توقعات بهطول أمطار اليوم.. وحالة استنفار وخوف في أنحاء المدينة
|
جدة: أمل باقازي
أجبرت التقلبات الجوية التي تعيشها محافظة جدة أمس واليوم، العديد من الجهات المعنية على الإعلان عن حالة الاستنفار وبدء تطبيق خطط استباقية احترازية، نتيجة عدم وجود أمر واضح في ما يتعلق باحتمالية هطول الأمطار على المحافظة، في حين تم تعليق الدراسة في كل من الجامعات والمدارس، التي شهدت عمليات إخلاء وانصراف مبكر لطلابها وطالباتها ومنسوبيها منذ صباح أمس، وسط طلب مساندة للمرة الأولى من الجيش والحرس الوطني.
وأكد حسين القحطاني المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة على أن احتمالية هطول الأمطار لم تحدد حتى الآن بشكل واضح، وذلك نتيجة الفترة الانتقالية التي تعيشها السعودية على خلفية انتهاء الشتاء ودخول فصل الربيع.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يحدث تسارع في أحوال الطقس خلال الفترة ما بين انتهاء الشتاء وبدء الربيع، إلى جانب التذبذب في درجات الحرارة، غير أنه من المفترض أن تنتهي تلك المرحلة الانتقالية بعد نحو خمسة أيام من اليوم»، مشيرا إلى أن ما يحدث من كوارث بيئية في بعض دول العالم لن يؤثر على مناخ السعودية في ظل ابتعاد المناطق البحرية بها عن الأعاصير
يأتي ذلك، في وقت توقعت فيه الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أمس تأثر المناطق الساحلية لوسط وجنوب البحر الأحمر بالرياح الجنوبية النشطة (الأزيب) التي تؤدي إلى تعرض تلك المناطق لعوالق ترابية وأتربة مثارة تحد من مدى الرؤية الأفقية إلى كيلومتر واحد، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة.
وأشارت إلى احتمالية تكون خلايا من السحب الركامية الرعدية على المرتفعات الجبلية تؤدي إلى هطول أمطار متوسطة ابتداء من مساء أمس، إلى جانب تأثر المناطق الساحلية بظهور خلايا من السحب الركامية على أجزاء منها قد تؤدي إلى هطول أمطار خفيفة إلى متوسطة خاصة على محافظتي الليث والقنفذة. التقلبات الجوية واحتمالية هطول الأمطار على محافظة جدة، صاحبتها قرارات بتعليق الدراسة في كل من الجامعات والمدارس أمس واليوم، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الجهات المعنية تفاديا لحدوث أي إشكاليات من شأنها أن تتسبب في تكرار مشاهد كارثتي جدة الأولى والثانية.
وأوضح العميد عبد الله الجداوي مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة أن متابعة الأوضاع بدأت منذ نحو يومين، وذلك عن طريق الوجود في المواقع، إلى جانب التقارير الصادرة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.
وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «لم يأت شيء واضح حتى الآن في ظل التقلبات الجوية التي تشهدها الحالة، إلا أنه ثمة تنبيهات برياح وغبار واحتمالية هطول أمطار على محافظة جدة».
وأشار إلى أن الدفاع المدني بدأ في اتخاذ العديد من الإجراءات؛ من ضمنها الانصراف المبكر لطلاب وطالبات المدارس والجامعات، فضلا عن تعليق الدراسة لليوم، وذلك تفاديا لما قد يحدث من ربكة مرورية إذا ما هطلت أي أمطار في ظل توقعات هطولها في فترة الظهيرة المتزامنة مع خروج الموظفين وانتهاء الدوام المدرسي، مبينا أن احتمالية هطول الأمطار تعد أكبر لليوم.
وأوضح احتمالية وجود تنبيهات أخرى نتيجة التقلبات الجوية على خلفية انتهاء فصل الشتاء ودخول الربيع، الأمر الذي يجعل حالة الطقس تختلف من ساعة إلى أخرى، مؤكدا وجود تواصل مستمر مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في ما يتعلق بالتقارير الصادرة عنها. وأضاف: «نحاول اتخاذ إجراءات استباقية، خصوصا أن تقلبات الجو السريعة قد لا تعطي المجال للتحرك، الأمر الذي يدفعنا إلى تنفيذ خطط احترازية متعددة»، مبينا أنه تم التركيز على منطقة جنوب وجنوب شرقي محافظة جدة، إلا أنه من باب الاحتياط تم تطبيق الخطط على مناطق المحافظة كافة.
وحول إمكانية تأثر خطط الدفاع المدني بتلك التقلبات الجوية السريعة، أكد العميد عبد الله الجداوي على أن ما يتم تطبيقه حاليا هي الخطط المتعلقة بالأمطار، التي يتم البدء فيها لمجرد وجود احتمالية لذلك، مشيرا إلى أنه تم نشر الفرق والقوارب المطاطية والمعدات الثقيلة، إضافة إلى طلب دعم من الجيش والحرس الوطني وحرس الحدود، وأرجع السبب إلى خطة الطوارئ المعدة وليس نتيجة نقص في الإمكانات.
من جهته، ذكر الدكتور هثيم زكائي، المشرف العام على إدارة الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز في جدة، أنه تم تعليق الدراسة بالجامعة بناء على توجيهات جهاز الدفاع المدني، لافتا إلى أنه تم إبلاغهم بالتوجيهات في الساعة التاسعة من صباح أمس ليتم بدء انصراف الطلاب والطالبات بعد نصف ساعة من تلقيها.
وأشار إلى أن الأحداث التي أصبحت تشهدها محافظة جدة دفعت بالجامعة إلى إيجاد خطط طوارئ يتم تطبيقها لمواجهة مثل هذه الظروف، تضمنتها دورات تدريبية لمنسوبيها على هذه الخطط.
وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «منذ الكارثة الأولى، قمنا بتشكيل لجنة للطوارئ التي قامت بوضع خطة كاملة في هذا الشأن، فضلا عن تشكيل لجان طوارئ أخرى في كل قطاع من قطاعات الجامعة وجمع خططها، ومن ثم صبها في خطة موحدة مسؤول عن تنفيذها كل من إدارتي التشغيل والصيانة والأمن والسلامة بإشراف مباشر من الإدارة العليا للجامعة».
وبين أن ملامح هذه الخطة تتضمن خطط الإخلاء والطرق المرورية المصاحبة لها وتشغيل المباني التي ينبغي عملها كالمستشفى، إلى جانب استقبال الحالات من خارج الجامعة وإيوائها، مشيرا إلى أنه تم تطبيقها بحذافيرها خلال الأمطار الأخيرة، حيث تم إيواء ما يقارب 1700 شخص من طلاب وأعضاء هيئة تدريس والموظفين. وأضاف: «ثمة برامج تدريبية مستمرة للكوادر العاملة بالجامعة، التي تستهدف منسوبيها ومنسوباتها كافة، حيث تم البدء في إدارتي الأمن والسلامة والمشاريع والصيانة، بحيث يكون موظفوها المسؤول الأول عن تطبيق خطط الطوارئ»، مؤكدا أنه سيتم تكثيف هذه الدورات لكل القطاعات الأخرى بجامعة الملك عبد العزيز.
في حين أعلن المركز الوطني للقياس والتقويم تأجيل اختبار القدرات للجامعيين الذي كان مقررا في مدينة جدة أمس، وذلك على خلفية سوء الأحوال الجوية وتحذيرات الدفاع المدني هناك.
وأوضح إبراهيم الراشد مدير العلاقات العامة والإعلام في المركز الوطني للقياس والتقويم أنه تم تأجيل الاختبار في مدينة جدة فقط نتيجة الظروف الخارجة عن إرادتهم، مشيرا إلى أنه سيقام مجددا يوم الأحد المقبل في الزمان والمكان نفسيهما الذي كان من المزمع أن يكون أمس.
في حين كشف لـ«الشرق الأوسط» رجاء الله السلمي مدير الإعلام التربوي بإدارة التربية والتعليم بجدة عن البدء في إيجاد آلية جديدة لتعويض ما يمكن أن يفوت على الطلاب والطالبات من دروس نتيجة تعليق الدراسة الذي تشهده مدارس محافظة جدة خلال هذه الفترة، نافيا وجود أي توجه لتقليص المناهج الدراسية. وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرارات تعليق الدراسة في المدارس على خلفية الأحوال الجوية بجدة لن تؤثر مطلقا في الخطة الدراسية، خصوصا أن تلك الخطة الموضوعة مسبقا من شأنها أن تستدرك ما يمكن أن يفوت على الطلاب والطالبات من الدروس»، مشيرا إلى أن تعليق الدراسة لليوم يعد الأول منذ بدء الفصل الدراسي الثاني.
وبين أن الآلية التي تسعى إدارة التعليم إلى وضعها تتمثل في الاستفادة من الأسابيع التي تسبق الاختبارات، وذلك عن طريق جدولة الدروس الفائتة على طلاب وطالبات المدارس جراء تعليق الدراسة، مؤكدا أن العمل مستمر من أجل تحقيق ملاءمة الخطة للفترة الزمنية المتبقية من الفصل الدراسي الثاني.
وفي الوقت الذي تذمر فيه بعض أولياء الأمور من تلقي بلاغات انصراف أبنائهم من المدارس في وقت وصفوه بـ«المتأخر» في ظل مبادرة الكثير منهم إلى إخراج أبنائهم قبل تلقيهم أي رسائل من مديري المدارس، أكد رجاء الله السلمي على وجود فريق عمل كامل لهذا الغرض يعمل على مدار الساعة. واستطرد بالقول إن «ذلك الفريق يبدأ عمله فور تلقيه أي تنبيه باحتمالية هطول أمطار على المحافظة، وذلك عن طريق إبلاغ مدير التربية والتعليم ومديري المكاتب التربوية ومن ثم مديري ومديرات المدارس والأهالي»، مبينا أن هذا الفريق مكون من إدارة التربية والتعليم والجهات المعنية الأخرى.
وأشار إلى وجود آلية تعتمد على إرسال رسائل نصية لأهالي الطلاب والطالبات، إضافة إلى الاتصال ببعض أولياء الأمور ممن يسجلون أرقام هواتف منازلهم فقط دون الجوالات، موضحا أن عملية إخلاء المدارس وانصراف الطلاب مبكرا التي بدأت منذ التاسعة والنصف وحتى الحادية عشرة من صباح أمس كانت احترازية فقط.
وكان لانصراف طلاب وطالبات المدارس والجامعات في وقت مبكر تأثير حتى على حركة السير المرورية في أوقات لم تكن تشهد ذلك الزحام خلال الأيام العادية، الأمر الذي دفع بالمرور إلى تغيير بعض الخطط وتوزيع الدوريات على الشوارع والمحاور.
العميد محمد حسين القحطاني مدير إدارة المرور في محافظة جدة، أفاد بأن التنبيهات الصادرة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة التي أخذت بها إدارة التربية والتعليم أحدثت ربكة وصفها بـ«غير المتوقعة» في الحركة المرورية أمس، وذلك خلال الفترة ما بين التاسعة والنصف صباحا وحتى الثانية عشرة ظهرا.
وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «منذ تلقي هذه التنبيهات، لوحظت زيادة في أعداد المركبات، غير أنه أصبح هناك وعي كبير لدى الناس حول عدم خروجهم من المنازل في مثل تلك الأجواء إلا للضرورة»، مشددا على أفضلية البقاء في المنازل لحين تحسن الأحوال الجوية.
الإشارات المرورية أيضا كانت أحد الأطراف التي طالها التأثر بالتقلبات الجوية، وهو ما أكده مدير إدارة المرور في محافظة جدة، حيث علق قائلا إن «التحكم في هذه الإشارات عادة ما يكون مبرمجا بشكل مسبق على أوقات المدارس وخروج الموظفين وفق كل يوم من أيام الأسبوع من خلال برامج متعددة». وأضاف: «اضطررنا إلى استخدام بعض الإشارات المرورية بشكل يدوي، خصوصا أن حركة السير شهدت كثافة على محاور لم تكن تشهدها في الأوقات العادية، التي من ضمنها مواقع المدارس»، موضحا أن «الحركة المرورية قبل تنبيهات الأرصاد لم تبلغ نصف ما أصبحت عليه عقب تلك التنبيهات» وفي ما يتعلق باحتمالية إغلاق بعض الطرق المرورية التي من الممكن أن تشكل خطرا إذا ما هطلت الأمطار على المحافظة، أبان العميد محمد حسين القحطاني أنه لا يوجد توجه لذلك، لأنه لا يأتي إلا في حال وقوع الخطر فعلا كالأنفاق الممتلئة بالمياه أو الطرق المتعطلة نتيجة ارتفاع منسوب المياه بها. ولكنه استدرك قائلا إن «دوريات المرور موجودة بشكل مستمر على المحاور الرئيسية والمواقع التي من المتوقع أن يسجل فيها المنسوب المائي ارتفاعا كبيرا»، مؤكدا في الوقت نفسه على وجود متابعة مستمرة لتقارير الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.
وفي سياق متصل، أكدت الهيئة العامة للطيران المدني أمس أن الأحوال الجوية التي شهدتها محافظة جدة من رياح مثيرة للأتربة والغبار لم تؤثر على الحركة الجوية في مطار الملك عبد العزيز الدولي.
وأشار خالد بن عبد الله الخيبري المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للطيران المدني إلى أن عمليات الإقلاع والهبوط في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة كانت في إطار وضعها الطبيعي، إضافة إلى أجهزة الهبوط الآلي على جميع المدارج منذ اللحظة الأولى لهبوب الرياح النشطة التي بدأت منذ الصباح الباكر.
وقال في بيان رسمي إن «الإجراءات التي تتخذ عادة عند سوء الأحوال الجوية لإيقاف أو تعليق الرحلات تعتمد على معايير تتعلق بسرعة الرياح ومستوى الرؤية الأفقية، التي شهدت انخفاضا بسيطا منذ صباح يوم أمس، حيث تبين أنها في الحدود المسموح بها للقيام بعمليات الهبوط والإقلاع».
وأفاد المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للطيران المدني أنه لم يكن هناك انعدام كامل في مستوى الرؤية الأفقية، وإنما كانت معدلات الرؤية طبيعية مما يسمح باستمرار الحركة الجوية وذلك حتى وقت إعداد هذا التقرير.
ونوه بأن أجهزة التشغيل في مرافق المطارات وأجهزة الملاحة الجوية مهيأة مسبقا للتعامل مع هذه الأوضاع من خلال استخدام التقنية التي وفرتها الهيئة والمتمثلة في أجهزة المراقبة الجوية والرادارات المتقدمة، موضحا أنه يتم يوميا تلقي النشرات الجوية من الجهات المختصة ومن ثم بثها عبر النظام الآلي كي تكون متاحة للمراقبين الجويين والطيارين وللتعامل بشكل جاد مع أي تنبيهات جوية صادرة.
إلى ذلك، أعلنت مصادر في ميناء جدة الإسلامي توقف حركة الملاحة البحرية أمس لحين تحسن الأجواء، مؤكدة أنه سيتم استنفار الطاقات كافة عقب فتح الميناء لتسيير حركة السفن القادمة والمغادرة.
وأشارت إلى أن توقف حركة الملاحة البحرية جاء نتيجة انعدام الرؤية بفعل الرياح المصحوبة بالغبار والأتربة، الأمر الذي من شأنه أن يشكل خطورة على المراكب والسفن.
0 التعليقات :
إرسال تعليق