مصدر أمني لـ «الشرق الأوسط»: القوات الخليجية لن تتواجه مع المحتجين
|
المنامة - لندن: «الشرق الأوسط»
في حين أعلن ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، أمس، حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر، قال مسؤول أمني بحريني لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية «بدأت في النزول للشارع لإنهاء حالة الفوضى وترويع الآمنين والمحافظة على أمن المواطنين والمقيمين، على أن تكتفي قوات الجيش بحراسة المواقع الحساسة».
ووفقا للمسؤول الأمني، فإن «المواجهات مع المشاغبين الذين يعرضون حياة الناس للخطر»، ستتم من قبل رجال الشرطة وقوة مكافحة الشغب التابعة لوزارة الداخلية، مؤكدا أن الجيش البحريني وقوات «درع الجزيرة» الخليجية «لن تنزل للشارع ولن تتواجه مع من يقومون بأعمال الشغب، وستكتفي بالقيام بحراسة المواقع الحساسة التي كانت قوات الأمن تقوم بحراستها».
وقال المسؤول الأمني إن قوات الأمن البحرينية «مارست أقصى درجات ضبط النفس خلال المرحلة الماضية، إلا أن الأمور تطورت إلى تهديد حياة المواطنين، وقطع الطرقات العامة وتعطيل مصالح المواطنين والمقيمين، وهو الأمر الذي سيتم وضع نهاية حاسمة له».
وبعد شهر تقريبا من بدء المواجهات بين المحتجين ورجال الأمن، التي أفرزت اعتصامات ومظاهرات عمت البلاد، أعلن العاهل البحريني عن حالة السلامة الوطنية (حالة الطوارئ) وذلك في جميع أنحاء البلاد، ولمدة 3 أشهر، «وذلك في ظل ما تشهده البلاد حاليا من تصعيدات أمنية مست أمن البلاد وعرضت حياة المواطنين للخطر».
وجاء في المرسوم الملكي أن إعلان حالة الطوارئ جاء بسبب «الظروف التي تمر بها مملكة البحرين، والتي جرى فيها تصعيدات أمنية مست أمن البلاد وعرضت حياة المواطنين للخطر وأضرت بمصالحهم وأرزاقهم وتعدت على ممتلكاتهم، وطالت مؤسسات الدولة ودور العبادة، وأساءت لمنابر العلم في المدارس والجامعات، وحتى وصلت لتطال مهنة الطب الإنسانية وحولت المستشفيات إلى بؤر رعب وترهيب، كما عملت على الإضرار بعجلة التنمية والاقتصاد البحريني».
وكلف المرسوم القائد العام لقوة دفاع البحرين (الجيش) بسلطة اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية اللازمة «للمحافظة على سلامة الوطن والمواطنين على أن تنفذ هذه التدابير من قبل قوة دفاع البحرين وقوات الأمن العام والحرس الوطني وأية قوات أخرى إذا اقتضت الضرورة ذلك».
ميدانيا، قتل متظاهر بعد مواجهات مع قوات الأمن في إحدى القرى الشيعية بمنطقة سترة، كما قتل رجل أمن بعد صدمه بسيارة من قبل أحد المحتجين، في حين تواصلت المواجهات بين المحتجين، الذين تسميهم السلطات البحرينية «المشاغبين»، وبين قوات الأمن في عدد من القرى والطرق الرئيسية، في حين لا يزال الهدوء مسيطرا على ميدان اللؤلؤة الذي لا يبدو أن هناك حتى الآن قرارا باقتحامه.
ونقل عن مصادر طبية إصابة العشرات في أنحاء متفرقة من البلاد إثر المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، كما حدثت مواجهات في مناطق أخرى بين مواطنين سنة وشيعة.
وأعلنت المنامة أمس أن الدفعة الثالثة من قوات «درع الجزيرة» المشتركة، وصلت للبحرين، لتلتحق بالدفعات التي وصلت أول من أمس، «وذلك انطلاقا من مبدأ وحدة المصير، وما يربط دول مجلس التعاون الخليجي من أواصر التعاون المشترك، وذلك في ظل الأحداث المؤسفة التي تشهدها المملكة في الوقت الراهن، والتي تزعزع الأمن وتروع المواطنين والمقيمين، الأمر الذي تحتمه المسؤولية المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي، والذي أكده الاجتماع الوزاري الأخير، وما تمخض عنه من قرارات تؤكد وقوف الدول الأعضاء صفا واحدا في مواجهة أي خطر تتعرض له أي من الدول الأعضاء بالمجلس، معتبرة أمن واستقرار مملكة البحرين هو أمن الدول الأعضاء جميعا، وما تحتمه اتفاقيات التعاون الدفاعية المشتركة القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تهدف للمحافظة على مكتسباتها وأمنها واستقرارها، وردع كل من تسول له نفسه الإخلال بأمنها وزعزعة استقرارها، وبث الفرقة بين مواطنيها، والذي يعد انتهاكا خطيرا لسلامة واستقرار الدول الأعضاء».
وأكد الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء أن الحكومة لن تقبل ولن ترضى بأية محاولة «لخلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني في ربوع الوطن»، معربا عن الأسف لمحاولات البعض التأجيج وتشويه الوجه الحضاري لمملكة البحرين «وطبيعة شعبها الودود وتعامله الحضاري مع المقيمين الذين وفدوا إلى مملكة البحرين لاحتياجها لهم في مشروعات التنمية»، كما أعرب عن الأمل في أن تنتهي هذه الأزمة «بفضل حكمة العقلاء والغيورين على مصلحة هذا الوطن وسلامة شعبه».
وأشاد رئيس الوزراء البحريني بالوقفة الخليجية المشرفة مع مملكة البحرين «التي أكدت دول مجلس التعاون من خلالها أنها يد واحدة في مواجهة التحديات»، مشيدا بأمر «خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بإرسال قوات (درع الجزيرة) المشتركة إلى مملكة البحرين»، مؤكدا أن أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ، وأن جميعها تقف صفا واحدا في مواجهة أي تهديد لأمنها واستقرارها، لافتا إلى أن قوات «درع الجزيرة» بين أهلهم وإخوانهم في مملكة البحرين.
من جهته، أكد وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة أن ما سماه «الأعمال الإجرامية» لن تمر بأي حال من الأحوال من دون محاسبة أو مساءلة، داعيا المواطنين والمقيمين إلى الهدوء وتوخي الحذر في تحركاتهم والتعاون مع رجال الأمن «من أجل تسهيل قيامهم بمهمتهم في حفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على مقدرات الوطن ومصالحهم».
وتقدم وزير الداخلية في كلمة وجهها عبر تلفزيون البحرين بالتحية والتقدير إلى رجال الأمن «الذين أثبتوا قدرتهم على التعامل مع الموقف الأمني الحالي بكل ضبط للنفس ولو كان على حساب تعريض حياتهم وسلامتهم للخطر من أجل الحفاظ على حياة وسلامة الآخرين»، مشيرا إلى أن التمادي الخطير «أصبح بارزا في شوارع العاصمة ومناطق متفرقة في المملكة، الذي تمثل في قطع الطرق وتعطيل المصالح والقيام بعمليات إجرامية من حرق وإتلاف وتخريب للممتلكات العامة والخاصة والاعتداء على الأهالي والجاليات واحتجاز مواطنين واستهداف رجال الأمن؛ بل وصل الأمر إلى الاعتداء على حرمة دور العبادة ومؤسسات الدولة». وأضاف أن تلك الأعمال الإجرامية «الغريبة على مجتمعنا البحريني والتي لا تمت بصله للأخلاق السامية أو التقاليد أو العادات الحميدة، كانت لها نتائج مؤسفة في تفاقم الرعب والفزع بين الناس جميعا؛ الأمر الذي دفع الأهالي إلى الخروج من مناطق سكنهم من أجل إقامة نقاط تفتيش خوفا من تعدي هؤلاء المخربين عليهم وعلى ممتلكاتهم».
وأشار إلى أن تلك التجاوزات امتدت إلى قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، «الأمر الذي هدد الوحدة الوطنية، كما أثر ذالك أيضا على الاقتصاد الوطني والقطاعات الإنتاجية والاستثمارية والسياحية، مما ألحق بها خسائر جسيمة»، مضيفا أن «تلك الأعمال والتصرفات الخارجة على القانون لا يمكن أن يقوم بها من يراعي مصالح المواطنين؛ فلا يمكن أن يقبل من ينتمي إلى هذه الأرض أن يأتي بمثل هذه الأعمال النكراء التي هي سبب لدمار البلاد وإلحاق الضرر بالأرواح والممتلكات».
وقال: «إنه من المؤسف أن يصل الأمر إلى مرحلة تهديد أرواح الناس وسلامتهم من خلال اختطافهم وتعذيبهم وإذلالهم أمام الملء، وهذه الأمور جرائم خطيرة تتنافى مع الشرائع السماوية والمبادئ الإنسانية ومنها حقوق الإنسان، ولا يمكن أن تمر هذه الأعمال بأي حال من الأحوال من دون محاسبة أو مساءلة».
ودعا وزير الداخلية المواطنين والمقيمين إلى الهدوء وتوخي الحذر في تحركاتهم والتعاون مع رجال الأمن من أجل تسهيل قيامهم بمهمتهم في حفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على مقدرات الوطن ومصالحه، مشيرا إلى أن عودة الأوضاع إلى طبيعتها «توجب علينا ضبط النظام وتثبيت الأمن وفض المخالفات كافة التي تعدت حدودها وأطلقت شرارة الفتنة بين أبناء وطننا العزيز، الأمر الذي يتطلب نشر الأمن والطمأنينة في المدن والقرى لإعادة الاستقرار لربوع هذا الوطن، ولكي يتم تثبيت الوحدة الوطنية لمجتمعنا الواحد ولتوفير المناخ المناسب لحوار جاد ينقل وطننا العزيز إلى مستقبل زاهر».
وأصدرت جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، الممثل الأكبر للشيعة بالبحرين، ومجموعة من الجمعيات السياسية المعارضة واتحاد النقابات، بيانا استنكرت فيه «ما أقدم عليه النظام السياسي بإعلان حالة السلامة الوطنية (الأحكام العرفية) وتصعيد أمني خطير واعتماد خيار عسكري لحل أزمة سياسية تسبب بها النظام نفسه.
0 التعليقات :
إرسال تعليق