمال الانفصال. وكانت ردود الأفعال إيجابية بصورة نسبية من قيادات الجنوبيين، وفي المقدمة منهم جون قرنق الذي ظل يتحدث عن فكرة "السودان الجديد" الموحد وخلفه سلفاكير الذي ظل يردد في كل مناسبة أنه سيصوت للوحدة.
فيما يخص التحول من السودان الموحد أو الجديد إلى انفصال الجنوب سمعت من أكثر من مصدر مسؤول رفيع المستوى أن الطرف الذي لعب دورا رئيسيا في ذلك التحول كان موسيفيني رئيس أوغندا، الذي تربطه صلات وثيقة للغاية بإسرائيل. في هذا الصدد تقول الرواية المتواترة إن موسيفيني لم يكن مقتنعا بفكرة السودان الجديد التي تبناها جون قرنق، ودعا فيها إلى السعي لإقامة دولة موحدة في السودان، علمانية وغير عربية بالضرورة، وإن الرجلين اختلفا حول جدوى وإمكانية تنفيذ الفكرة في آخر لقاء بينهما في كمبالا، وفي أعقاب تلك الزيارة غادر جون قرنق أوغندا على طائرة سقطت به وقتل فيها. وهناك قرائن تدل على أن موسيفيني له يد في عملية القتل، التي كان من نتائجها تولي سلفاكير قيادة الحركة الشعبية.
تضيف الرواية أن سلفاكير زار كمبالا في العام الماضي وناقشه موسيفيني في موقفه الذي كان يعلن فيه تمسكه بالوحدة، وإن الرئيس الأوغندي حذره من مصير جون قرنق إذا تخلى عن فكرة الانفصال، وهو ما اعتبره سلفاكير تهديدا له بالقتل كما ذكر لبعض خاصته، ومن ثم فإنه خشي على نفسه من ذلك المصير، وقرر أن يتراجع عن موقفه، خصوصا أنه كان يواجه ضغطا داخليا في ذات الاتجاه من بعض قادة الحركة الذين كانوا انفصاليين من البداية. ونقل عنه وقتذاك قوله في حديث علني إنه إذا قتل فعلى رفاقه أن يأخذوا بحقه.
تضيف الرواية أنه بعد ذلك اللقاء مع الرئيس الأوغندي، ذهب سلفاكير إلى نيروبي ومنها إلى واشنطن، وهناك أعلن أنه سيعطي صوته لانفصال الجنوب!
(3)
"
يتحدثون في الخرطوم عن قلق الدول المجاورة من انفصال الجنوب، لأن ذلك يفتح الباب لمطالبة الجماعات الإثنية في تلك الدول بتقرير مصيرها كما هو حاصل في إثيوبيا  
"
حسب اتفاقية السلام التي وقعت عام 2005، أعطيت مهلة حتى سنة ٢٠١١ لاختيار إمكانية إقامة وحدة جاذبة بين الشمال والجنوب، بعدها يُجرى استفتاء بين الجنوبيين لتقرير مصيرهم، وإذا صوت 60٪ منهم للانفصال تعطى فترة انتقالية مدتها ستة أشهر تنتهي في يوليو/تموز القادم تقوم بعدها الدولة الجديدة في الجنوب، إلا أن المسؤولين في الخرطوم يرون أن تلك الفترة ليست كافية ويقولون في هذا الصدد إن ثمة 12 قضية متفجرة معلقة بين الشمال والجنوب يمكن أن تؤدي كل واحدة منها إلى إشعال نار الحرب بين الجانبين. وهذه القضايا الاثنتي عشرة يستحيل حسمها في تلك الفترة القصيرة.
وهى تتمثل في الحدود التي تمتد بطول 2300 كيلومتر وعلى جانبيها يعيش نحو عشرة ملايين شخص أغلبهم رعاة يتنقلون بين الجانبين على مدار السنة وراء الماء والكلأ، والمياه التي لم يتحدد نصيب كل طرف منها بعد، وعبء الديون التي تبلغ 40 مليار دولار وقد حملت على السودان الموحد من قبل (كان بعضها يمول مشروعات الجنوب). والبترول الذي يحصل الشمال على نصف عائداته ويفترض أن تتوقف بعد إنشاء دولة الجنوب الجديدة رسميا، الحساسيات والتوترات الدائمة في أبيي بين قبيلتي المسيرية (العربية) ودينكا نقوك، أوضاع المسلمين في الجنوب الذين يمثلون 20٪ من سكانه، (الحركة الشعبية أغلقت فرع جامعة أم درمان الإسلامية في جوبا)... إلخ.
لا يقف الأمر عند الملفات العالقة بين الشمال والجنوب، لأن كل طرف له مشكلاته الداخلية الدقيقة. ذلك أن نجاح الحركة الشعبية في إقامة دولة الجنوب والاستقلال عن السودان قد يكون مغريا لجماعات أخرى في الشمال لكي تسير على ذات الدرب. وعلى الطاولة الآن ملف دارفور، لكن هناك جماعات أخرى تنتظر في جبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان.
بالمثل فشبح الصراعات على السلطة في الجنوب لا يزال قائما سواء بين زعامات قبيلة الدينكا، حيث انشق جورج أطور عن قيادة الجيش الشعبي، أو بين الدينكا والقبائل الأخرى التي ترفض الخضوع لسلطات مثل النوبر والشلك.
يتحدثون في الخرطوم أيضا عن قلق الدول المجاورة من انفصال الجنوب، لأن ذلك يفتح الباب لمطالبة الجماعات الإثنية في تلك الدول بتقرير مصيرها. وهو الحاصل في إثيوبيا مثلا التي ينص دستورها على حق تقرير المصير بما قد يحرك مشاعر قبائل الأوغادين والأورمو نحو احتذاء حذو الجنوبيين.
(4)
قلت إن السودان يعد عدته لمواجهة التحديات القادمة وحيدا، بعدما علمته التجربة أنه لا ينبغي له أن ينتظر عونا من الأشقاء، خصوصا مصر التي لابد أن يصيبها بعض رذاذ الحاصل في السودان يوما ما، وقد سمعت من أكثر من مسؤول عتبا على مصر لأنها لم تستخدم ثقلها لترجيح كفة الوحدة، وسارعت إلى التسليم بالانفصال وتأييده.
"
ما يقلق في المشهد السوداني أن خطى الوفاق الوطني الداخلي بين أحزابه وجماعاته السياسية لا تتقدم بالصورة المرجوة، حيث هناك شد وجذب بين حزب المؤتمر صاحب الأغلبية في البرلمان وبين الأحزاب الأخرى 
"
وهمس في أذني أحدهم منتقدا تصريح وزير الخارجية المصري السيد أحمد أبو الغيط الذي قال فيه إن دولة الجنوب ستأخذ نصيبها من المياه من حصة الشمال. وذكر محدثي أن كلام السيد أبو الغيط أثار امتعاض الخرطوم، لكنها آثرت ألا تدخل في مشكلة مع مصر بسببه.
ما أقلقني في المشهد السوداني أن خطى الوفاق الوطني الداخلي بين أحزابه وجماعاته السياسية لا تتقدم بالصورة المرجوة، حيث هناك شد وجذب بين حزب المؤتمر صاحب الأغلبية في البرلمان وبين الأحزاب الأخرى التي دخلت 17 حزبا منها فيما سمي تحالف قوى الإجماع الوطني، علما بأن صلابة وتماسك الجبهة الداخلية هو العنصر الأهم في تمكين السودان من مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل. لكن بعض الساسة يكتفون أحيانا بالنظر تحت أقدامهم ويظنون أن استمرارهم في مواقعهم وليس الإجماع الوطني هو السبيل الأجدى لتأمين الوطن. وقد فهمت أن بعض العقلاء يحاولون الآن تجاوز هذا الموقف والتنبيه إلى مخاطر اختزال الوطن في الذات.
ادعوا لهم بالتوفيق.


المصدر:الجزيرة

مواجهة بين المعارضة وحزب البشير..محللون

مواجهة بين المعارضة وحزب البشير..محللون : ليس بإمكان تلاقي خطى المعارضة والحكومة \"بل إنها تسير حتما نحو ابتعاد أكبر عن بعضهماتتجه الأمور في السودان نحو مواجهة محتدمة بين الحكومة والمعارضة في ضوء التباعد المستمر في المواقف, بعد أن استبانت وجهة جنوب السودان نحو الانفصال.

ففي حين حملت المعارضة مطالبها الداعية لإزاحة الحكومة الحالية وتكوين حكومة انتقالية جديدة تهيئ الأوضاع في البلاد لحكومة قادمة وفق انتخابات حرة نزيهة لصياغة دستور متفق عليه بين كافة مكونات الدولة السودانية الشمالية الجديدة، قطع الحزب الحاكم أي أمل في تلك المطالب التي يرى أنها غير مشروعة.


ورغم ذلك يقلل بعض المحللين السياسيين من فرص المواجهة على الأقل قبل إعلان نتيجة استفتاء جنوب البلاد الذي لم يبق لظهور دولته الجديدة غير أيام معدودة.


في المقابل تبدو الأوضاع في مناطق مختلفة من البلاد مهيأة هي الأخرى للانفجار كمنطقة أبيي ودارفور التي لم يُحسم أمرها بعد, فضلا عن قضايا ملحة أخرى بحاجة إلى توحيد الجبهة الداخلية, كما يقول محللون.


في هذا السياق, تقول المعارضة إنها لن تقبل ببقاء المؤتمر الوطني منفردا بالسلطة عقب نهاية الفترة الانتقالية وذهاب الجنوب، بل إنها أعلنت رفضها لأي تعديل في الدستور الحالي "لأنه ليس محل اتفاق بين السودانيين"، في حين يصر المؤتمر الوطني على ضرورة إكمال دورته المحددة بخمس سنوات لاحقة.


غير أن محللين سياسيين يعتقدون أن ليس بإمكان تلاقي خطى المعارضة والحكومة "بل إنها تسير حتما نحو ابتعاد أكبر عن بعضهما".


وتعليقا على ذلك, يرى المحلل السياسي تاج السر مكي أن ما يفعله المؤتمر الوطني "يشبه الاستفزاز لتحفيز المعارضة على الخروج للشارع بغية إيجاد مبرر لضربها مما لا يكسبها التعاطف الدولي"، وتوقع أن يتهم المؤتمر الوطني المعارضةَ بالسعي لزعزعة الاستقرار بعد استفتاء الجنوب.


وقال للجزيرة نت "رغم الخوف من التونسة (التجربة التونسية) فإن السودان غير مهيأ الآن لخوض تلك التجربة لكنه ربما ابتدع شيئا آخر كما حدث في ثورة أبريل"، ورأى أن الأمور برمتها تسير باتجاه ما أسماه الانفجار الشعبي "لأن هناك ظروفا ستحرك ذلك الفعل".


أيام عصيبة

ولم يستبعد المحلل السياسي محمد علي سعيد أن يقبل السودان على أيام عصيبة و"مجابهة ربما تكون دموية بين الحزب الحاكم والمعارضة، فكل طرف بدأ يتوعد الآخر".

وقال إن "نذر المواجهة بدأت أثناء عملية استفتاء الجنوب بدعوة المعارضة إلى تشكيل حكومة قومية انتقالية باعتبار أن الحكومة الحالية ستكون غير شرعية بنهاية اتفاقية السلام وانفصال الجنوب".


ورأى أن نذر المواجهة "استفحلت باعتقال الترابي وعدد من قادة حزبه"، مشيرا إلى أن قادة المؤتمر الوطني "أخذوا دعوة المعارضة مأخذ الجد كما أن تصريحات قوى المعارضة من بعد ذلك قد عززت تلك القناعة".


وتساءل سعيد في حديثه للجزيرة نت عن قدرة قوى المعارضة على تحريك الشارع وكيف سيكون رد الحكومة عليه.


أما المحلل السياسي محمد موسى حريكة فتوقع أن يستمر التصاعد بين الطرفين لعدم وجود أرضية مشتركة بينهما، مشيرا إلى ما أسماها بالحالة المخيفة.


وقال للجزيرة نت إن الجميع كان يتخيل أن المؤتمر الوطني -الذي تلفه الأزمات من كل جانب- سيكون أكثر حكمة في التعاطي مع المعارضة الداخلية "لكنه يقابلها بتصعيد أمني وخطاب استفزازي قد يقود إلى تفجر الوضع الداخلي"، مستبعدا وجود بادرة لفتح الطريق للتسوية.



عماد عبد الهادي-الخرطوم

المصدر: الجزيرة

من المسؤول عن الانفصال؟

من المسؤول عن الانفصال؟عندما يتم إعلان نتائج الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان، وبعد أن أصبح مرجحاً بقوة أن تأتي النتائج مكرّسة الانفصال عن الشمال، ترتسم علامة استفهام كبيرة حول: من المسؤول عن الانفصال وتداعياته؟ هل المسؤول هو "التهديد" بتطبيق الشريعة الإسلامية، أولاً في عهد النميري، ثم في عهد البشير؟ وهل كان التهديد جديّاً أم أنه كان مجرد محاولة لاستقطاب قوى سياسية في الشمال كانت معارضتها تشكل خطراً على استمرار الحاكم؟

ولو كان طرح تطبيق الشريعة جديّاً، لماذا لم يطبَّق في أي من العهدين (عهد النميري وعهد البشير)؟ وهل كان الانكفاء استجابة لرفض القوى السياسية في الجنوب.. أم أنه جاء تحت ضغط القوى الدولية التي كانت تخطط أساساً لفصل الجنوب عن الشمال؟


وإذا كانت حكومات الخرطوم المتعاقبة تعرف رد فعل الجنوبيين من مسيحيين ولا دينيين (أو روحانيين أفارقة) من مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية، فلماذا كانت تطرح فرضها عليهم وتحديداً في أوقات الصراعات السياسية وكأن الصراع كان مجرد سلاح إضافي بيد السلطة؟


لقد كان لافتاً التصريح الذي أدلى به البشير وحذر فيه من أنه إذا قرر الجنوبيون الانفصال فإنه سيبادر إلى تطبيق الشريعة في الشمال. والسؤال: هل إن تطبيق الشريعة هو رد فعل على الانفصال؟ أم أنه فعل إيمان بأن تطبيقها في مصلحة المجتمع السوداني؟ وهل يريد البشير يريد أن يلقي اللوم على الجنوبيين في عدم تطبيق الشريعة الإسلامية، أم أنه يريد أن يستقطب الإسلاميين في الشمال بعد الانفصال من خلال موضوع تطبيق الشريعة؟


وبعبارة أخرى، هل عاد موضوع الشريعة الإسلامية الذي كان مادة في التجاذب السياسي بين الشمال والجنوب قبل الانفصال، ليصبح أيضاً مادة في التجاذب السياسي بين الشماليين أنفسهم بعد الانفصال؟


وهل من يطالبون باعتماد الشريعة الإسلامية سواء كان ذلك قبل الانفصال أو بعده، طرحوا على أنفسهم السؤال البسيط التالي: ماذا فعلتم لتعريف أهل الجنوب بالإسلام وبشريعته؟ إن كل ما يعرفه الجنوبيون (وكثير غيرهم) عن الشريعة الإسلامية هو تحريم الخمر وقطع يد السارق، ورجم الزاني والزانية، وقتل المرتد.


ومن خلال ذلك بدا لهم أن الشريعة هي مجرد نظام عقوبات، فلم يقفوا على حقيقة سماحة الإسلام باعتباره ديناً يحترم الكرامة الإنسانية ويضع أسساً عامة لنظام اجتماعي يسعى لتحقيق العدالة والتكافل الاجتماعي ويساوي بين الناس من دون تمييز في الأعراق والألوان والأجناس. ولم يعرف الجنوبيون سوى النزر اليسير جدّاً من المدارس الإسلامية والعربية في الوقت الذي كانت البعثات التبشيرية الأوروبية والأميركية تتزاحم على العمل عميقاً في مجاهل غابات الجنوب النائية!


كان مجرد طرح تطبيق الشريعة الإسلامية يثير القلق في نفوس الجنوبيين. وكان الطرح يبدو وكأنه عقاب لهم، الأمر الذي ضاعف من حرصهم على التمايز وعلى رفض التعايش مع الشمال. صحيح أن ثقافة الكراهية التي بثتها بريطانيا منذ احتلالها السودان في القرن التاسع عشر تواصلت طوال القرن العشرين أيضاً من خلال البعثات الأجنبية، إلا أن الشماليين لم يفعلوا سوى القليل جدّاً لتبديد أسس هذه الثقافة ولمد جسور المحبة والتعاون والاحترام مع الجنوبيين. فجاءت نتيجة الاستفتاء بتكريس الانفصال محصلة طبيعية لهذا الواقع.


ومن هنا فإذا كان انفصال الجنوب عن الشمال قد أصبح الآن واقعاً أليماً وخطيراً، فإن أسباب الانفصال تبعث ألماً أشد وخطراً أكبر، ذلك أن نتائج الاستفتاء ستتكشف عن واقع جديد قد يؤدي الى أمرين على درجة كبيرة من الخطورة. الأمر الأول هو فصل السودان الشمالي- العربي عن العمق الإفريقي، بدلاً من أن يكون جسراً عربيّاً إلى هذا العمق. والأمر الثاني هو أن التخويف بالشريعة الإسلامية أو الخوف منها، الذي لعب دوراً أساسيّاً في النزوع نحو الانفصال، قد يجعل من هذا الانفصال أيضاً سدّاً في طريق مسيرة الإسلام نحو العمق الإفريقي، بدلاً من أن يكون معبراً له.


ولا تقتصر التداعيات السلبية للانفصال عند هذا الحد، إذ يخشى أن تؤسس لاعتماد الانفصال قاعدة لمعالجة قضايا الأقليات المتعددة في المنطقة العربية، سواء كانت أقليات دينية (مسيحية) أو مذهبية (شيعية ودرزية وعلوية) أو عنصرية (كردية وأمازيغية).


ومنذ صدور وثيقة حقوق الأقليات عن الأمم المتحدة في عام 1992، اعتمد تعريف للأقليات يقول: "إن الأقلية هي جماعة تقل عدداً عن بقية سكان الدولة، وهي في وضع غير مسيطر، ولدى أعضائها من مواطني الدولة سمات دينية وإثنية ولغوية تختلف عن تلك التي لبقية السكان. ويبدي هؤلاء المواطنون، وإن في شكل ضمني، شعوراً بالتضامن في ما بينهم بهدف المحافظة على ثقافتهم وتقاليدهم وديانتهم أو لغتهم".


وبموجب هذا التعريف، فإن الأقباط في مصر أقلية، والسريان والآشوريين في العراق أقلية، والأمازيغ في الجزائر والمغرب أقلية، والأكراد في سوريا والعراق أقلية، والدروز والعلويين في سوريا أقلية، أما في لبنان فإنه يتألف من 18 أقلية دينية ومذهبية مختلفة. فإذا كانت معالجة الأقلية في السودان اعتمدت مبدأ الانفصال بأسلوب ديمقراطي هو الاستفتاء، فماذا يمنع اعتماد هذا المبدأ لمعالجة قضايا الأقليات العديدة الأخرى التي تجري إثارتها أحياناً.. أو التي قد تتعرض إلى انتهاك حقوقها في المواطنة أحياناً أخرى؟


تحاول إسرائيل أن تنأى بنفسها عن هذه المعادلة بالتخطيط للتخلص مما تسميه "الأقلية العربية" التي يزيد عددها على المليون ونصف مليون عربي يعيشون كمواطنين من الدرجة الثانية داخل الكيان الإسرائيلي منذ عام 1948. وبموجب ذلك تطرح إسرائيل معادلة الانسحاب من الأراضي التي تحتلها في الضفة الغربية مقابل توطين عرب إسرائيل فيها. أي مقايضة الأرض الفلسطينية "بالفلسطينيين الإسرائيليين". ومقايضة مساكنهم التي يحتفظون بها في حيفا ويافا والرملة ومدن الجليل كالناصرة وسواها، بالمستوطنات التي أقامتها وتقيمها في أجزاء واسعة من الضفة الغربية!


وبذلك تحقق إسرائيل بتهجير الفلسطينيين من عمقها عدة أهداف مهمة: -التخلص من الأقلية العربية الباقية، والتخلص بالتالي من عبء مطالبها بموجب المواثيق الدولية. - تحويل إسرائيل إلى دولة خالصة لليهود تكون المواطنة فيها حصرية لليهود فقط، بحيث لا تبقى هناك إشكالية بين الالتزام بمبدأ الديمقراطية وانتهاك حقوق الأقليات لأنه لن تكون هناك أقليات. - إعلان إسرائيل دولة دينية- يهودية وليست مجرد دولة لليهود.


غير أن نجاح إسرائيل في ذلك يحتاج إلى أن تقوم دول دينية في المنطقة. ومن هنا المشروع الذي اعتمدته استراتيجية دائمة لها، وهو إعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقة من باكستان حتى المغرب، بحيث يكون لكل جماعة دينية أو مذهبية أو عنصرية كيان سياسي خاص بها. فالدفاع عن الأمن الاستراتيجي لإسرائيل يقوم على تنفيذ هذا المشروع الذي يحول الشرق كله إلى مجموعة من الدويلات الدينية تدور في فلك الدولة اليهودية.


ومن هنا خطورة ما جرى في السودان. وخطورة أن يكون الانفصال الحجر الأول في سلسلة حجارة الدومينو. فالاضطرابات ذات البعد الديني التي شهدتها مصر بعد العراق، والاضطرابات ذات البعد العنصري التي شهدتها الجزائر قبل العراق، وكذلك الاضطرابات ذات البعد المذهبي التي جرى تفجيرها في باكستان ثم في العراق.. والاضطرابات الدينية- المذهبية المتنقلة في لبنان، توحي كلها بأن الأرض مهيأة لغرس بذور الانقسام والتفسخ.. فهل هنالك من يثبت أن هذا الإيحاء غير صحيح؟!



محمد السماك

جريدة الاتحاد

وللعلماء موقف من تقسيم السودان

وللعلماء موقف من تقسيم السودانعبد العزيز المقالح

كالمعتاد، أصدر العلماء الأفاضل في الوطن العربي بيانهم بشأن تحريم انفصال جنوب السودان عن شماله، وهو البيان الذي جاء متأخراً وبعد فوات الأوان . وكأنهم رعاهم الله كانوا خارج الوطن العربي والإسلامي، ولم يعلموا بما حدث إلا عندما شاهدوا طوابير من المستفتيين تقف أمام صناديق الاستفتاء المصنوعة في الولايات المتحدة، وبعد أن وقع الفأس في الرأس، علماً بأن الأصوات المشبوهة الداعية إلى تفتيت المفتت من الوطن العربي، قد انطلقت منذ سنوات تحت مظلتي حقوق الإنسان وتقرير المصير، في أقطار مواطنوها يتمتعون، وفقاً لمبدأ المواطنة بحقوق متساوية ومصير مشترك عبر التاريخ، وفي إطار اللغة والمصلحة المشتركة، وإن تلاعب بها بعض الحكام، وتضررت جراء ذلك التلاعب كل المكونات من دون تمييز، أو انحياز لفئة دون أخرى .


وقد كان على العلماء الأفاضل، وعلى جميع العرب أن يدركوا منذ وقت بعيد أن مشكلة انفصال جنوب السودان لا تخص النظام السوداني وحده، وإنما تخص كل الأقطار العربية، لما سوف يتركه هذا الانفصال من تداعيات كارثية، ومن تدخلات دولية باسم الدفاع عن الأقليات مصر اليوم نموذجاً من خلال الحديث عن الأقلية القبطية لا خدمة لهذه الأقليات، أو إنصافاً لها بقدر ما هو رغبة في تحقيق هدف استراتيجي معروف ومشهور، يتعلق بتفتيت الأقطار العربية المفتتة أصلاً عن كيانها القومي الكبير، إلى دويلات يقل حضورها العددي، وفعلها الواقعي عن الكيان الصهيوني الذي لا يزيد تعداده عن أربعة ملايين، والذي يراد له أن يكون نموذجاً مستقبلياً للأنظمة الكرتونية، التي يراد إنشاؤها في المنطقة، ووضعها جميعاً في حالة من الخوف والقلق من جيرانها، الذين سيكونون بدورهم في خوف منها، وحينئذ يكون الجميع بحاجة إلى حارس دولي، وليس هناك أفضل من الولايات المتحدة ومن عصاها الغليظة في المنطقة .


ولا يكاد يدري أحد أي تقرير مصير الذي يراد له أن يتم في جنوب السودان، في ظل دولة مصطنعة ومرتبطة بالبيت الأبيض، وتحت رعاية الفاتيكان مع أن عدد المسيحيين في جنوب السودان ووفق إحصائية دقيقة، لا يزيد عن ربع سكانه . في حين أن المسلمين يفوقونهم عدداً، إذ يشكلون ثلث سكان الجنوب، والبقية من الوثنيين وأتباع ديانات وضعية أخرى . إن في هذا الذي حدث، وما تعمل الولايات المتحدة على إخراجه بتواطؤ مع الأنظمة ذات الصلة، لم يكن تعبيراً عن مصلحة كل الجنوبيين أو أغلبيتهم، ولا يحقق الهدف الذي يتحدثون عنه تحت لافتة حقوق الإنسان، فأين هي حقوق المسلمين في الجنوب المسيحي الجديد؟ وأين هي حقوق بقية الأقليات التي لا تنتمي إلى الأقلية المسيحية الحاكمة؟ وهل لا يزال في مقدور الأمة العربية والعالم الإسلامي المطالبة بتصحيح الخطأ، قبل أن يتم ترتيب أوضاع الدولة أو بالأصح الدويلة الجديدة؟


لقد كانت العقود الأخيرة، ومنذ اتفاقيات “كامب ديفيد” المشؤومة، وما جرته على الأمة من كوارث وويلات، عقود تفريط بالقيم الجوهرية، وبداية لتخبط مزرٍ على الصعيد السياسي، وما رافقه من عدم استقرار ومن انكسارات موجعة . ولعل ما يؤلم أكثر أن الصورة لا تزال تبدو للقيادات العربية غير واضحة، ولا يزال التخبط بادياً في المواقف الثنائية القائمة على الخوف والحذر، لا على التضامن ووحدة الصف . وإذا كان العلماء قد قالوا كلمتهم، وإن جاءت متأخرة جداً، فإن في إمكانهم أن يقولوا الكثير ويعملوا الأكثر من أجل الحفاظ على ما تبقى من مشاعر وحدوية ووطنية داخل الأقطار نفسها، وفيما بينها قبل أن تتفكك السلسلة، ويجد العرب أنفسهم بعد أن أصبحوا 22 دولة أكثر من خمسين أو ستين دولة .


الخليج

ثقافة الشمال والجنوب

ثقافة الشمال والجنوبأمير تاج السر

الكل يعرف هذه الأيام، أن السودان في طريقه إلى قدر أن يتمزق إلى شمال وجنوب، ملغيا بذلك سنوات الانصهار الطويلة التي عاشها السودانيون، برغم كل الحروب والتناحرات، وحركات التمرد، الإقبال الكبير على مراكز الاقتراع، النشوة الواضحة على وجوه الجنوبيين، والحوارات والاستطلاعات التي تجرى في كل بقعة فيها جنوبي من السودان، ليعلن صراحة، أنه مبتهج بدولة الجنوب الوليدة، وأنها ستكون دولة مثل الدول، وفي الإجابات عن مقومات الدول التي لم يشاهدها أحد من تلك الجيوش الإعلامية التي غزت العاصمة الجنوبية جوبا على حين بغتة، يجيب الجميع، أنه لا بد من معاناة في البداية حتى تنشأ الدولة، لا بد للجنوبيين أن يعملوا ليصنعوا حلمهم المستقل بعيدا عن سطوة شمال لم يقدرهم أبدا، ولا اهتم بأبسط حقوقهم.

المسألة كلها أشبه بكابوس كبير لا أدري كيف زرع في تلك الأدمغة، وفي الوقت الذي تسعى فيه كثير من الدول الممزقة للم شتاتها، وترتيق لحمها وعظامها لتستطيع الوقوف على قدميها، يأتي مثل ذلك الحلم الغريب ليداعب مواطنين، عاش كثير منهم في الشمال، عاشوا كما يعيش الآخرون، فيهم وزراء وموظفون، وقضاة وأطباء، وأيضا فيهم عمال بناء وصرف صحي وخدم في البيوت. نفس ما انطبق على أبناء الشمال انطبق عليهم، بل وأكثر من ذلك، كانت كثير من الترضيات، تفعل في حقهم، وحتى حين طبقت قوانين الشريعة الإسلامية، اعتبرت أرضهم أرض أقلية غير مسلمة، لن تطبق فيها القوانين كاملة، لم يمسهم سوط جالد، ولا حجارة راجم، ولا سيف سياف، ولا أي شيء من ذلك، ومع ذلك يأتي خيار الانفصال واضحا لا يحتاج إلى أيام إضافية لإعلانه.
ثمة سؤال سئلته كثيرا، وأنا أتحاوم في حوارات الصحفيين الثقافيين، الذين يبدو أنهم يؤمنون بأن كاتب الروايات ينبغي أن يكون ملما بكل شيء، ولا ينفصل عن هموم بلده، ومن هذا المنطلق تأتي أحيانا أسئلة لا أستطيع الرد عليها، إما لأنني لا أعرف، أو خوفا من الحرج، وغالبا ما يتولى الصحفي الرد بنفسه عليها، وإلحاقها بالحوار. السؤال:
ما تأثير انفصال الجنوب السوداني على الثقافة بالتحديد؟ وهل ستختلف كتابتكم معشر السودانيين عما كانت عليه؟
الإجابة: لا بد أن ثمة تأثيرا كبيرا سيحدث، تأثيرا في تناول المواضيع، وكتابتها، ودراسة الشخوص وحركتهم، والبحث عن تراث قديم أخذ، وثراء معرفي جديد جاء، أشياء كثيرة يمكن استنباطها بعد انفصال الجنوب، وفي مجال الرواية، بالتحديد وأيضا الشعر. لكن الأمر برغم ذلك يحتاج أولا إلى دمعات حزن يجب أنه تذرف، قبل أن نبدأ الكتابة عن العصر الجديد الغامض لسوداننا الذي نحبه.

عكاظ

هل تعصف الخرطوم بطغاتها؟..

هل تعصف الخرطوم بطغاتها؟.. قصة اغتيال زرقاء اليمامة ..البشير يرسخ مفهوم القمع. ويحسب أنه قايض المحكمة الجنائية الدولية لجنوب السودان..بئس المقايضة وبئس الثمن. حسن إبراهيم
في هذه الأيام والأعناق تشرئب إلى تونس تريد أن تصطلي بنار ثورتها على الجمود المخيف الذي يجلل العالم العربي، يصبح الشأن السوداني في غاية الأهمية. فالخرطوم مرشحة بعد تونس لتعصف بطغاتها، فالنظام السوداني بعد فشله في المحافظة على البلاد متحدة، واضاعته فرصة السلام الذي حل عام 2005، يجب أن يتحمل مسؤوليته التاريخية في هذا الفشل الكبير. لكن آفة السودان اصطناع الأعذار، كطوطم نسجد له نتعبد ونتبتل. فمرة هو الاستعمار ومؤامرات الحاقدين، وتارة الطابور الخامس من عملاء الاستعمار بصوره المختلفة، التي تختلف في تسمياتها مع كل مرحلة، فتارة هي الكنيسة وتارة هي الصهيونية وتارة هي الرجعية، وإلى ما لا نهاية من الشماعات الجاهزة. أما نحن فلم نرتكب شيئاً من الخطأ، بل نحن عبارة عن متلقين مستهدفين، لا حول لنا ولا قوة ولا ذنبا. هذا العمى التاريخي لا بد من تشخيصه ونحن على أعتاب كارثة جديدة. ''
تباريح ما قبل النهاية تكون مليئة بالشجن والحنين، خاصة إذا خطتها يد مغترب مثلي.. وقد يقدح بعد المسافة وطول الغياب في مصداقية ما أكتب، فالذي يراقب الأمور عن بعد ليس كمن يكتوي بنارها كل يوم. لكن بعدي عن الوطن لا يمكن أن يقلل اشمئزازي من أشياء كثيرة تحدث لنا أو أتوقع أن تحدث، إذا استمر المسار كما اختطته أيدي السادة الذين يتربعون على سدة السلطة، وأحسب أن مسارنا منذ أمد بعيد تشوبه أخطاء منهجية فادحة، رغم ما يصاحب كل حقبة في تاريخنا من 'نوايا طيبة' وحماسة تبلغ درجة الغليان ثم سرعان ما تنطفئ بنفس السرعة التي ثارت بها. '

وآفة السودان هي المؤدلجون إما صدقاً أو تقيةً، وما أكثرهم، وترى أهل التقية أشد حماساً من أصحاب الدعوة، ما أعني سيداتي وسادتي حارقي البخور والمتملقين يطلون علينا من شاشات التلفزيونات بعمائمهم يتوعدوننا بالويل والثبور وعظائم الأمور. ولو قرأت الصحف لوجدتها استحالت صفراء تكتظ بالترهات عن مجدٍ تحقق وإنجازات شهد عليها العالم أجمع. أما على أرض الواقع فالبؤس كما هو، وأثرياء النفط والعمولات كما هم، والتطاول في البنيان من أموال السحت كما هو، ولا يحتاج الأمر إلى زرقاء اليمامة لترى الجحيم القادم. وما أشد إيلاماً على النفس من رؤية خطباء المؤتمر الوطني وهم يتسابقون على تبرير فشلهم التاريخي في المحافظة على وحدة التراب السوداني. ومن يحاول لفت نظرهم إلى فداحة هذا الفشل التاريخي فعصي الأمن وسياطهم ورصاصهم حاضرة لتكميم الأفواه. '


للكتابة عن الطريق إلى التاسع من كانون الثاني/يناير ولنسمه نهاية المطاف، وهو حقيقة نهاية المطاف لأرض المليون ميل مربع، بعد أن انتهى الاستفتاء، فلا بد لنا على الأقل من 'صفر' تاريخي.

الوطن المسمى اصطلاحاً بالسودان كيان أفرزته حاجة الخديوي محمد علي باشا للجنود والذهب. ولعل ما أغرى الخديوي الألباني الأصل كانت كتب التاريخ المليئة بأساطير عن ثروات ضخمة في جنوب الوادي، وعن جند شداد غلاظ كفيلين بإنجاح أحلام الخديوي في إنشاء إمبراطورية تشمل الشرق الأوسط والقرن الافريقي ومنابع النيل، وإن أمكن تركيا واليونان. لكن صدم الجيش الغازي بوعورة مسالك الأراضي التي احتلها، وشراسة مقاومة بعض القبائل والممالك التي تقطن أرض ما سمي لاحقاً بالسودان. ولا نعني هنا السودان التاريخي النوبي الفرعوني، أو اليهودي أو المسيحي، أو حتى السلطنة الزرقاء التي أصموا آذاننا كسودانيين عن التحالف التاريخي بين عبد الله جماع وعمارة دنقس، كأنها كانت الأندلس السليبة، ونسوا في مناهجنا المدرسية أن يخبرونا أنها كانت مملكة جهالة أنتجت كتاباً واحداً على مدى ثلاثمئة سنة، فالسودان الذي نعنيه بحدوده الحالية هو مساومة جغرافية وتاريخية اقتضتها ضرورات تلك الحقبة. وتحددت مصائر القبائل والشعوب التي تقطن تلك الرقعة بقدر إمكانيات جيش الخديوي، ولانعدام وسائل الحضارة والتعليم الحديث اضطر الباشا إلى إنشاء حكومة أخذت على عاتقها إدارة دولة قارة مترامية الأطراف. وفرضت الضرائب على الناس لا لثرائهم وغزارة إنتاجهم، بل لتعويض ما خسرته مصر الخديوية في الغزو.. وسرعان ما انهارت الإدارة الخديوية على يد المهدي، الذي شكلت ثورته أولى محاولات رسم هوية لهذه الرقعة من الأرض. ولوفاة المهدي قبل أن يستطيع بناء الدولة الجديدة، تولى إدارة البلاد الخليفة عبد الله التعايشي، الذي شكل حكمه المعادل التاريخي لحكم 'طالبان'، أي أن المرجعية الوحيدة التي تلجأ إليها الدولة هي الكسب الفقهي التقليدي، رغم ادعاء المهدية استقلالاَ فكرياً لم تكن تملك أدواته.. فالشريعة في نظر الخليفة تحولت إلى مجموعة من الأوامر والنواهي والجلد والقطع والتعزير، أي ذات الشريعة التي 'يتوعدون' بها الشعب السوداني بعد التخلص من أثقاله المسيحية والبانتوية. وما دمنا في مجال الاستطراد فلنعرج على تاريخ الحكم في الإسلام لنعرف أصول هذا الافتراء على الناس باسم الدين.

'في عام 400 هجرية صدر كتاب 'الأحكام السلطانية' لأبي الحسن الماوردي، الذي فصل فيه العلاقة بين الدولة والمحكومين، وركز السلطات في يد ولي الأمر. فالشورى غير ملزمة، وخلع ولي الأمر ولو كان فاسقاً إثم. باختصار كتاب 'الأحكام السلطانية' درس بليغ في صناعة الديكتاتور. لكن في عام 408 هجرية صدر كتاب آخر بنفس العنوان، لكن لفقيه ثائر هو أبو يعلى الحنبلي. وفيه الحاكم خادم للأمة والشورى ملزمة ولو فسد الحاكم، فإن خلعه يصبح فرض كفاية، أما في زمان الأزمات والحروب فهو فرض عين على كل مسلم قادر على القتال.. بالطبع حاول الجميع طمس كتاب أبي يعلى وتوسعوا في طباعة وتمجيد الماوردي حبيب الطغاة وأهل الحكم بالفرمانات. لكن الفشل المدوي لهذه الحكومة له جذوره في تاريخنا المعاصر. فحكوماتنا أدمنت الفشل منذ استقلالنا عام 1956، وبدأنا حكم أنفسنا بحرب ضروس، أفحش فيها قادة البلاد في القتل وارتكاب الفظائع ضد أهل الجنوب، وترسخت الكراهية واقعاً معاشاً، والنظرة الدونية لأهل جنوب السودان بلا كوابح من حياء أو حتى من قبيل البراغماتية السياسية.. ولا عجب، فاستقلالنا نفسه أتى عبر موائد مخملية بين سادة أثرياء أنعم عليهم المستعمر بإقطاعيات طوروها بسواعد أبناء طوائفهم، الذين يعاملونهم كأنصاف آلهة لا يأتيهم الباطل من أمامهم ولا من خلفهم، ثم بجهود الإنتلجينسيا التي رباها المستعمر على سراطٍ اختط محدداته. إنهم نخبة ما بعد هزيمة كرري، آخر وقفة للسودان الذي انتزع قدره من براثن المستعمر. علمنا التاريخ أن المجتمع المهزوم لا ينتج إلا خدماً للأسياد أو المستعمرين، هذه هي النخبة التي يتباكى عليها البعض، وهؤلاء هم أمثلتنا العليا. فيا للضياع.'


النخبة التي حكمت منذ استقلالنا وحتى بدايات أدلجة الحكم في السودان هي نخبة مهزومة ناقصة الطموح، وفي كثير من الأحيان قابلة للشراء. تستطيع إغماض عينيها عن معاناة الناس لمن يدفع الثمن، وتتقن التماس العذر للحكام، وتسن ألسنتها لسباب من يحاولون إيقاف السقوط عمودياً إلى الهاوية. وأرجو أن لا نكون كما قال صديقي الكوميديان الجزائري إسماعيل 'نحن قوم إذا وصلنا إلى قاع الهاوية حفرنا'.'


تخيل أنك مواطن من جنوب السودان تمشي في شوارع العاصمة، فترى شارعاً رئيسياً يسمى شارع الزبير باشا تاجر الرقيق التاريخي، ألا يكون هذا كفلسطيني يمشي في مدينة أطلقت اسم أرييل شارون على أحد شوارعها؟ أليس هذا من مؤججات الكراهية والاغتراب؟


من أكثر الأوهام السودانية إثارة للاشمئزاز مقولة انه لا عنف في السياسة السودانية. وهذا افتراء على الحقيقة من أمة خاضت حربين أهليتين على مدى خمسين سنة، لم تعرف فيها الاستقرار إلا سنين قليلة. أو لا يشكل مقتل مئات آلاف، بل الملايين من مواطني جنوب السودان عنفاً؟ لكن الساسة في دوائر الخرطوم المخملية يعتبرون أنه ما لم تكن هناك اغتيالات سياسية فلا عنف هنالك.. وهو وهم يفضح العنصرية الكامنة في النفوس، التي تنزع صفة الإنسانية من أهل الجنوب. والأمر كذلك في تعامل أهل المركز مع قضية دارفور حتى قبل نشوب الحرب عام 2003. أتذكرون أيام النميري والمحاولات الانقلابية المتكررة. يومها كان يعلن عن اكتشاف مؤامرة لقلب نظام الحكم، لكن لو شارك في المؤامرة ضابط أو ضباط من دارفور كانت تسمى المؤامرة العنصرية.''


الآن وقد أصبح انفصال الجنوب واقعاً لا سبيل لتغييره، يتدافع الشماليون بقيادة الحزب الحاكم لنيل رضاء أهل الجنوب، وكتابة قصائد الغزل في جنوب السودان، بل وصلت المزايدات إلى حد تغني البعض بالحب الدفين الذي كانوا دائماً يكنونه للجنوب وأهله. ترى لماذا لم يتم التعبير عن هذا الوله والحب منذ خمسين عاماً؟ ولنعد بالذاكرة إلى الحرب الأهلية الأولى والثانية وكيف استقبل أهل الجنوب وكيف اعتبروا 'الحزام الزنجي' حول العاصمة القومية. أتذكرون كيف أزيحت الأحياء التي كانوا يقيمون فيها عام 1992، وكيف اقتيدوا إلى معسكرات خارج العاصمة وبعيدة عن جميع الخدمات، يومها احتجت منظمات حقوق الإنسان، لكن لا حياة لمن تنادي.. لم يكن هناك رد فعل غاضب من أهل الشمال، الذين يتبارون هذه الأيام على التغزل في جنوب السودان. وعندما يجد إنسان الجنوب نفسه في مأزق مزدوج فلا تلوموا أهله على ردود الأفعال غير المنطقية. وتأملوا ساعة الاستقلال عام 1956 وكان قد مضى حوالي اثني عشر يوماً على التمرد في مدينة توريت.. ماذا كان رد فعل السودانيين الشماليين؟ ترى لو كان في الخرطوم عقلاء أصحاب بصيرة نافذة، أما كانوا قد طوقوا آثار التمرد وأطفأوا نار الفتنة. لكن تداعى القوم المسالمون بالفطرة أهل التسامح في السياسة، بالثأر لقتلى الشماليين من الرجال والنساء والأطفال، وعقدوا العزم على معاقبة أهل الجنوب ليس فقط لمحض الجريمة، لكن لأنهم تجرأوا على من يعتبرون أنفسهم سادة.'وقبل أن نسارع إلى نفي الاتهام يجب أن نصدق مع أنفسنا ونتأمل ما نفعله في مجالسنا الخاصة وكيف نتناولهم، أي أهل الجنوب بألسنتنا وكيف نتعامل مع الثقافة الجنوبية، كما يتعامل أنثروبولوجي غربي. ولعل من مظاهر الاتسحاق الجنوبية ومحاولة التماهي في المحيط العربي الشمالي هو اكتسابهم لبعض العادات الشمالية السيئة، مثل 'ختان الإناث' الذي لا يعرفونه في جنوب السودان.


واحدة من سقطاتنا السياسية هو إعلان الجهاد على الحركة الشعبية لتحرير السودان. وفجأة تحولت الحرب الأهلية إلى صراع عقائدي، بعيداً عن المحددات الأولى من 'مناطق نفوذ ورعي وصراع سياسة'.. ورغم ما يردده البعض من 'مؤامرات الكنيسة والغرب' فإن أسباب الحرب الأهلية داخلية تكمن في عجزنا عن إدارة الموارد وتحقيق التنمية وتوزيع الثروة'، ولم تكن بسبب تحريض مباشر من البعض على سوداننا المنيع القوي. لكن سيطرت عقلية المؤامرة على عقلنا الجمعي.. ولعل السياسة الدولية عانت من الذين يرفضون منطق الواقعية السياسية ويبحثون دائماً عن مؤامرة. كان وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس دوايت آيزنهاور جون فوستر دالاس. ويومها كانت الحرب الباردة في أوجها. كان من عادة الاستراتيجيين في الخارجية الأمريكية رسم خط بياني على سبورة موضوعة في غرفة العمليات الملحقة بمكتب الوزير كل يوم بالطبشور. وكان الرسم البياني يوضح درجة الخطر السوفييتي. وكانت هناك عوامل كثيرة معقدة تدخل في الرسم، إلا أن دالاس كان يمسح الخط صائحاً: الخط يجب أن يكون مستقيماً. هذا صراع بين قوى المسيح وقوى الشر.. كلفت عقلية دالاس المتحجرة الولايات المتحدة كثيراً. ورغم صرامة الرجل فقد أوقع بلاده في مآزق كثيرة قدحت في مصداقيتها. على سبيل المثال شجع دالاس ثورة المجريين على الحكم التابع لموسكو ووعدهم بتقديم الدعم، لكن دمرت الدبابات السوفييتية بودابست ولم يحرك دالاس ولا بلاده ساكناً.'


ضيق مواعين أهل السياسة المؤدلجة أدى إلى الكثير من المآسي.. يتصايح بعضهم بشعارات لا يدركون كنهها، ويندفعون إلى مواقف مكلفة ليس لهم فقط بل لعموم البلاد. وبعض هذه الشعارات وصل إلى حد الكذب الصريح. فمثلاً كيف تكون الوحدة جاذبة ومزاج البلد ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً لا يعرف إلا اتجاه العالم العربي. أين جنوب السودان في مناهجنا التعليمية؟ ماذا يعرف الطفل في الخرطوم أو شندي عن جنوب السودان وأديانه وثقافاته؟ ماذا يعرف عن الشخصيات الجنوبية التي قاتلت في سبيل الاستقلال حتى بداية الثلاثينات من القرن المنصرم؟ صمت كامل عن إسهامات الجنوبيين في كثير من المجالات؟ '


الإحساس بالتفوق على الجنوبيين يعم كثيراً من أهل الشمال، وخاصة السياسيين منهم. وكان مشهداً فريداً ذاك يوم التفت زعماء التجمع الوطني الديمقراطي إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان وجيشها ليقاتل عنهم النظام، وهم قابعون في فنادقهم.. أحقاً توقعوا من الراحل العظيم الدكتور جون قرنق أن يسلم بقيادة التجمع، وهو الذي يقود الحركة الأقوى والوحيدة التي كانت تقاتل وتقدم التضحيات؟'


بعد توقيع اتفاقية السلام واستمرار تدفق النفط وعوائده الضخمة عجزت الحكومة عن تحويل الثروة إلى طوق نجاة للمواطن السوداني المسحوق. وتجذرت النزعة الكومبرادورية والسلوك الاستهلاكي، وما يتبعها من تخثر وتبلد في الإحساس بمعاناة الناس. نعم تطاولت العاصمة في البنيان ودخلتها السيارات الجديدة والفنادق الباذخة، لكن تكميم الأفواه لم ينته، وإغلاق الصحف لم ينته، وجلد النساء كظاهرة غير حضارية لم ينته. وأضحى المواطن الشمالي والجنوبي أسيرين لحزمة قوانين لا دستورية ولا ديمقراطية، وتحول مذاق الحياة إلى طعم شديد المرارة. فكيف يتوقع البعض أن تكون العاصمة بهذه الصورة ولا يحس فيها المواطن بأنها لجميع السودانيين، لا للأقلية المتنفذة المهوسة بفقه كتبه رجال ماتوا منذ قرون طويلة.


'والمشير الرئيس عمر البشير يرسخ مفهوم القمع. ويحسب أنه قايض المحكمة الجنائية الدولية لجنوب السودان. بئس المقايضة وبئس الثمن.

'
' كاتب سوداني

القدس العربي