بات الغرب تحت رحمة الصين بالكامل، إذ يتمتع قراصنة الإنترنت الصينيون بإمكانيات عالية تتيح لهم خنق الشركات الغربية العامة والخاصة حتى النفَس الأخير، متى كان هذا هو المطلوب. ويوضح أحد القراصنة أن "لا شيء يحول دون اختراق المواقع الغربية. فلكل سور عظيم نقطة ضعيفة في مكان ما".
فقد بلغت في العام الماضي، تكاليف هجمات القرصنة الإلكترونية الخارجية على بريطانيا وحدها 27 مليار جنيه (44 مليار دولار).
وتبعًا للخبراء، فقد كان السواد الأعظم من هذه الهجمات آتيًا من الصين، التي يعتبرونها مسؤولة عن 1.6 مليار هجوم كل شهر على مختلف المؤسسات البريطانية.
وفي 18 نيسان/ أبريل، بثّت فضائية "سكاي نيوز" الإخبارية تقريرًا من مراسلتها في بكين، هولي وليامز، وصفه الخبراء البريطانيون بأنه "مرعب".
فهو يوضح مدى قدرات قراصنة الإنترنت "الهاكرز" الصينيين - أفرادًا وحكومة أيضًا - على خنق الحكومات والشركات الغربية حتى النفَس الأخير متى شاؤوا.
بوسع القراصنة التحرك بحرية على طيف واسع، يبدأ من الاستحواذ على هويّات الأفراد وتفاصيل حساباتهم المصرفية، ويمر بسرقة الأسرار الصناعية والتكنولوجية، وقد يصل إلى تعطيل شبكات الكهرباء والمواصلات والموارد المائية والعسكرية، في حال الحرب أو مجرد الأعمال الانتقامية... بعبارة أخرى فإن الغرب تحت رحمة الصين بالكامل.
وقالت المراسلة إنها التقت بشخص يقول إنه "خبير أمني"، وليس قرصانًا إلكترونيًا، ووافق على الحديث إليها شريطة حجب هوبته تمامًا. وكان كل ما تعرفه عنه أنه في الحادية والعشرين من عمره، وأنه جاء الى بكين من بلدة صغيرة في جنوب البلاد، ولم يتلق أي تدريب على استخدامات الكمبيوتر، وإنما علّم نفسه بنفسه.
فطلب إليها بدء عملية شراء من أي متجر تختاره على الإنترنت. وخلال دقائق قليلة كان قد سرق سائر تفاصيلها الشخصية والمصرفية، وقدمها إليها مطبوعة على ورقة.
وسألته عما إن كان بمقدوره اختراق مواقع أكثر تحصينًا، مثل الحكومية والعسكرية الغربية، فقال: "حتى أعتى الإجراءات الأمنية تعاني ثغرات هنا وهناك. والقائمون على الأجهزة المحصنة يظنون أنهم في مأمن من القرصنة الإلكترونية، لأن لديهم البرمجيات الأكثر تقدمًا في العالم. لكن لا شيء يحول دون اختراقها. لكل سور نقطة ضعيفة في مكان ما".
من جهتها، تقول الحكومة الصينية إنها تطارد القراصنة، وإنها ألقت القبض في العام الماضي على المئات منهم، وأغلقت "مدرسة" للقرصنة الإلكترونية، قالت إنها كانت تضم 180 ألف "طالب". لكن الواقع أن عدد الهاكرز الصينيين يحصى بمئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، وأن "المدارس" من ذلك النوع، وإن كان لا يعرف عددها، فهي كثيرة بأقل وصف.
أتى في التقرير حضور المراسلة "مؤتمرًا" علنيًا نظمته جماعة قراصنة معروفة في فندق من فئة الأربع نجوم في العاصمة الصينية. وهو مؤتمر تولّت تمويله شركة أمنية ذات صلة بالمؤسسة العسكرية الصينية، وكان بين الأوراق المقدمة فيه "تغلّب على ويندوز 7" و"الإصابات الفيروسية الظاهرية".
وأوضح هذا المؤتمر بجلاء "الروابط" بين مياه القرصنة الإلكترونية العكرة والحكومة الصينية نفسها.
فقد قدّم رجل نفسه إلى المراسلة على أنه عميل أمني، وقال: "نحن هنا لمعرفة ما إن كان لديهم (القراصنة) ما يمكننا الاستفادة منه قبل التحرك خطوة أخرى الى الأمام. نعتقد أن السماح لهم بالخروج الى العلن والتعاون الظاهري معهم وسيلة أفضل من محاولة مطاردتهم وهم في الخفاء".
ويُتهم القراصنة الصينيون باختراقهم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" المعتبرة أكثر أجهزة الكمبيوتر تحصينًا في العالم، وأيضًا تحصينات أعمدة الغرب الأخرى، مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
ففي العام 2009، قال الخبراء الأمنيون إنهم تمكنوا من تقصي أثر Ghostnet "غوستنت" (الشبكة الشبح)، وهي أكبر شبكات الهجمات الإلكترونية على المؤسسات الغربية، إلى الصين.
وقال أولئك الخبراء إن "غوستنت" نجحت في السيطرة الكاملة على عمل أكثر من 1200 شبكة إلكترونية تابعة لسفارات وهيئات دولية ومجموعات إعلامية في أكثر من 100 بلد حول العالم.
لكن التهديد الصيني الحقيقي - في الوقت الحالي على الأقل - يتمثل في سرقة الأسرار الصناعية الغربية.
في العام الماضي (2010)، تمكن القراصنة الصينيون، تبعًا للتقرير، من اختراق دفاعات العديد من كبرى الشركات الغربية العاملة في مجال النفط والغاز -المعتبر حيويًا بالنسبة إلى الاقتصاد الصيني.
وكُشف النقاب أخيرًا أيضًا عن أن "مورغان ستانلي"، أحد أكبر مصارف العالم، تعرّض لهجمات استمرت ستة أشهر، وقيل إنها أتت من الصين.
وخلال الشهر الماضي (آذار/ مارس) كذلك، رفعت باريس النقاب عمّا وُصف بأنه "أكبر غزوة إلكترونية في تاريخ الدولة الفرنسية"، هدف في ما يبدو إلى الحصول على معلومات تتعلق بكيفية التعامل الفرنسي مع مجموعة العشرين التي يترأسها العام الحالي الرئيس نيكولا ساركوزي.
وقد سارع المسؤولون في وزارة المالية لإيقاف حوالي 10 آلاف كمبيوتر عن العمل فور اكتشافهم عملية الاختراق الإلكتروني، التي طالت أكثر من 100 جهاز، وقيل إنها ظلت مستمرة منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إلى حين اكتشافها.
وقالت الوكالة القومية الفرنسية لأمن تكنولوجيا المعلومات، إن الواقفين وراء الهجوم "يتمتعون بمهارة وتنظيم على مستوى جد عال. فقد ظلوا يتحكمون في أجهزة رؤساء الإدارات في وزارة المالية، حتى بدون أن يثيروا انتباه أحد طوال تلك الفترة".
يشير الشاب الصيني الذي التقته المراسلة أولاً- إلى الخطر الأكبر وهو أنه لو قُدّر للغرب الدخول في حرب مع الصين أو أي نزاع خطر يوقفهما على شفيرها، "فبوسع القراصنة،- أفرادًا وحكومة - التسبب في دمار غربي لا تحوي الكلمات وصفه" على حد قوله.
على سبيل المثال، وليس الحصر، يستطيع أولئك القراصنة تعطيل شبكات الكهرباء. وكما يقال، فإن السواد الأعظم من الأشياء يعمل بالكهرباء. ويمكن للقرصان الصيني أن يختار ما حلا له من أمكنة لتعطيل الكهرباء فيها، من العاصمة فقط إلى البلاد بكاملها.. هو الذي يختار.. وبسهولة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق