Featured Video

النظم المضادة للعبوات المتفجرة في الميدان


 
موسى القلاب*

نتيجةً للدروس المستفادة ودراسة مخاطر الحوادث الجسيمة للتفجيرات الناتجة عن العبوات المتفجرة، التي تعرضت لها القوات الأميركية والحليفة في العراق وأفغانستان على وجه التحديد، قامت الشركات الصانعة – وما زالت – بدراسة وتصنيع وتطوير
أحدث التقنيات والحلول الميدانية المبتكرة ، شاملة أنظمة كشف وتعطيل العبوات الناسفة وإبطال مفعولها عن بعد، علاوةً على اجراءات الحماية الذاتية لمختلف أنواع الاليات المقاتلة وناقلات الجند ، وتقوية جوانبها بصفائح فولاذية بصورة أفضل من ذي قبل.

وقد جرى ذلك بالتنسيق مع قيادة القوات البرية الأميركية (الجيش الاميركي)، ومشاة البحرية، ووزارة الدفاع الأميركية، ومؤسسات وشركات صناعية كبرى مختصة وذات علاقة مباشرة بتقوية تدريع الآليات المقاتلة  وتصنيع أنظمة الكشف والتفجير عن بعد لمختلف أنواع المتفجرات العشوائية المنتشرة بكثافة في ساحات القتال.

ولهذا الغرض تم وضع تلك الحوادث الدامية تحت تصنيفات عدة ليسهل دراستها ومقارنتها ومتابعتها وتحليل أدواتها وطرق استخداماتها، وذلك بهدف التوصل إلى استراتيجية تقنية عملياتية شمولية، وخطط مفصلة للتغلب على كل حالة من الحالات التفجيرية المحتملة في المستقبل، قياساً على تلك التي جرى رصدها وتسجيلها فعلياً في الميدان.

كل ذلك كان بهدف الوصول إلى اعتماد إجراءات ميدانية عملية مضادة للعبوات المتفجرة، بحيث تكون قابلة للتطبيق والقياس وللتغلب على معظم تلك الحالات التفجيرية المبتكرة واستئصالها قبل وقوعها .

التوجهات المعتمدة

لعل من أهم التوجهات في هذا المجال، تصميم وصناعة واختبار ونشر وتقييم آلية القتال المضادة للعبوات المتفجرة Bomb-Resistance Vehicle  ، بموجب دراسات دقيقة لحالات محددة، كدراسة سبل حماية الآليات العسكرية من مثل تلك الأخطار، وعليه جرى التوجه نحو انتاج الآلية الجديدة المقاومة للألغام المحمية من الكمائن MRAP ، بدلاً من الآلية الأميركية  الحالية " همفي " Humvee .
وبناءً عليه، قامت وزارة الدفاع الأميركية بإنشاء المكتب المشترك للتغلب على معضلة  العبوات المتفجرة Joint IED Defeat Office (JIEDDO) ، للعمل المشترك مع المختبرات الوطنية وإدارة الطاقة والمقاولين والأكاديميين ، بالإضافة إلى مركز التدريب الوطني في " فورت ايروين Fort Erwin " بكاليفورنيا .

وقد جرى اختبار وتقييم أنظمة الإجراءات المضادة للعبوات التفجيرية، ووضع التوصيات اللازمة لغايات الاستخدامات الميدانية. إذ تتألف تلك الأنظمة المضادة من معدات وأجهزة تشويش الكتروني ورادارات  وأشعة " اكس"، و " الروبوط"  الآلي  مثل " تالون" Talon من (QinetiQ / Foster Millar)  و"باك بوت" (PackBot)  من iRobot لتدمير المتفجرات، بالاضافة الى اللوازم اللوجستية الأمنية والدروع الواقية  للآليات المقاتلة وألبسة الجنود في الميدان


مجالات الاهتمام

تعتمد عملية مواجهة اخطار العبوات المتفجرة في الميدان أساساً على توظيف وتفعيل عمليات الابتكار والموارد والقدرات بهدف استغلال المواقع التكتيكية للقوات المسلحة، من أجل التدريب والتعلم والنجاة من أخطار العبوات المتفجرة . لاسيما وأن مجالات الاهتمام القياسية تشتمل، ولا تقتصر، على الجوانب التالية:


أولاً - استخدام تقنيات عملية ومبتكرة لتمييز وفهم طرق الاستفادة من التكنولوجيا والتكتيكات المستخدمة من قبل القوات المسلحة؛ حيث تهدف هذه المهمة الى إيجاد منتجات تسهل وتيسر مهام البحث عن العبوات، تحديد مكانها، إنهاء مفعولها، استخدام الأدوات المضادة لها، تحليل سبل مواجهتها، ونشر المعدات المطلوبة لمكافحتها.

ثانياً  - إجراء التمارين والتدريبات الضرورية المتعددة والقادرة على دعم واسناد عمليات القوات الخاصة والقوات المشتركة على مستوى الفصيل والسرية، لمواجهة اخطار الذخائر الحية القابلة للانفجار في المناطق المأهولة

ثالثاً – لا بد وأن تدعم الطرق والوسائل المعتمدة وتساند القوات المشاركة بالنزاعات المسلحة منخفضة الحدة.

من جهة ثانية أطلقت المملكة المتحدة في حزيران/ يونيو من العام الماضي برنامج نظام تاليسمان Talisman لمواجهة العبوات المتفجرة، وتم اختيار خمسة مكونات لكل نظام تشمل:


*  مركبة الدورية المحمية ب من نوع ماستيف Mastiff 2 من Force Protection الأميركية، بتوكيل لشركة NP Aerospace البريطانية.

* مركبة بوفالو Buffalo لإزالة العبوات المتفجرة بذراع التنقيب، تتمتع بحماية كبيرة من الألغام من Force Protection .

* الحفارة الميكانيكية الهندسية ذات الحركية العالية من نوع JCB .

* الطائرة دون طيار صغيرة الحجم من نوع تي – هوك T-Hawk  من Honeywell .

* الآلية البرية الروبوطية من نوع تالون Talon  من QinetiQ / Foster Millar .
من جهة ثانية، أنتجت شركة آي تي تي ITT الأميركية أنظمتها المتعددة المضادة للعبوات المتفجرة باللاسلكي، لتعطيل مفعولها عن بعد، ليس فقط لصالح القوات البرية بل للقوات الجوية والبحرية على حد سواء


في حين أطلقت شركة L-3 Communications الأميركية تقنيات الجيل القادم التي تمثل حلولاً واسعة النطاق لتقوية الدروع، ولمواجهة أخطار العبوات المتفجرة ، بواسطة النظام التكتيكي للتشويش والتدابير المضادة Broad Shield Tactical Manpack (TMP) . يُحمل هذا النظام فردياً من قبل الجندي وقد جرى خفض وزنه بنسبة 50 بالمائه عما سبقه من أنظمة مشابهة وبكفاءة كاملة غير منقوصة.
كما وقعت شركة آلن فانجارد الكندية Allen-Vanguard   مع وزارة الدفاع الأميركية عقداً لمدة ثلاث سنوات يصل الى 7.5 مليون دولار كندي، من خلال مؤسسستها الفرعية Hazard Management Solutions ، لتقديم نظامها العملياتي التدريبي المصمم لاستقبال الاشارات والتشويش على العبوات المتفجرة Crew Vehicle Receiver/Jammer (CREW) ، والذي سيتم تثبيته على  آليات خاصة والمسمى VICTOR VBIED  .  
الاجراءات الميدانية

أما بخصوص الإجراءات الوقائية على المستوى التكتيكي في الميدان ، فقد نصحت القيادات العليا للتشكيلات العسكرية الأميركية وحداتها الفرعية ، لاسيما أطقم الآليات المدرعة بالتركيز على النقاط الوقائية الميدانية التالية :
  • تدريب الضباط والجنود في الميدان على ما يعرف بـ " رفع درجة الحيطة والحذر" – اليقظة العالية -  نحو حقيقة وجود العبوات المتفجرة والألغام Mine Awareness ، من أجل معرفة كيفية التعامل معها.
  • ضرورة ارتداء الألبسة الواقية من الشظايا كالخوذات المعدنية وواقيات الصدر والأطراف ، من قبل كافة العاملين في الميدان، لا سيما أطقم الآليات المدرعة عموماً وناقلات الجنود المدرعة على وجه الخصوص .
  • أهمية وضع أكياس رملية في أسفل قعر آلية القتال المدرعة من الداخل، لتحقيق درجة معينة من الوقاية النسبية للجنود بداخلها .
  • من المفيد في بعض الحالات صعود الجنود إلى أعلى الدبابة، إذا كان الموقف القتالي يسمح بذلك، إذ أن بقاءهم بداخلها قد يعرضهم لمخاطر أكبر عندما لا يتمكنون من الخروج منها، بعد إصابتها بعبوة متفجرة من الأسفل.
  • قد يكون من المجدي في بعض الأحيان ترك بعض منافذ آلية القتال مفتوحة بدرجة بسيطة، لمنع العصف والضغط الناتج عن الانفجار من الإضرار بالجنود، مع إبقاء مسمار الإغلاق ( الأمان) في مكانه لمنع دخول الشظايا داخل الآلية، ما يهدد بنفس الوقت سلامتهم .
  • ضرورة تعميم الحقائق والتوجيهات والإرشادات الهامة، على مختلف الوحدات المعنية وأفرادها في الميدان، بناءً على حوادث التفجيرات الجديدة، بهدف تحسين مستوى معرفتهم في هذا المجال وعدم الوقوع بأخطاء سابقة وقع بها زملاؤهم الجنود.
  • عقد دورات الإنعاش المتعلقة بالإسعافات الأولية في الميدان للضباط والجنود على مختلف رتبهم ومستوياتهم القيادية .
وفي الختام يمكن القول أن مخاطر العبوات المتفجرة على الجنود والآليات في الميدان ما زالت قائمة، وما زالت برامج تطوير الوسائل والاساليب المضادة لها قائمة في الميدان والمختبرات والمصانع على حد سواء.
 --------------------------------
* باحث وكاتب في الشؤون الاستراتيجية
 

0 التعليقات :

إرسال تعليق