د.خليل حسين
استاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بالجامعة اللبنانية
القسم الاول
التأسيس والهيكلية ، الاهداف وشروط العضوية
تعود نشأة منظمة التجارة العالمية الى الظروف الدولية التي نشأت في اعقاب الحرب العالمية الثانية كتعبير عن النية لبناء نظام عالمي جديد، عبر محورين اساسيين ؛ سياسي تمثل بانشاء هيئة الامم المتحدة ، واقتصادي تمثل بالاتفاق العام لالغاء التعرفة الجمركية والتجارة ( الغات) ،حيث دخلت هذه الاخيرة حيز التنفيذ في العام 1948 . واذ تعتبر منظمة التجارة العالمية من اقوى المنظمات الاقتصادية المنشأة في القرن العشرين، فقد اشرفت على حسن تنفيذ جولة أورغواي (1986-1994)، وهي آخر جولة وأهم الجولات التي أدت إلى إنشاء المنظمة، لما توصلت إلى نتائج إيجابية حول إلغاء القيود الكمية المفروضة على الواردات، ولم تقتصر على تنظيم تجارة السلع بل شملت تجارة الخدمات وحقوق الملكية الفكرية، كما أفرزت آليات جديدة تتعلق بفض المنازعات التجارية.
اولا : تأسيس الغات (1947)
افضت مفاوضات جولة جنيف الأولى عن 45 ألف امتياز جمركي بتكلفة عشرة مليارات دولار من التجارة، أي ما يقارب خمس إجمالي إنتاج العالم في تلك الأيام، كما وافقت الدول ال 23 المشاركة، على ضرورة قبول بعض قواعد التجارة الموجودة في مسودة ميثاق منظمة التجارة الدولية، ورأت ضرورة إنجاز هذا الأمر بسرعة وعلى نحو مشروط لحماية قيمة الامتيازات الجمركية التي تم التفاوض بشأنها. وعرفت هذه الصفقة المشتركة لقواعد التجارة والامتيازات الجمركية في ما بعد باسم "الغات" أو الاتفاق العام للتعرفات الجمركية والتجارة، وأصبحت سارية في كانون الثاني 1948، في حين كان ميثاق منظمة التجارة الدولية لايزال قيد التفاوض، وأصبحت الدول
الـ 23 هي الأعضاء المؤسسة للغات (الأطراف المتعاقدة). وقد تركزت المفاوضات خلال هذه الجولة وجولات أنيسي 1949، وتوركي 1951، وجنيف 1956، وديلون 1961، حول التعرفات الجمركية والإجراءات الحدودية الأخرى، وفي الدرجة الأول بين الدول الصناعية. (1)
الـ 23 هي الأعضاء المؤسسة للغات (الأطراف المتعاقدة). وقد تركزت المفاوضات خلال هذه الجولة وجولات أنيسي 1949، وتوركي 1951، وجنيف 1956، وديلون 1961، حول التعرفات الجمركية والإجراءات الحدودية الأخرى، وفي الدرجة الأول بين الدول الصناعية. (1)
جولة كينيدي (1964-1967)
ادت هذه الجولة الى اتفاق "الغات" لمكافحة الإغراق، لكنها فشلت في الاتفاق على القضايا الزراعية في أول محاولة للتفاوض على التدابير غير الجمركية، كما رفضت الاتفاقات الأخرى غير الجمركية في الولايات المتحدة، وكذلك فشلت الاتفاقات حول مكافحة الإغراق وتقدير الجمارك، لأن قانون عام 1962 الخاص بالتوسع في التجارة لم يرد فيه ما يتعلق بالإجراءات غير الجمركية، ورفض الكونغرس الأميركي إقرار تشريع للاتفاقات.
جولة طوكيو (1973-1979)
تعتبر جولة طوكيو محاولة جادة لتوسيع وتحسين نظام الغات، فقد تمت صياغة أول مجموعة مبادئ غير جمركية لإدارة تقديم الدعم والرسوم التعويضية والمشتريات الحكومية وتقييم الجمارك وتراخيص الاستيراد والمستويات ورسوم مكافحة الإغراق والطيران المدني ومنتجات الألبان واللحوم.
وفي الجدول التالي ملخص لاهم القرارات التي تم التوصل اليها في جولات الغات السبعة :
السنة | اسم ومكان الانعقاد | الموضوعات | عدد الدول |
1947 | جنيف | التعرفات الجمركية والإجراءات الحدودية الأخرى، وخاصة بين الدول الصناعية | 23 |
1949 | أنيسي | التعرفات الجمركية والإجراءات الحدودية الأخرى، وخاصة بين الدول الصناعية | 13 |
1951 | توركي | التعرفات الجمركية والإجراءات الحدودية الأخرى، وخاصة بين الدول الصناعية | 38 |
1956 | جنيف | التعرفات الجمركية والإجراءات الحدودية الأخرى، وخاصة بين الدول الصناعية | 26 |
1960-1961 | ديلون | التعرفات الجمركية والإجراءات الحدودية الأخرى، وخاصة بين الدول الصناعية | 26 |
1964-1967 | كينيدي | التعرفات الجمركية وإجراءات مكافحة الإغراق | 62 |
| | | |
1973-1979 | طوكيو | التعرفات الجمركية، والتدابير غير الجمركية، واتفاقات نطاق العمل | 102 |
1986-1994 | أورغواي | التعرفات الجمركية، والتدابير غير الجمركية، والقواعد، والخدمات، والملكية الفكرية، وتسوية المنازعات، والمنسوجات، والزراعة، وإنشاء المنظمة.. إلخ. | 123 |
ثانيا :هيكلية المنظمة
للمنظمة هيكلية وآاليات عمل تشكل العامود الفقري للخروج بالتوصيات والمقررات وتنفيذها وأبرزها (2)
- المؤتمر الوزاري
يعتبر المؤتمر الوزاري الذي يتألف من ممثلي جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية رأس السلطة في المنظمة، الذي يجتمع مرة كل عامين على الأقل. وقد انعقد المؤتمر الوزاري الأول في كانون الأول 1996 في سنغافورة، وانعقد المؤتمر الوزاري الثاني في جنيف في أيار 1998، والثالث في سياتل بالولايات المتحدة الأميركية في كانون الأول 1999،وانعقد المؤتمر الوزاري الرابع في الدوحة تشرين ثاني 2001.
- الأمانة العامة
تتكون من المدير العام للمنظمة وموظفين يتمتعون بالاستقلال عن الدول التي ينتمون إليها.
- المجلس العام
يضم ممثلين عن الدول الأعضاء في المنظمة، يجتمع مرة واحدة على الأقل شهريا، وله عدة وظائف ، منها تلك التي يسندها له المؤتمر الوزاري، كما أنه جهاز لفض المنازعات التجارية، وفحص السياسات التجارية؛ وتخضع له جميع المجالس الرئيسية واللجان الفرعية ومجموعات العمل.
- المجالس الرئيسية
تتكون المجالس الرئيسية من:
- مجلس تجارة السلع: ويحتوي على عدة لجان، منها اللجنة الزراعية ولجنة الإجراءات الوقائية ولجنة مراقبة المنسوجات ولجنة الممارسات ضد الإغراق.
- مجلس تجارة الخدمات: ويشرف على عدة مجموعات منها مجموعة المفاوضات حول الاتصالات ولجنة تجارة الخدمات المصرفية.
- مجلس حقوق الملكية الفكرية: ويهتم ببحث القضايا المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية ذات العلاقة بالتجارة.
- اللجان الفرعية
وتتكون من أربع لجان هي:
- لجنة التجارة والبيئة: وتعنى بدراسة تأثير التجارة على البيئة.
- لجنة التجارة والتنمية: التي تهتم بالعالم الثالث وبالأخص الدول الأقل نموا.
- لجنة القيود المفروضة لأهداف ترتبط بميزان المدفوعات: وتقدم الاستشارات بالقيود التي ترد على التجارة لأهداف ترتبط بميزان المدفوعات.
- لجنة الميزانية والمالية والإدارة: وتشرف على المسائل الداخلية للمنظمة.
وقد بلغت مساهمات الأعضاء عام 2000 حوالي 74 مليون دولار أميركي، حيث يتناسب حجم إسهام كل عضو مع أهمية تجارته الخارجية، اذ تبلغ حصة الولايات المتحدة الأميركية 15.7% من ميزانية المنظمة، بينما تبلغ مساهمة الدول الإسلامية 5.5%، دفعت ماليزيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة أكثر من ثلثي هذا المبلغ. (3)
- مجموعات العمل
وتختص بدراسة الترشيحات لعضوية المنظمة، إضافة إلى مجموعة العلاقة بين التجارة والاستثمار والمجموعة المختصة بسياسة المنافسة.
ثالثا : وظائف المنظمة وأهدافها
للمنظمة اهداف ووظائف متعددة حاولت تحقيقها خلال العقود المنصرمة وابرزها : (4)
1 – ناد للمفاوضات المتعددة الطرف
من ابرز وظائف المنظمة جمع الدول في شبه منتدى أو ناد يتباحث فيه الأعضاء في شتى الأمور التجارية ويتفاوضون ضمن جولات متعددة الأطراف، فمن جهة تؤمن اجتماعات اللجان الفرعية الدورية في المنظمة فرصة للقاءات الدائمة بين ممثلي الأعضاء وتتيح المجال أمامهم لمناقشة المشاكل المهمة ومواكبة التطورات في شؤون منظمة التجارة، ومن جهة ثانية فإن منظمة التجارة العالمية تجمع الدول الأعضاء في جولات محادثات منظمة بشأن علاقاتهم التجارية المستقبلية. وقد ورثت منظمة التجارة العالمية فكرة المفاوضات الدورية متعددة الأطراف عن سلفها "الغات"، كما تهدف إلى تحقيق مستوى أعلى من التحرير ودخول الأسواق في القطاعات المعنية.
2 - تحقيق التنمية
تسعى المنظمة إلى رفع مستوى المعيشة للدول الأعضاء والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية لجميع الدول وبخاصة النامية التي يزيد عدد أعضائها في المنظمة عن 75% (5) من عدد الأعضاء، وتلك التي تمر بمرحلة انتقالية إلى اقتصاد السوق، وتمنح المنظمة الدول النامية معاملة تفضيلية خاصة، فتعطيها فترات سماح أطول من تلك التي تمنحها للدول المتقدمة، كما تقدم لها مساعدات تقنية والتزامات أقل تشددا من غيرها، وتعفى الدول الأقل نموا من بعض أحكام اتفاقيات المنظمة.
3- مراقبة اتفاقية اورغواي
أنيط بالمنظمة تنفيذ اتفاقية أورغواي، والتي تحتاج لحسن سير أعمالها إلى إطار مؤسساتي سليم وفعال من الناحية القانونية على خلاف الغات.
4 - حل الخلافات بين الدول
لم تكن آلية الغات كافية لفض المنازعات بين الدول الأعضاء التي قد تنشأ بسبب الاختلاف حول تفسير أحكام واتفاقيات جولة أورغواي نظرا لكثرتها وتشعبها وبسبب المشاكل التي عانت منها على مدى الخمسين عاما الماضية، لذلك كان من الضروري إنشاء آلية فعالة وذات قوة رادعة، تمثلت هذه الآلية في منظمة التجارة العالمية.
5 - اطار للتواصل بين الاعضاء
تلعب الشفافية دورا هاما في تسهيل المعاملات التجارية بين الدول، وبخاصة مع تعدد التشريعات وتنوع القطاعات التجارية والابتكارات، لذلك تفرض معظم اتفاقيات منظمة التجارة العالمية على الدول الأعضاء إخطار غيرها بالتشريعات التجارية وغيرها من الأنظمة والأحكام ذات العلاقة وبخاصة المؤثرة في شؤون التجارة الدولية، كما تلعب الاتفاقية الخاصة بمراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء بشكل دوري دورا مهما في هذا المجال، فهي تتيح الفرصة للدول الأعضاء الاطلاع على النظام التجاري لكل دولة على حدة ومناقشة جميع جوانبه وإبراز النواحي التي قد تتعارض مع الحقوق والواجبات التي تفرضها اتفاقيات المنظمة .
رابعا : شروط العضوية
رابعا : شروط العضوية
ليست العضوية في المنظمة مفتوحة ، بل تخضع لشروط وقواعد تعتبر قاسية في بعض الاحيان على بعض الدول، ام ابرز الشروط فهي :
1- تقديم تنازلات للتعريفات الجمركية
تشترط منظمة التجارة العالمية على الدولة الراغبة في الانضمام إليها تقديم جدول للتنازلات يحتوي على تعريفات جمركية تشكل التزامات لا يمكن رفعها من حيث المبدأ إلا في حالات خاصة.
2- تقديم التزامات في الخدمات
تقدم الدولة جدولا بالالتزامات التي ستتبعها في قطاع الخدمات على ان يشتمل قائمة بالحواجز والشروط التي تعترض القطاعات والنشاطات المهنية الخدماتية ووضع جدول زمني لإزالتها.
3- الالتزام باتفاقيات منظمة التجارة العالمية
تتعهد الدولة الراغبة في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بالتوقيع على بروتوكول انضمام يشمل الموافقة على تطبيق والتزام جميع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية (ما عدا اتفاقية المناقصات الحكومية واتفاقية الطائرات المدنية فإنهما من الاتفاقيات الاختيارية)، أي عليها أن توافق على اتفاقيات جولة أورغواي. وبمعنى آخر أنه لا سبيل أمام الدولة للاختيار بين الاتفاقيات بعكس ما كان سائدا أيام الغات وبخاصة بعد جولة طوكيو حيث لم توقع معظم الدول النامية على نتائجها التي تمثلت باتفاقيات خاصة.
وفيما يتعلق باجراءات الانضمام فيتم قبول دولة ما في عضوية المنظمة باعتماد إحدى طريقتين أو الجمع بينهما :
- الطريقة الأولى: تتلقى الدولة المعنية رسائل من لجنة مخصصة للنظر في طلبات العضوية الجديدة، تكون في الغالب مكونة من الدول الصناعية الكبرى، إضافة إلى أهم الدول ذات العلاقات التجارية مع الدولة الراغبة في اكتساب عضوية المنظمة، وتشمل الطلبات قائمة بالسلع والخدمات التي ستشهد تخفيضا في تعرفاتها الجمركية.
- الطريقة الثانية: تتقدم الدولة الراغبة في العضوية بنفسها بقائمة تشمل تخفيضات في التعريفات الجمركية تكون أساسا للتفاوض.
وفي بعض الأحيان تتبع الطريقتان معا فتتقدم الدولة المعنية بقائمة لتخفيض التعرفات الجمركية، وفي الوقت نفسه تتلقى قائمة من اللجنة المشكلة للنظر في العضوية بقائمة بالتخفيضات المطلوبة.
لقد واجهت الدول العربية اسئلة عدة حول انضمامها الى المنظمة ومدى الالتزامات التي يمكن ان تواجهها في ما يتعلق بالعلاقة مع عضوية إسرائيل في المنظمة؛ فهل تشترط منظمة التجارة العالمية التطبيع بين الدول العربية واسرائيل ؟ وهو التخوف الذي راود بعض الدول العربية، فمن الناحية القانونية الصرفة أن وجود دولة ما في المنظمة لا يجبرها على التطبيع التجاري معها، وذلك استنادا إلى الاستثناء المذكور في المادة (13)من اتفاقية مراكش لتأسيس منظمة التجارة العالمية (المادة 33 من اتفاقية الغات السابقة)، الذي يسمح لدولة ما بـ "عدم تطبيق" الاتفاقية تجاه دولة أخرى شرط إبلاغها عن ذلك قبل موافقة المجلس العام (المؤتمر الوزاري) على الانضمام. وبالنسبة لمستقبل مكاتب المقاطعة، التي تثيرها الولايات المتحدة عند الحديث عن انضمام دولة عربية جديدة إلى المنظمة، فإن الرد على هذا التخوف يتمثل في سعي الدول العربية عن طريق هذه المكاتب إلى إجبار إسرائيل لتطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967،على قاعدة ان تشريعات الأمم المتحدة تسمو على أي اتفاقيات اخرى تتعارض او تتناقض معها لجهة الالتزامات .
خامسا :المؤتمرات الوزارية
يعتبر المؤتمر الوزاري الذي يتألف من ممثلي جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية رأس السلطة في المنظمة. ويجتمع المؤتمر الوزاري مرة كل سنتين على الأقل، فقد انعقد مؤتمره الاول في سنغافورة في الفترة من 9-13 كانون الأول 1996. وانعقد المؤتمر الثاني في جنيف بسويسرا في الفترة من 18-20 أيار 1998. وانعقد الثالث في سياتل بالولايات المتحدة الأميركية في الفترة من 30 تشرين الثاني إلى 3 كانون الأول 1999. والمؤتمر الوزاري الرابع في الدوحة عاصمة قطر في الفترة من 9-13 تشرين الثاني 2001.
1- المؤتمر الوزاري الأول في سنغافورة عام 1996
اشترك في هذا المؤتمر وزراء التجارة والخارجية والمالية، والزراعة لأكثر من 120 دولة عضوا في المنظمة. وهو الأول منذ دخول المنظمة حيز التنفيذ في كانون الثاني 1995. وشمل هذا المؤتمر اجتماعات قانونية وجلسات عمل ثنائية وجماعية بين الدول الأعضاء. وناقشت هذه الاجتماعات والجلسات المسائل المتعلقة بجدول أعمال المنظمة خلال السنتين الأولين من نشاط وتنفيذ اتفاقات جولة أورغواي.
وكان على جدول أعمال المؤتمر الوزاري الأول موضوعات مطروحة كثيرة وصل عددها إلى أكثر من 20 بندا من أهمها: (6)
- مشكلة الحقوق الاجتماعية .
- النمو الاقتصادي والتجاري .
- معايير العمالة المعروفة دوليا .
- التحديات التي تواجه دمج الاقتصاد العالمي .
- النمو الاقتصادي والتجاري .
- ازمة تهميش الدول الفقيرة .
- دور المنظمة والقبول فيها .
- اتفاقات تسوية المنازعات .
- تنفيذ اتفاقات المنظمة .
- مواضيع التجارة والبيئة والخدمات والمفاوضات .
- اتفاقات تكنولوجيا المعلومات والمواد الصيدلانية .
- المنافسة والاستثمار .
اما اهم الاعلانات الصادرة عن المؤتمر الاول فأبرزها :
أ- الإعلان الوزاري لدعم المنظمة كمنتدى للتفاوض ومواصلة تحرير التجارة ضمن نظام القواعد المعمول بها في المنظمة، وكذلك مراجعة وتقييم السياسات التجارية وبخاصة من أجل:
- تقييم تنفيذ الالتزامات بموجب اتفاقات وقرارات منظمة التجارة العالمية.
- مراجعة المفاوضات المستمرة وجدول الأعمال.
- متابعة التطورات في التجارة الدولية.
- مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي المتطور.
2- المؤتمر الوزاري الثاني في جنيف بسويسرا 1998
تضمن جدول أعمال المؤتمر الوزاري الثاني: (7)
- الموافقة على الاتفاق الخاص بعمل المنظمة.
- تصريح رئيس المجلس العام حول تقرير المجلس، وتصريح مدير عام المنظمة حول التطورات في نظام التجارة الدولية ونتائج ومتابعة الاجتماع الخاص بالدول الفقيرة.
- استعراض أنشطة المنظمة ومناقشات بين الوزراء حول تنفيذ اتفاقات المنظمة في الاجتماع المغلق.
- بيانات رؤساء الدول والحكومات، ومناقشات الوزراء حول النشاطات المستقبلية للمنظمة في الاجتماع المغلق.
- الإجراءات المتخذة من قبل الوزراء.
- تحديد زمان ومكان المؤتمر الوزراي التالي.
- اما الاعلانات الوزارية الصادرة عن المؤتمر الثاني :
أ- الإعلان الوزاري الخاص بنظام التجارة بين أكثر من دولتين:
يؤكد هذا الإعلان على أهمية مساهمة هذا النظام خلال 50 عاما في النمو والتوظيف والاستقرار من خلال تشجيع تحرير التجارة والتوسع فيها وتهيئة المناخ الملائم للعلاقات التجارية الدولية وفقا للأهداف المتضمنة في ديباجات الاتفاق العام حول التعريفات والتجارة واتفاق منظمة التجارة العالمية.
يؤكد هذا الإعلان على أهمية مساهمة هذا النظام خلال 50 عاما في النمو والتوظيف والاستقرار من خلال تشجيع تحرير التجارة والتوسع فيها وتهيئة المناخ الملائم للعلاقات التجارية الدولية وفقا للأهداف المتضمنة في ديباجات الاتفاق العام حول التعريفات والتجارة واتفاق منظمة التجارة العالمية.
ب - الإعلان الوزاري الخاص بالتجارة الإلكترونية العالمية:
يؤكد هذا الإعلان على نمو التجارة الإلكترونية العالمية وفتحها آفاقا جديدة للتجارة وحاجة الدول النامية لها على الصعيد الاقتصادي والمالي والتنموي. كما يؤكد الإعلان على ضرورة قيام المجلس العام بتقديم تقرير حول تقدم برنامج العمل ومواصلة الدول الأعضاء في ممارستها الحالية بعدم فرض رسوم جمركية على أجهزة الإرسال الإلكترونية.
يؤكد هذا الإعلان على نمو التجارة الإلكترونية العالمية وفتحها آفاقا جديدة للتجارة وحاجة الدول النامية لها على الصعيد الاقتصادي والمالي والتنموي. كما يؤكد الإعلان على ضرورة قيام المجلس العام بتقديم تقرير حول تقدم برنامج العمل ومواصلة الدول الأعضاء في ممارستها الحالية بعدم فرض رسوم جمركية على أجهزة الإرسال الإلكترونية.
3- المؤتمر الوزاري الثالث في سياتل بالولايات المتحدة عام 1999
أهم الموضوعات التي طرحت أمام المؤتمر الوزاري الثالث في سياتل هي: (8)
- مسألة تطبيق اتفاقيات جولة أورغواي.
- المناقصات الحكومية.
- التجارة الإلكترونية.
- تمديد فترات السماح الممنوحة للدول النامية.
- معايير العمل والتجارة.
- المعاملة التفضيلية للدول الأقل نموا.
- البيئة والتجارة.
- الكائنات المحورة وراثيا .
- التجارة والاستثمار.
- الزراعة.
- الخدمات.
- المنافسة والتجارة.
- تسهيل التجارة
4 - المؤتمر الوزاري الرابع في الدوحة تشرين الثاني 2001
لقد تأثر هذا الاجتماع بالعديد من العوامل ابرزها ، احداث 11 ايلول في الولايات المتحدة الاميركية وما افرزته من مواقف وانعكاسات على الصعيد الدولي واعادة النظر بالنظام الدولي (9) لا سيما الاقتصادي منه والمتعلق بشكل رئيسي بدور منظمة التجارة العالمية في هذا المجال تحديدا، اضافة الى ذلك فشل المؤتمر السابق في سياتل بالولايات المتحدة مقارنة مع الآمال المعلقة عليه من الناحية العملية ؛ وبصرف النظر عن مستوى الخلافات وحجمها التي ظهرت في اعمال المؤتمر حول العديد من القضايا، فقد تمكن المؤتمرون من التوصل الى العديد من الاتفاقات حول المواضيع الخلافية وأبرزها : (10)
- في المجال الزراعي : ظل الخلاف بين واشنطن ومجموعة كبيرة من الدول الاروربية وعلى رأسها فرنسا، وقد تجلى ذلك في البيان الختامي الذي وضع التخفيض التدريجي للصادرات الزراعية ضمن قوسين للتدليل على التباين القائم؛ ويقضي النص بأن الدول الأعضاء "بالاستناد إلى الأعمال التي أنجزت حتى اليوم تتعهد بإجراء مفاوضات شاملة تهدف إلى: إدخال تحسينات كبيرة فيما يتعلق بالوصول إلى الأسواق، وخفض كل أشكال الدعم للصادرات (بهدف سحبها نهائيا)، وخفض كبير في الدعم الداخلي الذي يسبب خللا في المبادلات". (11)
- حقوق الملكية الفكرية وحصول الدول النامية على الادوية: وتوصل البيان الى نص تسوية حول حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة وعلاقتها مع الصحة العامة للدول غير الغنية بقيادة البرازيل والهند، على ان تتمكن من إنتاج أدوية خارج براءات الاختراع في إطار سياساتها للصحة العامة لمواجهة الأوبئة مثل الإيدز والسل والملاريا. وتقضي وثيقة منفصلة عن "اتفاقات حقوق الملكية الفكرية" بأن الدول الأعضاء "متفقة على أن اتفاقات حقوق الملكية الفكرية لا تمنع وينبغي ألا تمنع الأعضاء من اتخاذ إجراءات لحماية الصحة العامة", وهو المبدأ الذي تطالب به الدول النامية، كما سمح النص للدول التي تواجه أوبئة بأن تضع بنفسها تعريفا لما يعتبر "وضعا طارئا".
- وفي مجال النسيج اكد البيان على ضرورة التسريع الفعلي لإزالة القيود المتعلقة بتحديد الحصص المفروضة على الصادرات النسيجية، وهو ينص على أن "بنود الاتفاق (حول المنسوجات والألبسة) التي تتعلق بالدمج المسبق للمنتجات وإزالة القيود المتعلقة بالحصص، يجب أن تستخدم فعليا". وقد تقدمت بهذا الطلب بعض الدول النامية التي تطالب بإلغاء القيود بأسرع ما يمكن متهمة الدول الصناعية بالتباطؤ في تطبيق النصوص الموجودة أصلا .
- وفيما يختص بمكافخة الاغراق فقد نص البيان على إجراء مفاوضات لبحث قواعد مكافحة الإغراق، وقد قبلت الولايات المتحدة بذلك بعد أن كانت تعارضه بشدة. وتتم المفاوضات على مرحلتين حيث يتم في البدء التعريف بالتدابير الواجب توضيحها, ومن ثم تحسينها. كما تمّ التأكيد على إنه "نظرا للتجربة وللتطبيق المتزايد لهذه الإجراءات (..) يتم الاتفاق على إجراء مفاوضات بهدف توضيح وتحسين قواعد (عدم الإغراق) (..) مع حماية المبادئ الأساسية لهذه الاتفاقات وفاعليتها وأهدافها (وأدواتها) (وإجراءاتها)، مع أخذ احتياجات المشاركين في التنمية في الاعتبار". (12)
- اما الجانب الاجتماعي فقد اكتفى النص "بالإشارة إلى الأعمال الجارية حاليا في منظمة العمل الدولية حول البعد الاجتماعي للعولمة"، ويضيف أن منظمة العمل هي "الهيئة المناسبة من أجل حوار معمق حول مختلف جوانب هذه المسألة". ويعد هذا النص مخيبا لطموحات الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالبعد الاجتماعي. اذ رغب الأوروبيون في اعتماد لهجة أشد فيما يتعلق بمعايير العمالة، ولا تتضمن الفقرة كلمات بين قوسين وهو ما يعني الموافقة عليها.
القسم الثاني
المنظمة وعولمة المال والاقتصاد والمنظمات المقابلة
تتمثل السمات الرئيسة للاقتصاد العالمي في وقتنا الراهن بحركة السلع والخدمات ورأس المال والمعلومات والايدي العاملة عبر الحدود الوطنية والدولية، وقد ساعد في ذلك التطور التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصالات بحيث بدا العالم قرية كونية يسهل فيها معرفة اي شيىء والوصول اليه بكلفة رمزية تكاد لا تقاس بما سبق. وتتماثل هذه السمات مع ما تدعو اليه منظمة التجارة العالمية ، كما تتناسق مع النظام الاقتصادي الدولي الذي ظهر فيه هيمنة النظام الرأسمالي الحر ومبادئه وقواعده بعد سلسلة التحولات السياسية الدولية في العقد الاخير من القرن العشرين والمتمثل في انهيار الاتحاد السوفياتي وكتلته الاشتراكية والازدياد المتسارع لحركة رؤوس الاموال في الاسواق المالية العالمية وظهور التكتلات الاقتصادية الاقليمية الكبرى، وصولا الى تشكيل المثلث الاقتصادي للنظام الاقتصادي العالمي المتمثل بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية التي تعتبر الاداة والوسيلة الهامة لتنظيم وتشجيع التجارة العالمية وبالتالي اسهامها المباشر في عولمة المال والاقتصاد .(13)
اولا : تحولات الاقتصاد العالمي في ظل المنظمة
إن انشاء المنظمة بعد مفاوضات شاقة, جاءت نتيجة للأوضاع التي ميزت العالم منذ بداية التسعينيات كما اسلفنا، والمتمثلة في العولمة وتشابك الاقتصادات وارتباط مصالح العديد من الدول النامية بالدول المتقدمة والشركات الكبرى العابرة للقارات وازدياد دور المؤسسات الدولية في رسم مسار التنمية للدول النامية والتحكم فيه، هذا بالإضافة إلى سعي دول الشمال الغنية الاستحواذ على النصيب الأوفر من الاقتصاد العالمي لما تمتلك من شركات ضخمة لها فروعها المنتشرة في أنحاء العالم، والتي أصبحت تتحكم في جزء كبير ومتزايد من عمليات الإنتاج وتوزيع الدخل العالمي, وكذلك سعي تلك الدول لاستيعاب مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية ولو على حساب دول الجنوب. كل ذلك اضافة الى غيرها من الاسباب ساهم في ظهور العولمة باوجهها المختلفة الثقافية والسياسية والاقتصادية والمالية ، والتي يرى البعض قي الاخيرة ابرز مظاهر العولمة حيث زادت رؤؤس الاموال الدولية اضعاف المرات ما معدل نمو التجارة والدخل العالميين .(14)
1- مظاهر العولمة المالية
هناك العديد من هذه المظاهر اهمها :
- تعاظم دور رأس المال ، حيث صناعة الخدمات المالية بعناصره المصرفية وغير المصرفية ، بحيث اصبح الاقتصاد العالمي تديره وتتحكم به رموز البورصات العالمية مثل داو جونز ، ناسدك، نيكاي، داكس وغيرها، والتي بواسطتها تنقل الاموال من مستثمر الى آخر داخل الدولة او بين الدول دون اي عوائق او صعوبات .
- ازدياد فوائض رؤوس الاموال الباحثة عن استثمارات بمعدلات ارباح عالية ، وهي بطبيعة الامر مدخرات غير مستثمرة في دولة المنشأ لرأس المال ، الامر الذي يدفعها للبحث عن استثمارات خارجية على المستوى الدولي .
- ظهور وسائل جديدة استقطبت اصحاب رؤوس الاموال، مثل المبادلات ( SWAPS) الخيارات (OPTIONS) المستقبليات FUTURES الى جانب الوسائل التقليدية في الاسواق المالية كالسندات والاسهم وغيرها .
- التقدم التكنولوجي الهائل بحيث يسمح للمستثمر من المتابعة الدقيقة لامواله وتحركاتها الاستثمارية لحظة بلحظة ، حيث جميع الاسواق المالية مرتبطة ببعضها البعض مما ييسر عملية الفعل ورد الفعل على اي عملية مالية مرغوب بها .
2- مزايا ومخاطر العولمة المالية
يرى انصار العولمة ان مزايا عديدة يمكن ان تتحقق للدول النامية والمتقدمة على السواء وابرزها :
- بالنسبة للدول النامية
تسطيع الدول النامية من خلال الانفتاح المالي الوصول إلى الأسواق المالية الدولية بهدف الحصول على ما تحتاجه من أموال لسد العجز في الموارد المحلية، أي قصور المدخرات عن تمويل الاستثمارات المحلية, الامر الذي سيؤدي إلى زيادة الاستثمار المحلي وبالتالي معدل النمو الاقتصادي، كما يفسح المجال في تخفيف تكلفة التمويل بسبب المنافسة بين الوكلاء الاقتصاديين؛ اضافة الى ذلك تؤدي الإجراءات التي يمكن ان تتخذ لتحرير وتحديث النظم المصرفية والمالية ، وخلق بيئة مشجعة لنشاط القطاع الخاص وكذلك الحد من ظاهرة هروب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، كما تساهم الاستثمارات الأجنبية على تحويل التكنولوجيا الى الدول المستثمر فيها. (15)
- بالنسبة للدول المتقدمة
تسمح العولمة المالية للبلدان المصدرة لرؤوس الأموال (وهي في الغالب الدول الصناعية الكبرى) بخلق فرص استثمارية واسعة أكثر ربحية أمام فوائضها المتراكمة، كما توفر ضمانات لأصحاب هذه الأموال، ومجالا للتنويع ضد كثير من المخاطر من خلال الآليات التي توفرها الأدوات المالية .
اما مخاطر العولمة المالية فتبدو في مظاهر كثيرة ابرزها :التقلبات المفاجئة للاستثمارات الأجنبية (خصوصا قصيرة الأجل مثل استثمارات الحافظة المالية) ، والتعرض لهجمات المضاربة القوية التي من الصعب مواجهتها ؛ وهروب الأموال الوطنية الى الخارج؛ ودخول الأموال القذرة (غسل الأموال) ؛ وإضعاف السيادة الوطنية في مجال السياسة المالية والنقدية. (16)
ان دور الاستثمارات الأجنبية الخاصة في الدول النامية تأتي لخدمة التجارة الخارجية على خلفية تحقيق ربح كبير وسريع، فهي تعمل على تدعيم التقسيم الدولي القائم ولا تغيره لصالح الدول النامية، إذ إن رأي أنصار منظمة التجارة العالمية والمؤسسات الدولية الأخرى بأن تحرير التجارة والاستثمارات الأجنبية يسهم بشكل فاعل في تحقيق النمو الاقتصادي للدول تواجهه تحفظات كثيرة؛ فغالبا ما يكون النمو الجيد للاقتصاد هو الذي يأتي بالاستثمارات الأجنبية الخاصة وليس العكس, حيث إن هذه الاستثمارات شأنها في ذلك شأن القروض الخارجية الممنوحة من طرف المؤسسات المالية الدولية تذهب إلى الدول التي نجحت بالفعل في رفع معدلات نموها أكثر مما تذهب إلى الدول التي تحتاج إلى هذه الأموال لرفع معدل نموها, كما يشهد بذلك توزيع هذه الاستثمارات بين مناطق العالم.(17)
وإذا نظرنا إلى تركيبة هذه الأموال فإننا نلاحظ المكانة الكبرى للاستثمارات الأجنبية المباشرة والتزايد المطرد للاستثمار في الحافظة المالية على حساب القروض التجارية الأخرى (18)، وهو ما يعكس رغبة الدول المستقطبة لهذه الأموال في مثل النوعين الأولين لكونهما يخلقان فرصا جديدة للتمويل والتشغيل دون زيادة الديون الخارجية للدول.
ثانيا: التدابير الواجبة للاستفادة من اوضاع الاقتصاد العالمي
ان تصنيف الدول النامية ووضعها في فئة معينة لا يعني بالضرورة ان جميعها تعاني من نفس المشاكل وبالتالي وجوب تعميم الاجراءات الواجب اتخاذها لتحسين اوضاعها ، او الاستفادة من الفرص المتاحة والتي يمكن استغلالها ببعض التدابير ؛ بل ان لكل دولة خصائص معينة لجهة المشاكل التي تعانيها في وضعها الاقتصادي والمالي وبالتالي ما يصلح لدولة ما لا يصلح بنفس النسبة لاخرى، الا انه يمكن استخلاص نقاط مشتركة تساعد هذه الدول على تجاوز بعض مشاكلها وتؤمن لها بيئة ملائمة للاستفادة من الامكانات المتاحة لها وابرزها:(19)
1- العمل على توفير سياسة عامة مستقرة وهادفة الى احتواء ازماتها الاقتصادية قدر الامكان ، الامر الذي يتيح اجواء من الثقة بجدوى الحلول الممكنة والمتاحة مما يشجع الاطراف الخارجية على الدعم المطلوب.
1- العمل على توفير سياسة عامة مستقرة وهادفة الى احتواء ازماتها الاقتصادية قدر الامكان ، الامر الذي يتيح اجواء من الثقة بجدوى الحلول الممكنة والمتاحة مما يشجع الاطراف الخارجية على الدعم المطلوب.
2- ادارة المؤسسات العامة والمرافق الحكومية بكفاءة عالية الامر الذي يتيح اجواء الثقة للشركات الداخلية والخارجية لتحريك استثماراتها ، ومحاولة ايجاد عناصر اضافية وحوافز مشجعة لذلك، منها على سبيل المثال: بيئة قانونية مناسبة عبر تشريعات تواكب ما يتطابه الاقتصاد كتشريعات تخصيص بعض المرافق التي تشكل ضغطا مستمرا على مالية الدولة، وكذلك ايجاد تشريعات تشجع على المنافسة والعمل على ضمان شفافية المؤسسات المالية والاقتصادية ، ومحاربة الفساد والرشوة.
3- العمل على دعم القطاع المصرفي من خلال تشريعات مناسبة تتيح له مرونة العمل في الداخل والخارج ، اذ ان التجارب اثبتت ان الدول التي اهتمت بهذا القطاع تمكنت من تجاوز العديد من التغيرات المفاجئة التي واجهتها بأكلاف معقولة .(20)
4- ان اجراء اصلاحات سياسية ضمن سياسة عامة واضحة ومحددة امر من شأنه المساعدة على الغاء الفوارق الاجتماعية والاقتصادية في الدولة ويعتبر عاملا اساسيا في عملية التنمية، اضافة الى ذلك ان عملية اشراك الفئات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة في صناعة القرارات في الدولة امر يسهم في التخفيف من المعارضة الداخلية لاي سياسة عامة فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية وهذا ما تعاني منه غالبية الدول النامية خوفا وتوجسا, من الانعكاسات السلبية لعولمة المال والاقتصاد .(21)
5 – ان مسيرة التنمية في الدول النامية مرتبطة بتحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة تفوق معدلات النمو الديموغرافي لتضييق الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة، الأمر الذي يتطلب تحقيق تطوير الكفاءات والكوادر (رأس المال البشري) القادرة على توليد التقانة الأكثر ملاءمة لظروف هذه الدول، وذلك من خلال التركيز على عنصري التعليم والبحث العلمي.
ثالثا: التكتلات الاقليمية في مواجهة المنظمة والعولمة
بصرف النظر عما اذا كان من بين اهداف انشاء التجمعات الاقليمية، مواجهة منظمة التجارة العالمية او عولمة الاقتصاد والمال ، فان العديد من بين هذه التجمعات قد لعبت دورا بشكل او بآخر في تحرير التجارة والعولمة في مختلف مجالاتها على الاقل في محيطها الاقليمي ، وأسست عبر علاقاتها مع الغير ان كان من اعضاء المنظمة او غيرها البيئة التي ستساعد على المزيد من التحرير التجاري وتحرك رؤوس الاموال ، وان كان لكل تجمع ظروفه الخاصة واهدافه المختلفة عن غيره من التجمعات .
1- الاتحاد الاوروبي
يشتمل مشروع الوحدة الاوروبية على كامل عناضر الوحدة الاقتضصادية ، من التبادل التجاري بين الدول المنضوية تحت الاتحاد مرورا بالعملة الموحدة ، وتوحيد السياسات المالية والضريبة والنقدية والاجتماعية وغيرها، وقد تمكن الاتحاد من الذهاب بعيدا في مشروع الاتحاد بصرف النظر عن مستوى الآمال المحققة ؛ الا ان النقطة الجوهرية في هذا المجال تكمن في هل ان الاتحاد تمكن من اخذ الموقع المتمايز في النطاق الدولي ومواجهة التحديات التي تواجهه ، او تنتظر منه الاجابة عليها؟ ففي الجانب الاقتصادي وان تمكن من انجاز بعض الملفات الهامة كتوحيد العملة وغيرها، الا ان الكثير من الصعوبات لا زالت تواجهه على الصعيد الداخلي للاتحاد ، كمستوى النمو والدخل وغيرها في كل دولة ، اضافة الى التباين الحاد بين اقطابه على الكثير من المسائل الدولية الاقتصادية والسياسية ، الامر الذي حد من اتخاذه الموقع الموازي لحجم قوته بمواجهة تحديات النظام الاقتصادي والسياسي العالمي.(22) . ولقد حاول الاتحاد الأوروبي السعي لربط شبكات من التعاون أو الشراكة مع أطراف أقل نموا، وفي هذا المجال نلاحظ محاولات الاتحاد الأوروبي التوسع نحو الجنوب (بلدان أوروبا الشرقية والوسطى ودول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط..) (23) واتفاقية التبادل الحر لأميركا الشمالية، ذلك في اطار محاولاته التأثير قدر الامكان على السياسات الاقتصادية الدولية المتنامية في اطار المنظمات المالية الدولية التي ليس له اليد الطولى فيها .
2- تكتل النافتا
تأسس هذا التجمع الاقتصادي سنة 1994، وضم الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك ، والملاحظ ان أطرافه غير متكافئة، فنجد فيه المكسيك كبلد نام إلى جانب أقوى اقتصاد عالمي (الولايات المتحدة)، الامر الذي يخفي اختلاف الأهداف المرجوة من اتفاق تحرير التبادل.
فبالنسبة للمكسيك، تهدف الشراكة مع أطراف شمالية قوية إلى الرغبة في تحقيق أهداف داخلية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والوصول إلى أسواق الدول الشريكة وجلب الاستثمار والتكنولوجيا، وبالتالي تحسين معدل النمو الاقتصادي. فيما بالنسبة للولايات المتحدة تطلعت من خلال هذا الاتفاق إلى مواصلة سياساتها التجارية الدولية ومحاولة إقامة تكتل مواز للقوة الصاعدة للأوروبيين, بالإضافة إلى الرغبة في الاستفادة من اليد العاملة المتواضعة في المكسيك بشكل خاص(24)؛ لكن احد الاهداف الحقيقية هو محاولة تقديم المكسيك كنموذج في الانفتاح الخارجي للدول النامية، وبالتالي جذب أطراف أخرى إلى فتح أسواقها أمام السلع والخدمات، وبالتالي الدخول في منظمة التجارة العالمية.
وأخيرا بالنسبة لكندا، فقد سعت ألا تبقى معزولة في محيطها القريب (اميركا الشمالية) والاستفادة من ميزاتها النسبية في بعض المجالات (الاتصالات, النقل, التكنولوجيات الحديثة..).
أن تجربة هذا التكتل تعتبر حديثة العهد نسبيا مقارنة بتجربة الاتحاد الأوروبي مما يعوق تحليل انعكاساته, لكن يلاحظ أن هذا الاتفاق يهتم بالجانب التجاري فقط, حيث لا يفترض وجود تنسيق للسياسات الأخرى (المالية والنقدية) بين الدول الأعضاء عكس الاتحاد الأوروبي حيث التكامل على جميع الأصعدة.
3- تكتل آسيان
يهدف تكتل رابطة دول جنوب شرق آسيا إلى بناء اقتصاد متكامل يرتكز أساسا على تشجيع الصادرات وزيادة التبادل التجاري بين دول المنطقة. وقد نجح هذا التكتل في الرقي باقتصادات المنطقة إلى صفوف الدول المصنعة حديثا أو الناشئة، ويعود ذلك إلى سياسة هذا التجمع الموجهة إلى الخارج والجاذبة لرأس المال الأجنبي .
فقد ارتفع متوسط نصيب الفرد في منطقة شرق آسيا بالأسعار الحقيقية بنسبة تراوحت من 4% إلي 6% سنوياً منذ الستينات ، ففي المدة من 1960 إلي 1990 حققت أعلي ثمانية اقتصادات آسيوية معدلات نمو وكانت أسرع بثلاث مرات من معدلات نمو اقتصادات أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا، وأسرع خمس مرات من معدلات نمو اقتصادات أفريقيا جنوبي الصحراء.
وقد ساعد هذا النمو الاقتصادي القوي إلي قفزات في ارتفاع مستويات المعيشة، فعلي سبيل المثال كانت أوضاع كوريا الجنوبية في الستينات شبيهة بأوضاع العديد من بلدان غرب افريقيا من حيث درجة التنمية الاقتصادية، أما اليوم فإن مواطني كوريا الجنوبية يتمتعون بدخل يتكافأ في المتوسط مع متوسط دخل سكان البلدان الأوربية. وشهدت سنغافورة تحولاً كبيرا حتى أصبحت مركزاً هاماً من مراكز الثقل في عالم التجارة والتكنولوجيا. وفي الصين حقق متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي زيادة قدرها أربعة أمثال تقريباً في غضون 20 عاماً فقط، ونتيجة لذلك خرج ما يقارب من 160 مليون نسمة من سكان الصين من شريحة الفقر المطلق الذي يحدد بالمستوي الذي يكون فيه متوسط دخل الفرد أقل من دولار واحد يومياً. وفي إندونيسيا ارتفع متوسط نصيب الفرد من استهلاك المواد الغذائية من أقل من 2100 سعرة حرارية إلي أكثر من 2800 سعرة حرارية يومياً في المدة من عام 1970، كذلك فإن عدد الفقراء في إندونيسيا – حسب البيانات الحكومية – كان يبلغ ما يقارب من 68 مليون نسمة في عام 1972، ومع حلول عام 1982 انخفض الرقم إلي 30 مليون نسمة، أي بنسبة 56%. وفي جميع بلدان ساحل المحيط الهادىء أدى الاندماج النشط في الأسواق العالمية والانفتاح أمام الاستثمارات الأجنبية إلي حدوث تحسن هائل في مستويات معيشة مئات الملايين من سكان تلك المنطقة.(25)
وعلى الرغم من النجاح المحقق الا ان بعض دولها سرعان ما عانى من ازمات الانتاج والتصريف ، مما أثار التساؤلات حول جدية النجاحات السريعة والهبوط السريع عند تعرضها لازمات بسيطة مقارنة مع وصلت اليه.
4- منطقة التجارة العربية الحرة
يعتبرالتعاون الاقتصادي العربي من الضرورات الملحة التي تمليها تحديات النظام العالمي الجديد المبني على تحرير المبادلات التجارية والتكتلات الإقليمية . وفي السنوات الأخيرة يرزت بوادر إيجابية بهذا الصدد تمثلت بإنشاء منطقة التجارة الحرة، الا ان نجاح هذه المنطقة يتوقف على عوامل كثيرة، كما أنها غير قادرة على الدفاع عن مصالح وحقوق أعضائها في المحافل الدولية، لذا يجب تطويرها لتصبح منطقة اتحاد جمركي على سبيل المثال.
وكانت الدول العربية قد بدأت بتقليص الرسوم الجمركية المفروضة على تجارتها البينية في إطار منطقة التبادل الحر وفي اطار قواعد منظمة التجارة العالمية التي تنظم الاستثناءات الواردة على مبدأ الدولة الأولى بالرعاية. وحسب هذه القواعد يتعين أن ينصرف تحرير التجارة إلى الجزء الأكبر من المبادلات الخارجية للبلدان المعنية، أي لا يجوز أن تقتصر المنطقة على سلع وخدمات معينة أو على قطاع اقتصادي دون آخر، ويمكن من خلال هذه النظرة الشمولية استثناء بعض السلع أو الخدمات من التبادل الحر لأسباب تتعلق بتوازن ميزان المدفوعات أو بالمصالح العليا للدولة أو بالاعتبارات الأخلاقية والصحية والدينية للمجتمع. كما يسمح النظام العالمي بفترة انتقالية لتحقيق منطقة التبادل الحر على أن يتفق الأعضاء على برنامج تنفيذي يحدد مدة معقولة لهذه الفترة.
وانطلاقا من هذه المعطيات وافق المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية على البرنامج التنفيذي لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية لعام 1981 (26) ويتناول البرنامج إقامة "منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى" حسب جدول زمني محدد يفضي إلى إلغاء الرسوم الجمركية والحواجز الكمية. وقد أبدت 14 دولة رغبتها في الانضمام، وبلغ حجم تجارتها البينية 25.7 مليار دولار أي بنسبة 94.5% من التجارة العربية البينية.
اما على الصعيد العالمي ومقارنته بالتجارة العربية، فمن الملاحظ ان بين العام 1980 و1998 ارتفعت التجارة الخارجية العالمية (الصادرات والواردات السلعية) من 3802 مليار دولار إلى 10635 مليارا، أي بنسبة 180%، في حين هبطت التجارة الخارجية العربية خلال الفترة نفسها من 347 مليار دولار إلى 290 مليارا أي بنسبة سلبية قدرها 16%؛ وبعملية حسابية بسيطة يمكن الاستنتاج أن حصة التجارة العربية انتقلت من 9.1% إلى 2.7% من التجارة العالمية. وفي بداية هذه الفترة كانت الصادرات العربية تشكل 12.5% من الصادرات العالمية فأصبحت في نهايتها لا تتعدى 2.5% منها. كما انخفضت أهمية الواردات العربية من 5.8% إلى 2.7% من الواردات العالمية. كما كانت الموازين التجارية العربية تسجل فائضا وصل الى 123 مليار دولار عام 1980 وأصبحت تتحمل عجزا قدره ستة مليارات دولار عام 1998؛ وتعود اسباب هذا التباطؤ رغم تحرير التجارة العالمية من القيود الكمية والرسوم الجمركية ورغم الاتفاقات التفضيلية التي عقدت في التسعينيات إلى عوامل عديدة، ابرزها:
- ازدهار المبادلات الأوروبية والأميركية والآسيوية بمعدلات عالية جدا، في حين شهدت اسواق النفط انخفاضا كبيرا في الاسعار مما أثر بشدة في صادرات وواردات البلدان النفطية.
- ان خوض بعض الدول العربية نزاعات عسكرية قد ادى إلى تردي أجهزتها الإنتاجية فانعكس الأمر على تجارتها الخارجية وأدت إلى تفاقم مديونيتها.
- أضافة إلى ذلك فقد تحسنت مستويات التجارة البينية للتجمعات الإقليمية في حين سجلت التجارة العربية البينية تراجعا واضحا.
وفي عام 1999 قدر حجم التجارة العربية البينية بنحو 27.1 مليار دولار أي 8.6% فقط من التجارة الخارجية الكلية(27) ، فبالنسبة الى الأردن فقدد اعتمد على التجارة العربية التي تستحوذ على ربع تجارته الخارجية، ولم يطرأ تغيير مهم على هذه النسبة منذ عدة سنوات. وتراجعت حصة التجارة الأردنية البينية مقارنة بالتجارة العربية البينية من 10.9% عام 1989 إلى 5.2% عام 1999 بسبب المقاطعة المفروضة على العراق وضعف القاعدة الإنتاجية، وفي الوقت الحاضر ترتكز الصادرات والواردات البينية على المملكة العربية السعودية والعراق.
كما يلاحظ أن صادرات العراق الكلية أكبر بكثير من وارداته الكلية رغم حاجته لمختلف المواد المستوردة، والسبب هو خضوع الواردات لقرارات مجلس الأمن (النفط مقابل الغذاء والدواء) ولموافقة لجنة العقوبات ، كما ان هنالك عقود كثيرة لم تنفذ بموجب مذكرات التفاهم وبالتالي لم يستطع العراق الحصول على عدد كبير من المواد، أضف إلى ذلك استقطاع ثلث قيمة الصادرات للتعويضات. أما تجارة العراق البينية فقد عرفت تطورا مهما في الآونة الأخيرة حيث وقع على اتفاقات للتبادل الحر بين تونس ومصر وسوريا والأردن.
اما لبنان فيعاني الميزان التجاري من عجز مزمن تفاقم بسبب تدهور الأنشطة الاقتصادية الناجم عن الاعتداءات الإسرائيلية، ويعتمد لبنان على الأسواق السعودية والإماراتية في صادراته التي تتألف حسب أهميتها من الورق والملابس الجاهزة والفواكه، أما وارداته البينية التي تتكون من مواد الطاقة ، فتأتي من سوريا والمملكة العربية السعودية. ومن المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري مع سوريا نتيجة الاتفاق على الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية المفروضة على تجارة البلدين، حيث بدأ الإلغاء عام 1999 على أن تتحرر التجارة كليا بينهما بعد أربع سنوات.
أما التجارة العربية لدول مجلس التعاون الخليجي فتصل إلى 16217 مليون دولار، ويلاحظ هنا الأهمية القصوى للمملكة العربية السعودية حيث بلغت تجارتها البينية 6804 ملايين دولار أي 25.1% من مجموع التجارة العربية البينية، وتشمل صادراتها اضافة الى النفط المواد الصناعية والمنتجات الزراعية. وتحتل السعودية المرتبة العربية الأولى في تجارتها (صادرات وواردات) مع الإمارات والبحرين والكويت ولبنان ومصر والسودان، وهي كذلك المصدر العربي الأول لقطر والمغرب واليمن والمستورد العربي الأول من الأردن. كما تعود المرتبتان الثانية والثالثة للإمارات وعمان. وانطلاقا من هذه المعطيات يتضح أن أي تكتل عربي سواء في ظل منطقة حرة أو اتحاد جمركي أو سوق مشتركة لا يمكن أن يكون فاعلا ولا يكتب له النجاح إلا بمشاركة دول المجلس التي تمثل ثقل الانتاج والتبادل التجاري.
اما التجارة العربية البينية لدول اتحاد المغرب العربي فتصل الى 3447 مليون دولار أي ما يعادل 5.1% من تجارتها الخارجية و12.7% من التجارة العربية البينية، وتجري العمليات داخل الاتحاد باستثناء بعض المبادلات كالواردات النفطية المغربية من المملكة العربية السعودية.
القسم الثالث
واقع المنظمة والانتقادات الموجهة اليها
لقد ادى التحرير الاقتصادي المتسارع لأسواق السلع والخدمات، ورؤوس الأموال والتقنيات ، الذي شهد نقلة نوعية مع ميلاد منظمة التجارة العالمية، إلى تغير في مفاهيم التنمية، والثروة والموارد الإنتاجية والندرة والعمل ودور الدولة الرعائية وكذلك مفاهيم كالسيادة الوطنية وغيرها. وعلى الرغم من الجهود المضنية والشاقة من المفاوضات بين 120 دولة بمختلف انتماءاتها السياسية ومستوياتها المالية والاقتصادية إلا أن انتقادات كثيرة وجهت اليها من دول غنية وفقيرة، نامية ومتقدمة، وسواء أكانت هذه الانتقادات تكتيكية أو مناورات أو حقيقية عندما تتضرر المصالح فإنها متعددة؛ فمنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو إيكولوجي (بيئي)، ومنها ما هو صحي- أمني، ومنها انتقادات اجتماعية كما ان هناك انتقادات جوهرية تهدد مستقبل المنظمة وهي المتعلقة بنشاط المنظمة والمشاركة في رسم سياساتها وسير عملها وآليات التفاوض فيها.
اولا : الجانب الاقتصادي
من الانتقادات الموجهة الى منظمة التجارة العالمية من الوجهة الاقتصادية ان المنظمة تعير مصلحة التجارة على حساب التنمية، والتبادل الحر بصرف النظر عن اثمانه، وتحرير الاستثمار لمصلحة شركات الدول عوضا على المصلحة الوطنية للدولة ، اضافة الى العديد من القضايا ابرزها :
1- التجارة والتنمية
يرى البعض أن منظمة التجارة العالمية تهدر التنمية أو التغيير الهيكلي للاقتصاد مقابل المصالح التجارية وتعمد إلى عدم التمييز بين أثر تحرير التجارة الدولية والاستثمارات الأجنبية في رفع معدل النمو، وأثره في تغيير هيكل الناتج القومي، إذ من الممكن جدا أن يكون أثر هذا التحرير إيجابيا فيما يتعلق بمعدل النمو، وسلبيا فيما يتعلق بالتنمية.
إن التخوف الأساسي في هذا المجال يكمن في أن منظمة التجارة العالمية تحث على حرية التبادل التجاري وبالتالي رفع الحماية لكن رفع الحماية قد يؤدي إلى انخفاض معدل التصنيع ويعرض الصناعات الناشئة إلى منافسة قوية من جانب الشركات المتعددة الجنسيات أو الشركات عابـرات الـدول والـقـارات ، كما أن الزيادة الحاصلة في نمو الناتج القومي إثر تحرير التجارة قد تكون مؤقتة ولا تؤدي إلى تغيير الهياكل الانتاجية، وهذا ما تتبناه الدول العربية والدول النامية بشكل عام (28)، باعتبار ان الصناعات في معظم هذه الدول هي صناعات ناشئة والافضل عدم تعريضها للآثار السلبية التي قد تنجم عن تحرير التجارة الدولية والاستثمارات الأجنبية الخاصة التي وصلت إلى درجة غير مسبوقة في تاريخ الاتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف.
الا ان الوجهة المقابلة والتي تتبناها المنظمة (29) تعتبر بان قوانينها لحرية التبادل التجاري تأخذ بعين الاعتبار المصالح التنموية؛ كما ترى أيضا أن نظامها التجاري قائم على كون التبادل الحر يهيء المناخ المناسب للنمو والتنمية. والسؤال الذي يثار حول ما إذا كانت الدول النامية بمقدورها الاستفادة بما فيه الكفاية من هذا النظام ، فإن ذلك محل حوار ونقاش مستمر في المنظمة ، وهذا لا يعني بالضرورة أن نظام التبادل الحر لا يوفر شيئا لهذه الدول، بل ان الاتفاقيات تحوي على الكثير من القوانين التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول النامية، اضافة الى ذلك ، فهذه الدول تتمتع بفترة تمديد قبل أن تبدأ في تطبيق اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، اما فيما يتعلق بالدول الأقل نموا فتتمتع بمعاملة خاصة اذ تعفى من الكثير من الالتزامات، فالإشكاليات المتعلقة بالتنمية تثار غالبا بهدف تبرير إجراءات من المفروض عدم قبولها حسب الاتفاقيات ومن الأمثلة على ذلك منح بعض الحكومات بعض الدعم. كما ان المنظمة تعتبر التنمية المستدامة هدفا أساسيا بالنسبة لها.
ان الموضوعية تقتضي النظر الى الانتقاد السالف الذكر بتجرد ، فلا بد من تسجيل الوجه الايجابي لجهة مراعاة المنظمة لخصوصيات بعض الدول وتفهم بعض ظروفها بصرف النظر عن خلفيات هذه المراعاة ، وكذلك لهدف التنمية المستدامة التي تسعى له المنظمة ، إلا أننا في المقابل مدعوون للتأكد والتحقق من ثلاثة مسائل اساسية ، تتمثل الأولى في ضرورة التمييز بين تحرير التجارة الدولية الذي يقتصر تأثيره فقط على نمو الناتج القومي، وبين حرية التبادل التجاري التي تتعدى إلى تغيير هيكليات الإنتاج وتؤدي إلى تنمية اقتصادية مستدامة مبنية على زيادة في معدل التصنيع. اما المسألة الثانية فتتعلق بضرورة عدم التسرع فيما يتعلق بالنتائج المتوقعة من الاستثمارات وتحرير التجارة الدولية دون التمييز الكافي بين دولة وأخرى من الدول التي تقوم بهذا التحرير. فنوع النتيجة النهائية لابد أن يتوقف ليس فقط على مرحلة النمو التي بلغتها الدولة ومدى توافر الظروف المواتية لدفع عجلة التصنيع فيها، بل لابد أن يتأثر أيضا بطبيعة الطرف أو الأطراف الأخرى التي يجري تحرير التجارة والاستثمارات إزائها إذ لا بد أن تتغير النتيجة بحسب مرحلة النمو التي بلغتها الأطراف الأكثر نموا وطبيعة السلع والخدمات التي نحتاج إلى تصريفها. المسألة الثالثة هي الاعتقاد بأن تحرير التجارة أو الاستثمارات الأجنبية يمكن أن تحدث النتائج المرغوب فيها في الدولة الأقل نموا دون تدخل إيجابي من هذه الدولة، باعتبار أنه حتى في الحالات التي تحمل فيها التجارة الخارجية أو الاستثمارات الأجنبية فرص الإسراع بمعدل التصنيع وتغيير الهياكل الاقتصادية في الاتجاه المنشود، من الصعب أن نتصور تحقيق ذلك دون اتخاذ حد أدنى من التوجيه والتدخل من قبل الدولة.
2- تحرير الاستثمار لمصلحة شركات الدول على مصلحة الدولة الوطنية :
تعتبر الدول النامية أن اجحافا قد لحق بها جراء حرمانها من وضع قيود على الاستثمارات الأجنبية دون إلزام الشركات متعددة الجنسيات بالامتناع عن التلاعب بالأسعار، وفرض اسعار احتكارية على السلع التي تتعاطى بها؛ كما تعتبر الدول النامية ايضا أن إلغاء القيود على الاستثمارات مطلب موجه إليها دون غيرها ؛ ولذلك تطالب بإعادة النظرفي صياغة اتفاقية إجراءات الاستثمار المتعلقة بالتجارة.
ان مخاوف الدول النامية تنطلق من أن عولمة الأسواق المالية وتحرير الاستثمارات يمكن ان تترافق مع مخاطر كثيرة وأزمات ماليـة مكلفة ، مثال أزمة المكسيك عام 1994 ، ودول جنوب شرق آسيا 1997 والبرازيل وروسيا وآسيا 1999 ، ويمكن رصد ابرز المخاطر في التالي :
- المخاطر الناجمة عن تقلبات رأس المال بشكل مفاجىء .
- مخاطر تعرض البنوك للأزمات كالافلاسات وغيرها.
- مخاطر التعرض للمضاربات القاسية التي يصعب مواجهتها.
- مخاطر هروب الأموال الوطنية للخارج وهو امر مألوف في الدول النامية.
- إضعاف السيادة الوطنية في مجال السياسة التقدية والمالية عبر التلاعب باسعار العملة الوطنية.
- مخاطر دخول الأموال القذرة (غسيل الأموال) ، وهي مخاطر تدخل عبر آليات تحرير رأس المال المحلي والدولي.
إن ما يقابل هذه المخاطر من وجهة نظر المنظمة تكمن في مجموعة المزايا التي يتيحها تحرير الاستثمارات، والتي تتمثل في سد الحاجة الماسة لرأس المال في الدول النامية، وزيادة رصيد العملات الأجنبية في اسواقها المالية، وتوفيرالتكنولوجيا الحديثة، وجذب الكفاءات الإدارية والتقنية اللازمة لاي عملية تنمية، وتوفير فرص عمل بشكل مستمر مع زيادة الاستثمارات وبالتالي تخفيض نسبة البطالة العالية والمزمنة في هذه الدول، وزيادة إيرادات الدولة .
أن للدول النامية ما يبرر هواجسها من ضرورة الإحاطة بالمخاطر الناجمة عن تحرير الاستثمارات وعدم التوقف فقط عند المزايا المتوقعة او المرجوة ؛ اذ ان تحرير الاستثمارات ليس امرا يؤخذ كله أو يترك كله. ولهذا فقط خلص الاقتصادي رمزي زكي إلى نتيجتين مهمتين في شأن العولمة المالية(30):
- النتيجة الأولى: أن العولمة المالية وما يصاحبها من تحرير الاستثمارات الدولية، يؤدي إلى حدوث تدفقات كبيرة ومفاجئة ومتقلبة لرؤوس الأموال قصيرة الأجل الباحثة عن الربح السريع والتي تحدث أثارا ضارة بالاستقرار الاقتصادي، هي أمر غير مرغوب ويتعين تحصين الاقتصاد الوطني لمنع حدوثها. كذلك يجب تأمين الاقتصاد الوطني ضد مخاطر تدويل مدخراته الوطنية وعدم السماح للعولمة المالية بتجريفها نحو الخارج، والتصدي بحزم للمضاربات المالية، سواء من جانب المستثمرين المحليين أو الأجانب كي لا تتحول إلى نشاط مهيمن.
- النتيجة الثانية: فتخلص إلى أن العولمة المالية التي تؤدي إلى حدوث تدفقات كثيرة لرؤوس الأموال طويلة الآجل هي أمر مرغوب فيه، ويجب البحث عن السياسات والإجراءات الفاعلة لجذب هذه الاستثمارات. ولهذا وبناء على أن الاستثمارات الأجنبية غالبا ما تتم من خلال شركات متعددة الجنسيات فإنه من المهم أن تفرض الدول النامية ضوابط أثناء مراجعتها للاتفاقيات المتعلقة بتحرير الاستثمار .
3- التبادل الحر بأي ثمن
وتظهر الانعكاسات السلبية هنا بشكل صارخ ومنها على سبيل المثال لا الحصر: (31)
- ان إلغاء الدعم الذي كانت تمنحه بعض الدول المتقدمة للسلع الزراعية قد رتب نتائج سلبية كبيرة على للدول التي تتكل على الواردات الزراعية لسد حاجاتها .
- كما ادى تحرير تبادل السلع الى انخفاض كبير في ايرادات الرسوم الجمركية وخصوصا بالنسبة للدول النامية التي تشكل هذه الرسوم نسبة كبيرة من مجموع إيراداتها.
- كما أدى تحرير السلع إلى تعريض الصناعات الناشئة للدول النامية إلى منافسة قوية يصعب مواجهتها .
- أن السلع التي تتمتع فيها الدول النامية بقدرة تنافسية عالية، كسلع المنسوجات، مازالت الدول المتقدمة غير متحمسة لتحريرها بالمقارنة مع سلع أخرى لا تعتبر ذات أهمية بالنسبة للدول النامية.
أما لجهة الخدمات فلم تراع منظمة التجارة العالمية انعدام الهوة الكبيرة في حجم قطاعات الخدمات في الدول الغنية وحجمه في الدول الفقيرة. ولم تراع المنظمة أيضا ارتباط بعض قطاعات الخدمات في الدول النامية بمصالحها الإستراتيجية مما نجم عن ذلك مجموعة من الهواجس، التي عبرت عنها الدول النامية ومنها الدول العربية ، وقد اثيرت في العديد من المناسبات ، وتتمثل هذه الهواجس والمخاوف في عدة وجوه ابرزها :
- إن مـزايـا الحـجـم الكـبـيرالذي تتميز به الشركات العملاقة في الدول الغنية يجعل الدول النامية غير قادرة على المنافسة مهما بذلت من جهود ، فمن الملاحظ ان الاندماج في شركات البنوك ومؤسسات التأمين العملاقة، من الصعب النظر اليها خارج اطار إستراتيجيات السيطرة على قطاع الخدمات على المستوى العالمي .
- الهوة الكبيرة بين حجم الخدمات المقدمة من طرف الدول الغنية وحجم الخدمات في الدول النامية، واتساع هذه الهوة بصفة مطردة لصالح الدول الصناعية.
- أن تحرير بعض الخدمات قد يعرض بعض التوجهات والمصالح الإستراتيجية للبلدان النامية إلى خطر كبير.
- إن اتفاقية تحرير الخدمات تساوي بين مقدم الخدمة الاجنبية ومقدمها الوطني، الامر الذي يفوت الفرصة التي تمكن من حماية المشروعات الوطنية للخدمات.
وفي مقابل ذلك، ترى منظمة التجارة العالمية (32) أن ما يتم وفق مبدأ تحرير التبادل من سلع أو خدمات يتعلق في الحقيقة بما ترغب كل دولة من الدول أن تتفاوض فيه، وهو امر متروك بالتالي للدولة التي تريد الانضمام للمنظمة وهي ليست مكرهة على فعل امر لا ترغب به، كما أنه من أحد مبادئ منظمة التجارة العالمية تقليص العقبات الحمائية وتحرير التبادل، غير ان الاستفادة من التبادل التجاري ستطال الجميع. وفيما يتعلق بحجم تقليص ورفع الحواجز فإنه أمر يتوقف على الدول الأعضاء المتفاوضة ايضا.
إن الوضعية التفاوضية ترتبط بإرادة تقليص الحواجز وبما ترغب الدول الحصول عليه من الأطراف الأخرى.وفي هذا المجال يعتبر دور منظمة التجارة العالمية هو توفير إطار مؤسساتي للتفاوض لتحرير التبادل، كما أن المنظمة تضع القواعد التي تحكم تحرير التجارة، وستسهم هذه القواعد في التقليص التدريجي للحواجز حتى يتمكن المنتجون الوطنيون من التأقلم مع الاجراءات التي يتم التوصل اليها؛ كما أن اتفاقيات المنظمة تحتوي على بنود خاصة تأخذ بعين الاعتبار الدول النامية وتوضح أيضا متى وكيف يمكن للحكومات أن تحمي المنتجين الوطنيين، على سبيل المثال ضد واردات تتمتع بدعم أو تشكل حالة من حالات الإغراق، ففي هذه الحالة فإن الهدف هو إقامة تجارة عادلة ومنصفة. وهناك أيضا مبادئ أخرى مهمة في نظام منظمة التجارة العالمية بل ربما أكثر أهمية من مبدأ حرية التبادل التجاري مثال: مبدأ عدم التمييز، ووضع شروط ثابتة وشفافة للتجارة.
ثانيا : الجانب الاجتماعي
توجه الانتقادات الى المنظمة من وجهة اجتماعية على قاعدة الاسهام الكبير للمنظمة منذ تأسيسها على تركيز الثروة العالمية بين عدد قليل من الاثرياء، فيما رقعة الفقر والجهل في ازدياد ملحوظ، وارتفاع واضح ومضطرد في نسبة البطالة على المستوى الدولي ، اضافة الى التوابع السلبية الناجمة عن تلك المظاهر .اما الجهات التي تقف وراء تلك الانتقادات فتتركز في المنظمات غير الحكومية ، حيث ركزت نشاطاتها واطلقت حملات واسعة عبر ناشطيها في مختلف دول العالم، اذ ان كل مؤتمر وزاري للمنظمة كانت ترافقة حملات دعائية مركزة ومفندة علميا بالاحصاءات والارقام التي تدعم وجهة نظرها (33). فعلى سبيل المثال انطلقت مظاهرات كبيرة في مدينة سياتل بالولايات المتحدة الأميركية وفي باريس وجنيف لتبرزمجموعة من الانتقادات الاجتماعية وغيرها؛ فقد وزع بيان وقعته 1200 منظمة من 87 دولة تندد باتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء مما أدى إلى انتشار الفقر والمجاعة والتهميش والبطالة، واظهر البيان أن اتفاقات منظمة التجارة العالمية التي أبرمت في دورة الأورغواي قد استهدفت فتح أسواق جديدة للشركات عابرات الدول والقارات على حساب الاقتصاد الوطني والعديد من الفئات الاجتماعية، كما انتقدت آليات وإجراءات المنظمة باعتبارها معادية للديمقراطية وتفتقر للشفافية، فيما دول الشمال تسلك سلوكا حمائيا لمنتجاتها وأن هذه الإجراءات كلفت الدول الفقيرة سبع مائة مليار دولار سنويا وهو ما يعادل أربع عشرة مرة قيمة المساعدات التي تحصل عليها هذه الدول الفقيرة في إطار مساعدات التنمية ومن بين المنظمات غير الحكومية نجد المنظمات الأميركية التي اتهمت الرئيس الأميركي ، جورج بوش بازدواجية المعايير، ففي الوقت الذي يطالب بعولمة ذات بعد إنساني يساند ويوجه رجال الأعمال في ايجاد البيئة القانونية والظروف الملائمة لنشاطاتهم في الداخل والخارج. أما في فرنسا فقد رفضت المنظمة الفرنسية للمنظمات غير الحكومية الاعتراف بمنظمة التجارة العالمية وطالبت بفرض ضرائب لمساعدة فقراء العالم. وفي اليابان وكوريا طالبت المنظمات غير الحكومية منظمة التجارة العالمية بالعمل على إيجاد قواعد جديدة لضمان الحفاظ على الأمن الغذائي وتوقف هجرات المزارعين باعتبارها ستولد ازمات كبيرة لا حدود لها ومن الصعب السيطرة عليها.
أما الموضوع من وجهة نظر منظمة التجارة العالمية فترى أن الادعاء بأن اتفاقياتها تقلص فرص العمل وتوسع الهوة بين الأغنياء والفقراء هو إدعاء مبسط ولا يستند الى وقائع موضوعية، فالتجارة يمكن أن تشكل قوة دافعة لخلق فرص العمل ومكافحة الفقر ، إلا أنه في بعض الأحيان تكون هناك حاجة ماسة إلى تقليص عدد العمال وبالتالي تسريح بعضهم، وفي هذه الحالة فإن الوضعية تكون صعبة على المستوى الاجتماعي، لكن في كل الحالات الحمائية لا تعتبر حلا.
إن العلاقة بين التجارة والعمل علاقة معقدة. فالتجارة الحرة في بيئة مستقرة توفر المناخ الملائم للنمو الاقتصادي، الامرالذي يمهد لايجاد فرص للعمل وبالتالي الاسهام في تقليص هامش الفقر؛ والملاحظ ان المنظمة تتطرق الى هذه القضايا باسلوب التدرج؛ فهي تنادي بتحرير متدرج يعطي فرصة زمنية للتكيف اللازم، وتعتبر أن هناك العديد العوامل الأخرى لا سلطة لها عليها ولا هي من صلاحياتها، وهذه العوامل هي المسؤولة عن التغيرات الحاصلة على مستوى المداخيل أو الرواتب وكذلك على معدل البطالة. فالاقتصاديات المتقدمة تعتمد على تكنولوجيا تتطلب يدا عاملة ماهرة وذات كفاءة عالية لذلك فالتغيرات التي تطال مستوى الأجور تعود إلى التغيرات التكنولوجية وتسارعها اضافة الى عوامل اخرى متعلقة بها كالعرض والطلب على تلك الخدمات. واخيرا تعتبر المنظمة أنه إذا كان هنالك مليار ونصف من البشر يعيشون في حالة فقر، فإن تحرير التبادل التجاري ابتداء من الحرب العالمية الثانية قد اسهم في انتشال ثلاثة مليارات من البشر من حالة الفقر.
ان التدقيق في بعض الارقام تدحض مزاعم المنظمة والخلفية التي تدافع منها، فبعض الدراسات (34) تؤكد أن الدول الأكثر فقرا في العالم تسخر ما بين 162 مليارا إلى 265 مليار دولار من عائدات التصدير نتيجة لتطبيق اتفاقيات جولة الأورغواي، في حين أنها تدفع ما يتراوح بين 145 مليارا و292 مليارا نتيجة الزيادة في تكلفة فاتورة الغذاء وهو ما يعني زيادة تهميشها في الاقتصاد العالمي، مما سينعكس سلبا على الشرائح الاجتماعية ذات المداخيل المتواضعة. وهناك مؤشرات أخرى خطيرة على المستوى الاجتماعي تتمثل في تركيز الثروة لدى عدد محدود من الشركات عابرة الحدود والقارات، إذ توجد 200 شركة عملاقة من هذا الصنف تتصدر قائمة هذه الشركات تقوم بتنفيذ وممارسة ربع النشاط الاقتصادي العالمي ، ورغم ذلك لا تستخدم سوى 0.075 % من القوى العاملة مما يدل على أن النظام الرأسمالي لا يعير أي اهتمام للعمل والقضايا الاجتماعية في فلسفته الاقتصادية .
ثالثا : الجانب الصحي
يتركز هذا الجانب من الانتقادات بين الكبار في المنظمة لا سيما الدول الاوروبية والولايالت المتحدة الاميركية ، حيث لا تسمح هذه الاخيرة فتح اسواقها للمنتجات الزراعية على قاعدة وجوب تأمين مواصفات صحية وبيئية عالية للمواد الزراعية ، وخوفا من دخول مواد لا تتطابق مع المواصفات الاميركية .(35)
بينما ترى منظمة التجارة العالمية أن هناك بنودا أساسية من الاتفاقيات تتيح للحكومات القيام بالإجراءات الضرورية لحماية صحة وحياة الأفراد والحيوانات وصيانة النباتات؛ كما ان هناك اتفاقيات تدرس بصفة مفصلة معايير للسلع الغذائية والمنتجات الزراعية ومصادر أخرى ذات طبيعة حيوانية ونباتية، وذلك انطلاقا من المعايير المعتمدة في منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة وكذلك المنظمة العالمية للصحة.
ان الناحية العملية والفعلية للانتقادات الصحية المرتبطة بالغذاء والانتناج الزراعي والحيواني ، هو في حقيقة الامر مرتبط بشكل فعلي مع الدول النامية وغيرها من الدول ان كانت اوروبية او اميركية، وليس الخلاف بين الدول المتقدمة فقط، باعتبار ان المنافسة التجارية في مجال التبادل التجاري وفتح الاسواق سيكون شبه معدوم بين الدول النامية والمتقدمة، وستظل الدول الفقيرة المكان الاسهل لتصريف المنتجات غير عالية الجودة ان لم نقل التي لا تنطبق عليها المواصفات والشروط العلمية المقبولة .
كما ان الامر مرتبط الى حد بعيد بالتقدم التكنولوجي الهائل المستخدم في الهندسة الزراعية ، وحتى هندسة الوراثة الانسانية وحاليا قضايا الاستنساخ وما سيستتبعها، كل تلك الامور لا تمتلكها سوى الدول المتقدمة التي ستصول وتجول في عالم الدول النامية تصريفا للمنتجات ومجالا للاختبارات، كل ذلك طبعا في ظل عدم توفر امكانات الرقابة الفعلية في هذه الدول وعدم قدرتها اصلا على امتلاك مثل هذه التكنولوجيا للعديد من الاسباب والاعتبارات المادية او غير المادية .
رابعا : الجانب البيئي
ينطلق هذا الجانب من اعتبار مسؤولية المنظمة عن اسهامها في فتح الاسواق امام الشركات المتعددة الجنسية التي ساهمت بدورها في تدمير البيئة الطبيعية للارض، بفعل توسع نشاطاتها وانتاجها دون احترام مواصفات معينة للحد من التأثير على البيئة، على قاعدة ان المهم الانتاج والربح والتوسع ؛ وقد اخذ هذا الجانب حيزا كبيرا من نشاط المنظمات غير الحكومية اثناء انعقاد مؤتمري سياتل والدوحة .
اما في رد منظمة التجارة العالمية ، فأن كثيرا من بنودها يأخذ بعين الاعتبار المخاوف المتعلقة بالبيئة، فديباجة اتفاق مراكش المؤسس لمنظمة التجارة العالمية الذي رسم أهداف المنظمة تحدث بالتحديد عن الاستخدام الأمثل للموارد وكذلك عن التنمية المستدامة وحماية البيئة؛ ومن بين أهم المواد في هذا الشأن المادة (20 ) من الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة التي تطالب الدول الأعضاء باتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية حياة الأفراد والحيوانات وصيانة النباتات ، وكذلك اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على المصادر الطبيعية القابلة للنفاد اضافة الى ذلك، هناك اتفاقيات خاصة تأخذ بعين الاعتبار المشاكل المتعلقة بالبيئة، كما تستند في دعواها هذه الى عدم اختصاصها في هذه الامور وان الامر متعلق بالمنظمات ذات الاختصاص البيئي على الصعيد الدولي والمحلي .
ربما يكون من السهل على المنظمة تبرير اي انتقاد يوجه اليها ، الا انه من الصعب ان تجد التبريرات المقنعة للكثير من الامور المتعلقة في المجال البيئي، صحيح انه من الناحية العملية ليس للمنظمة علاقة بالبيئة كمجال تخصص ، الا ان اختصاصها مرتبط مباشرة بالدول التي تشكل خطرا حقيقيا على البيئة، لا سيما الدول المتقدمة علميا وعمليا في مجال الصناعات الكبيرة المتنوعة والتي تحتاج الى اختبارات واسعة ومستمرة ، بدءا من انبعاث ثاني اكسيد الكربون جراء الصناعات ، وانتهاءا بالتجارب النووية وغيرها. حتى ان الولايات المتحدة لم توقع على اتفاق كيوتو للانحباس الحراري للكرة الارضية وهو امر حيوي ليس للبيئة بشكل محدد وانما يهدد وجود البشرية ومستقبل بقائها.
خامسا :الجانب التنظيمي وسير العمل للمنظمة
وجه للمنظمة العديد من الانتقادات المتعلقة بأنظمتها وسير عملها وأدائها في معاجلة العديد من القضايا، وفي محاولة لقراءة ما تم التداول به خلال اجتماعاتها الوزارية الاربعة (سنغافور 1996وجنيف 1998 وسياتل 1999 والدوحة2001 ) يمكن رصد العديد من النقاط ابرزها :
- المنظمة تقوم بضغوط كبيرة على الدول الاعضاء لاملاء سياسات اقتصادية عليها بصرف النظر عما اذا كانت ملائمة ام لا.
- المنظمة اداة ووسيلة بيد مجموعات الضغط الاقتصادية الدولية .
- الدول ذات الاقتصاد المتواضع مجبرة على الانضمام اليها .
- تهميش الدول الصغيرة فيها، اذ لا وزن لها في اتخاذ القرارات الهامة.
-لا ديموقراطية المنظمة في عملية صنع القرار واتخاذة .
ان مناقشة هذه المسائل والقاء الضوء عليها والردود الموجهة اليها من قبل المنظمة ، تعطي فكرة واضحة عن صحة او عدم صحة تلك المسائل .
1- الدول الصغيرة مجبرة على الانضمام اليها :
ترى الدول النامية أن تاريخ 15/12/1993 تاريخ نهاية الولاية التي حددها الكونغرس الاميركي للرئيس الأميركي للتفاوض حول نتائج جولة أوروغواي من دون الرجوع إليه. كان بمثابة السيف المسلط على رقاب الجميع، وخصوصا الدول النامية المتضررة التي كانت تبحث عن ضمانات ومنغمسة في التفاوض مما يعني أن عامل الوقت كان حاسما دون الأخذ في الاعتبار مصالح الدول النامية.
فالدول النامية وقعت على اتفاقيات منظمة التجارة العالمية في نيسان/ابريل 1994 تحت التهديد حينا بتحميلها مسؤولية فشل المنظمة وما سيستتبع ذلك من تداعيات وإمكانية نشوب حروب بين الأقطاب الاقتصادية العالمية، وكذلك فيما بين هذه الأقطاب والدول النامية؛ وبالإغراء أحيانا أخرى عبرالوعود التي تقدمت بها الدول الصناعية لمساعدة الدول النامية والتغلب على المشاكل التي ستواجهها.
اما وجهة نظر المنظمة فتنطلق من حاجة الغير لها، فتعتبر أنه من الافضل للدول النامية أن تكون جزءا من المنظمة بدلا من أن تكون خارج النظام التجاري الدولي (36)، ولذلك يوجد في لائحة الدول المتفاوضة دولا عظمى ودولا صغيرة وأسباب ذلك إيجابية أكثر منها سلبية. هذه الايجابيات تجد مبرراتها في المبادئ الأساسية لمنظمة التجارة العالمية، كمبدأ عدم التمييز ومبدأ الشفافية، وبالانضمام الى المنظمة فإن البلد الصغير يستفيد بصفة آلية من المزايا التي يتفق عليها أعضاء المنظمة فيما بينهم. وتعتبر المنظمة أن لجوء الدول الضعيفة إلى الاتفاقيات التجارية الثنائية ليس في صالحها ويتطلب منها التفاوض مع كل طرف وتجديد التفاوض بصفة دورية مما يكلفها اعباء اضافية، كما أن العضوية في المنظمة تمكّن الدول الصغيرة من التكتل الامر الذي يقوي من قدرتها التفاوضية، كما ان العضوية تفسح المجال لها القيام بتحالفات مع الدول التي تتقاطع معها في المصالح المشتركة.
ان امر الانضمام الى المنظمة بات بنظر الكثيرين من المحللين الاقتصاديين والمراقبين في مجالات العلاقات الدولية امرا لا مفر منه ، وبات من الصعب على اي دولة الابتعاد عنها ، بل يعتبر الانضمام امرا محتوما كخيار ليس للدولة اليد الطولى فيه، فمجموعة الاغراءات التي تقدم - رغم التشكيك بقدرة الدول النامية الاستفادة منها بشكل فعلي-جعلت من بريقها وهجا لا يقاوم لحل مشاكلها المتراكمة ، بل باتت الدول تسعى بشكل جاهد وتقدم كل ما يطلب منها للقبول ، حتى ان دولة كبرى كالصين امضت عشر سنوات من المفاوضات للدخول في عضوية المنظمة، واللائحة تطول باسماء الدول التي تنتظر جنة منظمة التجارة العالمية !.
ربما يكون الخيار المتاح للدول النامية للتعامل مع المنظمة ضعيفا ان لم يكن معدوما، الا ان ضعف الخيارات لا يمكن ان يمنع الدول من مقاومة السلبيات التي تراها مضرة بها، رغم محدودية امكاناتها بمواجهة عولمة جارفة لا ترحم الضعيف.
2- تهميش الدول الصغيرة وعدم فعاليتها في اتخاذ القرارات
من الواضح ان التفاوض يستلزم العديد من المزايا منها القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية للدولة ، وبالتالي هيبتها على المستوى الدولي ، اضافة الى نوعية المفاوض وتصنيفه كخبير قادر وعالم في خفايا الامور ، واحيانا كثيرة يلعب عدد الخبراء المشاركين دورا هاما في توجيه طرق التفاوض وصولا الى نتائج وفقا للكيفية المرغوب بها.
وبما ان اهم آليات منظمة التجارة العالمية في تحديد الاتفاقات وتنفيذها لاحقا ، المفاوضات بين الاطراف، فان هذه الآلية تلعب دورا سلبيا للدول النامية، فالولايات المتحدة على سبيل المثال حضرت مؤتمر سياتل بوفد مؤلف من 260 خبيرا ، فيما سجل نقص في عدد خبراء الدول النامية التي حضرت المؤتمر، ذلك يعود ليس لعدم توفر الخبراء بشكل كاف، وانما ربما المسألة تطال حتى كلفة اقاماتهم وقت التفاوض؛ اضافة الى ذلك فقد سجل العديد من الملاحظات على آلية التفاوض وما نتج عنها، فعلى سبيل المثال فقد تمّ الطلب الى احدى الدول بتغيير مفاوضيها على قاعدة عرقلة اعمال المؤتمر ، فيما كان المطلوب ابدالهم بسبب مدافعتهم الشرسة عن مصالح بلدهم ؛ وحتى الامر لا يقتصر على ذلك ، فلو مررت الاتفاقيات وفقا للوجهة المطلوبة فان عقبات كثيرة سوف تعترض بعض الدول عند تنفيذها .
اما وجهة نظر المنظمة فتعتبر أن الدول الصغيرة ستكون أضعف في غياب المنظمة، وأن المنظمة ستضاعف من قدراتها التفاوضية في النظام التجاري للمنظمة؛ فالجميع ملزمون التقيد بنفس القواعد والاجراءات؛ وعليه فقد مكنت إجراءات تسوية النزاع في المنظمة بعض الدول النامية من الاعتراض على بعض الإجراءات المتخذة من طرف بعض الدول المتقدمة؛ فلولا المنظمة لما كان بوسع هذه البلدان الصغيرة أن تتصرف ضد شركائها التجاريين الأقوياء؛ وتضيف المنظمة لدعم رأيها أن القواعد تنتج عن المفاوضات المتعددة ألطرف، فمفاوضات الأورغواي ما كان لها أن تنجح لو لم تقبل الدول المتقدمة إعادة النظر في تجارة المنسوجات والمنتجات الزراعية التي طالبت بها الدول اانامية انذاك.
ان مبدأ المساوة الذي تنطلق منه المنظمة لجهة الخضوع للقوانين والاجراءات بين الدول امر صحيح ، الا ان المساواة شيء والعدالة شيىء آخر ؛ فما هي الميزة التي يمكن ان تستفيد منها دولة ضعيفة في مواجهة دولة غنية في ظل قواعد المساواة ؟ وما هي القدرة التفاوضية لمجموعة من الدول النامية في مواجهة الدول المتقدمة كما حصل في جولة ارغواي كما تبرر المنظمة ؟ والسؤال الذي يطرح نفسه في نفس السياق ايضا لماذا ترفض الولايات المتحدة الاميركية الآن الرضوخ للضغوط الاوروبية في المجالات الزراعية والبيئية رغم المساواة في الاجراءات بين المتفاوضين؟ اذن لمنطق القوة الدور الابرز في الوصول بالمفاوضات الى النهايات المرجوة وليس لاي سبب آخر .
3- دكتاتورية المنظمة
يمس هذا المنوضوع جوهر وجود المنظمة واستمرار عملها نظرا لتعلق الامر بآلية اتخاذ القرارات في المنظمة، فبينما كانت الدول المتقدمة تصر في جولة ارغواي على ان تكون الآلية لاتخاذ القرارات هي التوافق، طالبت الدول النامية بالتصويت كآلية مناسبة وفقا للمادة التاسعة من النظام الاساسي للمنظمة ؛ وقد تمّ التوصل الى صيغة تسوية انذاك تقر اللجوء الى التصويت في حال عدم التوصل الى التوافق، ورغم ذلك فقد رفضت الدول المتقدمة تطبيق هذه المادة ، الامر الذي جعل هذه القضية امرا دائما على جدول اجتماعاتها (37).
تنطلق المنظمة من تبرير ذلك بأن كل القرارات تؤخذ بالتوافق والاجماع، وان التوافق اكثر ديموقراطية من التصويت وخضوع الاقلية للاكثرية، كما تستند المنظمة الى ان النظام الاساسي لمنظمة بما فيها آلية التصويت قد وافقت عليها جميع الدول الاعضاء وابرمت من قبل برلماناتها .
ان تبرير المنظمة لهذا الموضوع ضعيف ولا يستند الى حجج منطقية ، فلو كان الامر افضل لماذا ترفض تطبيق القانون من الاساس، اضافة الى ذلك ابتداعها لمعايير ومفاهيم جديدة في الديموقراطية وطرق التصويت والتوافق، ففي حالات معينة ترفض التدخل بحجة عدم الاختصاص او الصلاحية كموضوع البيئة مثلا، وتشرع للآخرين اجراءات وقوانين ومفاهيم في مواضع اخرى كالديموقراطية واتخاذ القرارات .
4- الصراع بين القوى المتنفذة في المنظمة
يؤخذ على منظمة التجارة العالمية هيمنة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي واليابان. فان تعارضت مصالح هذه الأقطاب الاقتصادية تعطلت المفاوضات وفشلت المؤتمرات، وان اتفقت المصالح كانت على حساب مصالح الدول النامية. فإذا نظرنا مثلا إلى مؤتمر سياتل ومن بعده الدوحة، فيلاحظ التنافس الاوروبي الاميركي والياباني على القضايا الأساسية، اذ سعى كل منها الحصول على حلفاء لتأييد رأيه وتقوية مركزه التفاوضي.(38) وتتبنى هذه الرؤية المجموعة الرابعة المتمثلة بالدول النامية التي حاولت للمرة الاولى في هذين المؤتمرين التحدث بصوت عال والاصرار على مطالبها المعارضة لاسلوب عمل المنظمة، وصولا الى رفض المعايير الاميركية حول العمل.
ان التدقيق في مواقف الاطراف في المنظمة والخلفيات التي يقف ورائها، تظهر التناقض الكبير في المصالح والتوجهات ، كما تظهر سياسة المحاور عندما تتقاطع المصالح او تتناقض.
فالمطالب الاميركية التي تسعى اليها بشكل مستمر تتقاطع مع كثير من العوامل الانتخابية الداخلية ، كانتخابات الرئاسة او الممثلين ، لما لدور الحزبين الرئيسيين من توجهات داخلية ودولية، فمن المعروف ان الديموقراطيين هم من اصحاب النزعة الحمائية اكثر من النزعة العولمية، بعكس الجمهوريين ، وهذا ما اتسمت به اعمال مؤتمري سياتل والدوحة على سبيل المثال ؛ ففي الاول كانت الحملة الانتخابية الرئاسية في اوجها ، بينما شكّل وصول الجمهوريين الى الرئاسة قبيل اعمال مؤتمر الدوحة اسلوبا مختلفا في التعاطي مع الامور المطروحة، وفي كلا الحالين ، ركز الاميركيون على مواضيع معايير العمل والبيئة مع تسجيل بعض التشدد في المؤتمر الاول للاسباب السالفة الذكر، مع الاشارة الى ان الولايات المتحدة في مؤتمر سياتل لم تكن على عجلة من امرها لجهة تحديد جولة جديدة من المفاوضات طالما ان الدول الاوروبية كانت تصر بقوة على موضوع الانتاج الزراعي العائد لها ؛ ويظهر من كل ذلك مدى العرقلة الاميركية التي ادت الى افشال مؤتمر سياتل.
اما بالنسبة الى دول الاتحاد الاوروبي ، فقد بدا الامر في مؤتمر الدوحة مغايرا عن الذي سبقه،لاعتبارات عديدة ابرزها دخول الاتحاد في العملة الاوروبية الموحدة الامر الذي اعطى للاوروبيين وهجا دوليا حلموا به بمواجة اميركا بصرف النظر عن فعاليته واستثماره، فالاوروبيين شعروا أكثر من أي وقت مضى بالبعد الإقليمي، وأيضا بتحول الاتحاد من مجرد سوق موحدة إلى اتحاد اقتصادي ونقدي، أي من مجرد فضاء تجاري إقليمي – دولي إلى قوة نقدية ومالية اقتصادية قارية ذات بعد كوني. مما أدى به إلى طموحات جديدة في ما يتعلق بتوجهات مسار العولمة التي كانت حكرا على الحكومة والشركات الأميركية متعدية الجنسيات، وبالتالي محاولة التأثير على المنظمة .
اما بالنسبة لليابان، فقد تركزت مطالبه في قضايا قوانين الاغراق الاميركية وضرورة اعادة النظر بها، فيما مجموعة الدول النامية ظلت مطالبها تتمحور بين آلية عمل المنظمة والقضايا الزراعية ؛ من هنا يلاحظ تناقض المصالح في مطالب دول المنظمة الامر الذي اثر بشكل مباشر على ادائها بحيث ظلت اسيرة سياسة المحاور والصراعات بين القوى المتنفذة فيها.
سادسا : رؤى واستنتاجات
ان النظر بموضوعية وتجرد الى الواقع الذي احاط بنشأة المنظمة والظروف التي رافقتها ، وكذلك الى شبكة المصالح الدولية المتقاطعة او المتعارضة فيما بينها ، تقودنا الى امرين اساسيين متعلقين بعمل المنظمة وما وصلت اليه، وهما، اولا :ان هناك الكثير من المخاوف التي تطلقها الدول النامية هي محقة ويقابلها هواجس ليست مبررة او لا تستند الى وقائع جادة ، بل هناك مغالاة في ابراز مساوىء واظهار ميزات. والامر الثاني هو اندفاع المنظمة بشكل غير معقول باتجاه تنفيذ ما يهدف المتنفذون فيها على حساب غالبية المنضمين اليها، وبالتالي هناك حقائق ظاهرة للعيان يجب الاجاية على اسئلتها ومحاولة الحد من مساوئها . وعليه يمكن ابراز العديد من الامور اهمها:
- من المغالاة تصوير تحرير التجارة العالمية بأنها الدواء السحري للمشاكل الاقتصادية والمالية للدول النامية، والمتقدمة التي تتعرض لازمات معينة، وأنها ستؤدي بشكل سريع الى تغيرات هيكلية وبنيوية في النظام الاقتصادي والمالي للدول .
- من الوهم القول ان الصادرات جيدة والواردات سيئة ، واخذ الامور على اطلاقها، فما النفع من الصادرات ان لم تحقق اهدافها كالتصريف باسعار مناسبة وجلب العملات الاجنبية ... ،وما الضير في استيراد التكنولوجيا واستخدامها في تطوير مجال معين.
- من المغالاة القول ان تحرير التجارة الخارجية تؤدى الى خلق وظائف اكثر ، بل ان الوقائع اثبتت ان تحرير التجارة يمكن ان تؤدي في النهاية الى نوعية معينة من الوظائف ذات مردود عال نسبيا .
- ان ظاهرة اتساع الفجوة بين عالم الاغنياء وعالم الفقراء باتت اكثر وضوحا في الدولة نفسها كالولايات المتحدة الاميركية وبعض دول الاتحاد الاوروبي او بين الدول نفسها كدول الشمال ودول الجنوب ، الامر الذي يوجب على المنظمة الالتفات بشكل جدي الى هذه الظاهرة ووضع الحلول لها والحد من انتشارها واتساعها ، اي بمعنى آخر ان دور المنظمة يجب ان يتخذ حيزا اكبر في الجانب الاجتماعي وايلائه الاهمية الضرورية فعلا لا قولا.
- والحقيقة الظاهرة للعيان ، ان الدول النامية وقعت على اتفاقات جولة الارغواي في ظروف غير ملائمة بالنسبة اليها، وهي لم تحصل من الوعود التي اعطيت سوى القليل القليل ، الامر الذي زادها توجسا وخوفا ونفورا من مقرراتها، وعليه ان التعامل الصادق من قبل الدول المتنفذة امر مطلوب لايجاد جو من الاسترخاء في العلاقة الامر الذي يعطي اندفاعة قوية لعمل المنظمة والدول المنضوية تحت لوائها .
- والموضوعية ايضا تقتضي الاعتراف بوجود خلل في آلية عمل المنظمة لصالح الاقطاب المتنفذة فيها، مما يستدعي العمل الجاد لازالة هذا الخلل على قاعدة احترام المصالح التجارية للدول النامية ، واحترام اعدداها المتنامية في المنظمة.
- اما الامر الذي يبدو ان لا مفر منه هو "حتمية" الانضمام الى هذه المنظمة ، نظرا للاتفاقات الشاملة والواسعة والمتعددة الطرف التي تنشأها ، الامر الذي يجعل من اي دولة غير منضمة اليها معزولة عن شبكة التجارة العالمية التي فرضت نفسهاعلى جميع الدول ، الامر الذي يستتبع من جانب الدول غير المنضمة الى الاستعداد الكافي وايجاد البيئة المناسبة لها عبر التشريعات الداخلية وغيرها، كما على المنظمة ايضا والقوى المتنفذة فيها الاستعداد لسماع الآخرين والعمل على مبدأ التعددية واحترام قيم وظروف الآخر .
الهوامش
(1) – لمزيد من التفاصيل حول مراحل نشأة المنظمة راجع :
Trading into the future: The world trade organization, 2nd eddition.2001, PP 9-12.
(2) – حول هيكلية المنظمة راجع ، فادي مكي ، بين الغات ومنظمة التجارة العالمية , المركز اللبناني للدراسات ، بيروت ، 2000.
(3) - حول هذه الاحصاءات راجع تقرير منظمة التجارة العالمية للعام 2000 ، ص ص 74و75 .
(4) – حول الاهداف راجع دراسة محمد عبد المنعم الطيب ، مؤتمر المائدة المستديرة حول منظمة التجارة العالمية ، ليبيا ، 1999 ، ص 80 وما يليها .
(5) – وصل عدد الدول الاعضاء بتاريخ 1-1-2002 الى 144 دولة ، اضافة الى 30 دولة بصفة مراقب لا زالت تجري مفاوضات بهدف الحصول على امتيازات العضوية الكاملة .
(6) – حول الموضوعات المطروحة راجع صحيفة الحياة ، الثلاثاء ، 8-12-1996 .وكذلك حول البيان الختامي والاعلانات الصادرة عن المؤتمر ، الحياة، الاثنين ،14-12- 1996 .
(7) – راجع جدول الاعمال والبيان الختامي في صحيفة الحياة ، الاحد، 17-5-1998 ، وكذلك الحياة ، الخميس 21-5-1998 .
(8) – راجع بخصوص ذلك صحيفة السفير ، الاثنين ,29- 11 –1999 ، وكذلك السفير ، السبت ، 4-12- 1999 .
(9) – لمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة راجع دراستنا : النظام العالمي ماضيا ومستقبلا: منطق القوة بمفاهيم مختلفة ، الحياة النيابية ، المجلس النيابي اللبناني،بيروت،2002 ، المجلد 42، ص ص97-98 .
(10) – حول البيان الختامي وما تضمن من تعديلات راجع صحيفة الراية ، الدوحة ، الاحد ، 14- 10-2001 .
(11) _ في الواقع كان الخلاف على اشده بين واشنطن والدول الاوروبية الى حد التهديد بفشل المؤتمر على غرار ما حصل في المؤتمر الثالث في سياتل بالولايات المتحدة الاميركية ، وقد هاجم المفوض الأوروبي لشؤون الزراعة، فرانز فيشلر ،الولايات المتحدة التي تخوض حملة لرفع الدعم عن الصادرات الزراعية الأوروبية بتأييد عدد كبير من الدول الغنية والنامية التي تشكل الزراعة جزءا مهما من صادراتها. وقال فيشلر "لا يمكننا السكوت على اتهام الولايات المتحدة للأوروبيين بأنهم وحدهم الذين يحمون مزارعيهم". اضاف ان "واشنطن تخصص سنويا حوالى أربعة مليارات دولار كاعتمادات للصادرات، وهذا بوضوح تصرف يسيء للمنافسة". وشجب فيشلر موقف الأميركيين من الدول النامية، وقال "بديهي ان برامج المساعدات الغذائية الأميركية لا تأخذ في الاعتبار احتياجات الدول النامية وإنما تطور الأسعار في السوق الأميركية". وقال "لا يمكننا القول بأن الاتحاد الأوروبي يشكل حصنا في وجه الدول النامية، نحن نستورد أكثر من الولايات المتحدة ومن كندا واليابان ونيوزيلندا واستراليا مجتمعة". وفي الجانب الآخر، اتهم ممثل كندا لدى منظمة التجارة العالمية الأوروبيين بالإصرار على "اللعب على الكلام" عبر رفضهم اعتماد عبارة "الإلغاء التدريجي" (فيزنغ اوت) للدعم المقدم للصادرات وإصرارهم على اعتماد عبارة "تخفيض". راجع السفير ، بيروت، الخميس ،12-11-2001 .
(12) – وكما في الشأن الزراعي كذلك في موضوع اغراق الاسواق فقد دب الخلاف بين واشنطن وكل من اليابان وكوريا فقد أكد مسؤول ياباني اأن إصرار الولايات المتحدة على فرض تدابير عقابية لمكافحة الإغراق قد ادى الاى عزلتها في مؤتمر الدوحة ، اذ تعارض اليابان وكوريا الجنوبية سياسة مكافحة الاغراق الأميركية التي تضر خصوصا بمصالح شركات إنتاج الفولاذ في البلدين. وتشكل المطالبة الأوروبية بإعطاء بعد بيئي للمبادلات التجارية مسألة أخرى حساسة تعارض الدول النامية وعدد من الدول الغنية بحثها. راجع النهار، الخميس، ، 12-11-2001 .
(13) - لقد حظي موضوع عولمة الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة بجانب هام من اهتمامات المفكرين الاقتصاديين والسياسيين في جميع أنحاء العالم بعد أن بدا واضحا للعيان أن التطورات الاقتصادية السريعة والمتلاحقة التي يشهدها عالمنا المعاصر أدت إلى نظام اقتصادي جديد أعاد ترتيب الأولويات والأيدولوجيات الاقتصادية للدول، وإلى بروز منظومة من العلاقات والمصالح الاقتصادية المتشابكة التي ساهمت في قيام نظام اقتصادي عالمي أكثر تعقيدا وأثر تأسيس المنظمة في هذا التعقيد والتشابك- لمزيد من التفاصيل انظر: رمزي زكي "العولمة المالية: الاقتصاد السياسي للرأسمال المالي الدولي"، دار المستقبل العربي, الطبعة الأولى 1999, ص 85 وما بعدها. وكذلك انتوني غايدن حيث يقول إن العولمة تجربة بشرية وتاريخية جديدة, بل وثورية. لكنه يتبع ذلك بالقول بأن الخطأ الأكبر في معالجات العولمة يكمن في النظر إليها من زاوية اقتصادية فحسب, إذ هي تتعدى ذلك لتشمل المجالات السياسية والتكنولوجية والثقافية. وأنها تأثرت بشكل كبير بالتطور الهائل الذي شهده العالم في مجال الاتصالات منذ عقد الستينات.Anthony Giddens, Run away world: globalization and our lives, London, Brovail Books, P8.
(14) - ان ظاهرة العولمة المالية بما تعكسه من زيادة حركية في تنقل رؤوس الأموال قد تحمل معها مخاطر عديدة وهزات مدمرة، وقد شهد العالم أخيرا أحداثا هامة مثل الأزمات المالية الخانقة التي تعرضت لها المكسيك (94/1995)، ودول جنوب شرق آسيا (1997) التي كانت نموذجا يحتذى به، والبرازيل (1998)، وروسيا (1999 ).
(15) - رمزي زكي "العولمة المالية: الاقتصاد السياسي لرأس المال المالي الدولي"، دار المستقبل العربي, الطبعة الأولى, 1999.
(16) _ لمزيد من التفاصيل حول الآثار السلبية لا سيما التي تعرضت لها دول جنوب شرق آسيا راجع ، Paul Hirst & Grahame : Thompsion: Globalization in question ,The international economy and the possibilities of governance,Policy press ,2nd eddition,1999,PP 210-222.
(17) - ففي عقد التسعينيات مثلا اتجهت الحصة الكبرى من الاستثمارات الأجنبية إلى الدول الصناعية الكبرى (الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا واليابان)، وبلغت أكثر من 75% كمتوسط؛ وإن كانت الدول النامية قد أفلحت في زيادة حصتها من الاستثمارات فإن ذلك كان لصالح عشر دول ناشئة أو صاعدة وهي (الأرجنتين والبرازيل وتشيلي والصين والهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وماليزيا والمكسيك وتايلند), حيث تستحوذ هذه الدول على ثلاثة أرباع مجمل تدفقات رؤوس الأموال إلى البلدان النامية، وهذا التوزيع يفند فرضية التوزيع الأمثل والعادل لرؤوس الأموال على الصعيد العالمي. راجع حول ذلك، World development report 1999-2000,World bank, PP 24-26.
(18) – World economic out look
(19) – راجع مزيد من التفاصيل حول ذلك ,سرييان دي سليفا، هل العولمة هي السبب في المشاكل الاقتصادية الوطنية ، منظمة العمل الدولية جنيف ، 2001 ، الفصل الثالث .
(20) - انظر التقرير الاقتصادي العربي الموحد- سبتمبر/ أيلول 2000, ص 163.
(21) - انظر ليلى أحمد الخواجة "انعكاسات العولمة على التنمية الاجتماعية العربية"، ورقة مقدمة في منتدى إقليمي, تونس, 1999ص22.
(22) - راجع بهذا الخصوص دراستنا : اثر المتغيرات في وحدة اوروبا ومعاهدة ماسترخت ، دراسات دولية ، مركز دراسات السياسة الخارجية، بيروت، 1992, العدد2، ص ص 125 وما يليها.
(23) – حول ابعاد الشراكة والتعاون راجع اعلان برشلونة في :
Euro mediterranean Partnership, Barcelon declaration 27-28-11-1995,Work group (European commission,Brussels),1995.
(24) - بينما تعتبر منظمة التجارة ان الطرف الاكثراستفادة من انفتاح التجارة هم العمال العاديون فى المكسيك حيث كانوا فى مأمن من تأثيرات السياسات النقدية غير السلمية التى كانت موضوعة من قبل الحكومة. ونظراً للانخفاض الحاد فى قيمة "البيزوس" فى آذار/مارس 1997، انخفضت قيمة الأجور فى قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 23% عن مستواها قبل الأزمة بالأسعار الحقيقية، لكن الوضع كان أفضل من ذلك فى وظائف قطاع الصناعات التحويلية المعتمدة على التصدير، حيث ان الشركات التى كانت فى السنوات 1994 – 1996 تحقق مبيعات تصديرية بنسبة من 40% إلى 80% من إجمالى مبيعاتها كانت تدفع لعمالها أجوراً تزيد – عن حدها الأدنى – بنسبة 11% عن الأجور التى كانت تدفعها الشركات التى لا توجه نشاطها للتصدير؛ أما الشركات التى كانت تحقق مبيعات تصدير بنسبة تفوق 80% من إجمالى مبيعاتها فقد كانت تدفع لعمالها أجوراً تزيد بنسب تتراوح من 58% الى 67%. وسارت أحوال العمال فى قطاع الصناعات التحويلية – الذين كانوا من قبل فى أوضاع بائسة زمنا طويلاً – سارت أحوالهم سيراً حسناً نسبياً حيث لم تتعد نسبة انخفاض أجورهم بالأسعار الحقيقية فى السنوات من 1994 إلى 1996 نسبة 12%، وبصفة عامة ارتفع أجر العامل فى هذا القطاع من أجر مساوٍ تقريباً لأجر العمل فى القطاعات غير الموجهة للتصدير فى عام 1993 إلى أجر يزيد بنسبة 16% عن أجر العامل فى تلك القطاعات فى عام 1996.راجع التقرير الثالث لمنظمة التجارة العالمية .
(25) – راجع هذه الاحصائيات في World street journal ,8-2-2000,P3.
(26) -راجع قرار المجلس رقم 1317 الصادر في 17 فبراير/ شباط 1997.
(27) _ راجع هذه الاحصائيات في : التقرير الاقتصادي العربي الموحد ، جامعة الدول العربية، 2000 .وكذلك التقرير الاستراتيجي الخليجي ، دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، الشارقة ، 2000 . وكذلك في: Kemal Dervis & JuliaDevlin , Intraregional trade among Arab countries, World Bank,1999,PP 5-25.
(28) – حول هذه الخلفية راجع : عبد سعيد عبد اسماعيل ،العولمة والعالم الاسلامي : ارقام وحقائق ،دار الاندلس الخضراء،الرياض،2001 ، وبخاصة الملاحق .
(29) - حول وجهة النظرهذه راجع: ماريا برايس ، الجدل الدائر حول غرف التجارة العالمية، الاصلاح الاقتصادي،غرفة التجارة الاميركية ، واشنطن ، 1999، العدد2، ص 24 وما يليها .
(30) - رمزي زكي "العولمة المالية: الاقتصاد السياسي لرأس المال المالي الدولي"، دار المستقبل العربي, الطبعة الأولى, 1999.
(31)- راجع على سبيل المثالن ،عبد االقادر النيبال،" العولمة والتنمية الاقتصادية العربية "، السفير ، بيروت، 10و11و12 –6-2002 .وكذلك
Michle chichter , Rethinking of globalization,London,2000.
.
(32) – راجع بهذا الخصوص:
The world trade organization: Tthe agreements,pp15-37.
(33) – راجع بيان جنيف للمنظمات غير الحكومية المناهضة للعولمة الصادر في 19-3-2001 ، السفير ، بيروت، 22-8-2001 .
(34) – مجمل هذه الدراسات صادرة عن مراكز محايدة ومنها لها علاقة بالامم المتحدة ، ولتفصيل هذه الارقام راجع تقرير التنمية البشرية الصادر عن الامم المتحدة .
(35) – ان ابرز العقبات التي واجهت المؤتمر الوزاري الرابع للمنظمة في الدوحة التبادل الزراعي بين واشنطن ودول الاتحاد الاوروبي حتى كادت هذه النقطة تطيح باعمال المؤتمر لولا التنازلات في اللحظة الاخيرة، راجع النهار ، بيروت ، 12و13 –10-2001 .
(36) _ حول اهمية ومزايا الانضمام للمنظمة راجع،جون هاورد، حرية التجارة والتنمية الاقتصادية ، الاصلاح الاقتصادي،غرفة التجارة الاميركية واشنطن، العدد 3 ، تموز2000 ، ص26 وما يليها.
(37) - فالمخاوف التي تتوجس منها الدول النامية لها ما يبررها فعلى سبيل المثال ، كان من الممكن انتخاب المرشح التايلندي سوباتشي ، كمدير عام لمنظمة التجارة العالمية في نوفمبر 1999، لكن حدث أن قوبل هذا الترشيح بالرفض من جانب الدول المتقدمة التي رأت فيه مرشحا يمكن أن يكون متعاطفا مع الدول النامية، وطلبت الدول النامية يومها اللجوء إلى التصويت وفقا للمادة (9 ) من الاتفاقية المنشئة للمنظمة لكن قوبل ذلك بالرفض من قبل الدول المتقدمة.
(38) _ فعلى سبيل المثال سعت دول الاتحاد الأوروبي لتوسيع جدول المفاوضات لتشمل أكبر عدد من القضايا وهو ما فسره البعض على أنها مناورة أوروبية لتمييع المطلب الأميركي بفتح الأسواق الزراعية الأوروبية وتحويل الانتباه عن الملف الزراعي الذي توليه اهتماما كبيرا، أما الأميركيون من جهتهم فقد ركزوا على قضية معايير العمل, أما الطرف الثالث وهو اليابان فقد ركز على ضرورة مراجعة القوانين الأميركية لمكافحة الإغراق التي تحمي الصناعات المحلية الأميركية والتي تعتبرها اليابان مخلة بقاعدة حرية التجارة، هذا دون أن ننسى إلحاح الدول النامية على تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بالدول النامية والدول الأقل نموا ولكن دون جدوى.
المصادر والمراجع
- باللغة العربية
- التقرير الاقتصادي العربي الموحد ، جامعة الدول العربية، 2000 .
- التقرير الاستراتيجي الخليجي ، دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، الشارقة ، 2000 .
- تقرير منظمة التجارة العالمية للعام 2000.
-جلال أمين: العولمة والتنمية العربية من حملة نابليون إلى جـولة الأورغواي (1798-1998)، مركز دراسات الوحدة العربية.
- جون هاورد، حرية التجارة والتنمية الاقتصادية ، الاصلاح الاقتصادي،غرفة التجارة الاميركية واشنطن، العدد 3 ، تموز2000.
-خلاف خلف الشاذلي: آفاق التنمية العربية وتداعيات العولمة المعاصرة على مشارف الألفية الثالثة، عدد 105، شؤون عربية.
- خليل حسين: اثر المتغيرات في وحدة اوروبا ومعاهدة ماسترخت ، دراسات دولية ، مركز دراسات السياسة الخارجية، بيروت، 1992, العدد2.
- خليل حسين: النظام العالمي ماضيا ومستقبلا: منطق القوة بمفاهيم مختلفة ، الحياة النيابية ،بيروت ,2002.
- رمزي زكي "العولمة المالية: الاقتصاد السياسي لرأس المال المالي الدولي"، دار المستقبل العربي, الطبعة الأولى, 1999.
- سرييان دي سليفا، هل العولمة هي السبب في المشاكل الاقتصادية الوطنية ، منظمة العمل الدولية جنيف ، 2001.
- عبد االقادر النيبال،" العولمة والتنمية الاقتصادية العربية "
- عبد سعيد عبد اسماعيل ،العولمة والعالم الاسلامي : ارقام وحقائق ،دار الاندلس الخضراء،الرياض،2001
- فادي مكي ، بين الغات ومنظمة التجارة العالمية , المركز اللبناني للدراسات ، بيروت ، 2000.
- ليلى أحمد الخواجة، "انعكاسات العولمة على التنمية الاجتماعية العربية"، تونس, 1999 .
- ماريا برايس ، الجدل الدائر حول غرف التجارة العالمية، الاصلاح الاقتصادي،غرفة التجارة الاميركية ، واشنطن ، 1999، العدد2.
-- محمود عبد الفضل: ندوة مؤتمر منظمة التجارة العالمية سياتل، المستقبل العربي، عدد 256، يونيو/ 2000 ، مركز دراسات الوحدة العربية
- محمد عبد المنعم الطيب ، منظمة التجارة العالمية ، ليبيا ، 1999 .
باللغة الاجنبية
- Anthony Giddens, Run away world: globalization and our lives, London, Brovail Books.
Euro mediterranean Partnership, Barcelon declaration 27-28-11-1995,Work group (European commission,Brussels),1995.
: Kemal Dervis & Julia Devlin , Intraregional trade among Arab countries, World Bank,1999.
- Michle chichter , Rethinking of globalization,London,2000.
- Paul Hirst & Grahame Thompsion: Globalization in question ,The international economy and the possibilities of governance,Policy press ,2nd eddition,1999
- Trading into the future: The world trade organization, 2nd eddition.2001.
- The world trade organization: Tthe agreements.
- World development report 1999-2000,World bank.
- World economic out look.
المجلات والصحف
- الاصلاح الاقتصادي
- الحياة النيابية
- شؤون عربية
- المسقبل العربي
- دراسات دولية
- World street journal
-الحياة
- السفير
- النهار
- الراية
0 التعليقات :
إرسال تعليق